القرار الإداري. ماهيته الإجراء الذي لا يستند فيه مصدره إلى قانون أو قرار إداري يخوله سلطة القيام به هو عمل مادي. اختصاص القضاء العادي بنظر دعوى منع التعرض والتعويض على أساسه.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 33 - صـ 1116
جلسة 5 من ديسمبر سنة 1982
برئاسة السيد المستشار/ محمد البنداري البشري نائب رئيس المحكمة رئيساً وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فراج نائب رئيس المحكمة، وعبد العزيز فوده، ومحمد لطفي السيد، ومحمد لبيب الخضري.
(202)
الطعن رقم 2062 لسنة 51 القضائية
(1) نقض "الخصوم في الطعن".
اختصام بعض المطعون عليهم أمام محكمة الاستئناف دون توجيه طلبات إليهم وقوفهم من الخصومة موقفاً سلبياً وعدم الحكم لهم أو عليهم بشيء أثره عدم قبول الطعن بالنسبة لهم.
(2، 3، 4) قرار إداري. اختصام "اختصاص ولائي". دعوى. تعويض. قانون. ملكية أدبية "منع تداول المطبوعات".
(2) القرار الإداري. ماهيته الإجراء الذي لا يستند فيه مصدره إلى قانون أو قرار إداري يخوله سلطة القيام به هو عمل مادي. اختصاص القضاء العادي بنظر دعوى منع التعرض والتعويض على أساسه.
(3) مجمع البحوث الإسلامية. واجباته. متابعة ما ينشر عن الإسلام والتراث الإسلامي من بحوث ودراسات. سبيله إلى ذلك. إصدار التوصيات إلى العاملين في الهيئات العامة والخاصة والأفراد العاملين في مجال الثقافة الإسلامية. م 17 من اللائحة التنفيذية للقانون 103 لسنة 1961.
(4) مجلس الوزراء. اختصاصه بإصدار قرارات منع تداول المطبوعات التي تتعرض للأديان تعرضاً من شأنه تكدير السلم العام. م 30 ق 20 لسنة 1936.
(5، 6) محكمة الموضوع. حكم "تسبيبه".
(5) محكمة الموضوع. عدم التزامها بالرد على دفاع غير جوهري لا يتغير به وجه الرأي في الدعوى.
(6) عدم التزام محكمة الموضوع بتتبع مناحي دفاع الخصوم إذ في الحقيقة التي استخلصتها وأوردت دليلها الرد الكافي المسقط لكل حجة مخالفة.
(7، 8) دفوع "الدفع بعدم القبول". دعوى "الصفة".
(7) الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة. جواز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى. م 115 مرافعات.
(8) مجمع البحوث الإسلامية. شيخ الأزهر هو صاحب الصفة في تمثيله في التقاضي م 8 ق 103 لسنة 1961.
1 - لما كان المطعون ضدهم من الثاني للأخير اختصموا في الاستئناف المرفوع من الطاعنين دون أن توجه لهم طلبات والتزموا من الخصومة موقفاً سليباً فلم تصدر عنهم منازعة أو يثبت لهم دفاع ولم يحكم لهم أو عليهم بشيء ومن ثم فإن اختصامهم في الطعن يكون غير مقبول.
2 - القرار الإداري الذي لا تختص جهة القضاء العادي بإلغائه أو تأويله أو تعديله أو التعويض عن الأضرار المترتبة عليه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ذلك القرار الذي تفصح به الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه مصلحة عامة.
3 - إذ كان الثابت من استقراء نصوص قانون الأزهر رقم 103 لسنة 61 أنها قد خلت مما يخول التحفظ على مثل الكتاب موضوع النزاع وإنما فقط جاء في نص المادة 17 من اللائحة التنفيذية للقانوني المذكور الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1957 في بيان واجبات مجمع البحوث الإسلامية ما نصت عليه الفقرة السابعة في المادة سالفة الذكر من تتبع ما ينشر عن الإسلام والتراث الإسلامي من بحوث ودراسات في الداخل والخارج للانتفاع بها بما فيها من رأي صحيح أو مواجهتها بالتصحيح والرد، ونص في عجز هذه المادة على أن للمجمع في سبيل تحقيق أهدافه وفي حدود اختصاصه أن يصدر توصيات إلى العاملين في مجال الثقافة الإسلامية من الهيئات العامة والخاصة والأفراد.
4 - أجاز قانون المطبوعات رقم 20 لسنة 1936 لمجلس الوزراء أن يمنع من التداول في مصر المطبوعات التي تتعرض للأديان تعرضاً من شأنه تكدير السلم العام ونصت المادة 30 من ذات القانون على ضبط المطبوعات في حالة مخالفة ما سلف.
5 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد على دفاع غير جوهري لا يتغير به وجه الرأي في الدعوى.
6 - من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بتتبع مناحي دفاع الخصوم إذ في الحقيقة التي استخلصتها وأوردت دليلها الرد الكافي المسقط لكل حجة مخالفة.
7 - الدفع بعدم القبول لانتفاء الصفة يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها عملاً بنص المادة 115 من قانون المرافعات.
8 - نصت المادة السادسة من القانون رقم 103 لسنة 1961 على أن تكون للأزهر شخصية معنوية عربية الجنس ويكون له الأهلية الكاملة للمقاضاة ونصت الفقرة الثانية من هذه المادة على أن شيخ الأزهر هو الذي يمثل الأزهر كما نصت المادة الثامنة منه على أن الأزهر يشمل هيئة مجمع البحوث الإسلامية ومؤدى ذلك أن شيخ الأزهر صاحب الصفة في تمثيل مجمع البحوث الإسلامية في التقاضي وأن وزير الأوقاف الطاعن الثاني ليست له هذه الصفة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 7066 سنة 1979 مدني كلي جنوب القاهرة على الطاعنين وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم بمنع تعرض الطاعنين له في نشر كتاب "نظرات في الدين" في مواجهة المطعون ضدهما الرابع والخامس وإلزامهما بالمصاريف وبإلزام الطاعنين والمطعون ضدهما الثاني والثالث بأن يدفعوا له مبلغ 251 ج، على سند من القول بأن المباحث العامة أمرت بعدم بيع الكتاب المذكور بناء على خطاب من إدارة البحوث الإسلامية وأن المطعون ضدهما الثاني والثالث امتنعا عن نشر ما طلبه منهما في خصوص ما وقع، وبتاريخ 27/ 1/ 1980 قضت محكمة أول درجة بمنع تعرض الطاعنين له في نشر كتاب "نظرات في الدين" وذلك في مواجهة المطعون ضدهما الرابع والخامس وإلزامهما بأن يؤديا له مبلغ 251 ج - استأنف المطعون ضده الأول الحكم كما استأنفه الطاعنان وقيد الاستئنافان برقمي 1661، 1701 سنة 97 ق القاهرة، وبتاريخ 28/ 5/ 1981، قضت المحكمة برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم عدا الأول وقبوله شكلاً بالنسبة للمطعون ضده الأول وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم من الثاني للأخير فهو سديد ذلك أنهم اختصموا في الاستئناف المرفوع من الطاعنين دون أن توجه لهم طلبات والتزموا من الخصومة موقفاً سلبياً فلم تصدر عنهم منازعة أو يثبت دفاع ولم يحكم لهم أو عليهم بشيء ومن ثم فإن اختصامهم في الطعن يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن فيما عدا ما سلف قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن بني على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن الأول بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن ما صدر منه بصفته من تحفظ على الكتاب موضوع النزاع كان له سنده في قانون الأزهر ولائحته التنفيذية ونظرية الضبط الإداري ولعدم حصول المطعون ضده الأول على ترخيص سابق بالنشر طبقاً لقانون المطبوعات وبالتالي لا يعتبر عملاً مادياً وإنما يعتبر قراراً إدارياً بالتحفظ ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظر النزاع للمحاكم الإدارية دون القضاء العادي، وإذا قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي على أساس أن ما صدر من الطاعن عمل مادي يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن القرار الإداري الذي لا تختص جهة القضاء العادي بإلغائه أو تأويله أو تعديله أو التعويض عن الأضرار المترتبة عليه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ذلك القرار الذي تفصح به الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه مصلحة عامة - لما كان ذلك - وكان الثابت من استقراء نصوص قانون الأزهر رقم 103 لسنة 1961 أنها قد خلت مما يخول التحفظ على مثل الكتاب موضوع النزاع وإنما فقط جاء في نص المادة 17 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1957 في بيان واجبات مجمع البحوث الإسلامية ما نصت عليه الفقرة السابعة من المادة سالفة الذكر من تتبع ما ينشر عن الإسلام والتراث الإسلامي من بحوث ودراسات في الداخل والخارج للانتفاع بها بما فيها من رأي صحيح أو مواجهتها بالتصحيح والرد، وقد نص في عجز هذه المادة على أن للمجمع في سبيل تحقيق أهدافه وفي حدود اختصاصه أن يصدر توصيات إلى العاملين في مجال الثقافة الإسلامية من الهيئات العامة والخاصة والأفراد - كذلك فإن قانون المطبوعات رقم 20 لسنة 1936 قد أجاز لمجلس الوزراء أن يمنع من التداول في مصر المطبوعات المثيرة للشهوات وكذلك المطبوعات التي تتعرض للأديان تعرضاً من شأنه تكدير السلم العام، ونصت المادة 30 من ذات القانون على ضبط المطبوعات في حالة مخالفة ما سلف، وإذ خلت الأوراق مما يدل على صدور قرار من مجلس الوزراء بمنع الكتاب محل النزاع من التداول، وكان الطاعن الأول قد قام بضبط الكتاب المذكور بناء على خطاب مجمع البحوث الإسلامية الذي لا يملك قانوناً أكثر من التوصية المشار إليها آنفاً ولا يوجد في قانون المطبوعات ما يحول الطاعن الأول سلطة التحفظ على الكتاب خاصة وأنه لم يصدر قرار من مجلس الوزراء بمنعه من التداول فإن الإجراء الذي اتخذه الطاعن الأول بالتحفظ على الكتاب موضوع النزاع لم يكن مستنداً فيه إلى قانون أو قرار إداري بالمعنى السابق تحديده يخوله سلطة القيام به ومن ثم لا يعدو هذا الإجراء أن يكون عملاً مادياً والدعوى بمنع التعرض وبالتعويض على أساسه تكون من اختصاص القضاء العادي، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون والنعي عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه لا يقوم على أساس سليم.
