وقف دعوى التعويض حتى يصبح الحكم الجنائي نهائياً. إقامة المدعي دعوى أخرى بالتعويض بصحيفة جديدة دون الإشارة فيها إلى الدعوى الأولى. القضاء باعتبارها دعوى جديدة وليست تجديد للدعوى الأولى. صحيح.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 2111
جلسة 26 من نوفمبر سنة 1981
برئاسة السيد/ المستشار حافظ رفقي - نائب رئيس المحكمة، والسادة المستشارين: عاصم المراغي، يوسف أبو زيد، مصطفى صالح سليم وعلي عمر.
(384)
الطعن رقم 1399 لسنة 47 القضائية
(1) استئناف.
الأثر الناقل للاستئناف. ماهيته.
(2) تعويض. تقادم. دعوى.
وقف دعوى التعويض حتى يصبح الحكم الجنائي نهائياً. إقامة المدعي دعوى أخرى بالتعويض بصحيفة جديدة دون الإشارة فيها إلى الدعوى الأولى. القضاء باعتبارها دعوى جديدة وليست تجديد للدعوى الأولى. صحيح.
(3) دعوى "الدعوى الجنائية". تقادم.
الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم. لا يتأتى إلا عند الطعن على الحكم الجنائي بطرق الطعن المقررة قانوناً صيرورة الحكم نهائياً لفوات مواعيد الطعن فيه. أثره. لا مجال للدفع بسقوطها بالتقادم.
(4) دعوى. تقادم. تعويض.
تقادم دعوى التعويض أمام المحكمة المدنية، وقفه طوال مدة المحاكمة الجنائية. صيرورة الحكم الجنائي نهائياً. أثره. زوال سبب الوقف.
(5) مسئولية "مسئولية تقصيرية". تعويض. تقادم.
استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه. واقع يستقل به قاضي الموضوع. التقادم المنصوص عليه في المادة 172 مدني. بدء سريانه من تاريخ العلم الحقيقي للمضرور بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه.
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع النزاع في حدود طلبات المستأنف إلى محكمة الدرجة الثانية وإعادة طرحه عليها بكل ما اشتمل عليه من أدلة ودفوع وأوجه دفاع لتقول كلمتها فيه بقضاء مسبب يواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية على السواء.
2 - إذ كان الثابت من مدونات الحكم أن المطعون ضده الأول بعد أن رفع الدعوى رقم...... مدني كلي الإسكندرية وقضى فيها بجلسة 6 - 3 - 1973 بوقفها حتى يصبح الحكم الجنائي نهائياً أقام الدعوى رقم...... مدني كلي الإسكندرية بصحيفة جديدة لم يشر فيها إلى الدعوى الأولى وبقرار معافاة مستقل، فإنها وإن اتفقت مع الدعوى السابقة في موضوعها - وهو تعويض رافعها عن قتل ابنته بخطأ الطاعنة الثانية - التي قضى بإدانتها عنه، إلا أنه أدخل في الدعوى الأخيرة خصمين آخرين هما الطاعن الأول والمطعون ضدها الثانية وطالب بتعويض يخالف في مقداره التعويض السابق طلبه في الدعوى الأولى ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو أنزل على الدعوى الأخيرة الوصف القانوني الصحيح بأنها دعوى جديدة وليست تجديداً للدعوى الأولى الموقوفة ونهج في ذلك نهجاً مغايراً لقضاء الحكم المستأنف بما لمحكمة الاستئناف من سلطة مراقبة الحكم المذكور من حيث سلامة التطبيق القانوني لواقعة النزاع المطروحة عليها نتيجة لرفع الاستئناف وفهم الواقع في الدعوى وإعطائها تكييفها القانوني الصحيح، وإذ لم يرتب الحكم المطعون فيه أثراً على رفع الدعوى الأولى بالنسبة لقطع التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني في دعوى التعويض الثانية وبالتالي فلم ير محلاً للفصل في دفاع الطاعنين - أمام محكمة الاستئناف - بانقضاء الخصومة في الدعوى الأولى بمضي المدة إعمالاً للمادة 140 من قانون المرافعات فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.
