بيان الحكم العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية .
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 40 - صـ 1158
جلسة 7 من ديسمبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ حسين كامل حنفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زايد وصلاح البرجى نائبي رئيس المحكمة ومحمد حسام الدين الغرياني ومحمد طلعت الرفاعي.
(186)
الطعن رقم 14486 لسنة 59 القضائية
(1) ضرب "ضرب أحدث عاهة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير وقوع الجريمة". جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام" "خبرة".
العاهة المستديمة في مفهوم المادة 240 عقوبات. تعريفها؟
تقدير قيام العاهة من واقعات الدعوى. موضوعي.
(2) إثبات "بوجه عام". رابطة السببية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب "أحدث عاهة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
رابطة السببية. استقلال قاضي الموضوع بتقدير توافرها.
مثال لتسبيب سائغ لتوافر رابطة السببية في جريمة ضرب أحدث عاهة.
(3) عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن". ضرب "ضرب بسيط". "ضرب أحدث عاهة".
إدانة الطاعن بجريمة إحداث عاهة مستديمة. ومعاقبته بالعقوبة المقررة للضرب البسيط. انتفاء مصلحته في المجادلة في شأن توافر قيام العاهة.
(4) إثبات "بوجه عام". صلح. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الصلح بين المجني عليه والمتهم. قول جديد. حق محكمة الموضوع في الأخذ به أو إطراحه. أساس ذلك؟
(5) دعوى مدنية. تعويض. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مسئولية مدنية. ضرر.
بيان الحكم العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية. عدم بيانه عناصر الضرر عند قضائه بالتعويض. لا خطأ.
1 - لما كان القانون وإن لم يرد فيه تعريف للعاهة المستديمة واقتصر على إيراد بعض أمثلة لها، إلا أن قضاء محكمة النقض قد جرى على ضوء هذه الأمثلة على أن العاهة في مفهوم المادة 240 من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعته أو تقليلها أو تقليل قوة مقاومته للطبيعة بصفة مستديمة كذلك لم يحدد القانون نسبة معينة للنقص الذي يكفي وقوعه لتكوينها، بل ترك الأمر في ذلك لتقدير قاضي الموضوع يبت فيه بما يتبينه من حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب.
2 - لما كان ما قاله الحكم من أن الطاعن ضرب المجني عليه بمطواة في بطنه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الطبيب الشرعي والتي تخلف عنها عاهة مستديمة يوفر في حق الطاعن ارتكابه فعلاً عمدياً ارتبط بتخلف عاهة مستديمة بالمجني عليه هو فتق بيسار البطن - ارتباط السبب بالمسبب لأنه لولا هذه الضربة بالمطواة لما حدثت تلك الإصابة، وكان إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد بتقديرها قاضي الموضوع فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
3 - لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم في خصوص جريمة العاهة ما دامت العقوبة المقضى بها عليه تدخل في حدود عقوبة جنحة الضرب البسيط الذي لم يتخلف عنه عاهة مستديمة.
4 - إن الصلح الذي يتم بين المجني عليه والمتهم لا يعدو أن يكون قولاً جديداً من المجني عليه، يتضمن عدولاً عن اتهامه، وهو يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل - فلها أن تأخذ بما ورد فيه ولها أن تلتفت عنه، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه - على خلاف ما ذهب إليه الطاعن - بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. وفضلاً عن ذلك، فإن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة مستديمة بالمجني عليه التي دان الطاعن بها، وهذا البيان يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية بما يستوجب الحكم على الطاعن بالتعويض، ولا تثريب على المحكمة إذ هي لم تبين عناصر الضرر الذي قدرت على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به إذ الأمر في ذلك متروك لتقديرها بغير معقب.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: ضرب عمداً.... بمطواة قرن غزال في بطنه فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فتق بيسار البطن تقدر نسبتها بحوالي 15%. ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض (مطواة قرن غزال). وأحالته إلى محكمة جنايات المنيا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً/ 1، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 10 من الجدول رقم 6 الملحق به مع تطبيق المادتين 32/ 2، 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما هو منسوب إليه وبإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ أربعة آلاف جنيه مصري على سبيل التعويض المدني.