الحكم بالتعويض عن الضرر المادي. شرطه. العبرة في تحقق الضرر المادي للمدعي نتيجة وفاة آخر هو ثبوت أن المجني عليه كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 646
جلسة 15 من مارس سنة 1976
برئاسة السيد المستشار أحمد فتحي مرسي وعضوية السادة المستشارين: محمد صالح أبو راس، وحافظ رفقي، وعبد اللطيف المراغي، ومحمود حسن حسين.
(129)
الطعن رقم 362 لسنة 42 القضائية
(1، 2) دعوى "التدخل في الدعوى". تعويض. تقادم.
(1) التدخل الانضمامي والتدخل الهجومي. ماهية كل منهما. العبرة في وصف نوع التدخل هي بحقيقة تكييفه القانوني. تدخل والدة المجني عليه في دعوى والده بالتعويض وطلبها الحكم لهما معاً بذات المبلغ. تدخل هجومي. القضاء بأن هذا التدخل انضمامي وإغفال الحكم بحث الدفع بسقوط حق المتدخلة في طلب التعويض بالتقادم. خطأ.
(2) الحكم بالتعويض عن الضرر المادي. شرطه. العبرة في تحقق الضرر المادي للمدعي نتيجة وفاة آخر هو ثبوت أن المجني عليه كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة.
1 - نطاق التدخل الانضمامي - على ما يبين من المادة 126 مرافعات - مقصور على أن يبدي المتدخل ما يراه من أوجه الدفاع لتأييد طلب الخصم الذي تدخل إلى جانبه دون أن يطلب القضاء لنفسه بحق ما، فإن طلب المتدخل الحكم لنفسه بحق ذاتي يدعيه في مواجهة طرفي الخصومة فإن تدخله - على هذا النحو - يكون تدخلاً هجومياً يجري عليه ما يجرى على الدعوى من أحكام ومن بينها سقوط الحق في إقامتها في الأحوال التي ينص عليها القانون، والعبرة في وصف نوع التدخل هي بحقيقة تكييفه القانوني لا بالوصف الذي يسبغه عليه الخصوم. إذ كان ذلك، وكانت الدعوى قد رفعت ابتداء من المطعون ضده الأول على الطاعن والمطعون ضده الثالث بطلب إلزامهما بأن يدفعا له متضامنين تعويضاً عن وفاة ابنه، وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة تدخلت المطعون ضدها الثانية - والدة المجني عليه - في الخصومة وطلب الاثنان الحكم لهما على المتبوع - الطاعن - والتابع - المطعون ضده الثالث - على وجه التضامن بينهما بالتعويض - سالف الذكر - فإن المتدخلة تكون قد طلبت الحكم لنفسها بحق ذاتي هو نصف مبلغ التعويض المطلوب في مواجهة أطراف الخصومة الأصليين ويكون هذا التدخل - بحسب ما استقرت عليه الطلبات في الدعوى - تدخلاً هجومياً يسري عليه ما يسري على الدعوى نفسها من أحكام. وإذ كيفه الحكم المطعون فيه بأنه تدخل انضمامي فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما ترتب عليه أن حجبت المحكمة نفسها عن بحث ما أبداه الطاعن من دفاع جوهري بشأن سقوط حق المتدخلة في المطالبة بالتعويض بمضي أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ صيرورة الحكم الجنائي نهائياً.
