القرار الصادر باعتماد خطوط التنظيم. لا ينقل ملكية أجزاء المباني الخارجة منها إلى الدولة. استيلاء الإدارة عليها وهدمها. غير جائز إذا كانت قد أقيمت قبل صدور القرار. للمالك حق المطالبة بالتعويض عنها.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 30 - صـ 110
جلسة 4 من يناير سنة 1979
برئاسة السيد المستشار عبد العال السيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمدي الخولي؛ و د. عبد الرحمن عياد؛ وعبد الحميد المنفلوطي وعبد العزيز هيبه.
(33)
الطعن رقم 469 لسنة 44 القضائية
(1) إثبات. خبرة.
تكليف الخبير الخصوم بحضور الاجتماع الأول. كفايته طوال مباشرة المأمورية ما لم ينقطع العمل فيها.
(2) استيلاء. تعويض. تنظيم قرار إداري. ملكية.
(2) القرار الصادر باعتماد خطوط التنظيم. لا ينقل ملكية أجزاء المباني الخارجة منها إلى الدولة. استيلاء الإدارة عليها وهدمها. غير جائز إذا كانت قد أقيمت قبل صدور القرار. للمالك حق المطالبة بالتعويض عنها.
1 - المستفاد مما نصت عليه المادتان 146، 147 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكليف الخبير الخصوم بحضور الاجتماع الأول يكفي طوال مدة المأمورية، ما دام العمل مستمراً لم ينقطع وعليهم هم أن يتتبعوا سير العمل وفي هذه الحالة يكون للخبير أن يباشر عمله في غيبتهم.
2 - وضعت المادة 12 من القانون رقم 45 لسنة 1962 قيوداً على حق مالك الأجزاء البارزة عن خط التنظيم تمنعه من إجراء أعمال البناء أو التعلية فيها بعد صدور القرار باعتماد خط التنظيم، إلا أنها لم ترتب على صدور هذا القرار انتقال ملكية تلك الأجزاء بما عليها من مبان إلى الدولة ولم تخول المحافظة سلطة الاستيلاء على العقارات القائمة على الأجزاء البارزة وهدمها والاستيلاء على أنقاضها، طالما أن مباني تلك العقارات مقامة من تاريخ سابق على صدور قرار اعتماد خطوط التنظيم. وإذ كان الطاعن قد أقر صراحة بصحيفتي الاستئنافين ومذكرة دفاعه إلى محكمة الدرجة الثانية بأن القرار لم ينفد بل أقيمت ساحة شعبية للشباب على أرض النزاع بعد أن هدم هو ما كان عليها من مبان، فإن استيلاءه على تلك الأرض جبراً عن المطعون عليهم دون اتباع الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية يعتبر بمثابة غضب وليس من شأنه أن ينقل بذاته ملكيتها إلى الطاعن بل تظل هذه الملكية لأصحابها رغم هذا الاستيلاء ويكون لهم الحق في المطالبة بتعويض الأضرار الناشئة عنه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 3355 سنة 1971 مدني شمال القاهرة ضد الطاعن بصفته للحكم بإلزامه بأن يدفع لهم مبلغ 1050 ج، وقالوا في بيان الدعوى أنهم يملكون بطريق الإرث، عن.... قطعة أرض مساحتها 200 متر مربع موضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى مقاماً عليها عشرون منزلاً من الخشب وقد أصدر الطاعن أمر إلى بلدية القاهرة بإزالة هذه المنازل بحجة تحسين الحي وتنظيفه وتمت إزالتها دون علمهم في يوليه سنة 1970 وأقام الطاعن حول هذه الأرض سوراً وعين عليها حارساً، فأقاموا دعواهم للحكم بطلباتهم التي تمثل مقابل الانتفاع الذي حرموا منه بسبب تصرفات الطاعن المشار إليها عن المدة من يوليه سنة 1970 حتى سبتمبر سنة 1971 على أساس مبلغ 70 ج شهرياً، وبتاريخ 16/ 12/ 1971 حكمت المحكمة بندب خبير للانتقال إلى أرض النزاع لبيان ما إذا كانت مملوكة للمطعون عليهم من عدمه وما إذا كان الطاعن بصفته قد وضع اليد عليها دون سند من القانون وتاريخ ذلك وتقدير ريعها الشهري وما قيمة ما يستحقه المطعون عليهم من ريع حتى تاريخ رفع الدعوى. وباشر الخبير المأمورية وقدم لها تقريراً انتهى فيه إلى أن مساحة الأرض محل النزاع 1747 متراً مربعاً وكان مقاماً على 1547 متراً مربعاً منها عشرون منزلاً من لدش قام الطاعن بإزالتها في 14/ 7/ 1970 أما المساحة الباقية فقد كانت مستعملة كجراج لمبيت العربات الكارو بدوابها وقدر ريع هذه الأرض عن المدة من 14/ 7/ 1970 حتى 19/ 9/ 1977 بمبلغ 1120 ج بواقع 80 ج. م شهرياً وأضاف الخبير في تقريره إلى ذلك