مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة غير المشروعة. ماهيتها. اعتبار المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون لا العقد. للمتبوع حق الرجوع على التابع بما أوفاه من تعويض للمضرور.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 2031
جلسة 12 من نوفمبر سنة 1981
برئاسة السيد المستشار/ عاصم المراغي وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد، ومصطفى صالح سليم، علي عمرو وعزت حنوره.
(368)
الطعن رقم 924 لسنة 45 القضائية
(1) مسئولية "مسئولية المتبوع". كفالة. تعويض. تقادم. دعوى.
مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة غير المشروعة. ماهيتها. اعتبار المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون لا العقد. للمتبوع حق الرجوع على التابع بما أوفاه من تعويض للمضرور.
(2) تضامن. مسئولية "مسئولية المتبوع". تعويض.
تضامن المسئولين عن الفعل الضار في الالتزام بتعويض الضرر. م 169 مدني. شرطه. المتبوع الذي لم يرتكب خطأ شخصياً - لا يعتبر أصلاً مديناً متضامناً مع التابع.
(3) تجزئة. تضامن.
الالتزام بالتضامن في معني الفقرة الثانية من المادة 218 مرافعات. ماهيته. عدم الحكم بالتضامن. أثره. عدم تحقق الاستثناء المقرر في الفقرة المذكورة. وجوب إعمال القاعدة المقررة في الفقرة الأولى من تلك المادة.
(4) تعويض. دعوى "الخصوم فيها". مسئولية "مسئولية المتبوع".
دعوى التعويض عن العمل غير المشروع. عدم وجوب اختصام التابع والمتبوع معاً فيها. إدخال المتبوع للتابع أمام محكمة أول درجة. عدم وجوب إدخال المضرور له أمام محكمة الاستئناف.
1 - يدل النص في المادتين 174/ 1 و175 من القانون المدني - وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - على أن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور تقوم على فكرة الضمان القانوني، فالمتبوع يعتبر في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد، ومن ثم فإن للمضرور أن يرجع مباشرة على المتبوع بتعويض الضرر الناشئ عن أعمال تابعه غير المشروعة دون حاجة لإدخال التابع في الدعوى ولا تلتزم المحكمة في هذه الحالة بتنبيه المتبوع إلى حقه في إدخال تابعه، وللمتبوع الحق في الرجوع على تابعه محدث الضرر بما يفي به من التعويض للمضرور لا على أساس أنه مسئول معه بل لأنه مسئول عنه فهو إن عد في حكم الكفيل المتضامن لا يعتبر مديناً متضامناً مع التابع.
2 - الحكم الذي تقرره المادة 169 من القانون المدني من أنه إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر... لا يرد إلا عند تحديد مسئولية كل شخص من محدثي الضرر المتضامنين وذلك فيما بين مرتكبي الفعل الضار أنفسهم، وما دام المتبوع لم يرتكب خطأ شخصياً فإن مسئوليته بالنسبة لما اقترفته تابعه هي مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه ولا يعتبر بالنسبة لهذا التابع مديناً متضامناً أصلاً.
3 - الالتزام بالتضامن في حكم الفقرة الثانية من المادة 218 من قانون المرافعات يقصد به التضامن بين المدينين، كما أن العبرة بالحكم فعلاً بالتضامن أما إذا كان المدعي قد طلب الحكم به ولم تستجب المحكمة له فلا يتحقق موجب الاستثناء المقرر في الفقرة المشار إليها كما لا يجوز القياس، وتبقى القاعدة المقننة في الفقرة الأولى من تلك المادة من أنه إذا تعدد المحكوم لهم أو المحكوم عليهم جاز رفع الطعن من أو ضد البعض دون حاجة إلى إدخال الآخرين ولا يفيد من الطعن إلا من رفعه ويعتبر الآخرون غير خصوم في الطعن ولا يجوز إدخالهم بعد مضي ميعاد الطعن ولا يجوز الاحتجاج منهم أو ضدهم بالحكم الصادر في الطعن.
