وقف سريان التقادم كلما استحال على صاحب الحق مادياً أو قانونياً المطالبة بحقه. م 382/ 1 مدني. اعتبار القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 مانعاً قانونياً يستحيل معه على أصحاب المشروعات المؤممة المطالبة بحقوقهم بالنسبة للتعويضات التي تجاوز خمسة عشر ألف جنيه.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثالث - السنة 44 - صـ 289
جلسة 2 من ديسمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمود نبيل البناوي/ نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الحميد الشافعي، محمد محمد محمود، عبد الملك نصار نواب رئيس المحكمة وعلي شلتوت.
(341)
الطعن رقم 3687 لسنة 58 القضائية
(1 - 3) تأميم. تعويض. ملكية.
(1) التزام المشرع في قانوني التأميم رقم 118 لسنة 1961، 72 لسنة 1963 بأن يكون التعويض المستحق لأصحاب المشروعات المؤممة معادلاً لكامل القيمة الحقيقية لحصصهم وأنصبتهم في تلك المشروعات بعد تقويمها وفقاً للقواعد المحددة بهذين القانونين. التزام الدولة بدفع قيمة أسهم الشركات ورؤوس أموال المنشآت المؤممة في شكل سندات اسمية.
(2) ملكية المسندات الاسمية التي تحولت إليها القيمة الكاملة لأسهم ورؤوس أموال الشركات والمنشآت المؤممة. استقرارها لأصحابها بموجب القرارين بالقانونين 118 لسنة 1961، 72 لسنة 1963. مؤداه. اعتبار هذين القانونين هما الواقعة المنشئة للتعويض المستحق لأصحاب الشركات والمنشآت المؤممة بمقتضاهما. علة ذلك.
(3) النص في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القرار بقانون 134 لسنة 1964 على حد أقصى للتعويض المستحق لأصحاب المشروعات المؤممة لا يجاوز خمسة عشر ألف جنيه. مقتضاه. استيلاء الدولة دون مقابل على السندات الاسمية الزائدة عن هذا الحد وامتناع مطالبتهم بحقوقهم فيما جاوز المقدار المنصوص عليه. عدم قصد المشرع من هذا القانون تعديل أسس أو قيمة التعويض التي سبق أن أرساها بالقانونين 118 لسنة 1961، 72 لسنة 1963.
(4) تقادم "تقادم مسقط: وقف التقادم". تأميم. تعويض.
وقف سريان التقادم كلما استحال على صاحب الحق مادياً أو قانونياً المطالبة بحقه. م 382/ 1 مدني. اعتبار القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 مانعاً قانونياً يستحيل معه على أصحاب المشروعات المؤممة المطالبة بحقوقهم بالنسبة للتعويضات التي تجاوز خمسة عشر ألف جنيه. أثره. وقف سريان تقادم الحق في اقتضاء هذه التعويضات منذ العمل بهذا القانون في 24/ 3/ 1964 وخلال فترة سريانه.
(5) تأميم. تعويض. دستور. قانون. تقادم.
الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة. أثره. عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية. انسحاب هذا الأثر على الوقائع والعلاقات السابقة على صدوره إلا ما استقر من مراكز وحقوق بحكم حاز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم. الحكم بعدم دستورية القرار بقانون 134 لسنة 1964. مؤداه. انفتاح باب المطالبة بالتعويضات الناشئة عن تطبيق القرارين بالقانونين 118 لسنة 1961، 72 لسنة 1963 التي جاوزت خمسة عشر ألف جنيه اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ الحكم في الجريدة الرسمية في 21/ 3/ 1985.