قوله بأنه يقدر قيمة الأرض محل النزاع بمبلغ 26205 ج. م وقيمة المباني التي كانت مقامة عليها وأزيلت بمبلغ 10829 ج. وبصحيفة معلنة للطاعن بصفته عدل المطعون عليهم طلباتهم إلى طلب الحكم بإلزامه بأن يدفع لهم مبلغ 38154 ج قيمة ريع العقار محل النزاع وقيمة المباني التي أزيلت والأرض التي تخلفت عن هذه الإزالة، وذلك طبقاً لتقدير الخبير سالف البيان. وبتاريخ 2/ 11/ 1972 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للمطعون عليهم مبلغ 11949 ج قيمة ريع أرض النزاع عن المدة من 14/ 7/ 1970 حتى 19/ 9/ 1971 مضاف إليه عدمه قيمة المباني التي كانت عليها وأزيلت وأرجأت الفصل في باقي الطلبات لحين استجواب الطاعن بصفته فيما إذا كان قد استولى على الأرض محل النزاع نهائياً من عدمه وبتاريخ 25/ 1/ 1973 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بصفته بأن يدفع للمطعون عليهم مبلغ 26205 ج قيمة الأرض محل النزاع. استأنف الطاعن بصفته الحكمين سالفي الذكر لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغائهما ورفض الدعوى وقيد الاستئنافان برقمي 4653 سنة 89 ق و2143 سنة 90 ق. وبجلسة 3/ 3/ 1974 قضت المحكمة بتأييد الحكمين. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. قدمت النيابة العامة مذكرة أيدت فيها الرأي بنقض الحكم في خصوص الوجهين الثاني والثالث من السبب الثاني والوجه الأول من السبب الثالث.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من كل من الأسباب الأول والثاني والرابع والوجه الثالث من السبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه دفع بعدم قبول الدعوى أمام محكمة الدرجة الثانية لرفعها من غير ذي صفة لعدم تقديم المطعون عليهم ما يفيد ملكيتهم للعقار محل النزاع. وعلى غير ذي صفة لأن الاتحاد الاشتراكي هو الذي استولى على الأرض محل النزاع وأقام ساحة شعبية عليها فرفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع وأقام قضاءه على أنه بالنسبة للدفع بانعدام صفة المستأنف (الطاعن) فإن الأخير مقر بأنه هو الذي أصدر التخطيط وأنه هو الذي استولى على الأرض وأمر بإزالة المباني وأنه هو الذي سلم الأرض إلى الاتحاد الاشتراكي ولم يبد هذا الدفع إلا أمام محكمة الدرجة الثانية، وبالنسبة للدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة فإن الحكم أقام قضاءه على أن المطعون عليهم اختصموا الطاعن بصفتهم ملاكاً ولم ينازع في ذلك وأن أوراق الدعوى تفيد إقرار الطاعن بأنه هو الذي سلم الأرض للاتحاد الاشتراكي وأن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وعلى غير ذي صفة هو من الدفوع الموضوعية التي يجوز إبداؤها في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة في الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي مردود - ذلك أن دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة على أساس أن المطعون عليهم لم يثبتوا ملكيتهم لأرض النزاع هو في حقيقته إنكار لهم في مطالبته بالمبالغ موضوع الدعوى كما أن دفعه بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة تأسيساً على أن مهمته انتهت عند إزالة المباني التي كانت قائمة على أرض النزاع وأن الاتحاد الاشتراكي هو الذي وضع اليد عليها هو في حقيقته إنكار لمسئوليته عن التعويض المطالب به توصلاً إلى رفض الدعوى، أي أن هذا الدفع بشقيه من الدفوع الموضوعية التي يجوز إبداؤها في أية حالة كانت عليها الدعوى توصلاً إلى القضاء برفضها - فإذا كان الحكم المطعون فيه قد اتخذ من المستندات التي قدمها المطعون عليهم للخبير وتلك التي قدموها لمحكمة الدرجة الثانية دليلاً على ثبوت ملكيتهم لأرض النزاع - كما استخلص من إقرار الطاعن في مذكرات دفاعه بأنه هو الذي أزال المنازل والعربخانة التي كانت قائمة على الأرض - أن الطاعن هو الذي استولى عليها وسلمها للاتحاد الاشتراكي ليقم ساحة شعبية وبالتالي يسأل عن التعويضات المطلوبة فإن قضاءه برفق الدفعين على هذا الأساس يكون قائماً على ما يكفي لحمله.
