عماد الإثبات فى المواد الجنائية هو اطمئنان المحكمة إلى ثبوت الواقعة المسندة للمتهم ولا يمنع من مساءلته واستحقاقه العقاب عدم ضبط السلاح مادامت المحكمة قد اقتنعت من الأدلة التى أوردتها أن المتهم كان يحرز "الفرد" الذى قال عنه الشهود وأنه أطلق منه النار على المجنى عليه فأصيب منه وأنه سلاح يحظر القانون إحرازه.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثانى - السنة 12 - صـ 554
جلسة 9 من مايو سنة 1961
برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد عطية اسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدى، وحسن خالد المستشارين.
(104)
الطعن رقم 231 لسنة 31 القضائية
(أ) إثبات. سلاح.
جواز الاستناد فى إثبات إحراز السلاح - الذى لم يضبط - إلى شهادة الشهود.
(ب) عقوبة. ارتباط. نقض.
المادة 32 عقوبات. تقدير توافر الارتباط - عملا بنصها - منوط بسلطة قاضى الموضوع. عدم تطبيقها - متى كانت الوقائع الثابتة بالحكم توجب ذلك - خطأ فى القانون، يقتضى تدخل محكمة النقض لتصحيحه.
1 - عماد الإثبات فى المواد الجنائية هو اطمئنان المحكمة إلى ثبوت الواقعة المسندة للمتهم، ولا يمنع من مساءلته واستحقاقه العقاب عدم ضبط السلاح، مادامت المحكمة قد اقتنعت من الأدلة التى أوردتها أن المتهم كان يحرز "الفرد" الذى قال عنه الشهود وأنه أطلق منه النار على المجنى عليه فأصيب منه وأنه سلاح يحظر القانون إحرازه.
2 - تقدير توافر الشروط المقررة فى المادة 32 من قانون العقوبات أو عدم توافرها أمر داخل فى سلطة قاضى الموضوع له أن يقرر فيه ما يراه استنادا إلى الأسباب التى من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه، إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى - كما أثبتها الحكم المطعون فيه - توجب تطبيق المادة المذكورة عملا بنصها، فإن عدم تطبيقها يكون من الأخطاء التى تقتضى تدخل محكمة النقض لتطبيق القانون على وجهه الصحيح.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من المتهمين الأول والثانى والطاعن بأنهم المتهم الأول - أ - شرع فى قتل أبو جاد ابراهيم عبد الله من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن أطلق عليه عيارا ناريا من البندقية التى كان يحملها قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو تدارك المجنى عليه بالعلاج، وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى وهى أنه فى الزمان والمكان سالفى الذكر شرع فى قتل محمد ابراهيم عبد الله عمدا من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن أطلق عليه عيارا ناريا من البندقية التى كان يحملها قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو تدارك المجنى عليه بالعلاج - ب - أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا غير مششخن "بندقية خرطوش" - جـ - أحرز ذخيرة مما تستعمل فى الأسلحة النارية حالة كونه غير مرخص له بحمل سلاح. والمتهم الثانى - أ - شرع فى قتل قرنى محمد ابراهيم عمدا من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن أطلق عليه عيارا ناريا من سلاح كان يحمله قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو تدارك المجنى عليه بالعلاج - ب - أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا - جـ - أحرز ذخيرة مما تستعمل فى الأسلحة النارية حالة كونه غير مرخص له بحمل سلاح. والمتهم الثالث - أ - شرع فى قتل محمد جودة سليم عمدا من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن أطلق عليه عيارا ناريا من سلاح كان يحمله قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو تدارك المجنى عليه بالعلاج - ب - أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا غير مششخن. - جـ - أحرز ذخيرة مما تستعمل فى الأسلحة النارية حالة كونه لم يرخص له بحمل سلاح. وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحكمتهم بالمواد 45 و 46 و 234/ 1 - 2 من قانون العقوبات والمواد 1 و 6 و 26/ 1 - 4 و 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقمى 546 لسنة 1954 و 75 لسنة 1958 والجدول رقم 4 المرافق. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بالمواد 1 و 6 و 26/ 1 - 4 و 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول 2 المرافق والمادة 242/ 2 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 17 و 32 من نفس القانون بالنسبة للمتهمين الأول والثالث وبالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية للمتهم الثانى أولا بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل لمدة سنة وتغريمه 500 قرش عن التهمتين الثانية والثالثة المسندتين إليه وبحبسه ستة أشهر مع الشغل عن التهمة الأولى المسندة إليه باعتبارها جنحة منطبقة على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات وأمرت بمصادرة البندقية والذخيرة المضبوطة. وثانيا - بمعاقبة المتهم الثالث (الطاعن) بالحبس مع الشغل لمدة سنة وتغريمه 500 قرش عن التهمتين الثانية والثالثة المسندتين إليه وبحبسه ستة أشهر مع الشغل عن التهمة الأولى المسندة إليه باعتبارها جنحة ضرب منطبقة على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات وثالثا - ببراءة المتهم الثانى مما أسند إليه. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
وحيث إن مبنى الوجهين الأول والثانى هو بطلان الحكم المطعون فيه وإخلاله بحق الدفاع، إذ قضى بإدانة الطاعن عن تهمة إحرازه سلاحا ناريا "فرد يطلق الرش" معتمدا فى ذلك على شهادة المجنى عليه مع أن هذا السلاح وذخيرته لم يضبطا، ولذا فقد تعذر على الحكم أن يصف السلاح وصفا مميزا، هذا فضلا عن أن تقرير المباحث قد أثبت أن الحادث استعملت فيه بندقية خرطوش عيار 16 وهى التى ضبطت مع المتهم الأول وقد قرر الطبيب الشرعى أن جميع الجروح التى حدثت بالمجنى عليهم من الممكن حدوثها من هذه البندقية وقد أبدى الطاعن هذا الدفاع أمام المحكمة، ولكن الحكم لم يعرض له ويرد عليه.
