التعويض عن الضرر المادي نتيجة وفاة شخص آخر. شرطه. ثبوت أن المتوفى كان يعول طالب التعويض فعلاً على نحو مستمر وأن فرصة الاستمرار كانت محققة.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 31 - صـ 937
جلسة 27 من مارس سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمدي الخولي، يوسف أبو زيد، مصطفى صالح سليم ودرويش عبد المجيد.
(184)
الطعنان رقما 507؛ 1354 لسنة 48 القضائية
(1، 2) دستور. قانون. تقادم. "تقادم مقسط". تعويض.
(1) النصوص التشريعية المحكوم بعدم دستوريتها. عدم نفاذها من تاريخ نشر الحكم بالجريدة الرسمية. القضاء بعدم دستورية النص المانع من التقاضي. بدء سريان تقادم الدعوى من تاريخ نشر الحكم لا من تاريخ صدوره.
(2) دعوى التعويض الناشئة عن وفاة أحد ضباط القوات المسلحة بسبب الخدمة. هي من الدعاوى التي تسرى عليها المادة 117 من القانون 116 لسنة 1964 المانعة من التقاضي والتي قضى بعدم دستوريتها.
(3) تعويض. مسئولية.
التعويض عن الضرر المادي نتيجة وفاة شخص آخر. شرطه. ثبوت أن المتوفى كان يعول طالب التعويض فعلاً على نحو مستمر وأن فرصة الاستمرار كانت محققة.
1 - النص في المادة 178 من الدستور على أنه "ينشر بالجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار، وفي المادة 31 من القانون رقم 66 لسنة 1970 الخاص بإصدار قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا على أنه "تنشر في الجريدة الرسمية قرارات تفسير النصوص القانونية وكذلك منطوق الأحكام الصادرة من المحكمة العليا بالفصل في دستورية القوانين وتكون هذه الأحكام ملزمة لجميع جهات القضاء مفاده أن نشر تلك الأحكام قصد به علم الكافة بها وأن هذا العلم يفترض بمجرد حصول هذا النشر وأنه يترتب على هذه الأحكام عدم نفاذ النصوص التشريعية المحكوم بعدم دستوريتها من تاريخ نشر هذه الأحكام في الجريدة الرسمية وتكون ملزمة لجميع جهات القضاء منذ هذا التاريخ. ولما كان ذلك، وكان الحكم الصادر من المحكمة العليا في الدعوى رقم 3 لسنة 1974 عليا دستورية بعدم دستورية نص المادة 117 من القانون رقم 116 لسنة 1964 - بشأن عدم جواز نظر كافة الجهات القضائية لدعاوى التعويض المشار إليها بالنص - قد نشر في 19/ 5/ 1974 بالعدد 19 من الجريدة الرسمية 1 لسنة 17 فإن دعوى المطعون ضدهما بالتعويض وقد رفعت في 17/ 2/ 1977 قد رفعت قبل اكتمال مدة التقادم الثلاثي وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ويكون لمحكمة النقض - على ما جرت عليه أحكامها - أن تصحيح ما أورده الحكم المطعون فيه من تقرير قانوني خاطئ عندما قرر أن مدة التقادم الثلاثي تبدأ من تاريخ صدور الحكم بعدم دستورية هذا النص.