وحيث إن الطاعن ينص أيضاً بالوجه الثاني من السبب الأول وبالوجهين الثاني والرابع من السبب الثالث وكذلك بالوجه الأول من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الدرجة الثانية ببطلان الحكمين المستأنفين الصادرين من محكمة أول درجة بتاريخي 2/ 11/ 1972، 25/ 1/ 1973 أولاً لقضائهما بما لم يطلبه الخصوم إذ قضى أولهما للمطعون عليهم بتعويض عن المباني التي كانت مقامه على الأرض محل النزاع وقضى الثاني بتعويضهم عن قيمة تلك الأرض رغم عدم مطالبة المطعون عليهم بهذا التعويض ورد الحكم المطعون عليه على ذلك بأن وكيل المطعون عليهم طلب بجلسة 15/ 6/ 1972 التأجيل لتعديل الطلبات وإعلان الطاعن بالطلبات المعدلة وحضر وكيل الطاعن بجلسة 31/ 11/ 1972 التي كانت قد تحددت لاستجواب الطاعن في شأن استيلائه نهائياً على أرض النزاع وهو ما يفيد إعلان الطاعن بالطلبات المعدلة، مع أن حضور وكيل الطاعن بجلسة الاستجواب كان بناء على إعلان إداري وهو ما لا يجوز اعتباره إعلاناً بالطلبات المعدلة التي أوجب القانون إعلانه بها بورقة من أوراق المحضرين. وثانياً: لاعتماد الحكمين على تقرير خبير باطل لمباشرته المأمورية في غيبة الطاعن ودون إخطاره بالميعاد المحدد لمباشرتها، وقد رد الحكم المطعون فيه على ذلك بأن الثابت من محاضر أعمال الخبير أنه أخطر طرفي الخصوم بالجلسات التي حددها لفحص النزاع مع أنه يجب أن يقدم إيصال البريد الدال على حصول هذا الإخطار. هذا فضلاً عن أن الخبير قدر ريع العقار محل النزاع بما يزيد عن تقدير المطعون عليهم أنفسهم له بصحفية دعواهم، وأثبت في تقريره أن مساحة العقار المذكور 1749 متراً مربعاً مع أن حقيقة مساحته 800 متر مربع فقط ووصف المباني التي كانت مقامة على أرض النزاع بأنها كانت مبنية بالطوب والدبش على عكس ما وصفها به المطعون عليهم بصحيفة دعواهم من أنها بيوت من الخشب وإذ تناول الحكم المطعون فيه هذا الدفاع بعبارات عامة ومجملة وغامضة لم تواجه معظم دفاع الطاعن فإن يكون بالإضافة إلى مخالفته للقانون مشوباً بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كان صحيحاً ما قاله الطاعن من أن حضور وكيله بجلسة 20/ 11/ 1972 التي تحددت للاستجواب لا ينهض دليلاً على إعلانه، بالطلبات المعدلة إلا أن الثابت من الصورة الرسمية بصحيفة تعديل الطلبات. المقدمة بحافظة مستندات المطعون عليهم - أن الطاعن أعلن بتلك الطلبات على يد محضر في 4/ 7/ 1972 بمحله المختار بإدارة قضايا الحكومة وهو ما يفيد إعلانه بالطلبات المعدلة على مقتضى نص المادة 123 من قانون المرافعات لما كان ذلك، وكان المستفاد مما نصت عليه المادتان 146، 147 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكليف الخبير الخصوم بحضور الاجتماع الأول يكفي طوال مدة المأمورية ما دام العمل مستمراً لم ينقطع وعليهم هم أن يتتبعوا سير العمل وفي هذه الحالة يكون للخبير أن يباشر عمله في غيبتهم، وكان الثابت من حافظة اليومية المؤرخة 2/ 1/ 1972 - والمقدمة بحافظة مستندات المطعون عليهم والمؤشر عليها بسبق النظر في الاستئنافين رقمي 4653 سنة 89، 2143 من القاهرة أن الخبير أرسل خطاباً مسجلاً إلى الطاعن يفيد تحديد يوم 12/ 1/ 1972 لبدء عمله، وأن العمل بالمأمورية التي عهد إليه بها قد توال بغير انقطاع بعد هذا الاجتماع فإن النعي على الحكم المطعون