1- مفاد نص المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 والمادة الثانية من القرار رقم 72 لسنة 1963 يدل على أن المشرع التزم فيهما بالنسبة لتقدير التعويض المستحق لأصحاب المشروعات المؤممة كلياً أو جزئياً نهجاً عاماً قوامه أن يكون التعويض معادلاً لكامل القيمة الحقيقية لحصص وأنصبة أصحاب تلك المشروعات بعد تقويمها وفقاً للقواعد المحددة بالقانونين المذكورين، وقد أفصح المشرع صراحة عن هذا النهج بما أورده في المذكرة الإيضاحية للقرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 من أن "هذا التأميم اتخذ صورته العادلة فلم تؤول ملكية أسهم الشركات أو رؤوس أموال المنشآت إلى الدولة بلا مقابل بل عوض أصحابها عنها تعويضاً عادلاً إذ التزمت الدولة بأن تدفع قيمة أسهم تلك الشركات ورؤوس أموال المنشآت التي شملها التأمين في شكل سندات اسمية على الدولة....... وبذلك تكون الدولة قد عوضت المساهمين وأصحاب رؤوس الأموال عن حصصهم وأنصبتهم التي كانوا يملكونها بتلك الشركات والمنشآت على نحو روعيت فيه العدالة المطلقة" كما استطردت تلك المذكرة إلى القول "ثم أن هذه السندات تدفع عنها فائدة قدرها 4% وتكفل ثبات قيمتها كسندات على الدولة وبذلك لا تكون تلك السندات معرضة للتغيرات التي تطرأ عادة على قيمة الأسهم ورؤوس الأموال تبعاً للتيارات الاقتصادية التي تسود المشروعات المستثمرة فيها تلك الأموال......" وهو ما يكشف عن وجه آخر لما رآه من رعاية لأصحاب الأسهم ورؤوس الأموال في المشروعات المؤممة إلى جانب تعويضهم الكامل عنها بما ينم عن حرصه على النأي بسندات التعويض عن كل ما من شأنه انتقاص قيمتها أو المساس بها.
2- إذ كانت ملكية السندات الاسمية التي تحولت إليها القيمة الكاملة لأسهم ورؤوس أموال الشركات والمنشآت المؤممة قد استقرت لأصحابها بموجب القانونين سالفي الإشارة إليهما بما تخوله لهم ملكية هذه السندات من التصرف فيها بالبيع بتداولها في البورصة أو كوسيلة للوفاء بالتزاماتهم قبل الدولة بقدر قيمتها أو الانتفاع بما تغله من ريع، ومن ثم فإن الواقعة المنشئة للتعويض المستحق لأصحاب الشركات والمنشآت المؤممة هي القانونان رقما 118 لسنة 1961، 72 لسنة 1963 المعمول بهما في 20/ 7/ 1961، 8/ 8/ 1963 على التوالي إذ يعتبر التعويض مقدراً في صورته النهائية منذ نشوء الحق فيه أصلاً.
3- إذ كان المشرع قد أصدر القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 المعمول به اعتبار من 24/ 3/ 1964 ونص في الفقرة الأولى من المادة الأولى على وضع حد أقصى للتعويض المستحق لأصحاب المشروعات المؤممة بما لا يجاوز خمسة عشر ألف جنيه، ومن ثم فأن مقتضى هذا القانون هو استيلاء الدولة دون مقابل على السندات الاسمية المملوكة لهم والزائدة عن هذا الحد تجريدهم بالتالي من ملكيتها، بحيث يمتنع عليهم المطالبة بحقوقهم فيما جاوز الخمسة عشر ألف جنيه ولم يقصد المشرع من هذا القرار بقانون تعديل أسس أو قيمة التعويض التي سبق أن أرساها في القانونين رقمي 118 لسنة 1961، 72 لسنة 1963.
4- النص في الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني على أنه "لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبياً......" مفاده - وعلى ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني - أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم حكماً إذا استحال على صاحب الحق مادياً أو قانونياً أن يطالب بحقه، فهو يقف بالنسبة لكل صاحب حق حال بينه وبين المطالبة بحقه قوة قاهرة، وكان القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 - وعلى ما سلف - يعتبر مانعاً قانونياً يستحيل معه على أصحاب الشركات والمنشآت المؤممة المطالبة بحقوقهم بالنسبة للتعويضات التي تجاوز خمسة عشر ألف جنيه والتي استولت عليها الدولة فإن التقادم بالنسبة لها يكون موقوفاً منذ العمل بهذا القرار بقانون.
