جواز الطعن في الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري ولو لم تكن منهية للخصومة شرطه أن يكون الحكم صالحاً للتنفيذ بموجبه أعمالاً للقواعد العامة أو بمقتضى قواعد النفاذ المعجل.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 28 - صـ 1626
جلسة 8 من نوفمبر سنة 1977
برئاسة السيد المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد صدقي العصار وزكي الصاوي صالح وجمال الدين عبد اللطيف وعبد الحميد المرصفاوى.
(280)
الطعن رقم 46 لسنة 44 القضائية
(1) نقض " الخصوم في الطعن ".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه.
(2، 3) حكم " الطعن في الحكم ". استئناف. عقد. تعويض.
(2) الحكم بفسخ عقد البيع ورد الثمن إلى البائع مع إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات الضرر المطلوب التعويض عنه. عدم جواز الطعن فيه استقلالاً. علة ذلك. الحكم. المنهى للخصومة هو الذي ينتهى به النزاع في كل الطلبات المرفوعة بها الدعوى.
(3) جواز الطعن في الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري ولو لم تكن منهية للخصومة. شرطه. أن يكون الحكم صالحاً للتنفيذ بموجبه أعمالاً للقواعد العامة أو بمقتضى قواعد النفاذ المعجل.
1- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي لقبول الطعن في الأحكام بالنقض ضد المطعون عليه أن يكون طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها في مزاعمه وطلباته أو نازعه خصمه في مزاعمه وطلباته أو نازعه خصمه في مزاعمه وطلباته وأن يكون قد بقى على هذه المنازعة مع خصمه ولم يتخل عنها حتى صدور الحكم عليه.
2- تقضى المادة 212 من قانون المرافعات بعدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهى بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهى للخصومة كلها، وذلك - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - تبسيطاً للأوضاع ومنعاً من تقطيع أوصال القضية. ولما كان الحكم المنهى للخصومة هو الذي ينتهى به النزاع في كل الطلبات التي رفعت بها الدعوى، وكان الثابت أن المطعون عليها الأولى طلبت أمام المحكمة الابتدائية الحكم بفسخ عقد البيع الصادر لها من الطاعن وبإلزام هذا الأخير بأن يؤدي لها 1200 جنيه منه مبلغ 700 جنيه دفع بالعقد والباقي قيمة ما رأته مستحقاً لها من تعويض عما أصابها من ضرر، فقضت المحكمة بفسخ عقد البيع وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليها ما قبضه من الثمن ثم حكمت بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الضرر المطلوب التعويض عنه، فإن هذا الحكم - وقد فصل في شق من الطلبات - لا يعتبر منهياً للخصومة التي انعقدت بين الطاعن والمطعون عليها الأولى إذ ما زال على المحكمة أن تمضى من بعد في نظر الدعوى بالنسبة لباقي الطلبات التي لم تقل كلمتها فيها.
3- قررت المادة 212 من قانون المرافعات في شطرها الأخير استثناء من القاعدة التي نصت عليها من جواز الطعن مباشرة في الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري وشرط أعمال هذا الاستثناء أن يكون الحكم صالحاً للتنفيذ بموجبه سواء بحكم القواعد العامة أو بمقتضى قواعد النفاذ المعجل وذلك حتى يتسنى للمحكوم عليه طلب وقف نفاذه فلا يضار بتعرضه لإجراءات التنفيذ لو انتظر حتى صدور الحكم المنهى للخصومة كلها. ولما كان الحكم الابتدائي - الذي قضى بفسخ عقد البيع ورد ما قبض من الثمن مع إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الضرر المطلوب التعويض عنه - غير مشمول بالنفاذ المعجل، فإن الطعن فيه بالاستئناف على استقلال لا يكون جائزاً.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 556 سنة 1965 مدني المنيا الابتدائية ضد الطاعن والمطعون عليهما الثالث والرابع وطلبت الحكم في مواجهة الآخيرين بصحة ونفاذ العقد المؤرخ في 15/9/1962 والمتضمن بيع الطاعن لها نصف المنزل المبين بصحيفة الدعوى مقابل ثمن قدره 800 جنيه والتسليم تدخلت المطعون عليها الثانية في الدعوى طالبة رفضها استناداً إلى أنها اشترت المنزل بأكمله من الطاعن بموجب عقد طلبت الحكم بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 186 سنة 1964 مدني المنيا الابتدائية، فلما قبلت المحكمة تدخلها عدلت المطعون عليها الأولى طلباتها إلى الحكم بفسخ عقد البيع المبرم بينها وبين الطاعن وإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 1200 جنيه، منه مبلغ 700 جنيه دفع وقت التعاقد والباقي وقدره خمسمائة جنيه على سبيل التعويض لها عما أصابها من ضرر. أدعى الطاعن بتزوير عقد البيع. وبجلسة 11/12/1971 قضت المحكمة بإثبات ترك الخصومة بالنسبة للمطعون عليهما الثالث والرابع، وبرفض الإدعاء بالتزوير وبصحة الورقة المثبتة للعقد، ثم عادت وحكمت في 18/11/1972 أولاً بفسخ عقد البيع العرفي المؤرخ 15/9/1962 وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليها مبلغ سبعمائة جنيه، وثانياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها الأولى أنه قد لحقها ضرر من جراء عدم تنفيذ عقد البيع المذكور وماهية هذا الضرر وما إذا كان لم يسبق لها الانتفاع بالعين المبيعة. استأنف الطاعن الشق الأول من هذا الحكم بالاستئناف رقم 154 سنة 8 ق بنى سويف ( مأمورية المنيا ) وطلب إلغاءه والحكم برد وبطلان عقد البيع، فحكمت المحكمة في 24/11/1973 بعدم جواز الاستئناف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليهم الثلاثة الأخيرين وبرفض الطعن بالنسبة للمطعون عليها الأولى. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره، وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مبني دفع النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليهم الثلاثة الأخيرين أنهم وإن كانوا قد اختصموا في الاستئناف إلا أن الطاعن لم يوجه لهم طلبات فيه ولم يوجهوا هم طلبات له وبذلك فإنهم لا يكونون خصوماً للطاعن ولا يجوز له - بالتالي - اختصامهم أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا الدفع سديد، ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي لقبول الطعن في الأحكام بالنقض ضد المطعون عليه أن يكون طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها في مزاعمه وطلباته أو نازعه خصمه في مزاعمه وطلباته وأن يكون قد بقى على هذه المنازعة مع خصمه ولم يتخل عنها حتى صدور الحكم عليه. ولما كان الثابت من أوراق الدعوى أن المطعون عليها الأولى اختصمت المطعون عليهما الثالث والرابع أمام محكمة أول درجة ليحكم في مواجهتهما بصحة ونفاذ عقد البيع المبرم بينها وبين الطاعن دون أن توجه لهما طلبات ما أو يوجها هما طلبات لها ثم قررت ترك الخصومة بالنسبة لها وقضت محكمة أول درجة بإثبات هذا الترك، وأن المطعون عليها الثانية التي تدخلت في الدعوى طلبت اخراجها منها بعد أن عدلت المطعون عليها الأولى طلباتها إلى فسخ عقد البيع، وكان الطاعن رغم اختصامه المطعون عليه الثلاثة الأخيرين في الاستئناف لم يوجه إليهم طلبات فيه كما لم يوجهوا هم إليه طلبات ما. لما كان ذلك وكانت الخصومة في الاستئناف معقودة في حقيقتها بين الطاعن والمطعون عليها الأولى وحدها فإن الطعن بالنقض يكون غير مقبول بالنسبة للمطعون عليهم عدا الأولى.
وحيث إن الطعن بالنسبة المطعون عليها الأولى استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد ينعي به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بعدم جواز الاستئناف تأسيساً على أنه رفع عن حكم صدر أثناء السير في الدعوى ولم تنته به الخصومة كلها أمام محكمة أول درجة وأن هذا الحكم ليس من الأحكام التي تجيز المادة 212 من قانون المرافعات الطعن فيه مباشرة قبل صدور الحكم المنهى للخصومة كلها، في حين أن دعوى المطعون عليها الأولى قبله أمام محكمة أول درجة تنتظم خصومتين كل منهما لها كيانها الذاتي إحداهما خصومة الفسخ ورد الثمن المقول بدفعه ومبناها صحة ورقة البيع مع استحالة التنفيذ والثانية خصومة التعويض وهو لا يترتب إلا على حصول الضرر. فإذا كانت المحكمة قد قضت بفسخ البيع معتبرة الورقة الصادرة به صحيحة ورتبت على ذلك رد معجل الثمن المقول بدفعه فإن حكمها في هذا يكون منيهاً لتلك الخصومة الأولى كلها، وإذ كانت المادة 212 من قانون المرافعات تتحدث عن انتهاء الخصومة وليس عن انتهاء الدعوى فليس ثمة ما يمنع من استئناف الحكم الصادر بالفسخ والرد دون انتظار الفصل في خصومة التعويض، هذا فضلاً عن أن المادة سالفة الذكر أجازت استئناء الطعن في الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري وأن لم تنته بها الخصومة كلها، ولما كان الحكم المستأنف قد قضى بإلزامه بمبلغ معين من النقود وكان قابلاً بطبيعته للتنفيذ الجبري فإن الطعن عليه بالاستئناف يكون جائزاً، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز الاستئناف قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المادة 212 من قانون المرافعات تقضي بعدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهى بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهى للخصومة كلها، وذلك - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - تبسيطاً للأوضاع ومنعاً من تقطيع أوصال القضية. ولما كان الحكم المنهى للخصومة هو الذي ينتهى به النزاع في كل الطلبات التي رفعت بها الدعوى، وكان الثابت أن المطعون عليها الأولى طلبت أمام المحكمة الابتدائية الحكم بفسخ عقد البيع المؤرخ 15/9/1962 الصادر لها من الطاعن وبإلزام هذا الأخير بأن يؤدي لها 1200 جنيه منه مبلغ سبعمائة جنيه دفع بالعقد والباقي قيمة ما رأته مستحقاً لها من تعويض عما أصابها من ضرر، فقضت المحكمة بفسخ عقد البيع وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليها ما قبضه من الثمن ثم حكمت بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الضرر المطلوب التعويض عنه، فإن هذا الحكم - وقد فصل في شق من الطلبات - لا يعتبر منهياً للخصومة التي انعقدت بين الطاعن والمطعون عليها الأولى ، إذ ما زال على المحكمة أن تمضى من بعد في نظر الدعوى بالنسبة لباقي الطلبات التي لم تقل كلمتها فيها.، ولا يجدي الطاعن في هذا الخصوص بالتحدي بما تقرره المادة 212 في شطرها الأخير استثناء من القاعدة التي نصت عليها من جواز الطعن مباشرة في الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري، وشرط أعمال هذا الاستثناء أن يكون الحكم صالحاً للتنفيذ بموجبه سواء بحكم القواعد العامة أو بمقتضى قواعد النفاذ المعجل وذلك حتى يتسنى للمحكوم عليه طلب وقف نفاذه فلا يضار بتعرضه لإجراءات التنفيذ لو انتظر حتى صدور الحكم المنهى للخصومة كلها. ولما كان الحكم الابتدائي غير مشمول بالنفاذ المعجل فان الطعن فيه بالاستئناف على استقلال لا يكون جائزاً. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ساحة النقاش