الذي أيد الحكمين المستأنفين بالبطلان لإسناده إلى هذا التقدير الباطل يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الخبير عندما قدر الريع الشهري للعقار محل النزاع بثمانين جنيهاً رغم تقدير المطعون عليهم له بسبعين جنيهاً بصحيفة الدعوى قد خلص إلى ذلك على هدى مما شهد به الشهود وما لاحظه من موقع العقار واتساعه ووقوعه بمنطقة آهلة بالسكان، وكان تقدير الريع باعتباره تعويضاً لصاحب العقار المغتصب من سلطة قاضي الموضوع ولا معقب عليه طالما قام حكمه على أسباب سائغة تكفي لحمله، وكان وصف المطعون عليهم للمنازل التي كانت مقامة على أرض النزاع بأنها خشبية لا يفيد على وجه القطع أن جدرانها وقوائمها كانت بالخشب ولا يقضي بانصراف قصدهم إلى أن عروقها هي التي كانت من الخشب فضلاً عن أن العبرة في تحديد وصرف المباني هي بما تسعر عنه معاينتها وتكشف عنه التحقيقات وكان الخبير قد خلص من معاينة آثار الهدم بأرض النزاع وما بقى من مباني المطعون عليهم على حدودها وما شهد به شهود المطعون عليهم أن المباني التي هدمها الطاعن كانت من الطوب والدبش ومعروشة بالعروق والألواح الخشبية وأرضيتها مبلطة وبعضها دور واحد وبعضها من دورين وصالحة للسكنى وقدر التعويض عنها على هذا الأساس وأخذ الحكم المطعون فيه بهذا التقرير على ما ورد به من أسباب فإن نعي الطاعن عليه في هذا الخصوص يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. كما وأن نعي الطاعن ينقص مساحة أرض النزاع عن تقدير الخبير في هذا الخصوص والذي قضى الحكم المطعون فيه على أساسه فضلاً عن افتقاره إلى الدليل فإنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الخامس من السبب الثالث الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أنه دفع الدعوى أمام محكمة الدرجة الثانية بأن إزالة العشش التي كانت مقامة على الأرض محل النزاع يرجع لأسباب صحية حيث كانت تستخدم مقلباً للقمامة وبيتاً للعربات الكارو والدواب وهو ما يعرض الصحة العامة لأخطار بالغة ورد الحكم المطعون فيه على ذلك بأنه إدعاء لم يقم عليه دليل في الأوراق، وإذا كان تقرير الخبير قد أثبت أن عين النزاع في حي تجاري آهل بالسكان وكانت تستعمل جراجاً لعربات الكارو وقرر الشاهد أن عددها خمسين عربة بخيلها وحميرها، وكان إيواء هذا العدد الضخم من الحيوانات - يشكل خطراً حقيقياً على الصحة العامة فإن انتهاء الحكم المطعون فيه إلى عدم وجود دليل على صحة هذا الدفاع يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأنه فضلاً عن أن الطاعنين لم يقدم في أية مرحلة من مراحل الدعوى ما يفيد وجود خطر على الصحة العامة من إيواء العربات الكارو في جزء من أرض النزاع فإن إيواء العربات وحيواناتها لا يعتبر بذاته دليلاً على توافر هذا الخطر ولا مبرراً لهدم المنازل التي كانت قائمة على 1547 متراً مربعاً من الأرض محل النزاع. لما كان ذلك، وكان تقدير الأدلة من إطلاقات محكمة الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليها متى كان تقديرها يتفق مع الواقع وكان الحكم المطعون فيه إذا لم ير فيما تضمنه تقرير الخبير بشأن إيواء العربات الكارو في جزء من عقار النزاع ما يشكل خطراً على الصحة العامة يبرر للطاعن إزالة المباني التي كانت قائمة عليه فإن النعي عليه بالفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الثالث