5- إذ قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 1 لسنة 1 ق "دستورية" بتاريخ 2/ 3/ 1985 بعدم دستورية القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 بتعويض أصحاب الأسهم ورؤوس أموال الشركات والمنشآت التي آلت ملكيتها إلى الدولة وفقاً لأحكام القانونين رقمي 118 لسنة 1961، 72 لسنة 1963 تعويضاً إجمالياً، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية إلا أن عدم تطبيق النص - على ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا - لا ينصرف إلى المستقبل فحسب وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص، على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدور الحكم بحكم حائز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم، فإنه يترتب على حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 انفتاح باب المطالبة بالتعويضات التي تجاوز خمسة عشر ألف جنيه، وذلك اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية في 21/ 3/ 1985 ولا يكون الحق في المطالبة بها قد سقط بالتقادم باعتبار أن القانون المشار إليه وقد حدد تعويض إجمالي لا يجاوز خمسة عشر ألف جنيه كان يحول بين أصحاب الحقوق والمطالبة بما جاوز هذا المقدار إذ كان ممتنعاً قانوناً المطالبة بحقوقهم قبل المطعون ضدهم، فيعتبر مانعاً في حكم المادة 382 من القانون المدني يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه وبالتالي يكون تقادم الحق في التعويض الناشئ عن القرارين بقانونين رقمي 118 لسنة 1961، 72 لسنة 1963 موقوفاًَ منذ 24/ 3/ 1964 تاريخ العمل بالقرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 فلا تجري مواعيد سقوط الحق خلال فترة سريانه، وتعود فتستأنف سيرها بمجرد زوال سبب الوقف بنشر الحكم بعدم دستوريته في الجريدة الرسمية في 21/ 3/ 1985.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين - وآخرين - أقاموا الدعوى رقم 9648 سنة 1986 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهم بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا لكل منهم التعويض المستحق فيما زاد على خمسة عشر ألف جنيه عن الأسهم المملوكة لكل منهم بصفتهم الشخصية أو بالميراث في شركة......... والمؤممة جزئياً وكلياً بالقرارين بقانونين رقمي 118 سنة 1961، 72 سنة 1963 على أساس قيمة هذه الأسهم في بورصة الأوراق المالية بالقاهرة في اليوم السابق على تاريخ العمل بكل من هذين القانونين مع فائدة بواقع 4% سنوياً من تاريخ التأميم حتى السداد وقالوا بياناً لذلك إن عدداً من أفراد عائلة....... أسسوا شركة........ وهي شركة مساهمة وكانوا يملكون أسهماً فيها تبلغ قيمتها مئات الألوف من الجنيهات، وقد أممت هذه الشركة تأميماً جزئياً بموجب القرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 وتأميماً كلياً بموجب القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963، وقدرت أسعار الأسهم المؤممة طبقاً لآخر إقفال في بورصة الأوراق المالية بالقانون قبل صدور هذين القانونين، وإذ صدر القرار بقانون رقم 134 سنة 1964 وحددت بموجب التعويضات المستحقة لهم عن أسهمهم في الشركة تعويضاً إجمالياً بما لا يجاوز خمسة عشر ألف جنيه، فقد حال ذلك القرار بقانون بينهم وبين المطالبة بباقي التعويض المستحق لهم، وإذ قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 1 لسنة 1 ق "دستورية" بتاريخ 2/ 3/ 1985 بعدم دستورية القرار بقانون الأخير فيما نص عليه من وضع حد أقصى للتعويض المستحق لأصحاب الشركات والمشروعات المؤممة، فقد أقاموا الدعوى ليحكم لهم بطلباتهم آنفة البيان، دفع المطعون ضدهم بسقوط الحق المطالب به بالتقادم وبتاريخ 24/ 11/ 1987 حكمت المحكمة بسقوط حق الطاعنين بالتقادم، استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 11445 لسنة 104 ق وبتاريخ 16/ 11/ 1988 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعنون بها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إنه وفقاً للقرارين بقانونين رقمي 118 لسنة 1961، 72 لسنة 1963 المعمول بهما في 20/ 7/ 1961، 18/ 8/ 1963 