حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. نطاقها. لا يمنع تجرد الفعل من صفة الجريمة أن يولد خطأ مدنياً يستوجب التعويض . مثال: تسببه في قيام المشاجرة ووقوع الحادث .
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 37 - صـ 731
جلسة 22 من يونيه سنة 1986
برئاسة السيد المستشار/ محمد المرسي فتح الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: سعيد أحمد صقر، وليم رزق بدوي نائبي رئيس المحكمة، محمد لطفي السيد وطه الشريف.
(151)
الطعن رقم 2485 لسنة 55 القضائية
- حكم "حجية الحكم الجنائي". مسئولية. تعويض.
- حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. نطاقها. لا يمنع تجرد الفعل من صفة الجريمة أن يولد خطأ مدنياً يستوجب التعويض.
مثال: تسببه في قيام المشاجرة ووقوع الحادث.
- لما كانت حجية الحكم الجنائي لا تقوم إلا فيما كان فصله فيه لازماً، وكان لا يمنع أن الفعل وإن تجرد من صفة الجريمة قد يولد خطأ مدنياً يستوجب التعويض، وكان الثابت أن الطاعن تمسك في دفاعه الوارد في صحيفة استئنافه باشتراك المطعون ضده في الخطأ الموجب للتعويض لأنه المتسبب في حدوث المشاجرة التي نجمت عنها إصابة كل منهما، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اجتزأ في الرد على الدفاع بالقول أن الطاعن لا يعرف الشخص الذي اعتدى عليه وأحدث إصابته وتأكد ذلك ببراءة المطعون ضده بحكم جنائي نهائي في حين أن الحكم الجنائي ببراءة هذا الأخير من تهمة إحداث إصابة الطاعن لا يكتسب حجية في شأن ما نسبه إليه الطاعن من خطأ مدني يتمثل في تسببه في قيام المشاجرة ووقوع الحادث.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم 3951 سنة 1982 مدني كلي دمنهور طلب فيها الحكم بإلزامه أن يؤدي إليه مبلغ ثلاثين ألف جنيه. وقال في بيان دعواه إن الطاعن قذفه بحجر فأحدث به إصابة في عينه اليسرى تخلفت عنها عاهة مستديمة وتحرر عن ذلك الجناية رقم 1000 سنة 1979 دمنهور التي حكم فيها بإدانته جنائياً وبإلزامه أن يدفع له تعويضاً مؤقتاً قدره 250 جنيهاً، وإذ ألحق به هذا الاعتداء أضراراً مادية وأدبية يحق له طلب التعويض عنها فقد أقام الدعوى بطلبه سالف البيان. قضت المحكمة بإلزام الطاعن أن يؤدي إلى المطعون ضده مبلغ عشرة آلاف جنيه. استأنف الطرفان هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية مأمورية دمنهور وقيد الاستئنافان برقمي 91، 247 سنة 40 قضائية، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين حكمت في 24/ 6/ 1985 بتعديل الحكم المستأنف بجعل التعويض المحكوم به عشرين ألف جنيه، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضده هو الذي تسبب بخطئه في حدوث المشاجرة التي نجمت عنها إصابة كل منهما وذلك بتنكره لالتزاماته التعاقدية بينهما ورفضه تسليم المحل المتفق عليه إلى الطاعن مما يجعله مساهماً بخطئه في إحداث الضرر الذي لحق به. إلا أن الحكم المطعون فيه لم يواجه هذا الدفاع مكتفياً بما قرره من أن المطعون ضده قضى ببراءته من تهمة إصابة الطاعن مع أن هذا القضاء لا ينفي أن ما وقع من المطعون ضده يعتبر خطأ مدنياً ساهم في إحداث ضرره مما كان يوجب مناقشته وبيان أثره عند القضاء بالتعويض.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت حجية الحكم الجنائي لا تقوم إلا فيما كان فصله فيه لازماً، وكان لا يمنع أن الفعل وإن تجرد من صفة الجريمة قد يولد خطأ مدنياً يستوجب التعويض، وكان الثابت أن الطاعن تمسك في دفاعه الوارد في صحيفة استئنافه باشتراك المطعون ضده في الخطأ الموجب للتعويض لأنه المتسبب في حدوث المشاجرة التي نجمت عنها إصابة كل منهما، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اجتزأ في الرد على الدفاع بالقول أن الطاعن لا يعرف الشخص الذي اعتدى عليه وأحدث إصابته وتأكد ذلك براءة المطعون ضده بحكم جنائي نهائي في حين أن الحكم الجنائي براءة هذا الأخير من تهمة إحداث إصابة الطاعن لا يكتسب حجية في شأن ما نسبه إليه الطاعن من خطأ مدني يتمثل في تسببه في قيام المشاجرة ووقوع الحادث، وكان هذا الذي استند إليه الحكم قد حجبه عن التحقق من الأفعال التي ارتكبها المطعون ضده ومدى ارتباطها بالضرر وأثرها في إحداثه ومدى مساهمتها فيه بما يشوبه بالقصور ويستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ساحة النقاش