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحداث عاهة مستديمة وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص قد شابه إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشة فيما إذا كان جرح طوله 2 سم يحتاج لشق جراحي طوله 22 سم أم لا، وهل يتخلف بالمجني عليه من جراء إصابته - التي لم تستقر - عاهة من عدمه، وردت عليه رداً غير كاف، ودانه الحكم بجريمة إحداث عاهة مستديمة رغم أن العاهة تخلفت عن تدخل الطبيب المعالج تدخلاً ينطوي على خطأ مهني جسيم يقطع رابطة السببية بين فعل الطاعن - الذي لم يكن يستدعي تدخلاً جراحياً والعاهة وإطراح الحكم محضر الصلح المحرر بين الطرفين - رغم إلزامه لهما - وقضى في الدعوى المدنية دون أن يناقش أركانها، كما لم يبين نوع التعويض وعناصره وأساسه وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لطلب الطاعن مناقشة الطبيب الشرعي وأطرحه بقوله "وحيث إنه متى كان الثابت من التقرير الطبي الشرعي المؤرخ..... أنه قد تم توقيع الكشف الطبي على المجني عليه بتاريخ....... وخلص في نتيجته إلى أنه قد تخلف لدى المجني عليه عاهة مستديمة، فتق بيسار البطن يتعذر تحديد نسبته الآن نظراً لما قد يطرأ من مضاعفات كالتصاقات أو انسداد معوي أو غرغرينا ولكن استقرت بوضعها الراهن، تقدر بنسبة 15% فإن مفاد ذلك أن تقدير النسبة وقت الكشف لا يحتمل معه أن تقل مستقبلاً بل على العكس من ذلك فإن الاحتمال زيادتها إذا ما طرأ على الحالة مضاعفات كالمنصوص عليها في نتيجته، ومن ثم فإن المحكمة لا ترى وجهاً والحال كذلك مناقشة الطبيب فيما جاء بتقريره على نحو ما أوضح وإعادة الكشف على المجني عليه لعدم احتمال نقض العاهة المقررة مستقبلاً" وإذ كان هذا الذي رد به الحكم كافياً ويسوغ به رفض طلب مناقشة الطبيب الشرعي فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان القانون وإن لم يرد فيه تعريف للعاهة المستديمة واقتصر على إيراد بعض أمثلة لها، إلا أن قضاء محكمة النقض قد جرى على ضوء هذه الأمثلة على أن العاهة في مفهوم المادة 240 من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعته أو تقليلها أو تقليل قوة مقاومته للطبيعة بصفة مستديمة كذلك لم يحدد القانون نسبة معينة للنقص الذي يكفي وقوعه لتكوينها، بل ترك الأمر في ذلك لتقدير قاضي الموضوع يبت فيه بما يتبينه من حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب. ومن ثم فلا جدوى مما يجادل فيه الطاعن - من أن حالة المجني عليه لما تصبح نهائية ومن عدم تقدير مدى عاهته - بصفة نهائية - ما دام أن ما انتهى إليه الحكم من ذلك إنما يستند إلى الرأي الفني الذي قال به الطبيب الشرعي وخلص منه إلى أنه قد نشأت لدى المجني عليه من جراء اعتداء المتهم عليه عاهة مستديمة، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن في غير محله - لما كان ذلك وكان ما قاله الحكم من أن الطاعن ضرب المجني عليه بمطواة في بطنه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الطبيب الشرعي والتي تخلف عنها عاهة مستديمة يوفر في حق الطاعن ارتكابه فعلاً عمدياً ارتبط بتخلف عاهة مستديمة بالمجني عليه هو فتق بيسار البطن - ارتباط السبب بالمسبب لأنه لولا هذه الضربة بالمطواة لما حدثت تلك الإصابة، وكان إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد بتقديرها قاضي الموضوع فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. وفضلاً عن ذلك فإنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم في خصوص جريمة العاهة ما دامت العقوبة المقضى بها عليه تدخل في حدود عقوبة جنحة الضرب البسيط الذي لم يتخلف عنه عاهة مستديمة.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لمحضر الصلح وأطرحه بقوله "وحيث إنه فضلاً عن عدم حجية صورة محضر الصلح المقدمة فهي مجحودة من المجني عليه ولم يرد اسمه في صلب المحضر ولا دلالة على مجرد توقيع منسوب إليه عليها لا يعتبر بذاته إقراراً أو شهادة ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عن هذه الورقة وما أثبت فيها". وكان ما أورده الحكم سائغاً وكافياً لطرح دلالة صورة محضر الصلح المقدم لما هو مقرر من أن الصلح الذي يتم بين المجني عليه والمتهم لا يعدو أن يكون قولاً جديداً من المجني عليه، يتضمن عدولاً عن اتهامه، وهو يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل - فلها أن تأخذ بما ورد فيه ولها أن تلتفت عنه، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه - على خلاف ما ذهب إليه الطاعن - بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. وفضلاً عن ذلك، فإن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة مستديمة بالمجني عليه التي دان الطاعن بها، وهذا البيان يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية بما يستوجب الحكم على الطاعن بالتعويض، ولا تثريب على المحكمة إذ هي لم تبين عناصر الضرر الذي قدرت على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به إذ الأمر في ذلك متروك لتقديرها بغير معقب. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش