حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية. مناطها. تقدير المحكمة المدنية للتعويض المستحق للضرور نتيجة خطأ المتهم بعد إنقاصه بنسبة الخطأ المسند للمجني عليه وولده. الذي ساهم في إحداث الضرر. لا خطأ.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
المجلد الثاني - السنة 27 - صـ 1716
جلسة 7 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد صدقي العصار، وعبد الرؤوف عبد المجيد جودة، وزكي الصاوي، وجمال الدين عبد اللطيف.
(316)
الطعن رقم 239 لسنة 43 القضائية
حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. تعويض. مسئولية.
حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية. مناطها. تقدير المحكمة المدنية للتعويض المستحق للضرور نتيجة خطأ المتهم بعد إنقاصه بنسبة الخطأ المسند للمجني عليه وولده. الذي ساهم في إحداث الضرر. لا خطأ.
مفاد نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات المقابلة للمادة 406 من القانون المدني الملغاة، أن الحكم الصادر في المواد الجنائية تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له، وإذ كان الثابت من الحكم الجنائي - الصادر في جنحة عسكرية بإدانة المتهم لارتكابه جريمة إصابة خطأ وقيادة سيارة بحالة ينجم عنها الخطر - أنه قطع في أن الحادث وقع نتيجة خطأ المطعون عليه الثاني - المتهم - فإنه يكون قد فصل فصلاً لازماً في الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية، ويحوز قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية، ولا يجوز للطاعن - المتبوع - بالتالي أن يتمسك بأن الحادث وقع نتيجة خطأ المضرور وأن هذا يدرأ المسئولية عن المطعون عليه الثاني. ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أثبت في مدوناته دفاع الطاعن من أن المجني عليه ووالده قد شاركا بخطئهما في وقوع الحادث، فإن قضاء المحكمة بتعويض قدره 500 جنيهاً بينما طالب المضرور بتعويض قدره 1000 جنيهاً - مفاده أنها رأت من جانبها أن المبلغ الذي قدرته هو الذي يناسب الضرر الذي وقع نتيجة خطأ المطعون عليه الثاني وأنها أنقصت من مبلغ التعويض المستحق للمضرور ما تحمله بسبب الخطأ الذي وقع منه ومن والده. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون في غير محله.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول بصفته ولياً على ابنه....... أقام أصلاً الدعوى رقم 233 سنة 1970 مدني فاقوس ضد وزير الحربية بصفته - الطاعن - والمطعون عليه الثاني طالباً الحكم بإلزامهما متضامنين بأنه يدفعا له مبلغ ألف جنيه، وقال بياناً لدعواه أن المطعون عليه الثاني وهو جندي بالقوات المسلحة كان يقود سيارة الجيش رقم 25128 يوم 19/ 6/ 1968 وصدم ابنه.... فأحدث به إصابات أدت إلى بتر ساقه اليمنى وضبطت عن الواقعة قضية الجنحة رقم 2120 سنة 1968 عسكرية فاقوس وقضى فيها بتاريخ 9/ 1/ 1969 بإدانته عن تهمتي الإصابة الخطأ وقيادة السيارة بحالة ينجم عنها الخطر، وإذ يلزم المطعون عليه الثاني بتعويض الضرر الذي أصاب ابنه نتيجة الحادث ويقدر بمبلغ 1000 ج ويسأل الطاعن بوصفه متبوعاً للمطعون عليه الثاني عن هذا الضرر وفقاً للمادة 174 من القانون المدني، فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. وبتاريخ 19/ 5/ 1970 أمرت المحكمة بإحالة الدعوى إلى محكمة الزقازيق الابتدائية حيث قيدت بجدولها برقم 993 سنة 1970 مدني. وبتاريخ 12/ 4/ 1972 قضت المحكمة بإلزام الطاعن والمطعون عليه - الثاني متضامنين بأن يدفعا للمطعون عليه بصفته مبلغ 500 ج. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 181 سنة 15 ق مدني (مأمورية الزقازيق) كما استأنفه المطعون عليه الثاني أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم 185 لسنة 15 ق مدني. وبتاريخ 22/ 1/ 1973 حكمت المحكمة برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه بأن الحادث وقع نتيجة خطأ المضرور ومساهمته فيه إذ أنه كان يلهو بالطريق العام واندفع فجأة نحو السيارة فلم يتمكن قائدها - المطعون عليه الثاني - من مفاداته، كما أن والد المضرور اشترط في الخطأ بترك ابنه الذي لم يجاوز عمره سبع سنوات يلهو بالطريق العام دون رعاية أو رقابة مما كان يتعين معه عدم مساءلة المطعون عليه الثاني عن الحادث أو مراعاة ذلك في تقدير مبلغ التعويض، غير أن الحكم المطعون فيه لم يمحص هذا الدفاع مما يعيبه بالقصور. ويتحصل النعي بالسبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون بتقريره أن الحكم الجنائي الصادر من المحكمة العسكرية قد حقق وقوع الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما، وأنه يتعين على المحكمة المدنية أن ترتبط بهذا القضاء ولا يكون أمامها إلا أن تبحث في تقدير التعويض في حين أن الحكم الجنائي لا يقيد المحكمة في بحث ما تمسك به من مساهمة كل من المضرور ووالده المطعون عليه الأول في الخطأ الذي أدى إلى وقوع الحادث هذا إلى أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى مسئولية الطاعن والمطعون عليه الثاني عن التعويض الكامل الجابر للضرر رغم ما هو ثابت من تحقيقات الجنحة العسكرية من أن خطأ المطعون عليه الأول كان نتيجة خطأ المضرور ووالده وهو ما يكفي لدرء مسئوليته طبقاً للمادة 165 من القانون المدني إذ يعتبر هذا خطأ مشتركاً يجيز إنقاص مبلغ التعويض بما يعادل هذا الخطأ عملاً بما تقضي به المادة 216 من القانون المذكور وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي بسببيه مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق وقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها...." وكانت المادة 102 من قانون الإثبات المقابلة للمادة 406 من القانون المدني الملغاة تنص على أن "لا يرتبط القاضي المدني الحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً" فإن مفاد ذلك أن الحكم الصادر في المواد الجنائية تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له، ولما كان الثابت في قضية الجنحة العسكرية رقم 2120 سنة 1968 أن الدعوى الجنائية أقيمت على المطعون عليه الثاني لأنه في يوم 19/ 6/ 1968 بدائرة مركز فاقوس أولاً: تسبب من غير قصد ولا تعمد في إصابة الطفل..... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم احترازه بأن قاد السيارة رقم 25128 بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر مما أدى إلى اصطدامه بالمجني عليه وإصابته بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي - ثانياً: قاد السيارة سالفة الذكر بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر، وقضت المحكمة العسكرية بتاريخ 9/ 1/ 1969 بحبس المطعون عليه الثاني ستة شهور مع الشغل والنفاذ وذلك تأسيساً على ما ذكره الحكم في أسبابه من أن خطأ المتهم - المطعون عليه الثاني - يتمثل في عدم الحيطة والحذر لأنه كان يسير بعربته في طريق مزدحم. وكان يجب عليه الاحتياط في القيادة لعدم إصابة أي من الأفراد وأن خطأه هذا نتج عنه إصابة المجني عليه بالإصابات الموضحة بالأوراق والتي نتج عنها عاهة مستديمة مما يثبت التهمة قبله". ولما كان الثابت من الحكم الجنائي أنه قطع في أن الحادث وقع نتيجة خطأ المطعون عليه الثاني فإنه يكون قد فصل فصلاً لازماً في الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية ويحوز قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية ولا يجوز للطاعن بالتالي أن يتمسك بأن الحادث وقع نتيجة خطأ المضرور وأن هذا يدرأ المسئولية عن المطعون عليه الثاني. ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أثبت في مدوناته دفاع الطاعن من أن المجني عليه وولده قد شاركا بخطئهما في وقوع الحادث، فإن قضاء المحكمة بتعويض قدره 500 جنيه مفاده أنها رأت من جانبها أن المبلغ الذي قدرته هو الذي يناسب الضرر الذي وقع نتيجة خطأ المطعون عليه الثاني وأنها أنقصت من مبلغ التعويض المستحق للمضرور ما تحمله بسبب الخطأ الذي وقع منه ومن والده، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن
ساحة النقاش