من المقرر أيضاً أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطاً بالضرورة الداعية إليه، فقد جرى قضاء النقض على أن الفصل فيما إذا كانت عبارات السب والقذف مما يستلزمه الدفاع متروك لمحكمة الموضوع.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 33 - صـ 407
جلسة 28 من مارس سنة 1982
برياسة السيد المستشار/ أمين أمين عليوة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: جمال الدين منصور وعبد العزيز عبد العاطي ونجاح نصار وحسين لبيب.
(83)
الطعن رقم 5446 لسنة 51 القضائية
1 - نيابة عامة. دعوى جنائية.
القيد الوارد بالمادة الثالثة من قانون الإجراءات. نطاقه؟
2، 3 - مسئولية جنائية. اشتراك. فاعل أصلي. وكالة.
(2) عدم مساءلة الشخص جنائياً عن عمل غيره.
(3) الموكل هو الذي يمد محاميه بالمعلومات اللازمة لكتابة مذكرة دفاعه. أثر ذلك؟
4 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع القانوني ظاهر البطلان. التفات الحكم عنه. لا عيب.
5، 6 - إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قذف.
(5) حق محكمة الموضوع في استظهار وقائع القذف من عناصر الدعوى تراقبه محكمة النقض.
(6) المادة 309 عقوبات تطبيق لمبدأ حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه الفصل في ذلك موضوعي مثال لتسبيب سائغ.
1 - من المقرر أن ما نصت عليه المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية - من عدم جواز رفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفوية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص في الجرائم المنصوص عليها في المواد 306 و307 و308 إلخ إنما يتضمن قيداً على حق النيابة العامة في مباشرة الدعوى الجنائية دون حق المدعي المدني في ذلك إذ له حق إقامة الدعوى المباشرة قبل المتهم ولو بدون شكوى سابقة - لأن الادعاء المباشر هو بمثابة شكوى - وعلى أن يتم ذلك في خلال الثلاثة أشهر المنصوص عليها في المادة الثالثة سالفة الذكر.
2 - من القواعد المقررة عدم مساءلة الشخص جنائياً عن عمل غيره فلابد لمساءلته أن يكون من ساهم في القيام بالعمل المعاقب عليه فاعلاً أو شريكاً.
3 - من المقرر أنه وإن كان الموكل لا يكتب للمحامي مذكرته التي تضمنت وقائع القذف إلا أنه بالقطع يمده بكافة المعلومات والبيانات اللازمة لكتابة هذه المذكرة التي يبدو عمل المحامي فيها هو صياغتها صياغة قانونية تتفق وصالح الموكل في الأساس ولا يمكن أن يقال أن المحامي يبتدع الوقائع فيها، ومن ثم فلا يلزم لمساءلة الموكل عما ورد بها أن يكون قد وقع بنفسه عليها أو أن يقوم الدليل على أنه أملاها على محاميه.
4 - لما كان الطاعن لا يدعي في أسباب طعنه أن الدعوى المباشرة قد رفعت بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية فإن الدفع المبدى منه بعدم قبول الدعوى يضحى دفعاً قانونياً ظاهر البطلان بعيداً عن محجة الصواب ومن ثم فلا تثريب على الحكم إن هو التفت عنه ولم يرد عليه.
5 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص وقائع القذف من عناصر الدعوى ولمحكمة النقض أن تراقبها فيما ترتبه من النتائج القانونية لبحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها واستظهار مرامي عباراتها لا تزال حكم القانون على وجهه الصحيح.
6 - من المقرر أيضاً أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطاً بالضرورة الداعية إليه، فقد جرى قضاء النقض على أن الفصل فيما إذا كانت عبارات السب والقذف مما يستلزمه الدفاع متروك لمحكمة الموضوع.
