القضاء ببدء سريان التقادم الثلاثي لدعوى التعويض عن العمل غير المشروع من تاريخ التصديق على الحكم الصادر من المحكمة العسكرية بإدانة المتهم المسئول عن الضرر على قالة علم المضرور يقينياً بالضرر وبشخص المسئول عنه لتأديته الخدمة العسكرية معه في ذات الوحدة التي تنفذ فيها العقوبة. خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 50 - صـ 1310
جلسة 26 من ديسمبر سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ لطفي عبد العزيز - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ عبد العال السمان محمد، حامد مكي، فتحي محمد حنضل، وجرجس عدلي - نواب رئيس المحكمة.
(258)
الطعن رقم 5894 لسنة 62 القضائية
(1 - 3) تقادم "التقادم المسقط: التقادم الثلاثي" "تقادم دعوى المسئولية". محكمة الموضوع "مسائل الواقع". تعويض. حكم "عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون، الفساد في الاستدلال". نقض.
(1) علم المضرور بالضرر وبالشخص المسئول عنه الذي يبدأ به سريان التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 مدني. هو العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه لا العلم الظني. علة ذلك.
(2) استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبشخص المسئول عنه. استقلال قاضي الموضوع به. لمحكمة النقض بسط رقابتها عليه. شرطه.
(3) القضاء ببدء سريان التقادم الثلاثي لدعوى التعويض عن العمل غير المشروع من تاريخ التصديق على الحكم الصادر من المحكمة العسكرية بإدانة المتهم المسئول عن الضرر على قالة علم المضرور يقينياً بالضرر وبشخص المسئول عنه لتأديته الخدمة العسكرية معه في ذات الوحدة التي تنفذ فيها العقوبة. خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال. علة ذلك.
1 - المقرر بنص المادة 172 من القانون المدني أن المراد بالعلم الذي يبدأ به سريان التقادم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه، باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم هذا العلم ينطوي عن تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على المسئول بما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التقادم، ولا وجه لافتراض هذا التنازل من جانب المضرور وترتيب حكم السقوط في حالة العلم الظني الذي لا يحيط بوقوع الضرر أو بشخص المسئول عنه.
2 - إذ كان استخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه وإن اعتبر من المسائل المتعلقة بالواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أن لمحكمة النقض أن تبسط رقابتها متى كانت الأسباب التي بنى عليها الحكم استخلاصه ليس من شأنها أن تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها.
3 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أجرى سريان مدة التقادم الثلاثي المشار إليه في حق الطاعن من تاريخ التصديق على الحكم العسكري في 20/ 5/ 1986، على قالة علم الأخير يقيناً بالضرر وبشخص المسئول عنه في هذا التاريخ لتأديته الخدمة العسكرية مع تابع المطعون ضدهما في ذات الوحدة التي نفذ فيها العقوبة، وإذ لا يؤدي ذلك بالضرورة إلى تلك النتيجة، لانتفاء التلازم الحتمي بين عمل الطاعن في ذات الوحدة التي يعمل بها التابع، وبين علمه بالضرر وبشخص المسئول عنه في تاريخ التصديق على الإدانة في الدعوى التي لم يكن ممثلاً فيها، فإن الحكم المطعون فيه يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون قد شمله الفساد في الاستدلال.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام - بتاريخ 16/ 10/ 1989 - الدعوى 6084 سنة 1989 مدني الإسكندرية الابتدائية، بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهما بصفتيهما أن يؤديا إليه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من حادث سيارة مملوكة لهما كان يقودها تابعهما الذي ثبت خطؤه بحكم جنائي عسكري صار باتاً بالتصديق عليه بتاريخ 20/ 5/ 1986، دفع المطعون ضدهما بسقوط حق الطاعن في إقامة الدعوى بالتقادم الثلاثي عملاً بالمادة 172 من القانون المدني، أجابتهما المحكمة إلى هذا الدفع بحكم استأنفه الطاعن بالاستئناف 480 لسنة 46 ق الإسكندرية، وفيه قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل النعي بهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وذلك حين أيد ما قضت به محكمة أول درجة من سقوط حق الطاعن في إقامة دعواه - المرفوعة في 16/ 10/ 1989 - بالتقادم الثلاثي، لعلمه بالضرر وبشخص المسئول عنه من تاريخ التصديق على الحكم الجنائي العسكري الصادر على تابع المطعون ضدهما في 20/ 5/ 1986، وإذ استدل الحكم على هذا العلم بعمل الطاعن مع الأخير في وحدة عسكرية واحدة مع انتفاء التلازم الحتمي بين الأمرين، لا سيما وأن الطاعن كان قد سُرح من خدمة القوات المسلحة في تاريخ سابق على التصديق على الحكم العسكري، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المراد بالعلم الذي يبدأ به سريان التقادم الثلاثي المقرر بنص المادة 172 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه، باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم هذا العلم ينطوي عن تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على المسئول بما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التقادم، ولا وجه لافتراض هذا التنازل من جانب المضرور وترتيب حكم السقوط في حالة العلم الظني الذي لا يحيط بوقوع الضرر أو بشخص المسئول عنه، واستخلاص علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه وإن اعتبر من المسائل المتعلقة بالواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أن لمحكمة النقض أن تبسط رقابتها متى كانت الأسباب التي بنى عليها الحكم استخلاصه ليس من شأنها أن تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهت إليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أجرى سريان مدة التقادم الثلاثي المشار إليه في حق الطاعن من تاريخ التصديق على الحكم العسكري في 20/ 5/ 1986، على قالة علم الأخير يقيناً بالضرر وبشخص المسئول عنه في هذا التاريخ لتأديته الخدمة العسكرية مع تابع المطعون ضدهما في ذات الوحدة التي نفذ فيها العقوبة، وإذ لا يؤدي ذلك بالضرورة إلى تلك النتيجة، لانتفاء التلازم الحتمي بين عمل الطاعن في ذات الوحدة التي يعمل بها التابع، وبين علمه بالضرر وبشخص المسئول عنه في تاريخ التصديق على الإدانة في الدعوى التي لم يكن ممثلاً فيها، فإن الحكم المطعون فيه يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون قد شابه الفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه.
ساحة النقاش