لئن كان من حق المحكمة ألا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته .
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1031
جلسة 25 من نوفمبر سنة 1968
برئاسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود عطيفة، والدكتور/ أحمد محمد إبراهيم.
(209)
الطعن رقم 1868 لسنة 38 القضائية
( أ ) وصف التهمة. "تعديله. تغييره". نيابة عامة. "حقها في تعديل التهمة". "محكمة استئنافية. حقها في تعديل التهمة". استئناف. "نظره والحكم فيه". نظام عام. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". اتفاق جنائي. سرقة.
نطاق حق كل من النيابة العامة والمحكمة في تعديل وصف التهمة؟
حرمان المتهم من درجة من درجات التقاضي. مخالف للنظام العام.
(ب) بطلان. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون". "أثر الطعن". عقوبة. "العقوبة الأشد". اتفاق جنائي. سرقة.
بطلان القضاء في الجريمة. شرطه: ألا تكون المحكمة قد اتصلت بها طبقاً للقانون.
اتصال سبب الطعن بالمتهمين جميعاً. امتداد أثر الطعن إليهم.
1 - لئن كان من حق المحكمة ألا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنعها من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي تراه أنه الوصف القانوني السليم، إلا أنه ليس لها أن تحدث تغييراً في أساس الدعوى نفسه بإضافة وقائع جديدة لم ترفع بها الدعوى ولم يتناولها التحقيق أو المرافعة، والنيابة - بوصفها سلطة اتهام - وإن كان لها أن تطلب من المحكمة هذه الإضافة بما ينبني عنها من تغيير في الأساس أو زيادة في عدد الجرائم المقامة عليها الدعوى قبل المتهم إلا أن ذلك مشروط بأن يكون ذلك في مواجهة المتهم أو مع إعلانه به إذا كان غائباً وأن يكون أمام محكمة الدرجة الأولى حتى لا تحرمه فيما يتعلق بالأساس الجديد أو الجريمة الجديدة من إحدى درجتي التقاضي، وإذ كان ذلك وكان من المقرر طبقاً للمادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يجوز معاقبة المتهم عن واقعة أخرى غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور، وأن محكمة ثاني درجة إنما تتصل بالدعوى متقيدة بالوقائع التي طرحت على المحكمة الجزئية، وكانت التهمة التي وجهت إلى المتهمين والتي تمت المرافعة على أساسها أمام محكمة أول درجة قد حددت بالفعل الجنائي المنسوب إليهم ارتكابه وهو شروعهم في السرقة ولم تقل النيابة أنهم اشتركوا في اتفاق جنائي ولم ترفع الدعوى أمام محكمة أول درجة بهذه التهمة، وكانت هذه الجريمة الأخيرة تختلف في عناصرها المكونة لها وأركانها عن جريمة الشروع في السرقة وتتميز عنها بذاتية خاصة وسمات معينة وقد جرى النشاط الإجرامي فيها في تاريخ سابق على حصول الجريمة الأولى، فإنه ما كان يجوز للنيابة أو للمحكمة أن توجه إلى المتهمين هذه التهمة التي لم تعرض على المحكمة الجزئية ولم تفصل فيها، لما ينطوي عليه هذا الإجراء من تغيير في أساس الدعوى نفسه بإضافة وقائع جديدة وما يترتب عليه من حرمان المتهمين من درجة من درجات التقاضي، ولو كان للواقعة الجديدة أساس من التحقيقات، فإن هذا لتعلقه بالنظام القضائي ودرجاته يعد مخالفاً للأحكام المتعلقة بالنظام العام.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد قضى في جريمة الاتفاق الجنائي التي لم تتصل بها المحكمة طبقاً للقانون فإن قضاءه يكون باطلاً، وإذ كان ذلك وكان الحكم قد أعمل المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع على المتهمين العقوبة الأشد وهي المقررة لجريمة الإنفاق الجنائي، فإنه بذلك يكون قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه بالنسبة إلى المتهمين من طعن منهم ومن لم يطعن، لاتصال السبب الذي بني عليه الطعن بهم جميعاً إعمالاً لحكم المادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1957 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم في ليلة 1/ 1/ 1968 بدائرة بندر كفر الشيخ شرعوا في سرقة ملف الجناية رقم 2960 سنة 1967 بأن اقتحموا سراي النيابة وكسروا أدراج مكاتب العاملين بها بواسطة آلة حادة "أجنة" وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو عدم وجود تلك القضية بتلك المكاتب. وطلبت عقابهم بالمواد 45 و47 و151 و152/ 1 و321 من قانون العقوبات. ومحكمة قسم كفر الشيخ الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين الأول والثاني سنة ونصف مع الشغل والنفاذ، وبحبس كل من المتهمين الثالث والرابع سنة مع الشغل والنفاذ فاستأنف المحكوم عليهم هذا الحكم كما استأنفته النيابة العامة ومحكمة كفر الشيخ الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً وبإجماع الآراء بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وحبس كل من المتهمين الأول والثاني سنتين مع الشغل وحبس كل من المتهمين الثالث والرابع سنة واحدة مع الشغل وذلك عن تهمتي الشروع في السرقة والاتفاق الجنائي المنسوبتين إلى المتهمين الأربعة وطبقت في شأنهم المادة 32 من قانون العقوبات والمادتين 48 منه بوصف أنهم تداخلوا في اتفاق جنائي واتحدت إرادتهم على ارتكاب جريمة سرقة. فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض وقدم المحامي عن الطاعن الأول تقريراً بأسباب الطعن ولم يقدم الطاعن الثاني أسباباً لطعنه.
المحكمة
حيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي شروع في سرقة وتداخل في اتفاق جنائي وأوقع عليه العقوبة المقررة لأشدهما وهي جريمة الاتفاق الجنائي، قد شابه البطلان، ذلك بأنه دان الطاعن بجريمة لم تشملها ورقة التكليف بالحضور أمام محكمة أول درجة وهي جريمة الاتفاق الجنائي التي تغاير جريمة الشروع في السرقة التي رفعت بها الدعوى أصلاً وتتميز عنها بأركان قانونية خاصة. وقد ترتب على ذلك أن عوقب عن واقعة جديدة لم يسبق طرحها على محكمة أول درجة مما أدى إلى حرمانه من إحدى درجتي التقاضي وفي ذلك إهدار للأساس الذي يقوم عليه نظام المحاكمة في مواد الجنح وهو ما يتعلق بالنظام العام.
وحيث إن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعنين والمحكوم عليهما الآخرين بوصف أنهم في ليلة 1/ 1/ 1968 بدائرة بندر كفر الشيخ: شرعوا في سرقة ملف الجناية رقم 2660 سنة 1967 كفر الشيخ بأن اقتحموا سراي النيابة وكسروا أدراج مكاتب العاملين فيها بواسطة آلة حادة "أجنة" وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو عدم وجود القضية بتلك المكاتب. وطلبت النيابة العامة عقابهم طبقاً للمواد 45 و47 و151 و152/ 1 و321 من قانون العقوبات. ومحكمة أول درجة قضت بحبس كل من الطاعنين سنة ونصف مع الشغل والنفاذ وبحبس كل من المتهمين الثالث والرابع سنة مع الشغل والنفاذ. فاستأنف المتهمون كما استأنفت النيابة هذا الحكم. وأمام المحكمة الاستئنافية - وعلى ما أثبته الحكم المطعون فيه في مدوناته - طلبت النيابة العامة معاقبة المتهمين طبقاً لمواد الاتهام وللمادتين 48 و62 من قانون العقوبات بوصف أنهم في ليلة 1/ 1/ 1968 (أولاً) اتفقوا جميعاً واتحدوا على ارتكاب جريمة سرقة الجناية رقم 2660 سنة 1967 وأعدوا لذلك عدتهم وجهزوا لذلك أجنة لتسهل لهم أعمال اقتحام المبنى وكسر الأبواب والأدراج بغرض العثور على أوراق تحقيق الجناية وسرقتها. (ثانياً) شرعوا في سرقة ملف الجناية رقم 2660 سنة 1967 جنايات قسم كفر الشيخ بأن اقتحموا سراي النيابة وكسروا أدراج مكاتب العاملين فيها بواسطة آلة حادة (أجنة) وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو عدم وجود أوراق تحقيق تلك الجناية بتلك المكاتب. ثالثاً: أتلفوا وكسروا أدراج مكاتب العاملين فيها بآلة حادة (أجنة) والمملوكة للنيابة العامة والمبينة الوصف والقيمة على النحو الثابت في المحضر. وبعد أن حصل الحكم المطعون فيه دفاع المتهمين، وما دفع به الحاضر مع الطاعن الأول من عدم جواز توجيه تهمة جديدة أمام محكمة الاستئناف رد على ذلك بقوله "ومن حيث إن المحكمة ترى أن الوقائع المعروضة عليها والتي كانت مطروحة على محكمة أول درجة والمبينة تفصيلاً بأسباب حكم محكمة أول درجة والتي أخذت بها هذه المحكمة أسباباً لحكمها في هذا الشأن وبما لها من حق رد الواقعة المسندة إلى المتهم إلى وصفها القانوني الصحيح وعدم تقيدها بوصف النيابة لها وإسباغ الوصف القانوني الصحيح عليها فإن المتهمين الأربعة يكونون بفعلهم هذا قد تدخلوا في اتفاق جنائي يستهدف ارتكاب الجنحة الموضحة بالوصف الذي قدموا به لمحكمة أول درجة وذلك بأن دعا المتهم الأول الباقين واتفق معهم على اقتحام نيابة قسم كفر الشيخ وكسروا الأبواب أدراج مكاتب وكلاء النيابة وسكرتير التحقيق بغرض سرقة أوراق الجناية 2660 سنة 1967 جنايات قسم كفر الشيخ المتهم فيها المتهم الأول باختلاس أموال الجمعية التعاونية الاستهلاكية بكفر الشيخ وبالتزوير بالكشوف الموضحة بتلك الجناية وأن جريمة الاتفاق الجنائي توافرت أركانها في حق المتهمين الأربعة". ثم