3 - مفاد النص في المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية أن تعييب الأحكام لا يكون إلا عن طريق الطعن فيها بالطرق المقررة في القانون وإذا توفر سبيل الطعن وضيعه صاحب الشأن فلا يلومن إلا نفسه ويعتبر الحكم عنواناً للحقيقة وحجة على الكافة ولذا فإن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم وإن كان من النظام العام ويجوز إثارته في أية حالة كانت عليها الدعوى وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها إلا أن ذلك لا يتأتى إلا عند الطعن على الحكم الجنائي بطرق الطعن المقررة قانوناً فإذا أصبح الحكم الجنائي نهائياً لفوات مواعيد الطعن فيه فإن الدعوى الجنائية تكون قد انقضت ولا يبقى إلا تنفيذ العقوبة المحكوم بها أو سقوطها بالتقادم وبالتالي فلا يكون هناك مجال للدفع بسقوط الدعوى الجنائية المنصوص عليه في المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية.
4 - مفاد النص في المادة 172 من القانون المدني أنه إذا كان العمل الضار يستتبع دعوى جنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية، فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية، فإذا انفصلت الدعوى المدنية عن الدعوى الجنائية بأن اختار المضرور الطريق المدني دون الطريق الجنائي للمطالبة بالتعويض فإن سريان التقادم بالنسبة للمضرور يقف طوال المدة التي تدوم فيها المحاكمة الجنائية، فإذا انقضت الدعوى الجنائية بصدور حكم نهائي بإدانة الجاني أو عند انتهاء المحاكمة بسبب آخر فإنه يترتب على ذلك عودة سريان تقادم دعوى التعويض بمدتها الأصلية وهي ثلاث سنوات على أساس أن رفع الدعوى الجنائية يكون في هذه الحالة مانعاً قانونياً في معنى المادة 382/ 1 من القانون المدني يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض.
5 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه هو من المسائل المتعلقة بالواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً ومن شأنه أن يؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم وأن التقادم المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 172 من القانون المدني لا يبدأ في السريان إلا من تاريخ العلم الحقيقي الذي يحيط به المضرور بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم ثبوت هذا العلم ينطوي على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على المسئول مما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التقادم، ولا وجه لافتراض هذا التنازل من جانب المضرور وترتيب حكم السقوط في حالة العلم الظني والذي لا يحيط بوقوع الضرر أو بشخص المسئول عنه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 2015 سنة 1972 مدني كلي الإسكندرية على الطاعنة الثانية طالباً الحكم بإلزامها بأن تؤدي له مبلغ ألفين من الجنيهات كتعويض عما ناله من ضرر نتيجة تسببها في قتل ابنته خطأ في حادث سيارة كانت تقودها في 17 - 7 - 1980 وقد تحرر عنه محضر الجنحة رقم 1873 سنة 1970 الجمرك التي قضى فيها بإدانتها وفي 20 - 12 - 1970 سددت الغرامة المقضى بها، وبتاريخ 14 - 11 - 1971 قضت محكمة الجنح المستأنفة في الجنحة رقم 1545 سنة 1971 مستأنف غرب الإسكندرية غيابياً بتأييده وأعلن هذا الحكم للطاعنة الثانية 1 - 3 - 1976 فلم تطعن عليه بالمعارضة، وبتاريخ 6 - 3 - 1973 حكمت المحكمة بوقف السير في الدعوى المدنية حتى يصبح الحكم الجنائي نهائياً، وبصحيفة أودعت قلم الكتاب في 24 - 2 - 1976 أقام المطعون ضده الأول الدعوى رقم 859 سنة 1976 مدني كلي الإسكندرية على الطاعنين والمطعون ضدها الثانية (شركة الشرق للتأمين) طالباً الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ خمسه آلاف جنيه كتعويض عن قتل ابنته نتيجة خطأ الطاعنة الأولى ومسئولية الطاعن الأول باعتباره مالكاً للسيارة التي وقع بها الحادث والمؤمن عليها لدى المطعون ضدها الثانية وبتاريخ 25 - 5 - 1976 قضت المحكمة بقبول الدفع المبدى من المطعون ضدها الثانية وسقوط الدعوى بالنسبة لها بالتقادم الثلاثي وإلزام الطاعنين بأن يدفعا للمطعون ضده الأول مبلغ ألفين من الجنيهات، استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 455 لسنة 32 قضائية الإسكندرية، وبتاريخ 28 - 6 - 1977 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان أن محكمة أول درجة اعتبرت الدعوى رقم 2015 سنة 1972 مدني كلي الإسكندرية المرفوعة من المطعون ضده الأول على الطاعنة الثانية قد تجدد السير فيها بالدعوى رقم 859 سنة 1976 مدني كلي الإسكندرية والتي عدل رافعها طلباته فيها إلى مبلغ خمسة آلاف جنيه وأدخل فيها خصمين جديدين هما الطاعن الأول والمطعون ضدها الثانية وصدر الحكم المستأنف على هذا الأساس فاستأنفه الطاعنان بالنسبة للدعويين، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن الدعوى الأولى ما زالت موقوفة حتى صدور الحكم المستأنف وأن الحكم الأخير صادر في الدعوى الثانية فقط ولم يعمل الأثر الناقل للاستئناف ويتصدى للفصل في الدفع المبدى منهما بانقضاء الخصومة في الدعوى الأولى عملاً بالمادة 140 من قانون المرافعات وزوال أثرها في قطع تقادم الدعوى المدنية وبالتالي سقوطها قبل الطاعنة الثانية بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع النزاع في حدود طلبات المستأنف إلى محكمة الدرجة الثانية وإعادة طرحه عليها بكل ما اشتمل عليه من أدلة ودفوع وأوجه دفاع لتقول كلمتها فيه بقضاء مسبب يواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية على السواء، وأن العبرة في تكييف الإجراء هو بحقيقة وصفه القانوني واستيفائه للأوضاع والشروط التي يحددها القانون، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم وأن المطعون ضده الأول بعد أن رفع الدعوى رقم 2015 سنة 1972 مدني كلي الإسكندرية وقضى فيها بجلسة 6 - 3 - 1973 بوقفها حتى يصبح الحكم الجنائي نهائياً أقام الدعوى رقم 859 لسنة 1976 مدني كلي الإسكندرية بصحيفة جديدة لم يشر فيها إلى الدعوى الأولى وبقرار معافاة مستقل، فإنها وإن اتفقت مع الدعوى السابقة في موضوعها - وهو تعويض رافعها عن قتل ابنته بخطأ الطاعنة الثانية - التي قضى بإدانتها عنه في الجنحة سالفة البيان - إلا أنه أدخل في الدعوى الأخيرة خصمين آخرين هما الطاعن الأول والمطعون ضدها الثانية وطالب بتعويض يخالف في مقداره - التعويض السابق طلبه في الدعوى الأولى ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو أنزل على الدعوى الأخيرة الوصف القانوني الصحيح بأنها دعوى جديدة وليست تجديداً للدعوى الأولى الموقوفة ونهج في ذلك نهجاً مغايراً لقضاء الحكم المستأنف بما لمحكمة الاستئناف من سلطة مراقبة الحكم المذكور من حيث سلامة التطبيق القانوني لواقعة النزاع المطروحة عليها نتيجة لرفع الاستئناف وفهم الواقع في الدعوى وإعطائها تكييفها القانوني الصحيح، وإذ لم يرتب الحكم المطعون فيه أثراً على رفع الدعوى الأولى رقم 2015 سنة 1972 مدني كلي الإسكندرية بالنسبة لقطع التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني في دعوى التعويض الثانية وبالتالي فلم ير محلاً للفصل في دفاع الطاعنين - أمام محكمة الاستئناف - بانقضاء الخصومة في الدعوى الأولى بمضي المدة إعمالاً للمادة 140 من قانون المرافعات فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم برفض الدفع المبدى منهما بسقوط الحكم الجنائي الغيابي