التعويض المستحق لأفراد القوات المسلحة في حالات الاستشهاد والوفاه والإصابة والفقد بسبب الخدمة أو العمليات الحربية وما في حكمها. المقررة بالقانون 90 لسنة 1975.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 40 - صـ 740
جلسة 29 من يونيو سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي ومحمد شهاوي.
(286)
الطعن رقم 670 لسنة 57 القضائية
(1) اختصاص "اختصاص ولائي". تعويض. دعوى. مسئولية.
التعويض المستحق لأفراد القوات المسلحة في حالات الاستشهاد والوفاه والإصابة والفقد بسبب الخدمة أو العمليات الحربية وما في حكمها. المقررة بالقانون 90 لسنة 1975. غير مانع من مطالبة المضرور بحقه في التعويض الكامل الجابر للضرر استناداً إلى المسئولية التقصيرية. أثر ذلك. اختصاص محاكم القضاء العادي دون القضاء الإداري بنظر هذه الدعوى.
(2) حكم: "تسبيب الحكم": نقض: "سلطة محكمة النقض".
- انتهاء الحكم إلى النتيجة الصحيحة. لا يعيبه اشتماله على تقريرات قانونية خاطئة لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ.
(3) إثبات. تعويض. دعوى.
إعمال الإجراءات الواردة بالمادة 82 من القانون رقم 90 لسنة 1975 لإثبات سبب الإصابة وتحديد نسبتها ودرجة العجز ونوعه. شرطه. أن يرفعها أحد المنتفعين بأحكام هذا القانون استناداً إلى إحدى الحالات الواردة به.
1 - النص في المادة الأولى من القانون رقم 90 لسنة 1975 الخاص بالتقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة يدل على أن هذا القانون إنما يقتصر نطاق تطبيقه بالنسبة لفئة ضباط الصف والجنود المجندين ومن في حكمهم على ما ورد بنصوصه من قواعد وأحكام تتعلق بهم، وإذ كانت المواد من 54 وحتى 65 التي انتظمها الباب الرابع من هذا القانون قد حددت قواعد استحقاق هذه الفئة لمكافأة نهاية الخدمة العسكرية ومنح ومعاشات المجندين في حالات الاستشهاد وحالات الإصابة والوفاة والفقد بسبب الخدمة أو العمليات الحربية وما في حكمها من الحالات التي وردت في المادة 31 منه، مما مؤداه أن هذه القواعد لا تشمل التعويض المستحق للمنتفعين من هذه الفئة طبقاً لأحكام القانون المدني أو تمتد إليه ولا تحول دون - مطالبة المضرور منهم بحقه في التعويض الكامل جبراً لما حاق به من ضرر إذ يظل حقه في هذا الصدد قائماً محكوماً بقواعد القانون المدني طالما كان الضرر ناشئاً عن خطأ تقصيري لما كان ذلك، وكان المطعون ضده أقام دعوه تأسيساً على قواعد المسئولية التقصيرية مردها إهمال وتراخ من تابعي المطعون ضده في المبادرة باتخاذ إجراءات علاجه من مرضه أثر الإبلاغ عنه وهو أساس مغاير لذلك الذي نص عليه القانون رقم 90 لسنة 1975 سالف الذكر ومن ثم تختص بنظر الدعوى تبعاً لذلك محاكم القضاء العادي دون جهة القضاء الإداري التي لا يدخل في - اختصاصها الفصل في المنازعات المتعلقة بهذه المسئولية ويكون الحكم المطعون فيه إذ خلص إلى القضاء برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي قد أصاب صحيح القانون.
2 - لا يعيب الحكم ما يكون قد أورده من تقريرات قانونية خاطئة إذ حسب محكمة الموضوع أن ينتهي حكمها إلى نتيجة صحيحة ولمحكمة النقض أن تتدارك بالتصحيح خطأه في القانون.
3 - مجال إعمال الإجراءات التي نصت عليها المادة 82 من القانون رقم 90 لسنة 1975 لإثبات سبب الإصابة وتحديد نسبتها ودرجة العجز ونوعه إنما يقتصر على الدعاوى التي يرفعها أحد المنتفعين بأحكام هذا القانون ويستند فيها إلى إحدى الحالات الواردة فيه دون تلك التي يرفعها هذا المنتفع بطلب التعويض طبقاً لأحكام المسئولية التقصيرية الواردة في القانون المدني والتي يطبق في شأنها القواعد العامة في الإثبات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن بصفته الدعوى رقم 555 لسنة 1976 أمام محكمة أسوان الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه أن يؤدي إليه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه، وقال بياناً للدعوى أنه جند بالقوات المسلحة لأداء الخدمة العسكرية بعد أن ثبتت لياقته الطبية، وأثناء تواجده بالوحدة العسكرية التي جند بها حس بآلام شديدة بأطراف يده اليسرى أبلغ عنها المسئولين فيها إلا أنهم تقاعسوا عن علاجه الأمر الذي أدى إثر اشتداد مرضه لنقله إلى مستشفي المنيل الجامعي في 14 من فبراير سنة 1974 فتم بتر أصابع يده اليسرى وتخلف عن ذلك إصابته بعاهة مستديمة قدرت بنسبة 65% أعقبها تسريحه من الخدمة العسكرية لعدم لياقته طبيا ودون تأهيله مهنياً، وإذ كان ما أصابه من عاهة على هذا النحو مرجعه إهمال وتراخ من تابعي الطاعن في علاجه فقد أقام الدعوى ليحكم له بمطلبه فيها ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره قضت في 12 نوفمبر سنة 1985 بالطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 255 لسنة 4 قضائية لدى محكمة استئناف قنا. وبتاريخ 22 يناير سنة 1987 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى واختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل فيها إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع على سند من عدم خضوع المطعون ضده لأحكام القانون 90 لسنة 1975 لكونه من المسرحين من الخدمة العسكرية لعدم لياقتهم طبياً في حين أن أحكام هذا القانون تسري عليه باعتباره مجنداً بالقوات المسلحة وقت إصابته، كما تسري على دعواه بطلب التعويض عن الإصابة أثناء أداء الخدمة العسكرية وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن النص في المادة الأولى من القانون رقم 90 لسنة 1975 الخاص بالتقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة على أنه "تسري أحكام هذا القانون على المنتفعين الآتي بيانها: ( أ )..... (ب)..... (ج)...... ضابط الصف والجنود المجندون بالقوات المسلحة أو بوحدات الأعمال الوطنية ومن في حكمهم.... ويكون سريان أحكام هذه القانون بالنسبة إلى الفئات الواردة في البنود (ج، د، هـ، و) في حدود الأحكام الخاصة بهذه الفئات المنصوص عليها في هذا القانون...." يدل على أن هذا القانون إنما يقتصر نطاق تطبيقه بالنسبة لفئة ضباط الصف والجنود المجندين ومن في حكمهم على ما ورد بنصوصه من قواعد وأحكام تتعلق بهم، وإذ كانت المواد من 54 وحتى 65 التي انتظمها الباب الرابع من هذا القانون قد حددت قواعد استحقاق هذه الفئة لمكافأة نهاية الخدمة العسكرية ولمنح ومعاشات المجندين في حالات الاستشهاد وحالات الإصابة والوفاة والفقد بسبب الخدمة أو العمليات الحربية وما في حكمها من الحالات التي وردت في المادة 31 منه، مما مؤداه أن هذه القواعد لا تشمل التعويض المستحق للمنتفعين من هذه الفئة طبقاً لأحكام القانون المدني أو تمتد إليه ولا تحول دون مطالبة المضرور منهم بحقه في التعويض الكامل جبراً لما حاق به من ضرر إذ يظل حقه في هذا الصدد قائماً ومحكوماً بقواعد القانون المدني طالما كان الضرر ناشئاً عن خطأ تقصيري، لما كان ذلك، وكان المطعون ضده قد أقام دعواه تأسيساً على قواعد المسئولية التقصيرية مردها إهمال وتراخ من تابعي المطعون ضده في المبادرة باتخاذ إجراءات علاجه من مرضه أثر الإبلاغ عنه وهو أساس مغاير لذلك الذي نص عليه القانون رقم 90 لسنة 1975 سالف الذكر وتختص بنظر هذه الدعوى تبعاً لذلك محاكم القضاء العادي دون جهة القضاء الإداري التي لا يدخل في اختصاصها الفصل في المنازعات المتعلقة بهذه المسئولية فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص إلى القضاء برفض الدفع بعد الاختصاص الولائي يكون قد أصاب صحيح القانون، في النتيجة التي انتهى إليها، ولا يعيبه ما يكون قد أورده من تقريرات قانونية خاطئة في هذا الصدد إذ حسب محكمة الموضوع أن ينتهي حكمها إلى نتيجة صحيحة ولمحكمة النقض أن تتدارك بالتصحيح خطأه في القانون.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم قضى بالتعويض للمطعون ضده عن الإصابة أثناء الخدمة بالقوات المسلحة دون أن يخوض لبحث عدم سلوكه الإجراءات التي نصت عليها المادة 82 من القانون 90 لسنة 1975 الواجب التطبيق على دعوى المطعون ضده لإثبات سبب الإصابة وتحديد نسبتها ودرجة العجز ونوعه كشرط لازم للقضاء له بالتعويض وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن مجال إعمال الإجراءات التي نصت عليها المادة 82 من القانون رقم 90 لسنة 1975 لإثبات سبب الإصابة وتحديد نسبتها ودرجة العجز ونوعه إنما يقتصر على الدعاوى التي يرفعها أحد المنتفعين بأحكام هذا القانون ويستند فيها إلى إحدى الحالات الواردة به دون تلك التي يرفعها هذا المنتفع بطلب التعويض لأحكام المسئولية التقصيرية الواردة في القانون المدني، لما كان ذلك وكان المطعون ضده قد أقام دعواه - وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول - على أساس من قواعد المساءلة عن الفعل غير المشروع المقررة بالقانون المدني فإن المحكمة في إثبات توافر أركانها لا تتقيد إلا بالقواعد العامة في الإثبات دون تلك المنصوص عليها في المادة 82 من القانون رقم 90 لسنة 1975، ويكون الحكم المطعون فيه إذا قضى بتعويض المطعون ضده دون إعمال أحكام هذه المادة قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم إذ عول بقضائه بتأييد الحكم المستأنف على ما انتهى إليه تقرير خبير حسابي قطع برأيه في مسألة طبية وعلمية لا دراية له بها، واستند فيما انتهى إليه على صورة ضوئية لشهادة تأدية الخدمة العسكرية صادر باسم المطعون ضده جحد الطاعن حجيتها ونازع في مطابقتها للأصل فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح في شقيه ذلك بأن الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أنه لم يعن في بحثه وفيما انتهى إليه من نتائج إلى التعرض لمسألة طبية أو علمية خاصة بالمطعون ضده وإنما اقتصرت مهمته على بيان ما خلصت إليه المستندات والأوراق الرسمية التي قدمت إليه، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أطرح دلالة الصورة الضوئية التي جحدها الطاعن وأقام قضاءه بأن المطعون ضده كان مجنداً بالقوات المسلحة أثناء إصابته على ما احتوته الأوراق الرسمية الأخرى المقدمة في الدعوى فإن ما ينعاه الطاعن بهذا السبب يكون في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ساحة النقاش