من السبب الرابع مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الدرجة الثانية بدفاع حاصله أن المطعون عليهم لا يستحقون ريعاً عن العقار محل النزاع كما وأنهم لا يستحقون تعويضاً عن أرض النزاع وما كان عليها من مبان إلا على أساس قيمتها في سنة 1965 وليس على أساس قيمتها في سنة 1971 كما قدرها الخبير في تقريره، لأن العقار محل النزاع اعتبر ضمن أملاك الدولة العامة وفقاً لنص المادة 12 من القانون 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني منذ صدور قرار محافظة القاهرة رقم 505 سنة 1965 في 2/ 3/ 1965 بتعديل خط النظم والذي أصبح بموجبه بارزاً عن خط التنظيم، وإذ لم يأخذ الحكم المطعون فيه بهذا الدفاع فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن نص المادة 12 من القانون رقم 45 سنة 1962 وأن وضع قيوداً على حق مالك الأجزاء البارزة عن خط التنظيم تمنعه من إجراء أعمال البناء أو التعلية فيها بعد صدور القرار، باعتماد خطا التنظيم إلا أنه لم يرتب على صدور هذا القرار انتقال ملكية تلك الأجزاء بما عليها من مبان إلى الدولة ولم يخول للمحافظ سلطة الاستيلاء على العقارات القائمة على الأجزاء البارزة وهدمها والاستيلاء على أنقاضها طالما أن مباني تلك العقارات مقامة في تاريخ سابق على صدور قرار خطوط التنظيم. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد أقر صراحة بصحيفتي الاستئنافين ومذكرة دفاعه إلى محكمة الدرجة الثانية بأن القرار رقم 515 سنة 1965 لم ينفذ بل أقيمت ساحة شعبية للشباب على أرض النزاع بعد أن هدم هو ما كان عليها من مبان فإن استيلاءه على تلك الأرض جبراً عن المطعون عليهم دون اتباع الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية يعتبر بمثابة غضب وليس من شأنه أن ينقل بذاته ملكيتها إلى الطاعن بل تظل هذه الملكية لأصحابها رغم هذا الاستيلاء ويكون لهم الحق في المطالبة بتعويض الأضرار الناشئة عنه. إذ كان ذلك - فإن الحكم المطعون فيه إذ أخذ بهذا النظر - يكون متفقاً مع صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن دفاعه أمام محكمة الدرجة الثانية قام على أن المباني التي كانت مقامة على أرض النزاع عبارة على تحاشيب وأن أصحابها استولوا عليها وقت الإزالة فلا يستحقون عنها تعويضاً إلا أن الحكم المطعون فيه حمل هذا الدفاع على معنى أن شاغلي المباني هم الذين استولوا على الأنقاض وأن الطاعن هو الذي تركهم يستولون عليها وألزمه بقيمتها على هذا الأساس يكون قد خالف الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ نسب إلى الطاعن أنه ادعى أن شاغلي المباني هم الذين استولوا على الأنقاض وأن المطعون عليهم بذلك لا يستحقون تعويضاً منها ثم رد على ذلك بأنه ما كان يجوز لمندوبي الطاعن أن يتركوا شاغلي المباني يستولون على الأنقاض لأنهم ليسوا ملاكاً لها كالثابت من كشوف المكلفات وعلى الطاعن يتحمل نتيجة ذلك، وكان الثابت من مطالعة صحيفتي الاستئنافين ومذكرة دفاع الطاعن أمام محكمة الدرجة الثانية أنه دفع مطالبته بقيمة التعويض عن الأنقاض بأن أصحاب المباني هم الذين استولوا على أنقاضها ولم يقل بأن شاغلي المنازل هم الذين استولوا على أنقاضها فإن ما قال به الحكم وأقام عليه هذا الشق من قضائه يكون مخالفاً للثابت في