2 - المادة 69 من القانون 116 لسنة 1964 الخاص بتنظيم المعاشات والمكافآت والتأمين والتعويض لأفراد القوات المسلحة عند الوفاة أو العجز الكلي أو الجزئي بسبب العمليات الحربية قد منحت اللجنة المبين بها تشكيلها حق منح المعاش والتأمين والتعويضات بقرار نهائي لا يجوز الطعن فيه أمام أية جهة قضائية ثم حرمت المادة 117 من هذا القانون على كافة الجهات القضائية النظر في دعوى التعويض الناشئة عن إصابة أو وفاة أحد الأفراد الخاضعين لأحكام هذا القانون عندما تكون الإصابة أو الوفاة قد حدثت بسبب الحرب أو العمليات الحربية أو بسبب إحدى الحالات المنصوص عليها في البندين أ، ب من المادة 31 من هذا القانون فإن قصد المشرع من ذلك هو جعل اختصاص اللجنة المشار إليها قاصراً على منح التعويض في حالة وقوع الضرر في النطاق المحدد الذي رسمه هذا القانون. لما كان ذلك، وكان الثابت مما سجله الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه أن الدعوى المرفوعة من المطعون ضدهما ناشئة عن وفاة مورثها الضابط بالقوات المسلحة والخاضع لأحكام القانون رقم 116 لسنة 1964 بسبب الخدمة ونتيجة حادث وقع من السيارة العسكرية التي كان يركبها والتي كان يقودها أحد جنود القوات المسلحة فإن دعوى المطعون ضدهما تكون ضمن الدعاوى الخاضعة للمنع من التقاضي المنصوص عليه في المادة 117 سالفة الذكر - والتي قضى بعدم دستوريتها - إذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
3 - طلب التعويض عن الضرر المادي نتيجة وفاة شخص آخر - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - مشروط بثبوت أن المتوفى كان يعول طالب التعويض فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار كانت محققة. لما كان ذلك، وكان الثابت منه مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على ما شهد به شاهدي المطعون ضدها الأولى من أن مورثها المجني عليه كان يعولها حال حياته وأن معاشها الشهري عن زوجها لم يكن يكفي نفقاتنا، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أسس ثبوت الضرر وحدد عناصره على أسباب سائغة تكفي لحمله.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن وقائع الطعنين - على ما يبين من الحكمين المطعون فيهما وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقاما الدعوى رقم 1285 سنة 1977 مدني كلي القاهرة على الطاعن (وزير الحربية بصفته) بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع لهما 2000 جنيه تعويضاً لهما عن الضرر المادي والأدبي والموروث الذي لحقهما بسبب وفاة مورثهما المرحوم الملازم أول.... (ابن أولاهما وشقيق ثانيهما)، وقالا بياناً للدعوى أن مورثهما المذكور توفى بتاريخ 16/ 2/ 1972 إثر إصابته في حادث تصادم نتيجة خطأ قائد السيارة العسكرية التي كان يركبها حسبما ظهر من التحقيق العسكري الذي انتهى إلى اعتبار وفاته بسبب الخدمة بقرار نهائي تصدق عليه من رئيس هيئة التنظيم والإدارة بالقوات المسلحة، ولما كانت مسئولية الطاعن وتابعه قائد تلك السيارة عن تعويض الأضرار مقررة بالمواد 162/ 174/ 178 من القانون المدني فقد أقاما الدعوى للحكم بطلباتهما. وبتاريخ 2/ 6/ 1977 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بأن تؤدي للمطعون ضدهما الأولى مبلغ 2000 جنيه عن الضرر المادي والأدبي وللمطعون ضده الثاني مبلغ 500 جنيه عن الضرر الأدبي ومبلغ 500 جنيه عن الضرر المادي الموروث يقسم بينهما حسب الفريضة الشرعية. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 3538 سنة 94 ق طالب الحكم بإلغائه ورفض الدعوى وبتاريخ 7/ 2/ 1978 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة لما قضى به من تعويض عن الضرر الأدبي والموروث وأحالت الدعوى إلى التحقيق بالنسبة للتعويض المحكوم به عن الضرر المادي للمطعون ضدها الأولى لتثبت الأخيرة أن مورثها المذكور كان يعولها حال حياته ومدى الضرر المادي الذي أصابها نتيجة وفاته. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالنسبة للشق الأول منه وقيد هذا الطعن برقم 507 سنة 48 ق وقدمت للنيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض هذا الطعن. وبعد أن سمعت محكمة الاستئناف الشهود قضت بتاريخ 22/ 5/ 1978 بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للتعويض عن الضرر المادي المحكوم به للمطعون ضدها الأولى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقيد هذا الطعن برقم 1354 سنة 48 ق وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض هذا الطعن وأمرت المحكمة بضم الطعن الأخير إلى الطعن الأول ليصدر فيهما حكم واحد.
عن الطعن رقم 507 سنة 48 ق:
وحيث إن هذا الطعن قد أقيم على أسباب ينعى فيها الطاعن بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الصادر في 7/ 2/ 1978 مخالفة الثابت بالأوراق على نحو أدى إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من وجهين، وفي بيان ذلك يقول الطاعن عن الوجه الأول أن الحكم المطعون فيه رفض الدفع بسقوط الحق في إقامة الدعوى بالتقادم الثلاثي استناداً إلى أن المطعون ضدهما أقاما دعواهما في 17/ 2/ 1977 وأن نص المادة 117 من القانون رقم 116 سنة 1964 التي كانت تعتبر مانعاً من التقاضي يوقف به سريان مدة التقادم قد قضى من المحكمة العليا بعدم دستوريته بتاريخ 13/ 4/ 1974 الذي تبدأ منه مدة هذا التقادم في حين أن هذا الحكم صدر بتاريخ 19/ 1/ 1974 على نحو ما أثبت بالعدد رقم 19 من الجريدة الرسمية لسنة 17 الصادر في 9/ 5/ 1974 وقد رتب الحكم المطعون فيه على هذا الخطأ بأن مدة التقادم الثلاثي لم تكتمل بعد في حين أنها اكتملت قبل رفع الدعوى وإذ رفض الحكم المطعون فيه الدفع على هذا الأساس يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وعن الوجه الثاني يقول الطاعن إن مجال تطبيق نص المادة 117 سالف الذكر هو دعاوى التعويض التي تستند إلى أحكام القانون رقم 116 لسنة 1964 دون غيرها من الدعاوى التي تؤسس على القواعد العامة في المسئولية التقصيرية المنصوص عليها في القانون المدني، وإذ قامت دعوى المطعون ضدهما على أساس مسئولية التابع عن خطأ تابعه طبقاً لنص المادة 178 من القانون المدني فإنها لا تكون من الدعاوى الخاضعة لهذا النص الذي جاء مانعاً من التقاضي ويكون الدفع بسقوط الحق في إقامتها بالتقادم الثلاثي طبقاً لنص المادة 172 من القانون المدني قائماً على أساس سليم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بوجهيه مردود، ذلك أنه عن الوجه الأول فإن النص في المادة 178 من الدستور على أنه "ينشر بالجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية وبنظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار، وفي المادة 31 من القانون رقم 66 لسنة 1970 الخاص بإصدار قانون الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا على أنه "تنشر في الجريدة الرسمية قرارات تفسير النصوص القانونية وكذلك منطوق الأحكام الصادرة من المحكمة العليا بالفصل في دستورية القوانين وتكون هذه الأحكام ملزمة لجميع جهات القضاء مفاده أن نشر تلك الأحكام قصد به علم الكافة بها وأن هذا العلم يفترض بمجرد حصول هذا النشر وأنه يترتب على هذه الأحكام عدم نفاذ النصوص التشريعية المحكوم بعدم دستوريتها من تاريخ نشر هذه الأحكام في الجريدة الرسمية وتكون ملزمة لجميع جهات القضاء منذ هذا التاريخ. لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر من المحكمة العليا في الدعوى رقم 3 سنة 1974 عليا دستورية بعدم دستورية نص المادة 117 من القانون رقم 116 سنة 1964 قد نشر في 19/ 5/ 1974 بالعدد 19 من الجريدة الرسمية السنة 17 فإن دعوى المطعون ضدهما وقد رفعت في 17/ 2/ 1977 تكون قد رفعت قبل اكتمال مدة التقادم الثلاثي وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ويكون لمحكمة النقض - على ما جرى عليه أحكامها أن تصحح ما أورده الحكم المطعون فيه من تقرير قانوني خاطئ عندما قرر أن مدة التقادم الثلاثي تبدأ من تاريخ صدور الحكم بعدم دستورية هذا النص وعن الوجه الثاني فإن المادة 69 من القانون رقم 116 سنة 1964 الخاص بتنظيم المعاشات والمكافآت والتأمين والتعويض لأفراد القوات المسلحة عن الوفاة أو العجز الكلي أو الجزئي بسبب العمليات الحربية قد منحت للجنة المبين بها تشكيلها حق منح المعاش والتأمين والتعويضات القرار النهائي لا يجوز الطعن فيه أمام أية جهة قضائية ثم حرمت المادة 113 من هذا القانون على كافة الجهات القضائية النظر في دعوى التعويض الناشئة عن إصابة أو وفاة أحد الأفراد الخاضعين لأحكام هذا القانون عندما تكون الإصابة أو الوفاة قد حدثت بسبب الحرب أو العمليات الحربية أو بسبب إحدى الحالات المنصوص عليها في البندين (أ، ب) من المادة 31 من هذا القانون فإن قصد المشرع من ذلك هو جعل اختصاص اللجنة المشار إليها قاصراً على منح التعويض في حالة وقوع الضرر في النطاق المحدد الذي رسمه هذا القانون. لما كان ذلك، وكان الثابت مما سجله الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه أن الدعوى المرفوعة من المطعون ضدها ناشئة عن وفاة مورثهما الضابط بالقوات المسلحة والخاضع لأحكام القانون رقم 216 سنة 1974 بسبب الخدمة ونتيجة حادث وقع من السيارة العسكرية التي كان يركبها والتي كان يقودها أحد جنود القوات المسلحة فإن دعوى المطعون ضدها تكون ضمن الدعاوى الخاضعة للمنع من التقاضي المنصوص عليه في المادة 117 سالفة الذكر وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن سيارة الجيش التي كان يركبها مورث المطعون ضدهما لم تتدخل في وقوع الحادث الذي تسبب في وفاته وأن وفاته كانت بفعل السيارة النقل التي اصطدمت بتلك السيارة، إلا أن الحكم المطعون فيه أقام مسئولية الطاعن على توافر الخطأ في جانب تابعه حارس السيارة العسكرية واعتبر هذا الخطأ مفترض لا يقبل إثبات العكس ولا يجوز دفعه إلا بإثبات أن الحادث وقع بسبب حادث أجنبي. ولما كان عبء إثبات وقوع الضرر نتيجة فعل سيارة الجيش وتدخل هذا الفعل تدخلاً إيجابياً في حدوثه وأن هذه السيارة كانت في حراسة المسئول وقت وقوع الضرر يقع على المطعون ضدهما اللذين لم يقدما أي دليل على ذلك وكانت أوراق الدعوى خلواً من هذا الدليل وإذ كان الحادث وقع بسبب حادث أجنبي فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى رغم ذلك بالتعويض يكون مشوباً بالقصور والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه لما كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة أقام قضاءه على أن وفاة مورث المطعون ضدها كانت نتيجة خطأ جندي الجيش الذي كان يقود السيارة العسكرية التي كان يركبها المجني عليه المذكور وركنت في ذلك إلى الصورة الرسمية من تحقيق حادث وفاته والصورة الرسمية من قرار رئيس هيئة التنظيم والإدارة الذي يفيد أن تلك الوفاة كانت بسبب الخدمة وأورد هذا الحكم في مدوناته. لما كان ذلك، وكان الثابت من المستندات المقدمة من المدعين - المطعون ضدهما أن وفاة المجني عليه كانت نتيجة اصطدام السيارة رقم 1647 جيش التي يقودها تابع المدعى عليه بصفته (الطاعن) بسيارة أخرى، وكانت الأوراق خلواً من أي سبب أجنبي أدى إلى وقوع الحادث الأمر الذي تتوافر معه المسئولية "كما أورد الحكم المطعون فيه في أسبابه" ومن حيث إن بالنسبة لما أثاره المستأنف (الطاعن) من أن الحادث وقع بسبب خطأ قائد السيارة النقل ومن ثم لا يكون المستأنف مسئولاً عن التعويض فمردود بأنه طبقاً للمادة 178 من القانون المدني يكون الخطأ في جانب الحارس مفترضاً افتراضاً لا يقبل إثبات العكس فلا يجوز إذن للحارس أن ينفي الخطأ نفسه بأن يثبت أنه لم يرتكب خطأ أو أنه قام بما ينبغي من العناية حتى لا يفلت زمام الشيء من يده ولا يبقى أمام الحارس لدفع المسئولية إلا أن ينفي علاقة السببية بين فعل الشيء والضرر الذي وقع وهو لا يستطيع نفي علاقة السببية هذه إلا إذا أثبت أن وقع الضرر كان بسبب أجنبي أو قوة قاهرة أو حادث مفاجئ أو خطأ المصاب أو الغير وهذا ما تنص عليه صراحة المادة 178 إذ تقول ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لابد له ومفاده