إثبات الحكم أن الطاعنة جهرت بألفاظ السب وهي تقف في "بئر السلم" بجوار المصعد بحيث سمع سكان العمارة جميعهم تلك الألفاظ. كفاية ذلك لإثبات توفر العلانية.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 15 - صـ 298
جلسة 13 من أبريل سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ محمود إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، وبطرس زغلول.
(59)
الطعن رقم 218 لسنة 34 القضائية
( أ ) نقض. "إجراءات الطعن". "التقرير به".
التقرير بالطعن. طبيعته: عمل مادي. وجوب القيام به إثر زوال المانع.
(ب) سب. جريمة. "أركانها".
إثبات الحكم أن الطاعنة جهرت بألفاظ السب وهي تقف في "بئر السلم" بجوار المصعد بحيث سمع سكان العمارة جميعهم تلك الألفاظ. كفاية ذلك لإثبات توفر العلانية. المادة 171 عقوبات.
(ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. سب.
لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة من جماع الأدلة المطروحة سواء أكانت مباشرة أم غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم منها لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي. مثال في جريمة سب.
1 - مجرد التقرير بالطعن بالنقض لا يعدو أن يكون عملاً مادياً يتعين القيام به إثر زوال المانع. فإذا كانت الطاعنة بعد أن علمت بالحكم المطعون فيه قد قام بها العذر المانع دون التقرير بالطعن فيه في الميعاد القانوني، ثم بادرت فور زواله إلى الطعن فيه وتقديم أسبابه موقعاً عليها من محام مقبول أمام محكمة النقض فإن الطعن يكون مقبولاً شكلاً.
2 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنة جهرت بألفاظ السب وهي تقف في "بئر السلم" بجوار المصعد بحيث سمع سكان العمارة جميعهم تلك الألفاظ فإن ذلك كاف لإثبات توفر العلانية طبقاً للمادة 171 من قانون العقوبات.
3 - لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة من جماع الألة المطروحة وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة، بل إن لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولوكانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الادلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي فإذا كان الجاني قد احتاط ولو يذكر اسم المجني عليه صراحة في عبارات السب، فإن لمحكمة الموضوع أن تتعرف شخص من وجه إليه السب من واقع عبارات السب وظروف حصوله والملابسات التي اكتنفته.
الوقائع
أقامت السيدة/ سميحه موسى والعقيد مصطفى فهمي هذه الدعوى بالطريق المباشر أمام محكمة باب شرقي الجزئية وقد قيدت بجدولها برقم 9814 سنة 1962 ضد الطاعنة وأخرى بعريضة أعلنت إليهما قالا فيها بأنهما في يوم 13 نوفمبر سنة 1962 بدائرة باب شرقي: ابتدر الطالبين بالسب العلني الماس بالعرض والشرف بالألفاظ الواردة بعريضة الدعوى. وطلبا عقابهما بالمواد 302 و303 و306 من قانون العقوبات. كما طلبا القضاء لهما بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. كما أقامت الطاعنة ضد السيدة سميحه موسى دعوى مباشرة أمام المحكمة ذاتها بعريضة أعلنت إليها قيدت بجدولها برقم 9395 لسنة 1962 قالت فيها بأنها في 13 نوفمبر سنة 1962 اعتدت عليها بالسب العلني: حيث وجهت إليها الألفاظ المبينة بعريضة الدعوى. وطلبت عقابها بالمواد 171 و302 و306 من قانون العقوبات. وطلبت القضاء لها قبلها بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 19 يناير سنة 1963 بعد أن ضمت القضيتين لبعضهما. عملاً بالمادة 30/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية: أولاً - في الجنحة رقم 9395 سنة 1962 باب شرقي ببراءة المتهمة ورفض الدعوى المدنية وبإلزام المدعية بالحق المدني بمصروفاتها. ثانياً - في الجنحة رقم 9814 سنة 1962 باب شرقي ببراءة المتهمتين ورفض الدعوى المدنية وبإلزام المدعيين بالحق المدني بمصروفاتها. فاستأنفت النيابة هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 15 ديسمبر سنة 1963 بقبول الاستئناف عن الحكم الصادر في الدعويين رقمي 9395 سنة 1962 و9814 سنة 1962 جنح شرقي شكلاً وفى موضوعهما: أولاً - بتأييد الحكم الصادر في الدعوى رقم 9395 سنة 1962 جنح باب شرقي والقاضي ببراءة السيدة/ سميحه موسى مما أسند إليها. ثانياً - وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم الصادر في الدعوى رقم 9814 لسنة 1962 جنح باب شرقي فيما قضى به من براءة الطاعنة عن واقعة سبها للسيدة سميحة موسى يوم 13/ 11/ 1962 وبمعاقبتها عن تلك الواقعة بحبسها خمسة عشر يوماً مع الشغل وتغريمها عشرون جنيهاً مع إيقاف تنفيذ العقوبتين لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم مع جعل الإيقاف شاملاً لكافة الآثار الجنائية عملاً بالمواد 302 و303 و306 و55 و56 من قانون العقوبات. ثالثاً - تأييد الحكم الصادر في الدعوى رقم 9814 سنة 1962 جنح باب شرقي فيما عدا ما تقدم. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه، وإن كان قد صدر بتاريخ 15 ديسمبر سنة 1963 في حضور الطاعنة إلا أنها لم تقرر بالطعن فيه بطريق النقض وتودع أسبابه إلا بتاريخ 28 يناير سنة 1964 بعد فوات الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. ولما كانت الطاعنة قد أوضحت في أسباب طعنها أن عذراً قهرياً هو المرض حال بينها وبين التقرير بالطعن في الميعاد القانوني وتقدمت بشهادتين طبيتين مؤرختين 25 يناير سنة 1964 تضمنتا إصابتها منذ منتصف ديسمبر سنة 1963 بجلطة في شرايين الساقين وارتفاع في نسبة السكر واشتباه في انسداد أحد شرايين الرئة وأنها تحتاج للراحة التامة ولا زالت تحت العلاج مما يؤيد دفاعها من أنها كانت مريضة في تاريخ انتهاء المدة المقررة للتقرير بالطعن وأنها فور زوال المرض بادرت إلى التقرير الطعن باعتبار أن هذا الإجراء لا يعدو أن يكون عملاً مادياً يتعين القيام به إثر زوال المانع. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة بعد أن عملت بالحكم المطعون فيه قد قام بها العذر المانع دون التقرير بالطعن فيه في الميعاد القانوني. ثم بادرت فور زواله إلى الطعن فيه وتقديم أسبابه موقعاً عليها من محام مقبول أمام محكمة النقض فإن الطعن يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه دان الطاعنة تأسيساً على ثبوت واقعة السب وتوافر العلانية على الرغم من أن ألفاظ السب لم تسند إلى شخص معين على ما يبين من شهادة حمدان عبد المجيد التي عول عليها الحكم في قضائه بالإدانة مما ينفي عن الجريمة أحد أركانها الجوهرية كما أخطأ الحكم في تقدير توافر ركن العلانية، إذ الثابت من أقوال الشاهد السابق أن الطاعنة تفوهت بألفاظ السب وهي داخل مسكنها فضلاً عن أن المجني عليها لم تستشهد بأحد من سكان العمارة مما يدل على أن أحداً منهم لم يسمع عبارات السباب وبذلك لا يتوافر ركن العلانية الأمر الذي يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة السب التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة مستمدة من شهادة المجني عليها وأقوال حمدان عبد المجيد وهي أدلة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وحصل الحكم أقوال المجني عليها بما مؤداه أنها تسكن في إحدى العمارات مع زوجها وأولادها وأن البواب حمدان عبد المجيد حضر إليها يوم الحادث وأبلغها أن الطاعنة التي تقيم بالطابق الذي يقع أسفل مسكنها تشكو من إلقاء بعض القاذورات على مسكنها فأفهمته أنها كانت خارج المنزل وأن الخادمة أتت بهذا التصرف في غيبتها وطلبت منه أن يبلغ اعتذارها إلى الطاعنة وبعد انصرافه بدقيقتين تقريباً سمعت الطاعنة توجه إليها عبارات السب التالية "يا شرموطة يا وسخة كانت موجودة بنت الكلب" وأن صوت الطاعنة كان صادراً من بئر السلم بجوار المصعد ثم عرض الحكم إلى ثبوت واقعة السب في قوله "فهذه الواقعة قد ثبتت من شهادة السيدة سميحه موسى المجني عليها. والمحكمة تطمئن إلى شهادتها في هذا الخصوص حيث لم يثبت من الأوراق وجود نزاع سابق بين الطرفين يدفعها إلى تلفيق الاتهام إلى السيدة اليس (الطاعنة) هذا بالإضافة إلى أنها قامت بالإبلاغ في وقت مناسب وقبل إبلاغ السيدة اليس بالواقعة التي نسبتها إليها. هذا بالإضافة إلى ما شهد به بواب العمارة حمدان عبد المجيد أمام محكمة أول درجة وقد جاءت شهادته مؤيدة لأقوالها" لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة من جماع الألة المطروحة وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولوكانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الادلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإذا كان الجاني قد احتاط ولم يذكر اسم المجني عليه صراحة في عبارات السب فإن لمحكمة الموضوع أن تتعرف شخص من وجه إليه السب من واقع عبارات السب وظروف حصوله والملابسات التي اكتنفته. ولما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تفيد أن المحكمة قد استخلصت أن المجني عليها هي المقصودة بألفاظ السب وكانت عبارات السب التي أوردها الحكم وظروف إلقائها تسوغ النتيجة التي رتبها الحكم عليها فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى ركن العلانية في قوله "وحيث إنه عن ركن العلانية فقد توافر في حق المتهمة الثانية "الطاعنة" وذلك لتفوهها بألفاظ السب التي وجهتها إلى المتهمة الأولى - المجني عليها - من بئر السلم بجوار المصعد وقد شهد بواب المسكن أمام محكمة أول درجة بأن المتهمة أخذت تتفوه بهذه العبارات وهي خارج مسكنها لدرجة أن جميع سكان العمارة قد سمعوا هذه الالفاظ وما أورده الحكم فيما تقدم له أصله الثابت من أقوال حمدان عبد المجيد بمحضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة" لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنة جهرت بألفاظ السب وهي تقف في بئر السلم بجوار المصعد بحيث سمع سكان العمارة جميعهم تلك الألفاظ فإن ذلك كاف لإثبات توفر العلانية طبقاً للمادة 171 من قانون العقوبات. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش