وقوع عجز بعهدة أمين المخزن. اختلاس آخرين لأشياء غير تلك المطالب بقيمتها لا يعد قوة قاهرة أو ظرفاً خارجاً عن إرادة الأمين. وجوب مساءلة عن قيمة العجز.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
المجلد الثاني - السنة 27 - صـ 1661
جلسة 25 من نوفمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور محمد محمد حسنين وعضوية السادة المستشارين: أحمد صفاء الدين، عز الدين الحسيني، عثمان الزيني، محمدي الخولي.
(305)
الطعن رقم 409 لسنة 43 القضائية
(1) إثبات "القرائن القانونية". مسئولية "مسئولية تقصيرية". قوة قاهرة.
وقوع عجز بعهدة أمين المخزن. قرينة قانونية على ثبوت الخطأ في جانبه. لا ترتفع إلا إذا قام بإثبات القوة القاهرة أو الظروف الخارجة عن إرادته. م 45 من لائحة المخازن والمشتريات الصادرة في 6/ 6/ 1948.
(2) مسئولية "مسئولية تقصيرية". قوة قاهرة. تعويض.
وقوع عجز بعهدة أمين المخزن. اختلاس آخرين لأشياء غير تلك المطالب بقيمتها لا يعد قوة قاهرة أو ظرفاً خارجاً عن إرادة الأمين. وجوب مساءلة عن قيمة العجز.
1 - مفاد نص المادة 45 من لائحة المخازن والمشتريات - الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 6/ 6/ 1948 - أن القانون وضع قرينة قانونية مقتضاها إعفاء الجهة الإدارية من إثبات خطأ أمين المخزن عند وقوع عجز بعهدته وافترض قيام هذا الخطأ من مجرد ثبوت وقوع هذا العجز ولا ترتفع هذه القرينة إلا إذا قام هو بإثبات قيام القوة القاهرة أو الظروف الخارجة عن إرادته التي ليس في إمكانه التحوط لها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة - وزارة الشئون الاجتماعية - على عجزها عن إثبات خطأ المطعون عليه - أمين المخزن - فإنه يكون قد أخطأ في القانون.
2 - إذ كان المطعون عليه أميناً للمخزن وقد وقع عجز بعهدته، وكان قيام بعض موظفي الطاعنة - وزارة الشئون الاجتماعية - باختلاس بعض محتويات المخزن غير تلك المطالب بقيمتها لا يعد قوة قاهرة أو ظرفاً خارجاً عن إرادة المطعون عليه لا يمكن التحوط له فإنه يكون مسئولاً عن قيمة العجز، ويتعين القضاء بإلزامه بأن يدفع للطاعنة المبلغ المطالب به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن وزارة الشئون الاجتماعية (الطاعنة) أقامت الدعوى رقم 418 سنة 1961 مدني كلي القاهرة ضد..... و...... طالبة الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لها مبلغ 659 جنيهاً و340 مليماً وقالت في بيانها أن المدعى عليهما كانا يعملان بمنطقة الشئون الاجتماعية والعمل بالجيزة واتهما في الجناية رقم 211 سنة 1957 كلي الجيزة مع آخرين بأنهم في 24/ 5/ 1957 بصفتها موظفين عموميين استوليا بغير حق على صفائح الجبن المبينة بالمحضر والمملوكة للدولة وقد حكم فيها بتاريخ 1/ 1/ 1958 بحبسهما ستة أشهر وتغريمهما متضامنين بمبلغ 500 جنيهاً مع العزل وإذ بلغت قيمة العجز في صفائح الجبن والمسلي المستولى عليها مبلغ 659 جنيهاً و340 مليماً فقد أقامت الدعوى لمطالبتهما بمقابل ما أصاب المنطقة من ضرر عملاً بالمادة 163 من القانون المدني. وبصحيفة معلنة في 19/ 5/ 1964 أدخلت الوزارة........ (المطعون عليه) أمين مخزن المنطقة في تاريخ الحادث خصماً في الدعوى طالبة إلزامه هو المدعى عليهما الأولين متضامنين بأن يدفعوا لها المبلغ المطالب به مضافاً إليه مبلغ 165 جنيهاً و634 مليماً وهو ما يوازي 10% نظير المصاريف الإدارية واستندت في ذلك إلى أن الصفائح المستولى عليها كانت في عهدته وأنه المسئول عما يحدث بها من عجز طبقاً لحكم المادة 45 من لائحة المخازن والمشتريات. دفع المدعى عليه الثالث (المطعون عليه) بسقوط الدعوى بالنسبة له بالتقادم بانقضاء أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الجريمة في 24/ 5/ 1975 قبل رفع الدعوى عملاً بالمادة 172 من القانون المدني وأضاف أنه لم يكن أميناً للمخزن بالمعنى المقصود من لائحة المخازن بل كان سكرتيراً لوحدة الشئون الاجتماعية الكائن بها المخزن ثم أضيفت