2 - يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققاً بأن يكون قد وقع بالفعل أو يكون وقوعه في المستقبل حتمياً، فإن أصاب الضرر شخصاً بالتبعية عن طريق ضرر أصاب شخصاً آخر فلا بد أن يتوفر لهذا الأخير حق أو مصلحة مالية مشروعة يعتبر الإخلال بها ضرراً أصابه، والعبرة في تحقق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة آخر هي ثبوت أن المجني عليه كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة وعندئذ يقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائله ويقضى له بالتعويض على هذا الأساس أما مجرد احتمال وقوع الضرر في المستقبل فلا يكفي للحكم بالتعويض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن بصفته متبوعاً والمطعون ضده الثالث بصفته تابعاً له الدعوى رقم 44 لسنة 1962 مدني مرسى مطروح بطلب إلزامهما بأن يدفعا له متضامنين مبلغ 1500 جنيه، تأسيساً على أن المطعون ضده الثالث كان جندياً بالقوات المسلحة ومعيناً لحراسة أحد قطارات البضائع المتجه من رأس الحكمة إلى مرسى مطروح فتسبب بخطئه في يوم 27/ 3/ 1961 في قتل ابنه"...... برصاصة انطلقت من سلاحه الحكومي أثناء تأدية وظيفته فأردت المجني عليه قتيلاً وحوكم القاتل بعد تحرير المحضر رقم 75 لسنة 1961 جنح مخصوصة مطروح وقضت المحكمة العسكرية بتاريخ 12/ 7/ 1961 بإدانته ومعاقبته بالحبس مع إيقاف التنفيذ وأصبح الحكم نهائياً بالتصديق عليه من رئاسة الجيش بتاريخ 30/ 8/ 1961 وأنه إذ أصيب بضرر من جراء فقد ولده وكان الحادث قد وقع أثناء تأدية الجاني لعمل من أعمال وظيفته فإن الطاعن يكون مسئولاً معه عن خطئه، وبجلسة 14/ 9/ 1967 تدخلت المطعون ضدها الثانية في الخصومة بوصفها والدة المجني عليه وطلب الوالدان الحكم لهما معاً بذات مبلغ التعويض، وبتاريخ 26/ 12/ 1968 أحيلت الدعوى بسبب قيمتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية وقيدت أمامها برقم 328 سنة 1969 مدني كلي، وبتاريخ 4/ 2/ 1971 قضت المحكمة بإلزام الطاعن والمطعون ضده الثالث متضامنين بأن يدفعا للمطعون ضدهما الأول والثانية مبلغ 1500 جنيه على سبيل التعويض. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 414 سنة 27 ق إسكندرية طالباً إلغاء ورفض دعوى المطعون ضده الأول، وسقوط حق المطعون ضدها الثانية في المطالبة بالتقادم الثلاثي، وبتاريخ 30/ 4/ 1972 قضت محكمة الاستئناف بالتأييد وطعن الطاعن في الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره فيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور والخطأ في تطبيق القانون من وجهين حاصل الوجه الأول أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بسقوط حق المطعون ضدها الثانية في المطالبة بالتعويض بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علمت فيه بحدوث الضرر والشخص المسئول عنه إلى حين تدخلها للمطالبة بالتعويض عملاً بالمادة 172 مدني بمقولة إن تدخلها كان انضمامياً وأنها لم تطلب لنفسها مبلغاً جديداً يزيد على الطلبات الأولى فيكون تدخلها امتداداً لدعوى زوجها وأنه لما كانت دعوى الأب قد رفعت قبل انقضاء مدة التقادم فلا يسقط حق المطعون ضدها الثانية في المطالبة بالتعويض وهذا الذي قرره الحكم مخالف للقانون حيث تفرق المادة 126 من قانون المرافعات بين التدخل الانضمامي الذي يقصد به محافظة المتدخل على حقوقه عن طريق مساعدة أحد طرفي الخصومة في الدفاع ولا يكون معروضاً على المحكمة إلا موضوعها الأصلي وبين التدخل الهجومي الذي يطالب فيه المتدخل بحق ذاتي خاص به وهنا يعتبر المتدخل مدعياً، وإذ كانت المطعون ضدها الثانية قد تدخلت في الخصومة طالبة الحكم لها ولزوجها معاً بمبلغ التعويض المطالب به فإنها تكون قد طلبت لنفسها حقاً مستقلاً عن حق زوجها ويكون تدخلها آنئذ هجومياً، ولما كان الحكم المطعون فيه قد كيف التدخل في هذه الحالة بأنه تدخل انضمامي فإنه يكون قد أخطأ وحجب بالتالي نفسه عن بحث سقوط الحق الذي تدعيه المتدخلة لنفسها، وحاصل الوجه الثاني من وجهي النعي أن الحكم المطعون فيه أيد