موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

المقرر أن العرائض التي تقدم إلى جهات الحكومة بالطعن في حق موظف عام أو مكلف بخدمة عامة مع علم مقدمها بأنها بحكم الضرورة تتداول بين أيدي الموظفين المختصين أو عدد من الناس ولو كان قليلاً، تتوافر بتداولها العلانية.

الحكم كاملاً

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 20 - صـ 458

جلسة 7 من أبريل سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس، ونصر الدين عزام، وأنور خلف.

(96)
الطعن رقم 2208 لسنة 38 القضائية

(أ، ب، ج) جريمة. "أركان الجريمة". قذف. موظفون عموميون. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". عقوبة. "الإعفاء منها". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها". "أسباب الإباحة وموانع العقاب".
( أ ) ركن العلانية في جريمة القذف في حق الموظف العام. متى يتوافر؟ مثال لتسبيب غير معيب.
(ب) شرط عدم العقاب على القذف الموجه إلى الموظف العام؟
عدم جواز إثارة الجدل الموضوعي أمام محكمة النقض.
(ج) الطعن المتضمن قذفاً في حق الموظفين العموميين أو من في حكمهم. شرط إباحته.
(د) جريمة. "أركان الجريمة". بلاغ كاذب. قصد جنائي. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير توافر أركان الجريمة". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب. توافره بعلم المبلغ بكذب الوقائع التي أبلغ عنها وانتوائه الكيد والإضرار بالمبلغ ضده.
تقدير توافر القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب. موضوعي.
مثال لتسبيب غير معيب في صدد التدليل على سوء النية في جريمة البلاغ الكاذب.
(هـ) نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
شرط قبول أسباب الطعن بالنقض؟ أن تكون واضحة محددة.
(و، ز، ح) محكمة الموضوع. "الإجراءات أمامها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دعوى جنائية. "نظرها والحكم فيها". محكمة استئنافية. "الإجراءات أمامها".
(و) الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه؟
(ز) عدم التزام المحكمة - بعد إقفالها باب المرافعة وحجزها القضية للحكم - بإجابة طلب إعادتها إلى المرافعة لتحقيق طلب ضمنه الدفاع في مذكرة بشأن مسألة يريد تحقيقها بالجلسة.
(ح) المحكمة الاستئنافية إنما تقضي في الأصل على مقتضي الأوراق.
عدم التزامها بإجراء تحقيق إلا ما تستكمل به النقص الذي شاب إجراءات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أو ما ترى هي لزوما لإجرائه.
1 - من المقرر أن العرائض التي تقدم إلى جهات الحكومة بالطعن في حق موظف عام أو مكلف بخدمة عامة مع علم مقدمها بأنها بحكم الضرورة تتداول بين أيدي الموظفين المختصين أو عدد من الناس ولو كان قليلاً، تتوافر بتداولها العلانية لوقوع الإذاعة فعلاً بتداولها بين أيد مختلفة، ولا يغير من ذلك قول الطاعنين أن الجهة التي تقدموا لها بالشكوى تعمل في سرية. وإذن فمتى كان الثابت مما أورده الحكم أن الطاعنين اعترفوا بالتحقيقات بتقديم العديد من الشكاوي والمذكرات في حق المطعون ضده، فقد توافر لجريمة القذف ركن العلانية على ما هو معرف به في القانون، ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الشأن غير سديد.
