حق العامل في التعويض عن إصابة العمل قبل هيئة التأمينات الاجتماعية. حقه في التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار. جواز الجمع بين الحقين.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 32 - صـ 170
جلسة 11 من يناير سنة 1981
برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة محمد فاضل المرجوشي، وعضوية السادة المستشارين: أحمد شوقي المليجي، عبد الرشيد نوفل، عبد العزيز فوده، محمود صدقي خليل.
(34)
الطعن رقم 573 لسنة 45 القضائية
(1 - 4) تأمينات اجتماعية "إصابة العمل". تعويض. مسئولية "المسئولية التقصيرية".
(1) تنفيذ التزام مؤسسة التأمينات الاجتماعية بشأن تأمين إصابة العمل. ق 92 لسنة 1959. لا يخل بحق العامل أو ورثته قبل الشخص المسئول عن الإصابة.
(2) مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه. جواز رجوع المضرور على صاحب العمل استناداً إلى هذه المسئولية. لا محل لإعمال حكم المادة 47 من القانون رقم 92 لسنة 1959 بشأن وجوب توافر الخطأ الجسيم في جانب رب العمل. مجال إعماله. حال بحث مسئوليته الذاتية.
(3) حق العامل في التعويض عن إصابة العمل قبل هيئة التأمينات الاجتماعية. حقه في التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار. جواز الجمع بين الحقين.
(4) مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه. كفاية ثبوت خطأ التابع ولو تعذر تعيينه من بين تابعيه.
1 - تنص المادة 46 من القانون رقم 92 لسنة 1959 بشأن التأمينات الاجتماعية - المنطبقة على واقعة الدعوى - على أن تلتزم المؤسسة بتنفيذ أحكام هذا الفصل حتى ولو كانت الإصابة تقتضي مسئولية شخص آخر خلاف صاحب العمل وتحل المؤسسة قانوناً محل المؤمن عليه قبل ذلك الشخص المسئول بما تكلفته مما مقتضاه أن تنفيذ مؤسسة التأمينات الاجتماعية لالتزامها المنصوص عليه في الفصل الأول بشأن تأمين إصابات العمل لا يخل بما يكون للمؤمن له العامل أو ورثته من حق قبل الشخص المسئول.
2 - إذ كانت المادة 174 - 1 من القانون المدني قد نصت عن أن المتبوع يكون مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه حال تأدية وظيفته أو بسببها، وكانت مسئولية المتبوع عن تابعه ليست مسئولية ذاتية، إنما هي في حكم مسئولية الكفيل المتضامن وكفالته ليس مصدرها العقد وإنما مصدرها القانون، فإنه لا جدوى من التحدي في هذه الحالة بنص المادة 47 من القانون رقم 92 لسنة 1959 التي لا تجيز للمصاب فيما يتعلق بإصابات العمل أن يتمسك قبل المؤسسة بأحكام أي قانون آخر ولا تجيز له ذلك أيضاً بالنسبة لصاحب العمل إلا إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ جسيم من جانبه, ذلك أن مجال تطبيق هذه المادة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو عند بحث مسئولية رب العمل الذاتية.
3 - إذا كان العامل يتقاضى حقه في التعويض عن إصابة العمل من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية في مقابل الاشتراكات التي شارك هو ورب العمل في دفعها بينما يتقاضى حقه في التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار بسبب الخطأ الذي ارتكبه المسئول فليس ثمة ما يمنع من الجمع بين الحقين.