حكم محكمة أول درجة الذي قضى بالتعويض للمطعون ضدهما الأول والثانية مدخلاً في اعتباره عند تقدير التعويض عنصر الضرر المادي في حين أن هذا النوع من الضرر يتمثل في الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وهذا الإخلال يجب أن يكون محققاً لا محتملاً وليس من قبيل ذلك ما قاله الحكم المؤيد بالحكم المطعون فيه من أن (بيئة المطعون ضده الأول والقتيل يكون فيها الابن عدة أبويه وعمادهما وذخرهما ضد حاجة الزمن في شيخوختهما ومن ثم فإن فقدهما إياه قد أضرهما مادياً أيضاً، دون أن يتثبت الحكم على وجه القطع واليقين أن المجني عليه كان يعول والديه وقت وفاته وإذ كان تعيين العناصر المكونة للضرر والداخلة في حساب التعويض هي من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض. فإن الحكم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي بالوجه الأول سديد ذلك أن نطاق التدخل الانضمامي - على ما يبين من المادة 126 مرافعات - مقصور على أن يبدي المتدخل ما يراه من أوجه الدفاع لتأييد طلب الخصم الذي تدخل إلى جانبه دون أن يطلب القضاء لنفسه بحق ما، فإن طلب المتدخل الحكم لنفسه بحق ذاتي يدعيه في مواجهة طرفي الخصومة فإن تدخله - على هذا النحو - يكون تدخلاً هجومياً يجري عليه ما يجرى على الدعوى من أحكام ومن بينها سقوط الحق في إقامتها بالتقادم في الأحوال التي ينص عليها القانون، والعبرة في وصف نوع التدخل هي بحقيقة تكييفه القانوني لا بالوصف الذي يسبغه عليه الخصوم، لما كان ذلك، وكانت الدعوى قد رفعت ابتداء من المطعون ضده الأول على الطاعن والمطعون ضده الثالث بطلب إلزامهما بأن يدفعا له متضامنين مبلغ 1500 جنيه تعويضاً عن وفاة ابنه، وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة تدخلت المطعون ضدها الثانية في الخصومة بجلسة 14/ 9/ 1967 وطلب الاثنان الحكم لهما على المتبوع والتابع على وجه التضامن بينهما بالتعويض وقدره 1500 جنيه فإن المتدخلة تكون طلبت الحكم لنفسها بحق ذاتي هو نصف مبلغ التعويض المطلوب في مواجهة أطراف الخصومة الأصليين ويكون هذا التدخل - بحسب ما استقرت عليه الطلبات في الدعوى - تدخلاً هجومياً تسري عليه ما يسري على الدعوى نفسها من أحكام، وإذ كيفه الحكم المطعون فيه بأنه تدخل انضمامي فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما ترتب عليه أن حجبت المحكمة نفسها عن بحث ما أبداه الطاعن من دفاع جوهري بشأن سقوط حق المتدخلة في المطالبة بالتعويض بمضي أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ صيرورة الحكم الجنائي نهائياً.
وحيث إن النعي بالوجه الثاني صحيح أيضاً ذلك أنه يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققاً بأن يكون قد وقع بالفعل أو يكون وقوعه في المستقبل حتمياً فإن أصاب الضرر شخصاً بالتبعية عن طريق ضرر أصاب شخصاً آخر فلا بد أن يتوفر لهذا الأخير حق أو مصلحة مالية مشروعة يعتبر الإخلال بها ضرراً أصابه والعبرة في تحقق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة آخر هي ثبوت أن المجني عليه كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة وعندئذ يقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائله ويقضى له بالتعويض على هذا الأساس، أما مجرد احتمال وقوع الضرر في المستقبل فلا يكفي للحكم بالتعويض، لما كان ذلك وكانت محكمة أول درجة التي أيدت محكمة الاستئناف حكمها قد قضت للمطعون ضدهما الأول والثانية بالتعويض عن الضرر المادي قولاً منها بأن في مثل بيئة المطعون ضده الأول، والقتيل يكون الابن عادة عدة أبويه وعمادهما وذخراً لهما ضد حاجة الزمن في الشيخوخة دون أن تتحقق مما إذا كان عنصر المادي متوفراً أو غير متوفر باستظهار ما إذا كان المجني عليه - قبل وفاته - يعول والديه فعلاً على وجه دائم مستمر أم لا حتى تعتبر وفاته إخلالاً بمصلحة مالية مشروعة لهما فضلاً عن سكوتهما عن تبيان عناصر ذلك الضرر المادي الذي احتسب التعويض على أساسه، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث السبب الثاني من سببي الطعن.
ساحة النقاش