رفع الدعوى المدنية بالطريق المباشر. أثره: تحريك الدعوى الجنائية. مباشرتها بعد ذلك. منوطة بالنيابة العامة وحدها.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثانى (من أول مارس سنة 2001 إلى آخر يونيه سنة 2001) - صـ 1321
(156)
جلسة 7 من إبريل سنة 2001
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أمين المهدى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ د. فاروق عبد البر، وأحمد عبد الفتاح حسن، ومصطفى سعيد حنفى، وأحمد عبد الحميد عبود نواب رئيس مجلس الدولة.
الطعن رقم 3141 لسنة 43 القضائية
دعوى - إثبات فى الدعوى - أدلة الإثبات - الخبرة
تقرير الخبير هو من عناصر الاثبات فى الدعوى ويخضع لتقدير محكمة الموضوع ولها الأخذ به محمولاً على أسبابه طالما أنها اعتدت بما ورد بالتقرير المقدم لها فى الدعوى وكفايته لتكوين عقيدتها، كما أنها ليست ملزمة بتعقب كل ما يبديه الطاعن من مثالب بالرد عليها، كل على استقلال، متى استظهرت من هذا التقرير ما يكفى لتكوين عقيدتها وتثبيت اقتناعها بصحة أسبابه - يترتب على ذلك: إذا استندت المحكمة فى قضائها إلى تقرير الخبير المودع ملف الدعوى لاقتناعها بما ورد به وبالأسباب التى بنى عليها فإنها لا تكون قد أخطأت السبيل بل تكون قد أعملت صحيح اختصاصها وطلبقت حقيق القانون تطبيقا صحيحا تفسيرا وتأويلا - تطبيق.
إجراءات الطعن:
فى يوم الاثنين الموافق 14/ 4/ 1997 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 3141 لسنة 43 ق. ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط فى الدعوى رقم 1642 لسنة 1 ق بجلسة 25/ 2/ 1997 الذى قضى بإلغاء القرار المطعون فيه على النحو المبين بالأسباب مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. وطلب الطاعنون - للأسباب المبينة فى تقرير الطعن - أن تأمر دائرة فحص الطعون، بهذه المحكمة، بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق. وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 3/ 1/ 1999 حيث تدوول نظره بالجلسات على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 19/ 6/ 2000 قررت الدائرة إحالته إلى هذه المحكمة حيث نظرته على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 6/ 1/ 2001 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 7/ 4/ 2001 وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر الموضوع تخلص - حسبما يبين من الأوراق فى أنه بتاريخ 18/ 1/ 1988 أقام السيد ....... الدعوى رقم 114 لسنة 1988 م. ك سوهاج بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة سوهاج الابتدائية مختصما فيها محافظ سوهاج طالباً فى ختامها الحكم بتخفيض ثمن زوائد التنظيم إلى مبلغ 10 جنيهات للمتر مع إلزام جهة الإدارة المصروفات. وقال المدعى شرحاً لدعواه: أنه يملك اثنى عشر سهماً عبارة عن منزل من أربعة أدوار قام بشرائه من ....... بموجب عقد بيع مؤرخ فى 13/ 5/ 1986، وقد طالبته محافظة سوهاج بمبلغ 4000 جنيه (أربعة آلاف جنيه) ثمن زوائد التنظيم بواقع ثمن المتر 100 جنيه (مائة جنيه) فى حين أن المناطق المجاورة كلها قدر ثمن المتر فيها بمبلغ عشرة جنيهات للمتر الواحد مما حدا به إلى إقامة هذه الدعوى طالباً الحكم له بطلباته. وبصحيفة معلنة اختصم المدعى عليهما الثانى والثالث بصفتيهما.