وحيث إن الطاعن الأول ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة القانون، وبياناً لذلك يقول إنه أوضح في دفاعه أن الكتاب احتوى على ما يسئ إلى الإسلام والتشكيك في المبادئ التي يقوم عليها مما يتوافر معه المبرر للتحفظ الذي ليس فيه مساس بحرية الرأي، وهذه الحرية ليست مطلقة بل يتعين أن يكون في حدود القانون، ومع ذلك قضى الحكم المطعون فيه بعدم مشروعية التحفظ على الكتاب موضوع النزاع دون ما رد منه على دفاعه سالف البيان مما يجعل الحكم مشوباً بالقصور في التسبيب مخالفاً للقانون مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، إذ أن الحكم المطعون فيه بعد أن جرد الإجراء الذي اتخذه الطاعن الأول بالتحفظ على الكتاب من أية صفة إدارية باستخلاص واقعي سائغ وله سنده في الأوراق وتكييف قانوني للواقع صحيح منتهياً إلى أنه عمل مادي لا يستند إلى قانون فإنه لا يكون ملزماً ببحث ما أثاره الطاعن في نعيه لأنه على فرض صحته لا يخول الطاعن بمجرده سلطة اتخاذ هذا الإجراء بل يتعين أن يكون قد صدر من مجلس الوزراء المختص قرار بمنع الكتاب من التداول وإذ خلا دفاع الطاعن من التحدي بصدور مثل هذا القرار فإنه يكون غير منتج في الدعوى، والمحكمة غير ملزمة بالرد عليه لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالرد على دفاع غير جوهري لا يتغير به وجه الرأي في الدعوى، وليست ملزمة بتتبع مناحي دفاع الخصوم إذ في الحقيقة التي استخلصتها وأوردت دليلها الرد الكافي المسقط لكل حجة مخالفة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في نعيه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً غير جائز أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن الثاني ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ويقول بياناً لذلك إن الحاضر عنه دفع في المذكرة المقدمة منه بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة له لأنه لا يمثل الأزهر أو مجمع البحوث الإسلامية ومع ذلك رفض الحكم هذا الدفع بمقولة إن جدلاً حول الصفة لم يثر أمام محكمة أول درجة أو بالجلسة أمام محكمة ثاني درجة مما يعتبر تنازلاً عن الدفع المذكور وهذا من الحكم مخالفة لصحيح القانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء الصفة يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها عملاً بنص المادة 115 من قانون المرافعات، لما كان ذلك وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الحاضر عن الطاعن الثاني دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة له لأن شيخ الأزهر هو صاحب الصفة في تمثيل مجمع البحوث الإسلامية وانتهى الحكم إلى أن إدارة قضايا الحكومة تمثل وزارة الأوقاف وشيخ الأزهر وقد حضر ممثلها طوال نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة وأن عدم إثارة الدفع أمامها أو في صحيفة الاستئناف أو بالجلسة أمام محكمة ثاني درجة مفاده النزول الضمني عن التمسك بالدفع وهذا من الحكم رد غير صحيح في القانون لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، ذلك أن المادة السادسة من القانون رقم 103 لسنة 1961 نصت على أن يكون للأزهر شخصية معنوية عربية الجنس ويكون له الأهلية الكاملة للمقاضاة، ونصت الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون المذكور على أن شيخ الأزهر هو الذي يمثل الأزهر، كما نصت المادة الثامنة منه على أن الأزهر يشمل هيئة مجمع البحوث الإسلامية، ومؤدى ذلك أن شيخ الأزهر هو صاحب الصفة في تمثيل مجمع البحوث الإسلامية في التقاضي وأن وزير الأوقاف للطاعن الثاني ليست له هذه الصفة ويكون الدفع المبدى على أساس سليم من القانون ويتعين نقض الحكم المطعون فيه لهذا السبب.
ساحة النقاش