إليه عهدته ولم تكن الإضافة تتطلب منه فتح المخزن يومياً وملاحظة سلامة ما به من موجودات وأن حادث الاختلاس الذي أدى إلى حصول العجز في عهدته ارتكبه عاملان بالوحدة فيعد حادثاً قهرياً وخارجاً عن إرادته فلا يجوز مساءلته عن العجز. وفي 12/ 11/ 1964 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليهما الأولين متضامنين بأن يدفعا للمدعية مبلغ 659 جنيهاً و340 مليماً وبقبول الدفع المبدى من المدعى عليه الثالث...... بسقوط الدعوى ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنفت المدعية هذا الحكم طالبة إلغاءه والحكم لها بجميع طلباتها قبل المدعى عليهم جميعاً وقيد الاستئناف رقم 1784 سنة 81 ق القاهرة. وفي 29/ 11/ 1966 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت وزارة الشئون الاجتماعية في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 47 سنة 37 وفي 10/ 6/ 1971 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه فيما قضى به من سقوط الدعوى قبل المطعون عليه الثالث وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة استناداً إلى عدم انطباق التقادم الثلاثي المنصوص في المادة 172 من القانون المدني على واقعة الدعوى. وفي 28/ 2/ 1973 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من سقوط الدعوى بالتقادم وبرفض الدعوى. طعنت وزارة الشئون الاجتماعية في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه استند في قضائه برفض الدعوى إلى عجزها عن إثبات الخطأ الموجب للمسئولية في جانب المطعون عليه كأمين مخزن عما وقع بالمخزن عهدته من عجز، وأن عليها - باعتبارها صاحبة الادعاء - عبء إثبات هذا الخطأ، ويكفي المطعون عليه اتخاذ موقف سلبي إلى أن يقوم الدليل فيدفعه، وفي ذلك مخالفة لحكم المادة 45 من لائحة المخازن الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 6/ 6/ 1948 التي افترضت قيام الخطأ الموجب للمسئولية في جانب أمناء المخازن من مجرد ثبوت وقوع عجز في عهدتهم ولم يخول لهم درء هذه المسئولية إلا إذا أثبتوا أن هذا العجز كان نتيجة قوة قاهرة أو ظروف خارجة عن إرادتهم ولم يكن في إمكانهم التحوط لها ولا يعد اختلاس بعض محتويات المخزن. من قبيل القوة القاهرة أو الظروف الخارج عن إرادة المطعون عليه، لأن الطاعنة تطالبه بقيمة العجز الذي ظهر نتيجة جرد المخزن، دون قيمة الأشياء المختلسة والتي تم ردها إلى المخزن عقب ضبطها قبل الجرد.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المادة 45 من لائحة المخازن والمشتريات المشار إليها إذ تنص على أن "أمناء المخازن وجميع أرباب العهد مسئولون شخصياً عن الأصناف التي في عهدتهم وعن حفظها ولاعتناء بها وعن صحة وزنها وعددها ومقاسها ونوعها وعن نظافتها وحمايتها من كل ما من شأنه أن يعرضها للتلف أو النقص ولا تخلي مسئوليتهم إلا إذا أثبت للمصلحة أن ذلك قد نشأ عن أسباب قهرية أو ظروف خارجة عن إرادتهم ولم يكن في الإمكان التحوط لها"، فإن مفاد ذلك أن القانون وضع قرينة قانونية مقتضاها إعفاء الجهة الإدارية من إثبات خطأ أمين المخزن عند وقوع عجز بعهدته، وافتراض قيام هذا الخطأ من مجرد ثبوت وقوع هذا العجز ولا ترفع هذه القرينة إلا إذا قام هو بإثبات قيام القوة القاهرة أو الظروف الخارجة عن إرادته التي ليس في إمكانه التحوط لها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة على عجزها عن إثبات خطأ المطعون عليه فإنه يكون قد أخطأ في القانون ويتعين لذلك نقضه.
وحيث إن الطعن للمرة الثانية والموضوع صالح للفصل فيه ولما كان المطعون عليه أميناً للمخزن وقد وقع عجز بعهدته بلغت قيمته 659 جنيهاً و340 مليماً، وكان قيام بعض موظفي الطاعنة باختلاس بعض محتويات المخزن غير تلك المطالب بقيمتها، لا يعد قوة قاهرة أو ظرفاً خارجاً عن إرادة المطعون عليه لا يمكن التحوط له، فإنه يكون مسئولاً عن قيمة هذا العجز، ويتعين القضاء بإلزامه بأن يدفع للطاعنة المبلغ المذكور.
ساحة النقاش