2 - يشترط القانون لعدم العقاب على القذف الموجه إلى الموظف العمومي أو من في حكمه إثبات القاذف صحة وقائع القذف كلها وأنه إذا كان القاذف قد أقدم على القذف ويده خالية من الدليل معتمداً على أن يظهر له التحقيق دليلاً، فهذا ما لا يجيزه القانون. ومتى كان ما يثيره الطاعنون من أنهم أثبتوا صحة ما قذفوا به المطعون ضده بما هو مستفاد من صدور قرارات بعزله من الاتحاد الاشتراكي العربي ومن مجلس المحافظة، وحل الجمعية التعاونية، ومن تقديم المطعون ضده للمحاكمة بجريمة حيازة أطيان زراعية عن القدر المسموح به قانوناً، مردوداً بأن الفصل في ذلك من الأمور الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع دون معقب عليها فيه، وقد خلص الحكم المطعون فيه إلى أن التحقيقات قد أثبتت عجزهم عن إثبات صحة وقائع القذف ودلل على ذلك تدليلاً سائغاً وسليماً، فإن دعوى الطاعنين في هذا الشأن لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أنه يشترط قانوناً لإباحة الطعن المتضمن قذفاً في حق الموظفين العموميين أو من في حكمهم أن يكون صادراً عن حسن نية أي عن اعتقاد بصحة وقائع القذف، ولخدمة المصلحة العامة، أما إذا كان القذف سيء النية ولا يقصد من طعنه إلا التشهير والتجريح شفاء لضغائن وأحقاد شخصية فلا يقبل منه إثبات صحة وقائع القذف وتجب إدانته ولو كان يستطيع إثبات ما قذف.
4 - يتوافر القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب بكون المبلغ عالماً بكذب الوقائع التي أبلغ عنها وأن يكون منتوياً الكيد والإضرار بالمبلغ ضده، وتقدير هذه الأمور من شأن محكمة الموضوع التي لها مطلق الحق في استظهارها من الوقائع المطروحة. ومتى كان الحكم قد عرض لقصد الطاعنين من فعلتهم فأثبت أنهم لم يبلغوا ضد المطعون ضده إلا بقصد الإيقاع به جنائياً والإضرار بمصالحه بطلب وضع أمواله تحت الحراسة وإصرارهم الثابت بمحاضر الجلسات على ما زعموه على الرغم من التحقيقات التي أجريت في مواجهتهم، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم في صدد تقدير سوء نية الطاعنين هو مما يكفي ويسوغ به الاستدلال عليها، فإن الطعن يكون على غير أساس.
5 - من المقرر أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة. ومتى كان تقرير أسباب الطعن لم يكشف عن مبنى الدفع بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية، الذي أثاره المدافع عن الطاعنين أمام محكمة الدرجة الثانية، كما أنه لا يبين من محاضر جلسات تلك المحاكمة مراده منه، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الصدد يكون غير معين ولا تلتفت محكمة النقض إليه.
6 - إن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمة ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية.
7 - من المقرر أنه ما دامت المحكمة - بعد أن سمعت المرافعة - أمرت بإقفال بابها وحجزت القضية للحكم فهي بعد غير ملزمة بإجابة طلب إعادتها إلى المرافعة من جديد لتحقيق طلب ضمنه الدفاع مذكرة في شأن مسألة يراد تحقيقها بالجلسة.
8 - الأصل أن المحكمة الاستئنافية إنما تقضي على مقتضى الأوراق المطروحة وهي ليست ملزمة بإجراء تحقيق إلا ما تستكمل به النقص الذي شاب إجراءات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أو ما ترى هي لزوماً لإجرائه.