ذلك أن الحارس هو الذي عليه إثبات أن الضرر كان بسبب أجنبي وهذا ما لم يحدث إذ كل ما ساقه في هذا الخصوص مجرد أقوال لم يقم عليها دليل "وكان في هذا الذي جاء بأسباب الحكمين سالف الذكر ما يكفي لثبوت المسئولية وفقاً لحكم المادة 178 من القانون المدني الخاص بمسئوليته حارس الأشياء إذ ركنا في إثبات هذه المسئولية إلى الأوراق الرسمية المقدمة والتحقيق العسكري كما انتهيا إلى انتفاء السبب الأجنبي الذي لم يتمكن المسئول عن إثباته ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لا يكون مشوباً بالقصور هذا بالإضافة إلى أن قول الطاعن أن الأوراق جاءت خالية من دليل على أن السيارة العسكرية هي سبب الحادث وأنها كانت في جرار تابعة دون أن يقدم الصورة الرسمية للتحقيق العسكري الذي استخلص منه الحكم المطعون فيه ثبوت تلك المسئولية فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال يكون عارياً عن الدليل ومن ثم يكون هذا النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول أن المطعون ضدهما عوضاً عن وفاة مورثهما فقد صرفت لهما إدارة التأمين والمعاشات بالقوات المسلحة المبالغ المستحقة لها كتأمين وتأمين إضافي وادخار ومنحة عاجلة ومعاش استثنائي طبقاً لأحكام القانون رقم 116 سنة 1964 وأن في ذلك جبر لما أصاب المطعون ضدهما من ضرر إلا أن الحكم المطعون فيه رد على ذلك بقوله أن ما صرف للمطعون ضدها كان مقابل ما يستقطع من مرتب المجني عليه من اشتراكات ولا شأن له بالتعويض المطالب به وإذ قضى الحكم المطعون فيه بالتعويض للمطعون ضدها فإنه يكون قد مكنهما من الجمع بين تعويضين عن ضرر واحد وهو ما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الطاعن لم يقدم ما يدل على سبق حصول المطعون ضدها على التعويض من اللجنة المشار إليها بالمادة 69 من القانون رقم 116 سنة 1964 فإن هذا النعي يكون عارياً عن الدليل.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
وعن الطعن رقم 1354 سنة 48 ق:
وحيث إن الطاعن أقام هذا الطعن على أربعة أسباب جاءت الثلاثة الأول منها مماثلة تماماً لأسباب الطعن رقم 507 سنة 48 ق والتي انتهت منها المحكمة إلى أنها على غير أساس على نحو ما سلف بيانه في الرد عليها في ذلك الطعن.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم الصادر في 7/ 2/ 1978 - انتهى في أسبابه إلى أن شرط التعويض عن الضرر المادي أن يكون طالب التعويض خفيراً ويستحق الشفعة وأن المجني عليه كان يعوله قبل وفاته وقد ثبت من أقوال شاهدي المطعون ضدها الأول أنها كانت تحصل على معاش شهري عن زوجها قدره 12 جنيه وأن نجلها المطعون ضده الثاني يعمل محاسباً وهو من تجب عليه نفقتها كما أنها استحقت عن ابنها المجني عليه معاشاً شهرياً قدره 31 جنيه بالإضافة إلى مبالغ التأمين والادخار التي صرفتها ومن ثم فإنه لا يتصور وقوع ضرر مادي لها نتيجة وفاة ابنها المذكور.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه طلب التعويض عن الضرر المادي نتيجة وفاة شخص آخر - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة مشروط بثبوت أن المتوفى كان يعول طالب التعويض فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار كانت محققة لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على ما شهد به شاهدي المطعون ضدها الأولى من أن مورثها المجني عليه كان يعولها حال حياته وأن معاشها الشهري عن زوجها لم يكن يكفي نفقاتها، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أسس ثبوت الضرر وحدد عناصره على أسباب سائغة تكفي لحمله ويكون النعي عليه بالقصور والفساد في الاستدلال ومخالفة القانون في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ساحة النقاش