موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

إساءة استعمال الحق. مناطه. معيار الموازنة بين مصلحة صاحب الحق وبين الضرر الواقع على الغير. معيار مادي دون النظر للظروف الشخصية للمنتفع أو المضرور.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 46 - صـ 1219

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد القادر سمير، إبراهيم الضهيري، حسين دياب وفتحي قرمة نواب رئيس المحكمة.

(238)
الطعن رقم 2845 لسنة 59 القضائية

(1) اختصاص "اختصاص نوعي"، نظام عام. قوة الأمر المقضي. نقض "نطاق الطعن".
قضاء المحكمة الابتدائية برفض الدفع بعدم الاختصاص ولائياً. أثره. اكتساب الحكم الابتدائي حجية الشيء المقضي فيه. صيرورة ذلك الحكم نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي تعلو اعتبارات النظام العام.
(2) تعويض. مسئولية.
إساءة استعمال الحق. مناطه. معيار الموازنة بين مصلحة صاحب الحق وبين الضرر الواقع على الغير. معيار مادي دون النظر للظروف الشخصية للمنتفع أو المضرور.
(3) مسئولية. نقض. محكمة الموضوع. تعويض.
تكييف الفعل بأنه خطأ من عدمه. خضوع قضاء الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض.
(4) عمل "العاملون بالقطاع العام" "تأديب". مسئولية.
حق التأديب المقرر لجهة العمل على العاملين بها حق يهدف إلى حسن سير العمل لا تقوم به المسئولية المدنية إلا إذا أقام العامل الدليل على انحرافها في استعمال هذا الحق.
1 - إن ما تثيره الطاعنة من عدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر دعوى التعويض عند إلغاء القرار التأديبي من الجهة المختصة، أياً ما كان وجه الرأي فيه، فإن الحكم الابتدائي الذي قضى برفض الدفع المبدى منها في هذا الخصوص هو حكم حائز لقوة الأمر المقضي لعدم استئنافه من الطاعنة إذ اقتصر استئنافها على ما قضى به الحكم المستأنف في موضوع الدعوى لما كان ذلك وكان نطاق الطعن لا يتسع لغير الخصومة التي كانت مطروحة على محكمة الاستئناف فإن هذا النعي يكون قد انصب على الحكم الابتدائي ومن ثم فهو غير مقبول ولا يغير من ذلك أن يكون هذا الاختصاص من النظام العام إذ أن قوة الأمر المقضي تعلو على اعتبارات النظام العام.
2 - لما كان الأصل حسبما تقضي به المادة 4 من القانون المدني أن "من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر" باعتبار أن مناط المسئولية عن تعويض الضرر هو وقوع الخطأ وأنه لا خطأ في استعمال صاحب الحق لحقه في جلب المنفعة المشروعة التي يتيحها له هذا الحق وكان خروج هذا الاستعمال عن دائرة المشروعية إنما هو استثناء من ذلك الأصل وحددت المادة 5 من ذلك القانون حالاته على سبيل الحصر....... وكان يبين من استقراء تلك الصور أنه يجمع بينها ضابط مشترك هو نية الإضرار سواء على نحو إيجابي بتعمد السير إلى مضارة الغير دون نفع يجنيه صاحب الحق من ذلك أو على نحو سلبي بالاستهانة المقصودة بما يصيب الغير من ضرر من استعمال صاحب الحق لحقه استعمالاً هو إلى الترف أقرب مما سواه مما يكاد يبلغ قصد الإضرار العمدي وكان من المقرر أن معيار الموازنة بين المصلحة المبتغاة في هذه الصورة الأخيرة وبين الضرر الواقع هو معيار مادي قوامه الموازنة المجردة بين النفع والضرر دون نظر إلى الظروف الشخصية للمنتفع أو المضرور يسراً أو عسراً إذ لا تنبع فكرة إساءة استعمال الحق من دواعي الشفقة وإنما من اعتبارات العدالة القائمة على إقرار التوازن بين الحق والواجب.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تكييف الفعل المؤسس عليه التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض.
4 - النص في المادة 80 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام "....." يدل على أن حق التأديب المقرر لجهة العمل على العاملين بها هو حق أصيل يهدف إلى حسن سير العمل ومن ثم فلا تقوم المسئولية المدنية على تلك الجهة بمجرد إلغاء الجزاء التأديبي الصادر منها بل يتعين أن يقيم العامل الدليل على انحرافها في استعمال هذا الحق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة الدعوى رقم 420/ 1985 عمال شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بأن تؤدي إليه مبلغ عشرين ألف جنيه وقال بياناً لها إنه من العاملين لدى الطاعنة وقد نسبت إليه خروجه على مقتضى الواجب الوظيفي بأن قام باستخراج 163 تذكرة مفتوحة بدون حجز إلى عمان رغم أن التعليمات تمنع ذلك ثم قام بتشغيل رحلة إضافية لحاملي هذه التذاكر دون أن يكتمل العدد اللازم لتغطية تكاليف هذه الرحلة وتمت إحالته إلى النيابة الإدارية فرأت مجازاته إدارياً عن هذه المخالفات فأصدرت الطاعنة قرارها رقم 130/ 1982 بخفض أجره في حدود علاوة وتحميله بقيمة 14 تذكرة التي قامت الرحلة بدون شغل أماكنها وإذ طعن في هذا الجزاء أمام المحكمة التأديبية المختصة صدر الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار ولما كانت هذه الإجراءات الصادرة من الطاعنة قد أصابته بأضرار مادية وأدبية فقد أقام دعواه بطلب التعويض عنها. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ودفعت الطاعنة بعدم الاختصاص الولائي بنظر الدعوى وبتاريخ 31/ 12/ 1986 حكمت المحكمة برفض الدفع وبإلزام الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضده مبلغ ثمانية آلاف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية.
استأنفت الطاعنة ذلك الحكم بالاستئناف رقم 319/ 104 ق القاهرة فيما قضى به في موضوع الدعوى كما أقام المطعون ضده الاستئناف رقم 329 لسنة 104 ق وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئناف الثاني للأول ليصدر فيهما حكم واحد قضت بتاريخ 17/ 5/ 1989 بتأييد الحكم المستأنف.
طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون - وفى بيان ذلك تقول إنها دفعت بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن المحكمة التأديبية تختص بنظر طلب التعويض عن قرارات التأديب عند الحكم بإلغائها إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضي برفض هذه الدفع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه أياً ما كان وجه الرأي فيما تثيره الطاعنة من عدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر دعوى التعويض عند إلغاء القرار التأديبي من الجهة المختصة فإن الحكم الابتدائي الذي قضى برفض الدفع المبدى منها في هذا الخصوص هو حكم حائز لقوة الأمر المقضي لعدم استئنافه من الطاعنة إذ اقتصر استئنافها على ما قضي به الحكم المستأنف في موضوع الدعوى لما كان ذلك وكان نطاق الطعن لا يتسع لغير الخصومة التي كانت مطروحة على محكمة الاستئناف فإن هذا النعي يكون قد انصب على الحكم الابتدائي ومن ثم فهو غير مقبول ولا يغير من ذلك أن يكون هذا الاختصاص من النظام العام إذ أن قوة الأمر المقضي تعلو على اعتبارات النظام العام.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون - وفى بيان ذلك تقول الطاعنة إن مؤدى نص المادة 163 من القانون المدني - المنطبق على وقائع الدعوى - هو ثبوت الخطأ في جانب المدعى عليه والمقصود بذلك هو إخلاله بواجب قانوني - وإذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعنة لم تخل بأي التزام قانوني نحو المطعون ضده ولم يقم الدليل على تعسفها معه وإنما اقتصر دورها بالنسبة له على إحالة مذكرة مدير عام المبيعات لديها والتي تضمنت حصر المخالفات المنسوبة للمطعون ضده إلى النيابة الإدارية التي انتهت إلى ثبوتها في حقه وأوصت بمجازاته إدارياً عنها ثم أصدرت الطاعنة قرار الجزاء فإنها لا تكون قد تعسفت في استعمال حقها ومن ثم لا يتوافر في جانبها الخطأ الموجب للمسئولية المدنية وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان الأصل حسبما تقضي به المادة 4 من القانون المدني أن "من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر" باعتبار أن مناط المسئولية عن تعويض الضرر هو وقوع الخطأ وأنه لا خطأ في استعمال صاحب الحق لحقه في جلب المنفعة المشروعة التي يتيحها له هذا الحق وكان خروج هذا الاستعمال عن دائرة المشروعية إنما هو استثناء من ذلك الأصل وحددت المادة 5 من ذلك القانون حالاته على سبيل الحصر بقولها "يكون استعمال الحق غير مشروع في الأحوال الآتية: -
أ - إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير.
ب - إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها.
جـ - إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة". وذلك درأ لاتخاذ ظاهر القواعد القانونية شعاراً غير أخلاقي لإلحاق الضرر بالغير، وكان يبين من استقراء تلك الصور أنه يجمع بينها ضابط مشترك هو نية الإضرار سواء على نحو إيجابي بتعمد السير إلى مضارة الغير دون نفع يجنيه صاحب الحق من ذلك أو على نحو سلبي بالاستهانة المقصودة بما يصيب الغير من ضرر من استعمال صاحب الحق لحقه استعمالاً هو إلى الترف أقرب مما سواه مما يكاد يبلغ قصد الإضرار العمدي وكان من المقرر أن معيار الموازنة بين المصلحة المبتغاة في هذه الصورة الأخيرة وبين الضرر الواقع هو معيار مادي قوامه الموازنة المجردة بين النفع والضرر دون نظر إلى الظروف الشخصية للمنتفع أو المضرور يسراً أو عسراً إذ لا تنبع فكرة إساءة استعمال الحق من دواعي الشفقة وإنما من اعتبارات العدالة القائمة على إقرار التوازن بين الحق والواجب، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تكييف الفعل المؤسس عليه التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض لما كان ذلك وكان النص في المادة 80 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام على أن "كل من يخالف الواجبات أو يرتكب المحظورات المنصوص عليها في هذا القانون أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته يجازى بإحدى الجزاءات المنصوص عليها في المواد التالية...." يدل على أن حق التأديب المقرر لجهة العمل على العاملين بها هو حق أصيل يهدف إلى حسن سير العمل ومن ثم فلا تقوم المسئولية المدنية على تلك الجهة بمجرد إلغاء الجزاء التأديبي الصادر منها بل يتعين أن يقيم العامل الدليل على انحرافها في استعمال هذا الحق على ما سلف بيانه. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استخلص من مجرد إلغاء الجزاء الموقع على المطعون ضده الخطأ الموجب لمسئولية الطاعنة مدنياً دون أن يعن ببحث مدي توافر إحدى صور التعسف في استعمال الطاعنة لحق التأديب فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 30 مشاهدة
نشرت فى 25 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,122,166

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »