من المقرر أن ولاية المحكمة الجنائية في الأصل مقصورة على نظر ما يطرح أمامها من الجرائم واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها - أو عند الاتهام بها - إنما هو استثناء من القاعدة فيشترط أن لا تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجنائية .
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 33 - صـ 214
جلسة 16 من فبراير سنة 1982
برياسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فوزي المملوك وفوزي أسعد وعبد الرحيم نافع وحسن غلاب.
(43)
الطعن رقم 4580 لسنة 51 القضائية
دعوى مدنية "الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية" "نظرها والحكم فيها". دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". تعويض. نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
رفع الدعوى المدنية بطريق التبعية للدعوى الجنائية. وجوب الفصل فيهما معاً. م 309 أ ج.
إغفال الفصل في أيهما. للمدعي بها الرجوع إلى ذات المحكمة للفصل فيما أغفلته. م 193 مرافعات.
من المقرر أن ولاية المحكمة الجنائية في الأصل مقصورة على نظر ما يطرح أمامها من الجرائم واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها - أو عند الاتهام بها - إنما هو استثناء من القاعدة فيشترط أن لا تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجنائية، ومتى رفعت الدعوى المدنية صحيحة بالتبعية للدعوى الجنائية بطلب التعويض ممن لحقه ضرر من الجريمة ومن المتهم عن الضرر العائد من رفع الدعوى عليه، فإنه يتعين الفصل في هاتين الدعويين وفي موضوع الدعوى الجنائية معاً بحكم واحد عملاًَ بصريح نص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية سالفة البيان، فإن هو أغفل الفصل في إحداها فإنه يكون للمدعي بها أن يرجع إلى ذات المحكمة التي فصلت في الدعوى الجنائية للفصل فيما أغفلته، وذلك عملاً بالقاعدة المقررة في المادة 193 من قانون المرافعات، وهي قاعدة واجبة الإعمال أمام المحاكم الجنائية باعتبارها من القواعد العامة في قانون المرافعات المدنية ولعدم وجود نص يخالفها في قانون الإجراءات الجنائية.
الوقائع
أقام المدعي بالحق المدني دعواه ضد.... بطريق الادعاء المباشر منهما إياها أنها بتاريخ 9 مايو، 23 من الشهر ذاته سنة 1975 بدائرة قسم الزيتون محافظة القاهرة - أبلغت كذباً مع سوء القصد ضد المدعي بالحق المدني، وطلبت عقابها بالمواد 305، 240/ 1، 302 من قانون العقوبات.
وادعت المتهمة قبل المدعي بالحق المدني مطالبة بأن يدفع لها مبلغ واحد وخمسون جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح الزيتون الجزئية قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهمة مائة جنيه وإلزامها بأن تؤدي المدعي المدني مبلغ واحد وخمسون جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت مع مصاريف الدعوى ومبلغ مائتي قرش أتعاب محاماة ورفض الدعوى المدنية المقامة من المتهمة ضد المدعي المدني. فاستأنفت المحكوم عليها هذا الحكم ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً عملاً بالمادة 304 إجراءات جنائية بقبول وإلغاء وبراءة ورفض الدعوى المدنية وألزمت المدعي بالحق المدني المصروفات عن الدرجتين ومبلغ خمسمائة قرش أتعاب المحاماة.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض.. إلخ.
المحكمة
حيث إن ما تنعاه الطاعنة - المدعية بالحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه أنه وقد قضى ببراءتها من تهمة البلاغ الكاذب التي نسبها إليها المطعون ضده وبرفض الدعوى المدنية التي كان قد أقامها قبلها فقد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يقض في دعوها المدنية التي أقامتها هي ضد المطعون ضده لتعويض الضرر الذي لحقها بسبب رفعه الدعوى عليها.
وحيث إن المادة 267 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن: "للمتهم أن يطالب المدعي بالحقوق المدنية أمام المحكمة الجنائية بتعويض الضرر الذي لحقه بسبب رفع الدعوى المدنية عليه إذا كان لذلك وجه"، كما تنص المادة 309 من ذلك القانون على أن: "كل حكم يصدر في موضوع الدعوى الجنائية يجب أن يفصل في التعويضات التي يطلبها المدعي بالحقوق المدنية أو المتهم، وذلك ما لم تر المحكمة أن الفصل في هذه التعويضات يستلزم إجراء تحقيق خاص ينبني عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجنائية فعندئذ تحيل المحكمة الدعوى إلى المحكمة المدنية بلا مصاريف وإذ كان من المقرر أن ولاية المحكمة الجنائية في الأصل مقصورة على نظر ما يطرح أمامها من الجرائم واختصاصها بنظر الدعوى المدنية الناشئة عنها - أو عند الاتهام بها - إنما هو استثناء من القاعدة فيشترط أن لا تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجنائية، ومتى رفعت الدعوى المدنية صحيحة بالتبعية للدعوى الجنائية بطلب التعويض ممن لحقه ضرر من الجريمة ومن المتهم عن الضرر العائد من رفع الدعوى عليه، فإنه يتعين الفصل في هاتين الدعويين وفي موضوع الدعوى الجنائية معاً بحكم واحد عملاً بصريح نص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية سالفة البيان فإن هو أغفل الفصل في إحداها فإنه يكون للمدعي بها أن يرجع إلى ذات المحكمة التي فصلت في الدعوى الجنائية للفصل فيما أغفلته، وذلك عملاً بالقاعدة المقررة في المادة 193 من قانون المرافعات، وهي قاعدة واجبة الأعمال أمام المحاكم الجنائية باعتبارها من القواعد العامة في قانون المرافعات المدنية ولعدم وجود نص يخالفها في قانون الإجراءات. لما كان ذلك، وكان الواضح من منطوق الحكم المطعون فيه أنه أغفل الفصل في الدعوى المدنية المرفوعة من المتهمة بالجريمة - الطاعنة - فضلاً عن أن مدوناته لم تتحدث عنها، مما يحق معه القول بأن المحكمة الاستئنافية لم تنظر إطلاقاً في هذه الدعوى ولم تفصل فيها، فإن الطريق السوية أمام الطاعنة هي أن ترجع إلى ذات المحكمة التي نظرت الدعوى وأصدرت الحكم وأن تطلب منها الفصل فيما أغفلته، وطالما أنها لم تفصل في هذه الدعوى فإن اختصاصها يكون ما زال باقياً بالنسبة لها. لما كان ذلك، وكان الطعن بالنقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع، فإن الطعن الحالي يكون غير جائز لعدم صدور حكم قابل له في خصوص الدعوى المدنية التي رفعتها الطاعنة، ومن ثم يتعين القضاء بعدم جواز الطعن مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعنة المصروفات المدنية.
ساحة النقاش