سلطة محكمة الموضوع في تحديد نوع السلاح وصلاحيته للاستعمال اعتماداً على تقرير لجنة شكلت لهذا الغرض.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 11 - صـ 782
جلسة 14 من نوفمبر سنة 1960
برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفي، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، وحسن خالد المستشارين.
(150)
الطعن رقم 1296 لسنة 30 القضائية
(أ - ج) استدلال. تلبس. قانون. تفسيره. نقض.
تفتيش منزل المتهم في حالات التلبس: سناد هذا الحق: الم 47 أ. ج. نطاق تطبيق هذه المادة: عند توافر حالة التلبس بصفة عامة ما دام أن التفتيش الذي أجراه مأمور الضبط القضائي وقع بمنزل يسكنه المتهم ولم يسبق للنيابة العامة تفتيشه. علة ذلك: عموم النص ونتائج تقييده.
ما لا يعد من شروط صحته الشكلية: حضور المتهم.
الدفع ببطلان التفتيش لإجرائه في غيبة الشاهدين. ماهيته: دفع موضوعي يستلزم تحقيقاً للتثبت من صحته. لازم ذلك: عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(د - هـ) تلبس.
تقدير حالته: الفصل في المدة التي مضت بين ارتكاب الجريمة واكتشافها أمر موضوعي عند سلامة التدليل.
حالاته:
انتقال مأمور الضبط القضائي إلى محل الحادث إثر علمه بوقوعه ومشاهدته آثار الجريمة بادية.
(و) إثبات. إقناعية الدليل. سلاح.
سلطة محكمة الموضوع في تحديد نوع السلاح وصلاحيته للاستعمال اعتماداً على تقرير لجنة شكلت لهذا الغرض.
1 - التفتيش الذي يقع في حالة من حالات التلبس بمنزل يسكنه المتهم ولم يسبق للنيابة أن أجرت تفتيشه مستمد من الحق الذي خوّله الشارع لمأمور الضبط القضائي في المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية، وتضييق نطاق تطبيق المادة المذكورة - ونصها عام - يؤدي إلى نتائج قد تتأثر بها العدالة عندما تقضي الظروف المحيطة بالحادث أن لا يتقاعس مأمور الضبط القضائي عن القيام بواجب فرضه عليه القانون وخوّله الحق في استعماله.
2 - لم يجعل قانون الإجراءات الجنائية حضور المتهم عند تفتيش مسكنه شرطاً جوهرياً لصحة التفتيش، ولم يرتب بطلاناً على تخلفه.
3 - ما ينعاه المتهم من أن التفتيش تم في غير حضور شاهدين هو دفع موضوعي كان يقتضي من المحكمة أن تجري فيه تحقيقاً للتثبت من صحته، ومن ثم فلا يقبل منه الجدل في هذا الخصوص أمام محكمة النقض لأول مرة.
4 - تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها موكول إلى محكمة الموضوع، ولا معقب عليها في خصوصه متى كانت المحكمة قد استدلت على قيام هذه الحالة بأدلة سائغة.
5 - لا ينفي قيام حالة التلبس كون مأمور الضبط القضائي قد انتقل إلى محل الحادثة بعد وقوعها بزمن - ما دام أنه بادر إلى الانتقال عقب علمه مباشرة، وما دام أنه قد شاهد آثار الجريمة بادية.
