سقوط دعوى التعويض بالتقادم. م 172 مدني. بدء سريان التقادم من تاريخ العلم الحقيقي بوقوع الضرر والمسئول عنه. انتفاء التلازم بين هذا العلم وبين تاريخ وقوع الجريمة وصدور الحكم فيها. استخلاص العلم من سلطة محكمة الموضوع.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 32 - صـ 845
جلسة 17 من مارس سنة 1981
برئاسة السيد المستشار/ محمود عثمان درويش... نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فوده، منير عبد المجيد، محمد إبراهيم خليل. أحمد شلبي.
(155)
الطعن رقم 1494 لسنة 49 القضائية
(1) تقادم "تقادم مسقط". تعويض. مسئولية. محكمة الموضوع. "مسائل الواقع".
سقوط دعوى التعويض بالتقادم. م 172 مدني. بدء سريان التقادم من تاريخ العلم الحقيقي بوقوع الضرر والمسئول عنه. انتفاء التلازم بين هذا العلم وبين تاريخ وقوع الجريمة وصدور الحكم فيها. استخلاص العلم من سلطة محكمة الموضوع.
(2) تعويض "التعويض عن الضرر المادي". حكم "ما يعد قصوراً".
التعويض عن الضرر المادي. مناطه. ثبوت أن المجني عليه وقت وفاته كان يعول المضرور فعلاً على نحو مستمر ودائم. إغفال الحكم استظهار مصدر الإعالة. قصور.
1 - المراد بالعلم في نص الفقرة الأولى من المادة 172 من القانون المدني لبدء سريان التقادم الثلاثي لدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم هذا العلم ينطوي على تنازل المضرور عن الحق التعويض الذي فرضه القانون على الملتزم دون إرادته مما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التقادم، ولا وجه لافتراض هذا التنازل من جانب المضرور وترتيب حكم السقوط في حالة العلم الظني الذي لا يحيط بوقوع الضرر أو بشخص المسئول عنه. وإذ كان استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه هو من المسائل المتعلقة بالواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع متى كان تحصيلها سائغاً وكان ولا وجه للتلازم الحتمي بين تاريخ وقوع الضرر وصدور حكم جنائي ضد الشخص المسئول عنه وبين علم المضرور بحدوث الضرر وبهذا الشخص المسئول عنه، وكانت محكمة الموضوع قد خلصت في حدود سلطتها التقديرية من وقائع. الدعوى وملابساتها إلى عدم توافر هذا العلم لدى المطعون عليها الأولى قبل مضي ثلاث سنوات سابقة على رفع الدعوى، وأقام الحكم قضاءه على أسباب تكفي لحمله، ومن ثم كان ما يثيره الطاعن - من عدم إشارة الحكم إلى تاريخ وقوع الحادث أو تاريخ الحكم الجنائي أو تاريخ بدء التقادم الثلاثي وبعدم قبول انتفاء علم المطعون عليها بالضرر وبالمسئول عنه أو بصدور الحكم الجنائي والتصديق عليه إلى ما قبل ثلاث سنوات سابقة على إقامة الدعوى، مما كان عليها عبء إثباته - لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة، وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور، وأن يكون الضرر محققاً بأن يكون قد وقع بالفعل أو يكون وقوعه في المستقبل حتمياً، والعبرة في تحقق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة آخر هو ثبوت أن المجني عليه كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم، وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة وعندئذ يقرر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائله ويقضي له بالتعويض على هذا الأساس. أما مجرد احتمال وقوع الضرر في المستقبل فلا يكفي للحكم بالتعويض، لما كان ذلك، وكانت الحكم المطعون فيه قد اعتد في تقدير التعويض المحكوم به للمطعون عليها الأولى على ما أصابها من ضرر مادي على القول بأنها كانت تعتمد في معيشتها على ابنها المجني عليه دون أن يبين المصدر الذي استقى منه ذلك، ودون أن يستظهر ما إذا كان المجني عليه سالف الذكر قبل وفاته كان يعول فعلاً والدته على وجه مستمر ودائم، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه القصور في التسبيب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر - والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 782 سنة 1975 مدني أسيوط الابتدائية ضد الطاعن والمطعون عليه الثاني بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لها مبلغ 3000 ج، وقالت شرحاً للدعوى أن ابنها....... "كان مجنداً وتوفى أثر إصابته بمقذوف ناري انطلق من مسدس كان يحمله جندي آخر هو المطعون عليه الثاني في غير الأوقات التي يجوز له فيها حمل السلاح، وحكم بإدانته في جنحة عسكرية وهو تابع للطاعن، ولما كان المتبوع في هذه الحالة يسأل عن تعويض الضرر الذي أصابها نتيجة خطأ تابعه فقد