تحقق القصد الجنائي في جريمة القذف بإثبات قصد التشهير بالمجني عليه. لا محل للتحدث عن حسن النية أو صحة وقائع القذف ما دام المجني عليه ليس من الموظفين العموميين أو من في حكمهم.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 22 - صـ 669
جلسة 29 من نوفمبر سنة 1971
برياسة السيد/ المستشار محمود عطيفه، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم الديوانى، ومصطفى الاسيوطى، وعبد الحميد الشربينى، وحسن المغربى.
(163)
الطعن رقم 640 لسنة 41 القضائية
(أ، ب) قذف. جريمة. "أركانها". قصد جنائى. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
( أ ) مجرد تقديم شكوى لجهة الاختصاص لا يعد قذفا. شرط ذلك؟ استخلاص قصد التشهير من اختصاص محكمة الموضوع دون معقب ما دام استنتاجها سائغا. تحقق ركن العلانية من تعدد البلاغات وترديد فحواها بين الموظفين المكلفين بفحصها. مثال لاستخلاص سائغ لقصد التشهير والتدليل على العلانية.
(ب) تحقق القصد الجنائى فى جريمة القذف بإثبات قصد التشهير بالمجنى عليه. لا محل للتحدث عن حسن النية أو صحة وقائع القذف ما دام المجنى عليه ليس من الموظفين العموميين أو من فى حكمهم.
1 - من المقرر أن مجرد تقديم شكوى فى حق شخص إلى جهات الاختصاص وإسناد وقائع معينة إليه لا يعد قذفا معاقبا عليه ما دام القصد منه لم يكن إلا التبليغ عن هذه الوقائع لا مجرد التشهير للنيل به واستظهار ذلك القصد من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها فى ذلك ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلا مع هذا الاستنتاج. فإن الحكم إذ استخلص قصد التشهير بالمطعون ضده من إقحام الطاعن فى شكاياته لوقائع مشينة يرجع عهدها إلى عام 1930 مدفوعا فى ذلك بأحقاد شخصية ترجع إلى نزاع قديم بينهم، وخلص إلى أن نية الطاعن قد انصرفت من تعدد بلاغاته إلى ترديد فحواها بين الموظفين المكلفين بفحصها بما يحقق العلانية التى قصد منها التشهير بالمطعون ضده وليس مجرد التبليغ أو الشكوى، يكون قد دلل على سوء قصد الطاعن وتوافر ركن العلانية بما يسوغ الاستدلال عليه وتنحسر به دعوى القصور فى البيان.
2 - متى تحقق القصد الجنائى قبل الطاعن فى جريمة القذف بما أثبته الحكم عليه من قصد التشهير بالمطعون ضده فإنه لا يكون هناك محل للتحدث عن حسن النية أو صحة وقائع القذف ما دام المجنى عليه ليس من الموظفين العموميين أو من فى حكمهم.
الوقائع
أقام المدعى بالحق المدنى دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح المنصورة الجزئية ضد الطاعن متهما إياه بأنه فى يوم 7 يناير سنة 1965 قدم ضده شكوى إلى محافظ الشرقية نسب فيها إليه بأنه أثرى بطريق غير مشروعة وأنه حاول إفلاس نفسه للتهرب من دفع ديونه ويتجر فى السوق السوداء ويتلاعب فى المواد التموينية إلى غير ذلك. وطلب معاقبته بالمواد 171 و302 و303 من قانون العقوبات مع إلزامه بتعويض مؤقت قدره مائة جنيه. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام. (أولا) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة محليا بنظر الدعوى وباختصاصها. (ثانيا) بتغريم المتهم خمسين جنيها. (ثالثا) بإلزامه أن يؤدى إلى المدعى بالحق المدنى مائة جنيه تعويضا مؤقتا والمصاريف ومائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابيا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف. عارض، وقضى فى معارضته بقبولها شكلا ورفضها موضوعا وتأييد الحكم الغيابى المعارض فيه. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن، هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القذف فى حق المطعون ضده قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه قصور فى التسبيب، ذلك بأنه لم يقصد فى شكاياته سوى تبليغ الجهات الرسمية عن وقائع جنائية نسبها إلى المدعى بالحق المدنى دون أن يبغى نشرها أو توزيعها على الناس بغير تمييز وهو مناط القول بتوافر العلانية فى جريمة القذف، غير أن الحكم انتهى إلى توافر ركن العلانية دون أن يبين طرقته، كما لم يتحدث الحكم عن ركن قصد الإذاعة وهو ما يتعين بيانه فيه إلى جانب ركن العلانية. هذا إلى أن الحكم بنى قضاءه كذب الوقائع التى نسبها الطاعن للمدعى بالحق المدنى دون أن يعرض للمستندات التى قدمها تدليلا على صحتها. الأمر الذى يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة القذف التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن القائم على أنه لم يتجاوز حدود حقه فى تبليغ الجهات المسئولة ضد المطعون ضده ورد عليه فى قوله أن الثابت من الشكاوى والبلاغات التى تقدم بها المتهم أنه قصد بها التشهير بالمدعى بالحق المدنى لأنه نسب إليه أمورا غريبة ترجع إلى عام 1930 فنسب إليه تعدد الإفلاس وأنه يتجر فى الإطارات فى السوق السوداء ويتلاعب فى المواد التموينية وكل ذلك نتيجة نزاع بينهما بشأن العلاقة الإيجارية، فضلا عن أن المتهم قصد من هذه الشكاوى النيل من المدعى المدنى بافتراءات نسبها إليه ثبت كذبها وأنه بإرسال هذه الشكاوى لعدة جهات مسئولة يستتبع تداولها بين المواطنين مما يفقدها سريتها ولو لم يقصد عدم إذاعتها الأمر الذى يوفر ركن العلانية، وكان من المقرر أن مجرد تقديم شكوى فى حق شخص إلى جهات الاختصاص وإسناد وقائع معينة إليه لا يعد قذفا معاقبا عليه ما دام القصد منه لم يكن إلا التبليغ عن هذه الوقائع لا مجرد التشهير للنيل به، واستظهار ذلك القصد من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها فى ذلك ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلا مع هذا الاستنتاج، فإن الحكم إذ استخلص قصد التشهير بالمطعون ضده من إقحام الطاعن فى شكاياته لوقائع مشينة يرجع عهدها إلى عام 1930 مدفوعا فى ذلك بأحقاد شخصية ترجع إلى نزاع قديم بينهم، وخلص إلى أن نية الطاعن قد انصرفت من تعدد بلاغاته إلى ترديد فحواها بين الموظفين المكلقين بفحصها بما يحقق العلانية التى قصد منها التشهير بالمطعون ضده وليس مجرد التبليغ أو الشكوى، يكون قد دلل على سوء قصد الطاعن وتوافر ركن العلانية بما يسوغ به الاستدلال عليه وتنحسر به دعوى القصور فى البيان. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفاله الرد على المستندات التى قدمها إلى المحكمة تدليلا على صحة الوقائع التى نسبها إلى المطعون ضده مردودا بأنه متى تحقق القصد الجنائى قبل الطاعن فى جريمة القذف بما أثبته الحكم عليه من قصد التشهير بالمطعون ضده، فإنه لا يكون هناك محل للتحدث عن حسن النية أو صحة وقائع القذف ما دام أن المجنى عليه ليس من الموظفين العموميين أو من فى حكمهم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع مصادرة الكفالة.
ساحة النقاش