خلو القانون المصري - كأصل عام - من تقرير المسئولية عن المخاطر التي لا يلابسها شيء من التقصير.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 43 - صـ 828
جلسة 18 من يونيه سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمد خيري الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي، عبد العال السمان، محمد محمد محمود نواب رئيس المحكمة ومصطفى نور الدين فريد.
(172)
الطعن رقم 828 لسنة 58 القضائية
(1، 2) مسئولية "المسئولية التقصيرية" "المسئولية عن المخاطر". تعويض.
(1) خلو القانون المصري - كأصل عام - من تقرير المسئولية عن المخاطر التي لا يلابسها شيء من التقصير. الاستثناء. حالات متفرقة ورد النص عليها بمقتضى تشريعات خاصة.
(2) استناد الطاعن إلى نظرية تحمل المخاطر في المطالبة بالتعويض عما لحقه من أضرار بسبب العدوان الإسرائيلي على مدينة القدس التي كان يعمل بها دون أن ينسب ثمة خطأ إلى المطعون ضده أو يبين سنده من القانون. غير مقبول.
(3) بطلان "بطلان الإجراءات". حكم "بطلان الحكم". نقض "أسباب الطعن بالنقض: سبب غير منتج" "سلطة محكمة النقض".
انتهاء الحكم في قضائه إلى النتيجة الصحيحة. اشتمال أسبابه على تقريرات قانونية خاطئة. لا يبطله. لمحكمة النقض تصحيحها واستيفاء أسباب الحكم دون أن تنقضه.
1- إن القانون المصري لم يرد فيه ما يجعل الشخص مسئولاً عن المخاطر التي لا يلابسها شيء من التقصير، كأصل عام، بل لم يأخذ بهذا النوع من المسئولية إلا في حالات متفرقة بمقتضى تشريعات خاصة.
2- إن استناد الطاعن إلى نظرية تحمل تبعة المخاطر دون أن ينسب إلى المطعون ضده ثمة خطأ أو يبين سنده من نصوص القانون في مطالبته بالتعويض عما لحقه من ضرر بسبب العدوان الإسرائيلي على مدينة القدس التي كان يعمل بها يكون ظاهر الفساد ومن ثم تكون دعواه على غير أساس.
3- من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان الحكم سليماً في نتيجته فلا يبطله ما يقع في أسبابه من أخطاء قانونية ما دام أن هذا الخطأ لم يؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها، ولمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب دون أن تنقضه وأن تستوفي ما قصر فيه الحكم من أسباب قانونية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 3901 لسنة 1981 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على وزير الخارجية - المطعون ضده - طالباً الحكم له بمبلغ 104620 جنيهاً. وقال شرحاً لها إنه كان يعمل قنصلاً عاماً لجمهورية مصر العربية بالقدس حين وقع العدوان الإسرائيلي بتاريخ 5/ 6/ 1967 وقامت السلطات الإسرائيلية باحتلال مدينة القدس واعتقلت الطاعن وزجت به في السجن زهاء ثمانية أشهر عومل خلالها أسوأ معاملة وتعرضت أسرته للمهانة وظلت تحت التحفظ قرابة ثلاثة شهور دون عائل ولا معين، كما صادرت أمواله ومنقولاته، وإذ أصيب الطاعن بسبب تأدية أعمال وظيفته بأضرار مادية وأدبية يقدر التعويض عنها بالمبلغ المطالب به فقد أقام الدعوى. بتاريخ 27 من نوفمبر سنة 1986 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 10876 لسنة 103 قضائية. وبجلسة 13 من يناير سنة 1988 حكمت بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. أودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الاستئناف أصدرت حكمها بتاريخ 23/ 1/ 1986 بإلغاء الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى في 9/ 4/ 1983 - بعدم اختصاصها بنظر الدعوى - وبإعادة القضية إليها للفصل في موضوعها، وهو ما يفيد اختصاص جهة المحاكم بنظر النزاع وصار هذا الحكم باتاً، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدعوى على أساس أن الأعمال المطلوب التعويض عنها من أعمال السيادة، فإنه يكون قد خالف حجية ذلك الحكم، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان قضاء محكمة الاستئناف الصادر بتاريخ 23/ 1/ 1986 قد ألغى حكم محكمة أول درجة - القاضي بعدم الاختصاص - لخطئه في فهم القانون 44 لسنة 1967 لعدم انطباقه على واقعة النزاع، ولم يعرض لتكييف الأفعال التي يستند إليها الطاعن في طلب التعويض وما إذا كانت تدخل ضمن أعمال السيادة أم لا، فإن الحكم المطعون فيه إذا انتهى إلى تكييف هذه الأفعال بأنها من أعمال السيادة ورتب على ذلك قضاءه برفض الدعوى، فإنه لا يكون قد ناقض قضاءه السابق أو أهدر حجية ذلك الحكم، ويكون النعي عليه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه استند في أسباب استئنافه إلى أحكام المسئولية المبينة على تحمل التبعة التي لا تنقضي ولا ترتفع إذا وجد السبب الأجنبي، وينبني على ذلك أن الموظف العام إذا أصيب أثناء وبسبب تأدية العمل التزمت الدولة بتعويضه ولو لم يثبت ثمة خطأ في جانبها وسواء كانت هذه الإصابة داخل البلاد أم خارجها، وإذ لم يناقش الحكم هذا الدفاع فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان القانون المصري لم يرد في ما يجعل الشخص مسئولاً عن المخاطر التي لا يلابسها شيء من التقصير، كأصل عام، بل لم يأخذ بهذا النوع من المسئولية إلا في حالات متفرقة بمقتضى تشريعات خاصة ليس من بينها الحالة المطروحة، ومن ثم فإن استناد الطاعن إلى نظرية تحمل تبعة المخاطر دون أن ينسب إلى المطعون ضده ثمة خطأ أو يبين سنده من نصوص القانون في مطالبته بالتعويض عما لحقه من ضرر بسبب العدوان الإسرائيلي على مدينة القدس التي كان يعمل بها، يكون ظاهر الفساد ومن ثم تكون دعواه على غير أساس لما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان الحكم سليماً في نتيجته فلا يبطله ما يقع في أسبابه من أخطاء قانونية ما دام أن هذا الخطأ لم يؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها، ولمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب دون أن تنقضه وأن تستوفي ما قصر فيه الحكم من أسباب قانونية. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى قد انتهى إلى نتيجة صحيحة تتفق وصحيح القانون على النحو والأساس آنف البيان، فمن ثم فإن النعي عليه بخطئه في الأسباب التي أقام عليها قضاءه يضحى غير منتج، ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ساحة النقاش