أقامت الدعوى بطلباتها سالفة البيان، دفع الطاعن بسقوط الدعوى بالتقادم طبقاً للمادة 172 من القانون المدني، وبتاريخ 29 - 11 - 1976 حكمت المحكمة برفض الدعوى, استأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 23 سنة 52 ق مدني أسيوط وبتاريخ 9 - 5 - 1979 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن والمطعون عليه الثاني متضامنين بأن يدفعا للمطعون عليها الأولى مبلغ ألف جنيه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن هذا الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أنه أقام قضاءه برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي على أن الأوراق خالية من الدليل على أن المطعون عليها كانت تعلم بالضرر وبالشخص المسئول عنه قبل مضي ثلاث سنوات سابقة على رفع الدعوى، دون أن يشير في أسبابه إلى تاريخ وقوع الحادث أو تاريخ الحكم الجنائي أو تاريخ بدء التقادم الثلاثي، ولما كان قتل ابن المطعون عليها الأولى قد حدث في 1 - 1 لسنة 1970 فلا يقبل القول بأنها لم تعلم بذلك حتى 5 - 4 - 1972. كما أن الحكم الصادر في الجنحة العسكرية آنفة الذكر بتاريخ 31 - 3 - 1970 والذي تصدق عليه بتاريخ 24 - 4 - 1970 له حجية مطلقة فيما انتهى إليه من تحديد شخص الجاني وإدانته، وإن جاز أن للمطعون عليها أن تنفي علمها بهذه الواقعة فإن عليها عبء الإثبات، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي - مردود ذلك أن المادة 172 من القانون المدني إذ تجري عبارة الفقرة الأولى منها بأن "تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر, وبالشخص المسئول عنه......." "فإن المراد بالعلم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لبدء سريان التقادم الثلاثي في هذه الحالة هو العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم هذا العلم ينطوي على تنازل المضرور عن الحق التعويض الذي فرضه القانون على الملتزم دون إرادته مما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التقادم، ولا وجه لافتراض هذا التنازل من جانب المضرور وترتب حكم السقوط في حالة العلم الظني الذي لا يحيط بوقوع الضرر أو بشخص المسئول عنه, لما كان ذلك, وكان استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه هو من المسائل المتعلقة بالواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع متى كان تحصيلها سائغاً, وكان لا وجه للتلازم الحتمي بين تاريخ وقوع الضرر وصدور حكم جنائي ضد الشخص المسئول عنه وبين علم المضرور بحدوث الضرر وبهذا الشخص المسئول عنه وكانت محكمة الموضوع قد خلصت في حدود سلطتها التقديرية من وقائع الدعوى وملابساتها إلى عدم توافر هذا العلم لدى المطعون عليها الأولى قبل مضي ثلاث سنوات سابقة على رفع الدعوى وأقام الحكم المطعون فيه قضاءه في هذا الشأن على أسباب تكفي لحمله ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا السبب لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب ذلك أنه فضلاً عن قضائه بالتعويض للمطعون عليها الأولى على أساس الضرر الأدبي الذي أصابها لحرمانها من ابنها المجني عليه قضى لها بالتعويض عن الضرر المادي على أساس أنها كانت تعتمد في معيشتها على ابنها المذكور دون أن يعرض الحكم للدليل على ذلك من خلو أوراق الدعوى من هذا الدليل مما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور، وأن يكون الضرر محققاً بأن يكون قد وقع بالفعل أو يكون وقوعه في المستقبل حتمياً والعبرة في تحقق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة آخر هو ثبوت أن المجني عليه كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم، وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة وعندئذ يقرر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائله ويقضي له بالتعويض على هذا الأساس, أما مجرد احتمال وقوع الضرر في المستقبل فلا يكفي للحكم بالتعويض، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتد في تقدير التعويض المحكوم به للمطعون عليها الأولى على ما أصابها من ضرر مادي على القول بأنها كانت تعتمد في معيشتها على ابنها المجني عليه دون أن يبين المصدر الذي استقى منه ذلك، ودون أن يستظهر ما إذا كان المجني عليه سالف الذكر قبل وفاته كان يعول فعلاً والدته المطعون عليها الأولى على وجه دائم ومستمر، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعاره القصور في التسبيب مما يستوجب نقضه لهذا السبب.
ساحة النقاش