الصادر الغيابي من محكمة الجنح المستأنفة بتاريخ 14 - 11 - 1971 لانقضاء أكثر من ثلاث سنوات على صدوره على سند من القول بأنه لم يصدر حكم بذلك من المحكمة الجنائية وأن الحكم المذكور أصبح باتاً لعدم المعارضة أو الطعن عليه بالنقض في حين أن للمحكمة المدنية الحق في الفصل في هذا الدفع، كما قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع المبدى منهما بسقوط الدعوى المدنية رقم 859 سنة 1976 مدني كلي الإسكندرية بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني لانقضاء أكثر من ثلاث سنوات على الفصل نهائياً في الدعوى الجنائية بتاريخ 14 - 11 - 1971 - تأسيساً على أن ميعاد التقادم المذكور لا يبدأ من تاريخ صدور الحكم الجنائي الاستئنافي سالف البيان بل من تاريخ انتهاء ميعاد المعارضة فيه التي تبدأ من تاريخ إعلان المحكوم عليها - الطاعنة الثانية - به في 1 - 3 - 1976 والذي تم قبل رفع الدعوى المدنية آنفة الذكر في 24 - 6 - 1976 وهو مما يعيب الحكم بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
وحيث إن النعي بهذين السببين غير سديد ذلك أنه لما كانت المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "تنقض الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة وإذ صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون" مما مفاده أن تعييب الأحكام لا يكون إلا عن طريق الطعن فيها بالطرق المقررة في القانون وإذا توفر سبيل الطعن وضيعه صاحب الشأن فلا يلومن إلا نفسه ويعتبر الحكم عنواناً للحقيقة وحجة على الكافة ولذا فإن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم وإن كان من النظام العام ويجوز إثارته في أية حالة كانت عليها الدعوى وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها إلا أن ذلك لا يتأتى إلا عند الطعن على الحكم الجنائي بطرق الطعن المقررة قانوناً فإذا أصبح الحكم الجنائي نهائياً لفوات مواعيد الطعن فيه فإن الدعوى الجنائية تكون قد انقضت ولا يبقى إلا تنفيذ العقوبة المحكوم بها أو سقوطها بالتقادم وبالتالي فلا يكون هناك مجال للدفع بسقوط الدعوى الجنائية المنصوص عليه في المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعنين بسقوط الدعوى الجنائية بالتقادم لأن الطاعنة الثانية لم تعلن بالحكم الغيابي الصادر من محكمة الجنح المستأنفة في 14 - 11 - 1971 إلا في 1 - 3 - 1976 وبعد انقضاء أكثر من خمس سنوات على تاريخ وقوع الحادث في 17 - 7 - 1970 على سند من القول بأنه لم يصدر حكم من المحكمة الجنائية المختصة بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم وأن الطاعنة الثانية نفذت الحكم الجنائي بسدادها للغرامة المقضى بها عليها في 20 - 12 - 1970 وأعلنت بالحكم الاستئنافي الغيابي ولم تعارض فيه ولم تطعن عليه بالنقض وأصبح باتاً وبالتالي انقضت الدعوى الجنائية فلا يرد عليها الدفع بسقوطها بالتقادم فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، كما أن النص في المادة 172 من القانون المدني على أنه "(1) تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه وتسقط هذه الدعوى في كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع (2) على أنه إذا كانت الدعوى الناشئة عن جريمة وكانت الدعوى الجنائية لم تسقط بعد انقضاء المواعيد المذكورة في الفقرة السابقة فإن دعوى التعويض لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية" مما مفاده أنه إذا كان العمل الضار يستتبع دعوى جنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية، فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية، فإذا انفصلت الدعوى المدنية عن الدعوى الجنائية بأن اختار المضرور الطريق المدني دون الطريق الجنائي للمطالبة بالتعويض فإن سريان التقادم بالنسبة للمضرور يقف طوال المدة التي تدوم فيها المحاكمة الجنائية، فإذا انقضت الدعوى الجنائية بصدور حكم نهائي بإدانة الجاني أو عند انتهاء المحاكمة بسبب آخر فإنه يترتب على ذلك عودة سريان تقادم دعوى التعويض بمدتها الأصلية وهي ثلاث سنوات على أساس أن رفع الدعوى الجنائية يكون في هذه الحالة مانعاً قانونياً في معنى المادة 382/ 1 من القانون المدني يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض، لما كان ذلك وكان الحكم الصادر في الجنحة رقم 1045 سنة 1971 مستأنف الإسكندرية قد قضى بتاريخ 14 - 11 - 1971 غيابياً بتأييد الحكم المستأنف بإدانة الطاعنة الثانية عن جريمة القتل الخطأ قد أعلن للأخيرة في 6 - 3 - 1976 فإنه لا يكون نهائياً إلا بفوات ميعاد الطعن فيه بطريق المعارضة من المحكوم ضدها ومن اليوم التالي لانقضائه يبدأ سريان تقادم دعوى التعويض المدنية الناشئة عن تلك الجريمة بمدتها الأصلية وهي ثلاث سنوات على ما سلف بيانه، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم أن الدعوى المدنية رقم 859 سنة 1976 مدني كلي الإسكندرية قد رفعت في 24 - 2 - 1976 أي قبل إعلان الحكم الجنائي الغيابي آنف الذكر فإنها تكون قد رفعت قبل مضي الثلاث سنوات المقررة قانوناً لسقوطها ويكون الحكم المطعون فيه إذا التزم هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعنين بسقوط الدعوى المدنية بالتقادم قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم رفض الدفع المبدى من الطاعن الأول بانقضاء دعوى التعويض قبله بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني لمرور أكثر من ثلاث سنوات على علم المضرور "المطعون ضده الأول" بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه استناداً إلى أن الأخير لم يعلم بملكية الطاعن الأول للسيارة التي ارتكبت بها الطاعنة الحادث المطالب بالتعويض عنه إلا من تاريخ حصوله على الشهادة الصادرة من إدارة المرور والدالة على تلك الملكية في حين أنه كان يستطيع من وقت وقوع الحادث العلم بشخص المسئول عنه وبذلك يتحقق العلم لديه بشخصية مالك السيارة من هذا التاريخ مما يعيب الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه هو من المسائل المتعلقة بالواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً ومن شأنه أن يؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم وأنه التقادم المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 172 من القانون المدني لا يبدأ في السريان إلا من تاريخ العلم الحقيقي الذي يحيط به المضرور بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم ثبوت هذا العلم ينطوي على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على المسئول مما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التقادم، ولا وجه لافتراض هذا التنازل من جانب المضرور وترتيب حكم السقوط في حالة العلم الظني والذي لا يحيط بوقوع الضرر أو بشخص المسئول عنه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص علم المضرور (المطعون ضده الأول) بحدوث الضرر وبشخص المسئول عنه من تاريخ حصوله على الشهادة الصادرة من إدارة مرور الجيزة في 18 - 2 - 1976 والدالة على ملكية الطاعن الأول للسيارة التي ارتكبت الحادث وليس من تاريخ وقوعه إذ لا يتأتى له معرفة هذا المسئول - على وجه اليقين - إلا من تاريخ حصوله على تلك الشهادة وهو استخلاص سائغ له أصله الثابت بالأوراق ويؤدي عقلاً إلا النتيجة التي انتهى إليها الحكم فإن النعي عليه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ساحة النقاش