وبجلسة 31/ 12/ 1988 حكمت محكمة سوهاج الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة. واحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة التى أحالتها إدارياً إلى محكمة القضاء الإدارى بأسيوط حيث قيدت بجدولها برقم 1642 لسنة 1 القضائية. وبجلسة 28/ 4/ 1993 حكمت محكمة القضاء الإدرى بأسيوط قبل الفصل فى موضوع الدعوى بندب مكتب خبراء وزارة العدل بسوهاج ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين للانتقال إلى موقع الأرض وتقدير قيمتها بمراعاة الضوابط التى تضمنها قرار محافظ سوهاج رقم 226 لسنة 1984 (بقواعد بيع وتأجير الأرض الفضاء المملوكة للدولة ووحدات الحكم المحلى فى نطاق محافظة سوهاج) خاصة الأسعار المتداولة بالمنطقة ويكون له فى سبيل ذلك الانتقال إلى مقر ديوان عام محافظة سوهاج والاطلاع على الأوراق المتعلقة بموضوع الدعوى وله سماع الشهود دون حلف يمين. وقدم الخبير بعد مباشرته لمأموريته تقريرا انتهى فيه إلى تقدير ثمن أرض النزاع بمبلغ 511 جنيهاً (خمسمائة واحد عشر جنيهاً) لكامل المساحة وقدرها 20.44 م2 بواقع 25 جنيهاً للمتر الواحد، وبجلسة 25/ 2/ 1997 قضت محكمة القضاء الإدارى بأسيوط بإلغاء القرار المطعون فيه على النحو المبين بالأسباب مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات. واستندت المحكمة فى قضائها إلى ما خلص إليه تقرير الخبير فى الدعوى بتقدير ثمن المتر فى عين النزاع ليكون سعر المتر المربع بمبلغ 25 جنيهاً (خمسة وعشرين جنيهاً) واطمئنان المحكمة إلى ما انتهى إليه التقرير فى هذا الشأن.
ويقوم الطعن على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله لاستناده إلى تقرير الخبير فى الدعوى رغم اعتراض الجهة الإدارية على تقدير ثمن الأرض الذى جاء بالتقرير والذى تم دون مراعاة ارتفاع اسعار الأراضى فى ظل التطور الاقتصادى والانفتاح، ودون الأخذ فى الاعتبار موقع الأرض محل النزاع، فضلاً عن أن الخبير لم تنتقل إلى الجهة الإدارية للاطلاع على السجلات والتقارير التى تفيد صحة تقدير ثمن الأرض المعتمدة من المحافظ.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن محافظ سوهاج أصدر القرار رقم 226 لسنة 1984 فى 17/ 11/ 1984 بقواعد بيع وتأجير الأرض الفضاء المملوكة للدولة ووحدات الحكم المحلى فى نطاق محافظة سوهاج وفقاً لأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها وأحكام قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 وتعديلاته. ونصت المادة (2) من قرار محافظ سوهاج المشار إليه على أن الأراضى المعدة للبناء المملوكة للدولة ووحدات الحكم المحلى يجوز التصرف فيها ببيعها بالممارسة فى " الأحوال وبالشروط الآتية:
1 - زوائد التنظيم للمالك الذى تقع أمام ملكه هذه الزوائد... " وتنص المادة (3) من ذات القرار على أن " يقدر الثمن الأساسى للأرض .... بمعرفة اللجان المختصة بالمحافظة ولا يكون التقدير نهائياً إلا بعد اعتماده من المحافظ، على ألا يقل الثمن الأساسى فى جميع الأحوال عن ثمن المثل وقت البيع.. " وتنص المادة (13) على أن يقدر ثمن الأرض وقيمتها الإيجارية كل سنتين ويتم التقدير بمعرفة لجنتين أحدهما ابتدائية والأخرى عليا ويصدر بتشكيل كل منهما قرار من المحافظ ... وعلى اللجنة أن تراعى فى هذا التقدير الضوابط الآتية:
1 - سعة المواقع وسعة الشوارع القائمة،
2 - طبيعة الأرض ومدى استواء السطح،
3 - كثافة السكان بالمنطقة،
4 - الأسعار المتداولة بالمنطقة،
5 - مشروعات التخطيط الحالية والمستقبلية وما تقضى به من شروط،
6 - كيفية استغلال الأرض،
7 - القوانين الصادرة بشأن التقسيم ومد الأراضى بالمرافق العامة، وفى جميع الأحوال لا يعتبر التقدير نهائياً إلا بعد اعتماده من المحافظ ".
ومن حيث إن الأرض محل النزاع والتى يشغلها المطعون ضده هى من زوائد التظيم ومساحتها 20.4 م2 وكان قد تم حصرها باسم/ ....... ثم إنتقلت إلى المطعون ضده، وقدرت اللجنة الابتدائية ثمن المتر فيها بمبلغ 100 جنيه (مائة جنيه) واعتمد هذا التقدير من اللجنة العليا لتقدير الأراضى بسوهاج فى 7/ 2/ 1987 واعتمد ذلك التقدير من المحافظ فى 15/ 3/ 1987.
