مساءلة العامل مدنياً. شرطه. وقوع خطأ شخصي. م 78 ق 47 لسنة 1978. عدم جواز الرجوع إلى النص العام المقرر بالمادة 175 مدني.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 50 - صـ 641
جلسة 11 من مايو سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضا الخضيري، سعيد شعلة، عبد الباسط أبو سريع - نواب رئيس المحكمة، وعبد المنعم محمود.
(126)
الطعن رقم 3021 لسنة 68 القضائية
(1) قانون. تعويض. مسئولية.
مساءلة العامل مدنياً. شرطه. وقوع خطأ شخصي. م 78 ق 47 لسنة 1978. عدم جواز الرجوع إلى النص العام المقرر بالمادة 175 مدني.
(2) تعويض. مسئولية.
مسئولية الإدارة مع تابعها الموظف عن تعويض المضرور عما يصيبه من ضرر بسبب خطأ الموظف مرفقياً أو شخصياً. م 174 مدني. رجوعها على الأخير بما حكم به عليها من تعويض. قصره على حالة الخطأ الشخصي دون المصلحي أو المرفقي. الخطأ الشخصي للموظف. مناطه. أن يكون جسيماً أو مدفوعاً فيه بعوامل شخصية قصد بها مجرد النكاية أو الإيذاء أو تحقيق منفعة ذاتية له أو لغيره.
1 - النص في المادة 78 من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 تنص في فقرتها الأخيرة على أن (ولا يُسئل العامل مدنياً إلا عند خطئه الشخصي) ومع قيام هذا النص الخاص، فإنه لا يجوز الرجوع إلى النص العام المقرر بالمادة 175 من القانون المدني فيما جرى به من أن (للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسئولاً عن تعويض الضرر).
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كانت الإدارة مسئولة مع الموظف أمام المضرور عن التعويض المستحق له عما يصيبه من ضرر بسبب الخطأ الذي يرتكبه هذا الموظف على أساس مسئولية المتبوع عن أعمال التابع المنصوص عليها في المادة 174 من القانون المدني سواء كان هذا الخطأ مرفقياً أو شخصياً، إلا أنه ليس لها أن ترجع على هذا الموظف بما حكم به عليها من تعويض إلا إذا كان الخطأ الواقع منه خطأ شخصياً وليس خطأ مصلحياً أو مرفقياً، ولا يعتبر ما وقع من الموظف خطأ شخصياً إلا إذا كان خطؤه جسيماً، أو كان مدفوعاً فيه بعوامل شخصية قصد بها مجرد النكاية أو الإيذاء أو تحقيق منفعة ذاتية له أو لغيره.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول والثانية أقاما الدعوى 526 لسنة 1996 مدني بني سويف الابتدائية على المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين بطلب الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا إليهما مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضاً عما أصابهما من أضرار مادية وأدبية من جراء وفاة ابنهما غرقاً في مياه النيل أثناء اليوم المدرسي، بالإضافة إلى التعويض الموروث، وتساندا في ذلك إلى أن وفاة ابنهما كانت نتيجة الإهمال والتقصير في الرقابة عليه مما مكنه من الخروج من المدرسة قبل الميعاد المحدد للانصراف والاستحمام في النيل. أقام المدعى عليهم المذكورين دعوى فرعية ضد الطاعنين بطلب الحكم عليهما بما عسى أن يحكم به عليهم في الدعوى الأصلية. ومحكمة أول درجة حكمت في الدعوى الأصلية بإلزام الأخيرين بأن يدفعوا إلى المدعين مبلغ عشرين ألف جنيه، وفي الدعوى الفرعية بإلزام الطاعنين بأن يؤديا للمدعين فيها هذا المبلغ. استأنف المطعون ضدهما الأول والثانية الحكم الصادر في الدعوى الأصلية بالاستئناف رقم 724 لسنة 35 ق بني سويف، كما استأنفه المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين بالاستئناف رقم 741 لسنة 35 ق بني سويف، واستأنف الطاعنان الحكم الصادر في الدعوى الفرعية بالاستئناف 770 لسنة 35 ق بني سويف، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة قضت بتاريخ 27/ 5/ 1998 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرُض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولان إنهما دفعا أمام محكمة الموضوع بانتفاء مسئوليتهما طبقاً للمادة 78/ 3 من قانون العاملين المدنيين بالدولة لأنهما لم يرتكبا خطأ شخصياً يجيز للمطعون عليهم الثلاثة الأخيرين الرجوع عليهما بما حكم به عليهم من تعويض، وإذ أهدر الحكم ذلك الدفاع المؤيد بنص في القانون، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المادة 78 من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 تنص في فقرتها الأخيرة على أن (ولا يُسئل العامل مدنياً إلا عند خطئه الشخصي) ومع قيام هذا النص الخاص، فإنه لا يجوز الرجوع إلى النص العام المقرر بالمادة 175 من القانون المدني فيما جرى به من أن (للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسئولاً عن تعويض الضرر)، ومن ثم فقد استقر قضاء هذه المحكمة على أنه وإن كانت الإدارة مسئولة مع الموظف أمام المضرور عن التعويض المستحق له عما يصيبه من ضرر بسبب الخطأ الذي يرتكبه هذا الموظف على أساس مسئولية المتبوع عن أعمال التابع المنصوص عليها في المادة 174 من القانون المدني سواء كان هذا الخطأ مرفقياً أو شخصياً، إلا أنه ليس لها أن ترجع على هذا الموظف بما حكم به عليها من تعويض إلا إذا كان الخطأ الواقع منه خطأ شخصياً، وليس خطأ مصلحياً أو مرفقياً، ولا يعتبر ما وقع من الموظف خطأ شخصياً إلا إذا كان خطؤه جسيماً، أو كان مدفوعاً فيه بعوامل شخصية قصد بها مجرد النكاية أو الإيذاء أو تحقيق منفعة ذاتية له أو لغيره، وإذ كان البين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أن القائمين على إدارة المدرسة التي التحق بها ابن المطعون ضدهما الأول والثانية أهملوا في رقابته حال كونه في حاجة إلى الرقابة بسبب قصره إذ لم يمنعوا خروجه من المدرسة أثناء اليوم المدرسي مما نتج عنه انصرافه وتوجهه إلى النيل للاستحمام وغرقه. لما كان ذلك، وكان الإهمال في الرقابة المدعى به - بافتراض ثبوته - لم يرتكب بدافع من الغرض والمصلحة الشخصية، وكانت مساءلة أولئك المشرفين بالتعويض رهينة بثبوت خطئهم الشخصي على نحو ما سلفت الإشارة إليه، فإن إهدار الحكم ذلك النص الخاص وإعماله النص العام المقرر بالمادة 175 من القانون المدني ينطوي على مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه مما يجب نقضه في خصوص ما قضي به في الدعوى الفرعية.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم فإنه يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم 770 لسنة 35 ق بني سويف - المقام من الطاعنين - بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في دعوى الرجوع الفرعية وبرفض هذه الدعوى.
ساحة النقاش