انتهى الحكم إلى ثبوت جريمتي التداخل في اتفاق جنائي والشروع في سرقة ملف الجناية في حق المتهمين جميعاً وعاقبهم طبقاً للمواد 48 و45 و47 و151 و152 و321 من قانون العقوبات وأعمل حكم المادة 32 من هذا القانون بتوقيع العقوبة المقررة لأشدهما وهي عقوبة الاتفاق الجنائي. لما كان ذلك، وكانت المحكمة وإن صح لها ألا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنعها من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي تراه أنه الوصف القانوني السليم، إلا أنه ليس لها أن تحدث تغييراً في أساس الدعوى نفسه بإضافة وقائع جديدة لم ترفع بها الدعوى ولم يتناولها التحقيق أو المرافعة. والنيابة العامة - بوصفها سلطة اتهام - وإن كان لها أن تطلب من المحكمة هذه الإضافة بما ينبني عليها من تغيير في الأساس أو زيادة في عدد الجرائم المقامة عليها الدعوى قبل المتهم إلا أن ذلك مشروط بأن يكون ذلك في مواجهة المتهم أو مع إعلانه به إذا كان غائباً وأن يكون أمام محكمة الدرجة الأولى حتى لا تحرمه فيما يتعلق بالأساس الجديد أو الجريمة الجديدة من إحدى درجتي التقاضي. لما كان ذلك، وكان من المقرر طبقاً للمادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يجوز معاقبة المتهم عن واقعة أخرى غير التي وردت بأمر الإحالة أو طلب التكليف بالحضور وأن محكمة ثاني درجة إنما تتصل بالدعوى متقيدة بالوقائع التي طرحت على المحكمة الجزئية وإذ كانت التهمة التي وجهت إلى الطاعنين والمحكوم عليهما الآخرين والتي تمت المرافعة على أساسها أمام محكمة أول درجة قد حددت بالفعل الجنائي المنسوب إليهم ارتكابه وهو شروعهم في سرقة ملف الجناية 2660 سنة 1967 كفر الشيح، ولم تقل النيابة أنهم اشتركوا في اتفاق جنائي ولم ترفع الدعوى أمام محكمة أول درجة بهذه التهمة وكانت هذه الجريمة تختلف في عناصرها المكونة لها وأركانها عن جريمة الشروع في السرقة وتتميز عنها بذاتية خاصة وسمات معينة وقد جرى النشاط الإجرامي فيها في تاريخ سابق على حصول الجريمة الأولى فإنه ما كان يجوز للنيابة أو للمحكمة أن توجه إلى الطاعنين والمتهمين الآخرين أمام محكمة ثاني درجة هذه التهمة التي لم تعرض على المحكمة الجزئية والتي ولم تفصل فيها لما ينطوي عليه هذا الإجراء من تغيير في أساس الدعوى نفسه بإضافة وقائع جديدة وما يترتب عليه من حرمان المتهمين من درجة من درجات التقاضي ولو كان للواقعة الجديدة أساس من التحقيقات، فإن هذا لتعلقه بالنظام القضائي ودرجاته يعد مخالفاً للأحكام المتعلقة بالنظام العام. لما كان ذلك، وكان قضاء الحكم المطعون فيه في جريمة الاتفاق الجنائي هو قضاء في جريمة لم تتصل بها المحكمة طبقاً للقانون، فإنه يكون باطلاً. ولما كان الحكم قد أعمل حكم المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع على الطاعنين العقوبة الأشد وهي المقررة لجريمة الاتفاق الجنائي، فإنه يكون بذلك قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه وذلك بالنسبة إلى الطاعن الأول والثاني الذي لم يقدم أسباباً لطعنه، وإلى المحكوم عليهما الثالث والرابع ولو لم يقدما طعناً لاتصال السبب الذي بني عليه الطعن بهم جميعاً وذلك عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1957 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن. ولما كان هذا الخطأ الذي وقعت فيه المحكمة الاستئنافية قد حجبها عن أن تعمل سلطتها في تقدير العقوبة بالنسبة لتهمة الشروع في السرقة وهي التهمة الوحيدة التي رفعت بها الدعوى. فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.
ساحة النقاش