وحيث إنه لما كانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه تتحصل فى أن غلامين أحدهما من أسرة الطاعن والآخر من أسرة المجنى عليه تشاجرا، فتجمع بعض أفراد الأسرتين وناصر كل فريق الغلام الذى ينتمى لأسرته وأطلق المتهم الأول... ... ... من بندقيته مقذوفين أصابا اثنين من المتجمهرين، كما أطلق الطاعن من فرد معبأ بالخرطوش مقذوفا أصاب المجنى عليه محمد جوده سليم فى ساقه. وقد ضبطت البندقية التى استعملها المتهم الأول وتبين من فحصها أنها بندقية تطلق الخرطوش عيار 16 - أما الفرد الذى استعمله الطاعن فلم يضبط، وتبين من التقارير الطبية أن المصابين جميعا أصيبوا فى النصف الأسفل من أجسامهم بجروح نارية استلزمت علاجهم مدة أقل من عشرين يوما. وقد استند الحكم فى إدانة الطاعن إلى شهادة كل من المجنى عليه وحسين يوسف حسن وحسن عبد التواب وإلى التقرير الطبى. لما كان ما تقدم، وكان الثابت منه أن الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، وكان عماد الإثبات فى المواد الجنائية هو اطمئنان المحكمة إلى ثبوت الواقعة المسندة للطاعن، فإنه لا يمنع من مساءلته واستحقاقه العقاب عدم ضبط السلاح مادامت المحكمة قد اقتنعت من الأدلة التى أوردتها أن الطاعن كان يحرز "الفرد" الذى قال عنه الشهود وأنه أطلق منه النار على المجنى عليه فأصيب منه وأنه سلاح يحظر القانون إحرازه. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بأن ترد فى حكمها على كل جزئية من جزئيات الدفاع، إذ أن فى تعويلها على شهادة شهود الإثبات ما يفيد أنها لم تقم وزنا لما وجه لأقوالهم من اعتراض، وهى بعد ذلك ليست بحاجة إلى الرد استقلالا على دفاع أفاد حكمها ضمنا الرد عليه. لما كان ما تقدم. فإن ما يثيره الطاعن فى هذين الوجهين يكون لا محل له.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع هو فساد الإستدلال، ذلك أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن استنادا إلى أقوال المجنى عليه وشهادة حسين يوسف حسن مع أن أقوال هذا الأخير بمحضر الجلسة تكاد تنفى الإتهام عن الطاعن إذ قرر أنه لم يتأكد من أن الطاعن كان يحمل شيئا أو أنه أطلق النار على المجنى عليه - كما ذكر الحكم أن المجنى عليه أصيب بجروح نارية فى الفخذين والصدر ثم عاد فى موضع آخر منه فقال إن جميع الجروح فى الواقعة منحصرة فى الساقين.
وحيث إنه لما كان الحكم قد استند فى إدانة الطاعن إلى أقوال كل من المجنى عليه والشاهدين حسين يوسف حسن وحسن عبد التواب وكان الثابت من أقوال هذين الشاهدين بمحضر جلسة المحاكمة - بعد أن راجعتهما المحكمة فيما سبق أن شهدا به فى تحقيق النيابة - يفيد أن الطاعن هو الذى أطلق النار على المجنى عليه "محمد جوده سليم" من "فرد" كان يحمله وهو ما يتفق وما أورده الحكم من أقوالهما. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن اضطراب الحكم فى وصف إصابات المجنى عليه المذكور غير صحيح، ذلك أن الحكم حين أشار فى معرض التدليل على انتفاء نية القتل لدى المتهمين إلى أن "جميع الجروح النارية منحصرة فى الساقين" لم يقصد بذلك تحديد إصابات المجنى عليه التى أورد بيانها مفصلة كما أثبتها التقرير الطبى، لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه لا يعيب الحكم.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو الخطأ فى تطبيق القانون، إذ طبق الحكم المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة لجريمتى إحراز السلاح النارى والذخيرة ولم يطبقها بالنسبة لجريمة إحداث الجرح بمقولة إن الارتباط منعدم بينهما وبين إحراز السلاح والذخيرة، مع أن حمل السلاح لم يكن إلا لارتكاب جريمة الضرب، هذا إن صح الإتهام المسند للطاعن.
وحيث إنه وإن كان تقدير توافر الشروط المقررة فى المادة 32 من قانون العقوبات أو عدم توافرها أمرا داخلا فى سلطة قاضى الموضوع له أن يقرر فيه ما يراه استنادا إلى الأسباب التى من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه، إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى - كما أثبتها الحكم المطعون فيه - توجب تطبيق المادة المذكورة عملا بنصها فإن عدم تطبيقها يكون من الأخطاء التى تقتضى تدخل محكمة النقض لتطبيق القانون على وجهه الصحيح. وإذن فإذا كانت عبارة الحكم تفيد الارتباط الذى يقول به الطاعن، مما كان يقتضى إعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات واعتبار الجرائم التى دين الطاعن من أجلها جريمة واحدة والاكتفاء بالعقوبة التى قضى بها الحكم المطعون فيه عن جريمة إحراز السلاح غير المششخن وهى العقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم، فإنه يتعين نقض الحكم نقضا جزئيا بالنسبة للعقوبة التى قضى بها الحكم عن جريمة الضرب. لما كان ذلك، وكان هذا الوجه يتصل بالمحكوم عليه "عبد التواب أحمد منصور" الذى لم يقرر بالطعن فإنه يتعين نقض الحكم نقضا جزئيا بالنسبة له إعمالا لحكم المادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
ساحة النقاش