ومن حيث إن الحكم الطعين استند فى أسبابه إلى ما خلص إليه تقرير الخبيرة المنتدبة فى الدعوى من تقدير سعر المتر للأرض محل النزاع بمبلغ 25 جنيها (خمسة وعشرين جنيها) بعد مباشرتها لمأموريتها واخطار الخصوم لسماع أقوالهم، وبعد إجراء معاينة الأرض محل النزاع على الطبيعة، ومعرفة مساحتها وموقعها ومقارنتها بحالة المثل القريبة منها والصادر بشأنها الحكم فى الدعوى رقم 3830 لسنة 1982 ك. سوهاج المقامة من آخرين ضد المدعى عليهم فى النزاع الماثل والذى تضمن تقدير ثمن المتر المربع من أرض التداعى بمبلغ عشرة جنيهات، وقد تأيد هذا الحكم بالاستئناف رقم 265 لسنة 6 استئناف عالى أسيوط وقد جرى هذا التقدير وفقاً للضوابط التى تضمنها قرار محافظ سوهاج المشار إليه، وبمراعاة عامل الزمن حيث إن الحكم فى الحالة المسترشد بها كان على أساس تقدير الثمن عام 1982 بينما فى عين النزاع فإن التقدير تم فى مارس 1987.
ومن حيث إن المستقر عليه قضاءً أن تقرير عمل الخبير هو من عناصر الإثبات أنه يخضع لتقدير محكمة الموضوع ولها الأخذ به محمولاً على أسبابه طالما أنها اعتدت بما ورد بالتقرير المقدم لها فى الدعوى وكفايته لتكوين عقيدتها، كما أنها ليست ملزمة بتعقب كل ما يبديه الطاعن من مثالب بالرد عليها، كل على استقلال، متى استظهرت من هذا التقرير ما يكفى لتكوين عقيدتها وتثبيت اقتناعها بصحة أسبابه وعلى ذلك فإن المحكمة إذ استندت فى قضائها إلى تقرير الخبير المودع ملف الدعوى لاقتناعها بما ورد به وبالأسباب التى بنى عليها فإنها لا تكون قد أخطأت السبيل، بل تكون قد أعملت صحيح اختصاصها وطبقت حقيق القانون تطبيقاً صحيحاً تفسيراً وتأويلاً، ولا وجه ما أثارته الجهة الإدارية للنيل من صحة تقرير الخبيرة فى الدعوى بالقول بعدم انتقالها إليها للاطلاع على التقارير والسجلات إذ أن هذا الأمر طبقاً لما ورد فى الحكم التمهيدى الصادر قبل الفصل فى الموضوع إنما مرده إلى ما تقدره الخبيرة فى هذا الشأن ولا إلزام عليها فى ذلك متى كان فى مكنتها القيام بمهمتها دون هذا الانتقال إلى الجهة الإدارية، فضلا عن أن الثابت من الأوراق ومن محضر الأعمال الوارد بالتقرير أن الجهة الإدارية تقاعست عن المثول أمام الخبيرة على الرغم من اخطارها بذلك لسماع أقوالها أكثر من مرة فلا يكون ثمة وجه لأن تثير الجهة الإدارية بعد أذ نكلت عن الحضور أمام جهة مصلحة الخبرة التى عهدت إليها المحكمة، فى حكمها التمهيدى، تجليه بعض عناصر الدعوى التى تتعلق بأمور تتصل بواقع ثمن الأرض محل المنازعة، بأن تعيب على جهة مصلحة الخبرة عدم تعقب الجهة الإدارية وهى التى فوتت، عامدة أو غافلة، ما قد يكون لديها من أوجه دفاع أو دفوع، ولا يكون من تثريب على الحكم المطعون فيه إن اعتد بحقيق ما ورد بتقرير الخبرة التى تنطلق أعماله التحضيرية عن التزامه جادة الصواب وصحيح القيام بما فرضه الحكم التمهيدى وما يتطلبه وجه الرأى الفنى فى موضوع المنازعة. وبالترتيب على ما سبق جميعه يغدو الطعن الماثل فى غير محله وعلى غير أساس سليم من القانون ومتعينا رفضه.
ومن حيث من يخسر الطعن يلزم مصروفاته.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
ساحة النقاش