6 - لا سبيل إلى مصادرة محكمة الموضوع في اقتناعها بالأدلة التي اطمأنت إليها ومن حقها الأخذ بها في تكوين عقيدتها بشأن إثبات نوع السلاح وصلاحيته للاستعمال، سواء في ذلك أن يكون تقرير فحص السلاح المضبوط تقريراً فنياً، أو محضراً حرره مأمور الضبط القضائي الذي تولى فحص السلاح مع لجنة شكلت لهذا الغرض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما - المتهم الأول قتل عمداً المجني عليها بأن أطلق عليها عيارين ناريين قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها، وقد تقدمت هذه الجناية جناية أخرى هي أنه مع المتهم الثاني في الزمان والمكان سالفي الذكر شرعا في سرقة العنزة المبينة بالمحضر وصفاً وقيمة والمملوكة للمجني عليها سالفة الذكر حالة كون المتهم الأول يحمل سلاحاً نارياً ظاهراً وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو استغاثة المجني عليها وركونها للفرار. والمتهم الثاني: اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة القتل سالفة الوصف بأن اتفق معه على سرقة منزل المجني عليها ورافقه إلى محل الحادث لشد أزره ولما تنبهت المجني عليها لهما قتلها المتهم الأول وكانت جريمة القتل هذه نتيجة محتملة للاتفاق على جريمة السرقة. والمتهم الأول أحرز سلاحاً نارياً "مششخناً" "بندقية لي أنفيلد" دون ترخيص والمتهم الثاني أحرز سلاحاً نارياً مششخناً "فرد" دون ترخيص. وطلبت إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتها بالمواد 40/ 2 - 3 و41 و43 و234/ 1 - 2 من قانون العقوبات والمواد 1 و26/ 2 و30 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 المرافق. وأمام محكمة الجنايات دفع الحاضر عن المتهمين ببطلان التفتيش لعدم توافر حالة التلبس بالجريمة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة لتهمتي القتل والاشتراك فيه والمواد 1 و26/ 2 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 سنة 1954 والجدول رقم 3 الملحق به مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للتهمة الثانية ببراءة كل من المتهمين من تهمة القتل والاشتراك فيه المسندة إليهما وبمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عن تهمة إحرازه السلاح المسندة إليه وبمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبمصادرة السلاح المضبوط، وقد ذكرت في أسباب حكمها أن الدفع في غير محله. فطعن المتهمان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
... حيث إن الطاعن الأول ينعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك أن تفتيش منزله تم بغير إذن من النيابة وفي غير الحالات التي تجيزه بل وبعد مباشرة التحقيق بمعرفة النيابة العامة عقب انتقالها لمحل الحادث فوق أن الضابط لم يصطحب المتهم ولم يستحضر شاهدين معه أثناء التفتيش، هذا بالإضافة إلى أن الحكم المطعون فيه اعتبر في وجود السلاح موضوع الجريمة في حفرة بالحظيرة دليلاً على حيازة الطاعن له في حين أنه لا يؤدي إلى هذه النتيجة لزاماً، كما استند في إثبات صلاحية السلاح للاستعمال إلى تقرير لا أصل له في الأوراق وكل ما هنالك هو محضر محرر بمعرفة معاون البوليس أثبت فيه أن اللجنة فحصت السلاح وقررت صلاحيته.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن لصوصاً نقبوا في الهزيع الأخير من ليلة 18 من نوفمبر سنة 1957 جدار مسكن المجني عليها فلما شعرت بحركة النقب نهضت من فراشها وسعت إلى الغرفة التي نقب اللصوص جدارها ففاجأها بعض الجناة في الظلام بإطلاق النار عليها وفروا هاربين...... ثم تناهى خبر الحادث إلى زوجها فاتجه بالمظنة إلى المتهمين - ولما جاء اتهامهما في هذه الجناية عند ضبط الواقعة وفي التحقيقات فقد سعى ضابط المباحث لضبطهما حتى تمكن من ضبطهما في المزارع وبادر بإرسالهما لسلطة التحقيق الذي كانت النيابة قد تولته وقتئذ، ثم قام بتفتيش مسكن كل