على التوالي لا تستحق السندات الاسمية التي قرر المشرع تعويض المساهمين بها إلا بعد مضي خمسة عشر عاماً من تاريخ العمل بهما أي لا تكون مستحقه الأداء إلا في عامي 1976، 1978 ومن ثم فإن الحق في المطالبة بها لا يسقط إلا في عامي 1991، 1993، فضلاً عن أنه لما كان قد صدر القرار بقانون رقم 134 سنة 1964 محدداً التعويض المستحق لهم عن مجموع ما يملكه كل منهم من أسهم ورؤوس أموال في الشركة المؤممة بتعويض إجمالي قدره خمسة عشر ألف جنيه، فإنه يمتنع عليهم في ظل أحكام هذا القرار بقانون المطالبة بما يجاوز هذا المبلغ باعتبار أنه يصادر حقهم فيه، ومن ثم فإن هذا القانون يعتبر مانعاً قانونياً يحول بينهم وبين رفع الدعوى للمطالبة بكامل التعويض ومن شأنه وقف التقادم، وإذ حكمت المحكمة الدستورية العليا في عام 1985 بعدم دستوريته في خصوص تحديده لحد أقصى للتعويض لمخالفته للدستور فلا يبدأ سريان التقادم في حقهم إلا اعتباراً من تاريخ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، وإذ أقاموا دعواهم في عام 1986 فإنها لا تكون قد سقطت بالتقادم غير أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى خلاف ذلك واحتسب بدء سريان التقادم من تاريخ العمل بالقرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 باعتبار أن التعويض النقدي استحق لهم منذ هذا التاريخ دون أن يعتد به كمانع قانوني يحول بينهم وبين رفع الدعوى ورتب على ذلك سقوط دعواهم بالتقادم بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن مفاد نص المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 والمادة الثانية من القرار بقانون رقم 72 لسنة 1963 يدل على أن المشرع التزم فيهما بالنسبة لتقدير التعويض المستحق لأصحاب المشروعات المؤممة كلياً أو جزئياً نهجاً عاماً قوامه أن يكون التعويض معادلاً لكامل القيمة الحقيقية لحصص وأنصبة أصحاب تلك المشروعات بعد تقويمها وفقاً للقواعد المحددة بالقانون المذكورين، وقد أفصح المشرع صراحة عن هذا النهج بما أورده في المذكرة الإيضاحية للقرار بقانون رقم 118 لسنة 1961 من أن "هذا التأميم اتخذ صورته العادلة فلم تؤول ملكية أسهم الشركات أو رؤوس أموال المنشآت إلى الدولة بلا مقابل بل عوض أصحابها عنها تعويضاً عادلاً إذ التزمت الدولة بأن تدفع قيمة أسهم تلك الشركات ورؤوس أموال المنشآت التي شملها التأمين في شكل سندات اسمية على الدولة....... وبذلك تكون الدولة قد عوضت المساهمين وأصحاب رؤوس الأموال عن حصصهم وأنصبتهم التي كانوا يملكونها بتلك الشركات والمنشآت على نحو روعيت فيه العدالة المطلقة" كما استطردت تلك المذكرة إلى القول "ثم أن هذه السندات تدفع عنها فائدة قدرها 4% وتكفل ثبات قيمتها كسندات على الدولة وبذلك لا تكون تلك السندات معرضة للتغيرات التي تطرأ عادة على قيمة الأسهم ورؤوس الأموال تبعاً للتيارات الاقتصادية التي تسود المشروعات المستثمرة فيها تلك الأموال......" وهو ما يكشف عن وجه آخر لما رآه من رعاية لأصحاب الأسهم ورؤوس الأموال في المشروعات المؤممة إلى جانب تعويضهم الكامل عنها بما ينم عن حرصه على النأي بسندات التعويض عن كل ما من شأنه انتقاص قيمتها أو المساس بها. لما كان ذلك وكانت ملكية السندات الاسمية التي تحولت إليها القيمة الكاملة لأسهم ورؤوس أموال الشركات والمنشآت المؤممة قد استقرت لأصحابها بموجب القانونين سالفي الإشارة إليهما بما تخوله لهم ملكية هذه السندات من التصرف فيها بالبيع بتداولها في البورصة أو كوسيلة للوفاء بالتزاماتهم قبل الدولة بقدر قيمتها أو الانتفاع بما تغله من ريع، ومن ثم فإن الواقعة المنشئة للتعويض المستحق لأصحاب الشركات والمنشآت المؤممة هي القانونان رقما 118 لسنة 1961، 72 لسنة 1963 المعمول بهما في 20/ 7/ 1960، 8/ 8/ 1963 على التوالي إذ يعتبر التعويض مقدراً في صورته النهائية منذ نشوء الحق فيه أصلاً. إذ كان ما تقدم وكان المشرع قد أصدر القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 المعمول به اعتبارا من 24/ 3/ 1964 ونص في الفقرة الأولى من المادة الأولى على وضع حد أقصى للتعويض المستحق لأصحاب المشروعات المؤممة بما لا يجاوز خمسة عشر ألف