4 - يكفي في مساءلة المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة أن يثبت أن الحادث قد نتج عن خطأ التابع ولو تعذر تعينه من بين تابعيه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر, والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر أقامت الدعوى رقم 925 لسنة 963 مدني كل القاهرة - على الطاعنة - شركة النصر للغزل والنسيج (شركة المغازل الذهبية سابقاً ومن قبل الغزال المصري) بطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع لها بصفتها مبلغ 2000 جنيه، وقالت بياناً لذلك إن مورثها المرحوم..... التحق بالعمل لدى الطاعنة بموجب عقد عمل تاريخه 3 من ديسمبر سنة 1959. وبتاريخ 19 من يونيه سنة 1960 اعتدى عليه عاملان بالمصنع بالضرب مما أفضى إلى وفاته أثناء وبسبب تأديته عمله، وإذ يحق لها مساءلة الشركة الطاعنة عن الضرر الذي أحدثه تابعاها بعملهما غير المشروع عملاً بالمادة 174 من القانون المدني، فقد أقامت الدعوى بطلباتها آنفة البيان. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات عناصرها بالبينة، ثم حكمت في 8 من ديسمبر سنة 1964 للمطعون ضدها بالمبلغ المطلوب. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافها برقم 212 لسنة 82 ق، وبتاريخ 22 من مارس سنة 1975 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 7 من ديسمبر سنة 1980 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الالتزام يجبر الضرر الذي أصاب المطعون ضدها من جراء وفاة مورثها أثناء العمل أو بسببه إنما يقع على كاهل مؤسسة التأمينات الاجتماعية دون غيرها، طبقاً للقانون رقم 92 لسنة 1959 بشأن التأمينات الاجتماعية، وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتعويض على أساس مسئولية الطاعنة عن أعمال تابعيها وفقاً للمادة 174 من القانون المدني، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله؛ ذلك لأنه لما كانت المادة 46 من القانون رقم 92 لسنة 1959 بشأن التأمينات الاجتماعية - المنطبقة على واقعة الدعوى - تنص على أن تلتزم المؤسسة بتنفيذ أحكام هذا الفصل حتى ولو كانت الإصابة تقتضي مسئولية شخص آخر خلاف صاحب العمل وتحل المؤسسة قانوناً محل المؤمن عليه قبل ذلك الشخص المسئول بما تكلفته مما مقتضاه أن تنفيذ مؤسسة التأمينات الاجتماعية لالتزامها المنصوص عليه في الفصل الأول بشأن تأمين إصابات العمل لا يخل بما يكون للمؤمن له العامل أو ورثته من حق قبل الشخص المسئول، ولما كانت المادة 174 - 1 من القانون المدني قد نصت عن أن المتبوع يكون مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه حال تأدية وظيفته أو بسببها، وكانت مسئولية المتبوع عن تابعه ليست مسئولية ذاتية، وإنما هي في حكم مسئولية الكفيل المتضامن وكفالته ليس مصدرها العقد وإنما مصدرها القانون، فإنه لا جدوى من التحدي في هذه الحالة بنص المادة 47 من القانون رقم 92 لسنة 1959 التي لا تجيز للمصاب فيما يتعلق بإصابات العمل أن يتمسك قبل المؤسسة بأحكام أي قانون آخر ولا تجيز له ذلك أيضاً بالنسبة لصاحب العمل إلا إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ جسيم من جانبه, ذلك أن مجال تطبيق هذه المادة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو عند بحث مسئولية رب العمل الذاتية، ولما كان العامل يقتضي حقه في التعويض عن إصابة العمل من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية في مقابل الاشتراكات التي شارك هو ورب العمل في دفعها بينما يتقاضى حقه في التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار بسبب الخطأ الذي ارتكبه المسئول فليس ثمة ما يمنع من الجمع بين الحقين، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنه لما كانت محكمة الجنايات قد قضت ببراءة العاملين المتهمين بالاعتداء على مورث المطعون ضدها فإن محدث الإصابة يكون مجهولاً، ولا تكون ثمة مسئولية على الشركة الطاعنة، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بمساءلتها عن التعويض على أساس أن مجهولاً من عمالها هو الذي ارتكب الخطأ الذي أحدث الضرر بما يستوجب مساءلتها عنه باعتبارها متبوعاً له فإنه، يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله؛ ذلك لأنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بمسئولية الطاعنة عن التعويض على ما استخلصه من تحقيقات حادث الاعتداء على مورث المطعون ضدها وما أجرته المحكمة من تحقيقات من أن مجهولاً من بين عمال الشركة الطاعنة هو الذي تسبب بخطئه فيما أصاب المطعون ضدها من ضرر بضرب مورثها ضرباً أفضى إلى موته، وكان يكفي في مساءلة المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة أن يثبت أن الحادث قد نتج عن خطأ التابع ولو تعذر تعيينه من بين تابعيه، وكانت الطاعنة لا تجادل في أن أحد تابعيها هو الذي تسبب بخطئه في وفاة مورث المطعون ضدها، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم، فإنه يتعين رفض الطعن.
ساحة النقاش