منهما لضبط السلاح المستعمل في الحادث فعثر بحضوره المخبر محمد حسن الفولي بمسكن المتهم الأول (الطاعن) على بندقية لي انفيلد مششخنة صالحة للاستعمال مدفونة في زريبة المواشي..." وقد استطرد الحكم في الرد على الدفع الذي أثاره الطاعن الأول في شأن بطلان التفتيش فقال "إنه دفع مردود بالثابت من الأوراق إذ أن الضابط حسبما جاء بمحضر المأمور قد انتقل معه إلى محل الحادث وحضر المعاينة مع المحقق وأثبت الضابط نفسه في محضره قيامه بالتحريات في الحادث قبل الضبط... أما عن عدم اصطحابه المتهم معه أثناء التفتيش فالثابت من شهادة الضابط بالجلسة أنه اضطر إلى إرسال المتهمين إلى سلطة التحقيق إثر ضبطهما فما كان يمكن له مصاحبتهما وقت إجراء التفتيش فيما ترى المحكمة - لأهمية عرضهما على المحقق فوراً - أما القول ببطلان القبض فمردود بما نصت عليه المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية من أن لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه وقد كان الضبط بعد أن ذهب ابن المجني عليها للقول برؤيته للمتهمين، الأمر الذي يكون معه الدفع على غير أساس ويتعين رفضه" ولما كان هذا الرد سليماً في القانون، وكان الثابت من الحكم أن الطاعن قد شوهد عند ارتكاب الجريمة المسندة إليه وأن الضابط وصل بمجرد علمه بوقوع الحادث فإن التفتيش يكون قد وقع في حالة من حالات التلبس، ذلك بأنه لا ينفي قيام حالة التلبس كون مأمور الضبط القضائي قد انتقل إلى محل الحادثة بعد وقوعها بزمن ما دام أنه بادر إلى الانتقال عقب علمه مباشرة، وما دام أنه قد شاهد آثار الجريمة بادية، ولما كان تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والمدة التي مضت من وقت وقوعها إلى وقت اكتشافها موكول إلى محكمة الموضوع ولا معقب عليها في خصوصه متى كانت المحكمة قد استدلت على قيام هذه الحالة بأدلة سائغة. لما كان ذلك، وكان التفتيش في هذه الحالة مستمداً من الحق الذي خوله الشارع لمأمور الضبط القضائي في المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية وقد وقع هذا التفتيش في منزل يسكنه الطاعن ولم يسبق للنيابة أن أجرت تفتيشه، وكان تقييد نطاق تطبيق المادة 47 المذكورة - ونصها عام - يؤدي إلى نتائج قد تتأثر بها العدالة عندما تقتضي الظروف المحيطة بالحادث - كما هو الحال في واقعة الدعوى - أن لا يتقاعس مأمور الضبط القضائي عن القيام بواجب فرضه عليه القانون وخوله الحق في استعماله، ومن ثم يكون النعي ببطلان القبض والتفتيش على غير أساس - أما ما ينعاه الطاعن في شأن عدم اصطحابه عند إجراء التفتيش، فإن قانون الإجراءات الجنائية لم يجعل حضور المتهم عند تفتيش مسكنه شرطاً جوهرياً لصحة هذا التفتيش ولم يرتب بطلاناً على تخلفه، وما ينعاه من أن التفتيش تم في غير حضور شاهدين فإن الطاعن لم يدفع بذلك أمام المحكمة - وهو دفع موضوعي كان يقتضي من المحكمة أن تجري فيه تحقيقاً للتثبت من صحته، ومن ثم فلا يقبل منه الجدل في هذا الخصوص أمام محكمة النقض لأول مرة. لما كان ذلك، وكان باقي ما جاء بأسباب الطعن من عدم كفاية اعتبار وجود السلاح في حفرة في حظيرة المواشي المملوكة للطاعن دليلاً على ملكيته له وحيازته إياه، أو القول بصلاحية هذا السلاح للاستعمال استناداً إلى تقرير لا أصل له في الأوراق، فإن الحكم المطعون فيه قد أورد من أدلة الثبوت التي أستند إليها في أقوال الضابط والمخبر المرافق له ما يكفي لتبرير اقتناعه بالإدانة كما بين أنه اعتمد في إثبات نوع السلاح وصلاحيته للاستعمال على التقرير المرافق، ولا سبيل إلى مصادرة المحكمة في اقتناعها بالأدلة التي اطمأنت إليها ومن حقها الأخذ بها في تكوين عقيدتها، سواء في ذلك أن يكون تقرير فحص السلاح المضبوط تقريراً فنياً أو محضراً حرره مأمور الضبط القضائي الذي تولى فحص السلاح مع لجنة شكلت لهذا الغرض، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه.
ساحة النقاش