جنيه، ومن ثم فإن مقتضى هذا القانون هو استيلاء الدولة دون مقابل على السندات الاسمية المملوكة لهم والزائدة عن هذا الحد تجريدهم بالتالي من ملكيتها، بحيث يمتنع عليهم المطالبة بحقوقهم فيما جاوز الخمسة عشر ألف جنيه ولم يقصد المشرع من هذا القرار بقانون تعديل أسس أو قيمة التعويض التي سبق أن أرساها في القانونين رقمي 118 لسنة 1961، 72 لسنة 1963 سالفي الإشارة إليهما. لما كان ذلك وكان النص في الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني على أنه "لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبياً......" مفاده - وعلى ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني - أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم حكماً إذا استحال على صاحب الحق مادياً أو قانونياً أن يطالب بحقه، فهو يقف بالنسبة لكل صاحب حق حال بينه وبين المطالبة بحقه قوة قاهرة، وكان القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 - وعلى ما سلف - يعتبر مانعاً قانونياً يستحيل معه على أصحاب الشركات والمنشآت المؤممة المطالبة بحقوقهم بالنسبة للتعويضات التي تجاوز خمسة عشر ألف جنيه والتي استولت عليها الدولة فإن التقادم بالنسبة لها يكون موقوفاً منذ العمل بهذا القرار بقانون وإذ قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 1 لسنة 1 ق "دستورية" بتاريخ 2/ 3/ 1985 بعدم دستورية القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 بتعويض أصحاب الأسهم ورؤوس أموال الشركات والمنشآت التي آلت ملكيتها إلى الدولة وفقاً لأحكام القانونين رقمي 118 لسنة 1961، 72 لسنة 1963 تعويضاً إجمالياً، وكان من المقرر في قضاء هذا المحكمة أنه يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية إلا أن عدم تطبيق النص - على ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا - لا ينصرف إلى المستقبل فحسب وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص، على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدور الحكم بحكم حائز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم، فإنه يترتب على حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 انفتاح باب المطالبة بالتعويضات التي تجاوز خمسة عشر ألف جنيه، وذلك اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية في 21/ 3/ 1985 ولا يكون الحق في المطالبة بها قد سقط بالتقادم باعتبار أن القانون المشار إليه وقد حدد تعويض إجمالي لا يجاوز خمسة عشر ألف جنيه كان يحول بين أصحاب الحقوق والمطالبة بما جاوز هذا المقدار إذ كان ممتنعاً عليهم قانوناً المطالبة بحقوقهم قبل المطعون ضدهم، فيعتبر مانعاً في حكم المادة 382 من القانون المدني يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه وبالتالي يكون تقادم الحق في التعويض الناشئ عن القرارين بقانونين رقمي 118 لسنة 1961، 72 لسنة 1963 موقوفاًَ منذ 24/ 3/ 1964 تاريخ العمل بالقرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 فلا تجري مواعيد سقوط الحق خلال فترة سريانه، وتعود فتستأنف سيرها بمجرد زوال سبب الوقف بنشر الحكم بعدم دستوريته في الجريدة الرسمية في 21/ 3/ 1985، لما كان ذلك وكان الطاعنون أقاموا الدعوى في عام 1989 بطلب أحقيتهم في التعويض المستحق لكل منهم فيما جاوز خمسة عشر ألف جنيه عن الأسهم المملوكة لهم في............. طبقاً للقانونين رقمي 118 لسنة 1961، 72 لسنة 1963 تأسيساً على زوال المانع الذي حال بينهم وبين المطالبة بهذا الحق بقضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بسقوط الحق في المطالبة بالتقادم على سند من القول أن التعويض استحق للطاعنين اعتباراً من صدور القرار بقانون رقم 134 لسنة 1964 وأنه لا يعتبر مانعاً من المطالبة بحق حال أن هذا القرار بقانون يعتبر مانعاً يحول بينهم وبين المطالبة بحقوقهم قبل الطاعنين فلا يجرى ميعاد سقوط الحق إلا بزوال هذا المانع اعتباراً من تاريخ نشر الحكم بعدم دستوريته في الجريدة الرسمية في 21/ 3/ 1985 - على النحو السالف بيانه - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
ساحة النقاش