الوقائع
أقام المدعي بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر ضد الطاعن بوصف أنه قذف في حق الطاعن بالألفاظ الواردة بعريضة الدعوى رقم.. لسنة 1978 مستعجل القاهرة بأن نسب إليه أموراً لو صحت لاستوجبت عقابه واحتقاره بين أهل وطنه وطلب عقابه بالمواد 171، 302 و305 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنح باب الشعرية الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم عشرون جنيهاً وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت فاستأنف. ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ..... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القذف قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه كما شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه دفع أمام المحكمة الاستئنافية - بعدم قبول الدعويين المدنية والجنائية لرفعهما على خلاف ما نصت عليه المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية إذ لم يوقع المدعي المدني بنفسه على صحيفة الدعوى المباشرة ولم يصدر - لمن باشرها عنه - توكيلاً خاصاً وصريحاً لتحريكها كما أن التوكيل المعطى له من قبل لا يخوله لهذا الحق - غير أن الحكم التفت مع ذلك عن تناول هذا الدفع أو الرد عليه وقضى على خلافه بقبول الدعويين، هذا إلى أن العبارات التي أدين من أجلها الطاعن والتي تضمنتها صحيفة دعواه وأقواله بالشكوى الإدارية هي مما يقتضيه دفاعه ولا يستوجب بالتالي أية مساءلة جنائية وفقاً لما تقضى به المادة 309 عقوبات، فضلاً عن انتفاء مسئوليته أصلاً عنها باعتبار أنها لم تصدر منه ولم يوقع عليها ولم يكلف وكيله بذكرها وإذ دانه الحكم رغم ذلك عنها ودون أن يورد أدلة الثبوت التي أقام عليها قضاءه فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن ما نصت عليه المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية - من عدم جواز رفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفوية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص في الجرائم المنصوص عليها في المواد 306 و307 و308 إلخ إنما يتضمن قيداً على حق النيابة العامة في مباشرة الدعوى الجنائية دون حق المدعي المدني في ذلك إذ له حق إقامة الدعوى المباشرة قبل المتهم ولو بدون شكوى سابقة - لأن الادعاء المباشر هو بمثابة شكوى - وعلى أن يتم ذلك في خلال الثلاثة أشهر المنصوص عليها في المادة الثالثة سالفة الذكر لما كان ذلك وكان من القواعد المقررة عدم مساءلة الشخص جنائياً عن عمل غيره فلا بد لمساءلته أن يكون من ساهم في القيام بالعمل المعاقب عليه فاعلاً أو شريكاً وكان من المقرر أيضاً أنه وإن كان الموكل لا يكتب للمحامي مذكرته التي تضمنت وقائع القذف إلا أنه بالقطع يمده بكافة المعلومات والبيانات اللازمة لكتابة هذه المذكرة التي يبدو عمل المحامي فيها هو صياغتها صياغة قانونية تتفق وصالح الموكل في الأساس ولا يمكن أن يقال أن المحامي يبتدع الوقائع فيها، ومن ثم فلا يلزم لمساءلة الموكل عما ورد بها أن يكون قد وقع بنفسه عليها أو أن يقوم الدليل على أنه أملاها على محاميه. لما كان ذلك وكان الطاعن لا يدعي في أسباب طعنه أن الدعوى المباشرة قد رفعت بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية فإن الدفع المبدى منه بعدم قبول الدعوى يضحى دفعاً قانونياً ظاهر البطلان بعيداً عن محجة الصواب ومن ثم فلا تثريب على الحكم إن هو التفت عنه ولم يرد عليه. لما كان ما تقدم وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - أنه بعد أن حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القذف التي دان بها الطاعن أورد على ثبوتها في حقه قوله ".. وحيث إن عريضة الدعوى رقم.... سنة 1978 مستعجل جزئي القاهرة المعلنة للمدعي بالحق المدني في يوم 30/ 11/ 1978 قد احتوت على اتهام المدعي بالحق المدني بتزوير محررات عرفية الأمر الذي لو ثبت صدقه لأوجب عقابه بالعقوبات المقررة لذلك قانوناً وقد توافر ركن العلنية إذ أن عريضة الدعوى تداولت بين أيدي الموظفين المختصين الأمر الذي يتضح معه انتواء المتهم إذاعة ما هو مكتوب سيما وأن ذلك لم يكن ضرباً من ضروب الدفاع في تلك الدعوى التي موضوعها الطرد للغصب، لما كان ما تقدم جميعه فإن جريمة القذف أضحت متوافرة الأركان وثابتة في جانب المتهم" وإذ كان ذلك وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص وقائع القذف من عناصر الدعوى ولمحكمة النقض أو تراقبها فيما ترتبه من النتائج القانونية لبحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها واستظهار مرامي عباراتها لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح.. وإذ كان من المقرر أيضاً أن حكم المادة 309 من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطاً بالضرورة الداعية إليه، فقد جرى قضاء النقض على أن الفصل فيما إذا كانت عبارات السب والقذف مما يستلزمه الدفاع متروك لمحكمة الموضوع، لما كان ذلك وكان ما ساقه الحكم في مدوناته سالفة البيان - من استخلاصه لوقائع القذف وتقديره لما ورد بصحيفة الدعوى المستعجلة من عبارات على أنها تعد قذفاً وليست من مستلزمات الدفاع في تلك الدعوى - سائغاً وصحيحاً ومتفقاً مع صحيح القانون وكافياً بالتالي في استظهار عناصر جريمة القذف التي دان بها الطاعن وأدلة ثبوتها في حقه وهو ما ينفي عن الحكم قالة القصور في التسبيب ودعوى مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه. ولما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين من ثم رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة.
ساحة النقاش