الوقائع

أقام المدعي بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة زفتى الجزئية ضد الطاعنين متهماً إياهم بأنهم في يوم 8 يونيه سنة 1964 بدائرة مركز زفتى: (أولاً) أبلغوا كذباً ومع سوء القصد وقذفوا في حقه بأن وجهوا إليه الاتهامات الموضحة بصحيفة الدعوى بالبلاغ ومحضر تحقيق الشكوى 3321 سنة 1964 إداري زفتى (ثانياً) قذفوا في حقه بأن نسبوا إليه السرقة واستغلال النفوذ وذلك بالإبلاغ بمحضر تحقيق الشكوى 3321 سنة 1964 إداري زفتى سالفة الذكر. وطلب عقابهم بالمواد 302 و303 و305 و306 و307 من قانون العقوبات وإلزامهم أن يدفعوا له مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. ثم عدل مبلغ التعويض إلى مبلغ 100 ج على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام والمادة 32 من قانون العقوبات (أولاً) بحبس كل من المتهمين شهرين مع الشغل عن التهمتين وكفالة عشرة جنيهات لكل للإيقاف (ثانياً) وفي الدعوى المدنية إلزامهم متضامنين أن يدفعوا إلى المدعى بالحقوق المدنية مبلغاً قدره خمسون جنيهاً والمصاريف المدنية وخمسة جنيهات أتعاباً للمحاماة. فاستأنف المتهمون هذا الحكم، ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام والمادتين 55 و56 من قانون العقوبات بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة مدة ثلاث سنوات تبدأ من يوم صدور الحكم وألزمت المتهمين المصروفات المدنية الاستئنافية. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه - إذ دانهم بجريمتي القذف والبلاغ الكاذب - قد أخل بحقهم في الدفاع وران عليه القصور فضلاً عن خطئه في القانون وفساده في الاستدلال ذلك بأنهم دفعوا بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية، وطلبوا من المحكمة الاستئنافية التصريح لهم باستخراج صور رسمية من قرارات عزل المطعون ضده من الاتحاد الاشتراكي العربي ومن مجلس محافظة الغربية وقرار حل الجمعية التعاونية الزراعية بميت الرخا، ورددوا ذلك في المذكرة المقدمة منهم غير أن المحكمة لم ترد على الدفع، وأعرضت عن طلب تقديم صور القرارات برد غير سائغ. ودانهم الحكم على الرغم من عدم توافر ركن العلانية في جريمة القذف، لأنهم وقد قدموا شكواهم إلى المباحث العامة التي تعمل في سرية، لم يقصدوا إذاعة فحواها، فضلاً عن أنهم أثبتوا صحة ما أسندوه إلى المطعون ضده المكلف بخدمة عامة، بدليل عزله من الاتحاد الاشتراكي العربي ومجلس المحافظة، وحل الجمعية التعاونية ومجازاة سكرتيرها الذي مكنه من استغلال أموالهم وتقديم المطعون ضده للمحاكمة في جريمة حيازة أطيان تزيد عن القدر المسموح به قانوناً، ومع أن كل أولئك شاهد على سلامة قصد الطاعنين بإبلاغهم عن وقائع غير مكذوبة، فقد دانهم الحكم باعتبارها مكذوبة على سند من استدلال فاسد، من آياته، أن الحكم عول في إطراح قولهم بمخالفة المطعون ضده للحيازة، على أقواله هو مع أن هذه المخالفة قد ثبتت بتقديمه للمحاكمة وإن كانت قد انتهت إلى تبرئته إلا أن هذا القضاء قد قام على تقديم المطعون ضده عقود قسمة عرفية بينه وبين أشقائه وهو وضع عائلي ما كان في مقدور الطاعنين أن يعلموا به. كما ذهب الحكم إلى أن المطعون ضده لم يستغل أموال الجمعية دون أن يلقى بالا لصدور قرار حلها، ولا إلى إثبات الطاعنين تشغيله "موتور" الجمعية لحسابه بغير أجر واستيلائه على سلف العجول كما تساند الحكم في قضائه إلى أن الطاعنين نسبوا إلى المطعون ضده اختلاس قيمة شيك خاص بتحسين القطن، مع أن كل ما قالوه في هذا الشأن أنه حبس المبلغ عن التوزيع، وهو إسناد توافرت له السلامة من إقرار المطعون ضده بأنه كان يجمع تبرعات يضيفها إلى قيمة الشيك لبناء مدرسة، وأخيراً فإن استدلال الحكم على كذب البلاغ وسوء القصد بحقد الطاعنين على المطعون ضده، لا يساند الحكم في قضائه، ذلك بأن تسرعهم في تقديم الشكوى وإخفائهم في بدء التحقيق عن إقامة الدليل على صحتها، لا يؤدي إلى ثبوت علمهم بكذب البلاغ ولا يدل على قصد الكيد والإضرار إزاء ثبوت صحة ما تضمنته الشكوى على ما سلف بيانه. وبذلك كله يكون الحكم المطعون فيه معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان تقرير أسباب الطعن لم يكشف عن مبنى الدفع بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية، الذي أثاره المدافع عن الطاعنين أمام محكمة الدرجة الثانية، كما أنه لا يبين من محاضر جلسات تلك المحاكمة مراده منه. وكان يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الصدد يكون غير معين ولا تلتفت محكمة النقض إليه. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنون من إخلال المحكمة بحقهم في الدفاع حين لم تستجب إلى ضم قرارات عزل المطعون ضده من الاتحاد الاشتراكي العربي ومجلس المحافظة وحل الجمعية التعاونية، مردوداً بأن الثابت من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة أمام المحكمة الاستئنافية، أن المدافع عن الطاعنين طلب من المحكمة في مستهل مرافعته - بالجلسة الأخيرة - ضم هذه القرارات، ثم مضى في دفاعه في موضوع الدعوى إلى أن خلص فيه إلى طلب البراءة واحتياطياً استعمال منتهى الرأفة مع الطاعنين لكبر سنهم، فكان أن حجزت المحكمة القضية للحكم ثم قضت بتأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة. وإذ كان عدم إصرار الطاعنين على ذلك الطلب في ختام مرافعاتهم وانتهائهم إلى طلب الفصل في الدعوى على النحو الذي سلف بيانه يفيد ضمناً عدولهم عنه، فإنه لا جناح على المحكمة، إن هي التفتت عن إجابته ولم ترد عليه، ذلك بأن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ولا يغير من ذلك أن يكون الطاعنون قد عاودوا التمسك بهذا الطلب في مذكرتهم المصرح لهم بها على ما يشيرون في أسباب طعنهم لأنه ما دامت المحكمة - بعد أن سمعت المرافعة - أمرت بإقفال بابها وحجزت القضية للحكم فهي بعد غير ملزمة بإجابة طلب إعادتها إلى المرافعة من جديد لتحقيق طلب ضمنه الدفاع مذكرة في شأن مسألة يريد تحقيقها بالجلسة، هذا فضلاً عن أن الأصل أن المحكمة الاستئنافية إنما تقضي على مقتضى الأوراق المطروحة وهي ليست ملزمة بإجراء تحقيق إلا ما تستكمل به النقص الذي شاب إجراءات المحاكمة أمام محكمة أول درجة أو ما ترى هي لزوما لإجرائه، ومن ثم فإن دعوى إخلال المحكمة بحق الطاعنين في الدفاع لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه، بعد أن حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي القذف والبلاغ الكاذب اللتين دان الطاعنين بارتكابهما وأورد على ثبوتهما في حقهم أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، عرض لحكم القانون في شأن أركان هاتين الجريمتين وما يشترطه في جريمة القذف فضلاً عن توافر حسن النية لدى القاذف - استهدافاً للمصلحة العامة - من وجوب أن يكون القاذف مستعداً للتدليل على صحة ما قذف به وأن يقدمه للمحكمة، وأنه لا يقبل منه أن يتقدم ويده خالية من الدليل معتمداً على أن يظهر له التحقيق دليلاً، ثم بين الحكم أنه إذ كان الأمر المسند معاقباً عليه قانوناً، وكان القاذف سيء النية فيما فعل قاصداً التشهير بالمجني عليه، فإنه لا يوجد ما يمنع من اعتبار ما حصل منه في الوقت نفسه بلاغاً كاذباً مع سوء القصد، متى توافرت أركانه، بالعلم بكذب الوقائع المسندة وانتواء السوء والإضرار بمن أبلغ في حقه. وبعد أن فرغ الحكم من إرساء هذه التقريرات القانونية الصحيحة، خلص إلى إدانة الطاعنين بقوله "وحيث إنه بالبناء على ما تقدم ولأن المتهمين - الطاعنين - وفقاً لما جاء بالشكوى المرسلة منهم للسيد رئيس المباحث العامة بالغربية في 8/ 6/ 1964 وما ورد على لسانهم في تحقيقات الشكوى المنضمة قد نسبوا إلى المجني عليه غير مؤمن بالاشتراكية ولا مبادئ الثورة المباركة لأنه استغلالي ووفدي أي من الأحزاب الرجعية المنحلة ويزرع مائة وخمسين فداناً على خلاف ما يقضي به قانون الإصلاح الزراعي، وإنه اختلس لنفسه المبلغ الثابت بالشيك الخاص بتحسين القطن والمرسل إلى الجمعية التعاونية الزراعية بميت الرخا وأنه قد أثري ثراء فاحشاً من اغتصاب أموال الجمعية التعاونية الزراعية بميت الرخا طيلة عشرين عاماً هو وعائلته التي مكنها من جميع مرافق الناحية الإدارية والزراعية، فضلاً عن حصره سلف الآلات والمواشي لنفسه، وأنه باعتباره عضواً في الاتحاد التعاوني تمكن من عدم إظهار الجمعية التعاونية بأية مخالفات وأنه بذلك تسلل إلى الإتحاد الاشتراكي العربي رغم إبعاده عن مجلس الأمة في سنة 1957 ومجلس المحافظة ورئاسة مجلس قرية سنبو ومجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية حينما أراد التسلل إليها ولأن هذه الأمور لم يثبت صحتها عند إجراء التحريات والتحقيقات بخصوصها كما أنه من شأنها لو صحت لوجب معاقبة المدعى المدني بالمادة 7 من القانون رقم 127 سنة 1961 بخصوص حيازته لأكثر من خمسين فداناً والمادة 341 بخصوص اغتصاب أموال الجمعية التعاونية والشيك المرسل من صندوق تحسين القطن فضلاً عن احتقاره باعتبار أنه غير مؤمن بالاشتراكية ومبادئ الميثاق، ولأن