الأوراق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الثاني والوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أنه نعى أمام محكمة الدرجة الثانية ببطلان تقرير الخبير لخروجه عن حدود المأمورية التي عهد إليه بها الحكم الصادر بندبه في 16/ 12/ 1971 بأن قدر للمطعون عليهم تعويضاً عن الأنقاض ولأرض المتخلفة عن إزالتها حالة أن الحكم لم يعهد إليه بذلك. ولم يكن بحث الملكية وتقدير الريع بحاجة إلى هذا التقدير ودفع ببطلان الحكمين المستأنفين لابتنائهما على ما انتهى إليه التقرير رغم ما اعتوره من بطلان إلا أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفع - بأنه إذا كان الثابت أن المنازل التي كانت مقامة على عين النزاع قد أزيلت بمعرفة الطاعن فإنه لا جناح على الخبير إذا حقق كافة العناصر التي توصله إلى بيان الريع وليس من شك في أن أهم هذه العناصر هو تقدير قيمة الأرض التي كانت مقامة عليها هذا المنازل والتحقق من وصف المباني التي كانت تقلل الريع المطالب به وبيان قيمتها وإذا كان الخبير وهو بسبيل تحقيق الريع قد فحص العناصر المكونة له استهداء للوصول إلى قيمته فإنه لا تثريب عليه من ذلك ولا يسوغ القول فإنه جاوز حدود المأمورية. لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير الخبير أنه قدر أولاً قيمة الريع على أساس ما استظهره من حالة الحي وازدحامه واستهداء بما شهد به الشهود ولم يعتمد على قيمة الأنقاض والأرض بل لم يبدأ في تقدير قيمتها إلا بعد انتهائه من تقدير الريع فإن ما ورد به الحكم يكون مخالفاً للثابت بالأوراق وينطوي على الفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 16/ 12/ 1971 قصر مهمة الخبير المنتدب على بيان ما إذا كانت عين النزاع مملوكة للمطعون عليهم وما إذا كان الطاعن قد وضع يده عليها دون سند وتاريخ ذلك وتقدير ريعها الشهري وقيمة ما يستحقه المطعون عليهم من ريع حتى تاريخ رفع الدعوى، ولم تعهد إليه بتقدير التعويض المستحق عن الاستيلاء على الأرض ولا عن المباني التي كانت مقامة عليها وهدمها الطاعن - لما كان ذلك - وكان الثابت من تقرير الخبير ومحاضر أعماله أنه قدر الريع استهداء بما شهد به شهود المطعون عليهم وعلى أساس ما ظهر له من مساحة الأرض ووصف المباني والعربخانة التي كانت عليها وطريقة استقلالها ووقوعها في منطقة مزدحمة السكان ومزودة بالمرافق وقربها من وسط المدينة ولم يستند في هذا التقدير إلى أي من قيمة الأرض، وقيمة المباني بل أنه لم يلجأ إلى تقدير قيمة المباني والأرض إلا بعد انتهائه من تقدير الريع وبيان العناصر التي اعتمد عليها في هذا التقدير؛ فإن الخبير يكون قد خرج عن المهمة التي حددها له الحكم الصادر بندبه دون أن يكون لهذا التجاوز مبرراً مما يعتبر شائبة تصيب كيان التقرير من الناحية الموضوعية بالنسبة لهذا الشق من الدعوى، وإذ جاء الحكم المطعون فيه رغم ذلك قال بأن الخبير قدر قيمة الأرض والمنازل التي كانت قائمة عليها استهداء للوصول إلى قيمة الريع باعتبار أن الأرض والمباني عنصراه الأساسيان فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق وشابه فساد في الاستدلال.
ولما تقدم بتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً في خصوص ما قضى به من تعويض عن قيمة الأرض محل النزاع والمباني التي كانت مقامة عليها.
ساحة النقاش