4 - إذ كان الطاعن بصفته ليس مدنياً متضامناً مع تابعه، وكان الحكم الابتدائي قد قضى بسقوط الدعوى بالتقادم، كما أن واقعة النزاع ليست من ضمن حالات عدم القابلية للتجزئة المنصوص عليها قانوناً، ولم يوجب القانون اختصام التابع والمتبوع معاً في دعوى التعويض عن العمل غير المشروع فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إذا التفت عن إدخال التابع المدخل أمام محكمة أول درجة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهن أقمن الدعوى رقم 6997 سنة 71 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الطاعن بصفته بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لأولادهن 2000 جنيه عن نفسها و2000 جنيه للقاصرين المشمولين بوصايتها ولكل من الثانية والثالثة 1000، وقلن بياناً للدعوى أن تابع المذكور تسبب بخطئه في قتل مورثهن المرحوم...... بأن صدمه بسيارة كان يقودها مملوكة للطاعن وأنه ضبطت عن هذه الواقعة قضية الجنحة رقم 7841 سنة 65 مصر الجديدة وقد قضى فيها بإدانة السائق وتأيد الحكم استئنافياً بتاريخ 4 - 12 - 66 وأثناء سير الدعوى أدخل الطاعن تابعه خصماً للحكم عليه بما عسى أن يحكم به ضده ودفع بسقوط الدعوى بالتقادم، وبتاريخ 29 - 3 - 73 قضت المحكمة بالتقادم، استأنفت المطعون ضدهن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة - بالاستئناف رقم 3696 سنة 90 ق وبتاريخ 29 - 5 - 1975 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدفع وبإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للمطعون ضدهن مبلغ ألف جنيه، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المذكور صدر دون اختصام التابع الذي كان قد اختصمه أمام محكمة أول درجة موجهاً إليه دعوى الضمان وكان من الواجب اختصامه أمام محكمة الاستئناف طبقاً لصريح المادة 218/ 2 من قانون المرافعات ولو بعد فوات ميعاد الطعن بالنسبة له وهو ما أثاره بمذكرة دفاعه المقدمة إليها إلا أن الحكم المطعون فيه أطرحه بمقولة أن الطاعن قد تراخى في اختصامه وأن دعوى الضمان يجب ألا تؤخر الفصل في الدعوى الأصلية ومن ثم يكون الحكم قد خالف القانون الذي يوجب اختصام التابع في هذه الحالة باعتباره أحد المحكوم لهم ويترتب على عدم اختصامه بطلان الحكم المذكور لابتنائه على إجراء باطل مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المشرع إذ نص في المادة 174/ 1 من القانون المدني على أن يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه في حالة تأدية وظيفته أو بسببها ونص في المادة 175 من القانون المشار إليه على أن "للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسئولاً عن تعويض الضرر" فقد دل - وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - على أن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور تقوم على فكرة الضمان القانوني فالمتبوع يعتبر في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد، ومن ثم فإن للمضرور أن يرجع مباشرة على المتبوع بتعويض الضرر الناشئ عن أعمال تابعه غير المشروعة دون حاجة لإدخال التابع في الدعوى ولا تلتزم المحكمة في هذه الحالة بتنبيه المتبوع إلى حقه في إدخال تابعه، وللمتبوع الحق في الرجوع على تابعه محدث الضرر بما يفي به من التعويض للمضرور لا على أساس أنه مسئول معه بل لأنه مسئول عنه فهو إن عد في حكم الكفيل المتضامن لا يعتبر مديناً متضامناً مع التابع والحكم الذي تقرره المادة 169 من القانون المدني من أنه "إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر" لا يرد إلا عند تحديد مسئولية كل شخص من محدثي الضرر المتضامنين وذلك فيما بين مرتكبي الفعل الضار أنفسهم، وما دام المتبوع لم يرتكب خطأ فإن مسئوليته بالنسبة لما اقترفه تابعه هي مسئولية المتبوع عن عمل تابعه ولا يعتبر بالنسبة لهذا التابع مديناً متضامناً أصلاً. لما كان ذلك - وكان الالتزام بالتضامن في حكم الفقرة الثانية من المادة 218 من قانون المرافعات يقصد به التضامن بين المدينين، كما أن العبرة بالحكم فعلاً بالتضامن أما إذا كان المدعي قد طلب الحكم به ولم تستجب المحكمة فلا يتحقق موجب الاستثناء المقرر في الفقرة المشار إليها كما لا يجوز القياس وتبقى القاعدة المقننة في الفقرة الأولى من تلك المادة من أنه إذا تعدد المحكوم لهم أو المحكوم عليهم جاز رفع الطعن من أو ضد البعض دون ما حاجة إلى إدخال الآخرين ولا يفيد من الطعن إلا من رفعه ويعتبر الآخرون غير خصوم في الطعن ولا يجوز إدخالهم بعد مضي ميعاد الطعن ولا يجوز الاحتجاج منهم أو ضدهم بالحكم الصادر في الطعن، لما كان ذلك كذلك - وكان الطاعن بصفته ليس مديناً متضامناً مع تابعه، وكان الحكم الابتدائي قد قضى بسقوط الدعوى بالتقادم، كما إن واقعة النزاع ليست من ضمن حالات عدم القابلية للتجزئة المنصوص عليها قانوناً ولم يوجب القانون اختصام التابع والمتبوع معاً في دعوى التعويض عن العمل غير المشروع فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إذ التفت عن إدخال التابع المدخل أمام محكمة أول درجة ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم على أساس أن الحكم الجنائي النهائي بإدانة التابع صدر في 4 - 12 - 1966 ورفعت الدعوى بالتعويض في 26/ 6/ 1969 أي قبل مضي أكثر من مدة الثلاث سنوات اللازمة للقضاء بالسقوط بينما المقرر أن بدء سريان التقادم يكون من اليوم الذي علم فيه المضرور بالضرر وبالشخص المسئول عنه وإذ لم يمحص الحكم هذا الأمر واستدل على بدء سريان التقادم من يوم صدور الحكم الجنائي النهائي فإنه يكون معيباً بالقصور فضلاً عن الفساد في الاستدلال، هذا إلى أنه ليس سديداً ما قد يقال من أن التقادم يوقف طوال المدة التي قامت فيها المحاكمة الجنائية ذلك لأن المانع القانوني الذي يترتب عليه وقف التقادم هو المانع الذي يستحيل معه على الدائن أن يطالب بحقه وليس هناك ما يحول دون المضرور ومطالبة المسئول بالتعويض أمام المحكمة الجنائية.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المراد بالعلم لبدء سريان التقادم الثلاثي المقرر بنص المادة 172 من القانون المدني - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وهو العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر وشخص المسئول عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم هذا العلم ينطوي على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على الملتزم دون إرادته مما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التقادم ولا وجه لافتراض هذا التنازل من جانب المضرور وترتيب حكم السقوط في حالة العلم الظني الذي لا يحيط بوقوع الضرر أو بشخص المسئول عنه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وخلص إلى أن بدء سريان التقادم يكون من تاريخ صدور الحكم الجنائي النهائي بالإدانة في 4 - 12 - 1966 - وهو اليوم الذي علم فيه المطعون ضدهن يقيناً بالضرر وبشخص المسئول عنه - فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ساحة النقاش