المتهمين يعلمون يقيناً أن الشكوى المرسلة منهم ستعرض حتماً على عدد من الموظفين المختصين بفحصها بما تتوافر به العلانية، وأنهم قصدوا بذلك إلى إذاعة ما تضمنته والتشهير به كما هو ثابت بأقوالهم بتحقيقات الشكوى من أنهم قد أرسلوا العديد من الشكاوي والمذكرات ضده ولأن هذا الذي تقدم تتوافر به أركان جريمة القذف، كما تتوافر به أيضاً وباعتبارهم من بلدته ولاستحقاقهم في شيك تحسين الأقطان وفقاً لأقوالهم في الشكوى وعلمهم بالموزع للمبالغ الثابتة فيه وهو سكرتير الجمعية الصادر الشيك باسمه وليس للمدعي المدني، ولما تضمنته عباراتهم المقذعة بالتحقيقات وبالشكوى من حقدهم عليه لثرائه ونفوذه وطلبهم لذلك وضع أمواله تحت الحراسة وإبعاده عن الاتحاد الاشتراكي العربي وإصرارهم الثابت بمحضر الجلسة على ما زعموه على الرغم من التحقيقات التي أجريت في مواجهتهم فإن ما أبلغوه به لذلك يستفاد منه علمهم بكذبه قاصدين الإيقاع به جنائياً والإضرار بمصالحه بطلب وضع أمواله تحت الحراسة وعزله من الاتحاد الاشتراكي العربي، وهو ما يتوفر به كذلك أركان جريمة البلاغ الكاذب، ولأن المتهمين لم يدفعوا الاتهام عنهم بدفاع مقبول، ومن ثم تكون التهمتين المسندتين إليهم ثابتة قبلهم ولارتباطهما عملاً بالمادة 32 عقوبات الأمر الذي يتعين معه معاقبة كل منهم عملاً بمواد الاتهام والمادة 304/ 2 إجراءات". لما كان ذلك، وكانت العرائض التي تقدم إلى جهات الحكومة بالطعن في حق موظف عام، أو مكلف بخدمة عامة، مع علم مقدمها بأنها بحكم الضرورة تتداول بين أيدي الموظفين المختصين أو عدد من الناس ولو كان قليلاً، تتوافر بها العلانية لوقوع الإذاعة فعلاً بتداولها بين أيد مختلفة، ولا يغير من ذلك قول الطاعنين أن الجهة التي تقدموا لها بالشكوى تعمل في سرية. وإذ كان الثابت مما أورده الحكم فيما تقدم أن الطاعنين اعترفوا بالتحقيقات بتقديم العديد من الشكاوي والمذكرات في حق المطعون ضده، فقد توافر لجريمة القذف ركن العلانية على ما هو معرف به في القانون، ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان القانون يشترط لعدم العقاب على القذف الموجه إلى الموظف العمومي أو من في حكمه، إثبات القاذف صحة وقائع القذف كلها، وأنه إذا كان القاذف قد أقدم على القذف ويده خالية من الدليل معتمداً على أن يظهر له التحقيق دليلاً، فهذا ما لا يجيزه القانون. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنون من أنهم أثبتوا صحة ما قذفوا به المطعون ضده بما هو مستفاد من صدور قرارات بعزله من الاتحاد الاشتراكي العربي ومن مجلس المحافظة، وحل الجمعية التعاونية، ومن تقديم المطعون ضده للمحاكمة بجريمة حيازة أطيان زراعية عن القدر المسموح به قانوناً، مردوداً بأن الفصل في ذلك من الأمور الموضوعية البحتة التي تستقل بها محكمة الموضوع دون معقب عليها فيه، وقد خلص الحكم المطعون فيه إلى أن التحقيقات قد أثبتت عجزهم عن إثبات صحة وقائع القذف ودلل على ذلك تدليلاً سائغاً وسليماً. لما كان ذلك، فإن دعوى الطاعنين في هذا الشأن لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان يشترط قانوناً لإباحة الطعن المتضمن قذفاً في حق الموظفين العموميين أو من في حكمهم أن يكون صادراً عن حسن نية أي عن اعتقاد بصحة وقائع القذف ولخدمة المصلحة العامة، أما إذا كان القذف سيء النية ولا يقصد من طعنه إلا التشهير والتجريح شفاء لضغائن وأحقاد شخصية فلا يقبل منه إثبات صحة وقائع القذف وتجب إدانته ولو كان يستطيع إثبات ما قذف. ولما كان القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب، يتوافر بكون المبلغ عالماً بكذب الوقائع التي أبلغ عنها وأن يكون منتوياً الكيد والإضرار بالمبلغ ضده - وتقدير هذه الأمور من شأن محكمة الموضوع التي لها مطلق الحق في استظهارها من الوقائع المطروحة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لقصد الطاعنين من فعلتهم فأثبت أنهم لم يبلغوا ضد المطعون ضده إلا بقصد الإيقاع به جنائيا والإضرار بمصالحه بطلب وضع أمواله تحت الحراسة وإصرارهم الثابت بمحاضر الجلسات على ما زعموه على الرغم من التحقيقات التي أجريت في مواجهتهم. ولما كان هذا الذي خلص إليه الحكم في صدد تقدير سوء نية الطاعنين، هو مما يكفي ويسوغ به الاستدلال عليها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 18 مشاهدة
نشرت فى 24 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,997,843

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »