إن قضاء محكمة جنايات طنطا بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها - وما أوردته بأسباب حكمها من أن الاختصاص الفعلي إنما هو لمحكمة أمن الدولة (طوارئ) - هو في حقيقته قضاء منه للخصومة على خلاف ظاهرة.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 447
جلسة 16 من مارس سنة 1987
برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مسعد الساعي نائب رئيس المحكمة والصاوي يوسف وعادل عبد الحميد وأحمد عبد الرحمن.
(69)
الطعن رقم 5919 لسنة 56 القضائية
(1) اختصاص "الاختصاص الولائي". محكمة الجنايات "اختصاصها" محكمة أمن الدولة طوارئ. قانون "تفسيره".
المحكمة العادية. صاحبة الولاية العامة. محكمة أمن الدولة المنشأة طبقاً لقانون الطوارئ. استثنائية. إحالة بعض الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام إليها. لا يسلب المحكمة العادية اختصاصها بالفصل في هذه الجرائم.
(2) اختصاص. محكمة أمن الدولة طوارئ. عقوبة. ارتباط.
قواعد التفسير الصحيح للقانون يستوجب بحكم اللزوم العقلي والمنطقي أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف. الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها بموجب أثر الارتباط وليس العكس.
(3) ضرب "أحدث عاهة". اختصاص "اختصاص محكمة الجنايات". محكمة الجنايات "اختصاصها. نظرها الدعوى". سلاح. نقض "ما يجوز الطعن فيه من الأحكام".
جواز الطعن بالنقض في الحكم الصادر بعدم الاختصاص إذا كان منهياً للخصومة على خلاف ظاهره. أساس ذلك؟
(4) نقض "ما يجوز الطعن فيه من الأحكام".
حق الطعن بطريق النقض في الأحكام الصادرة في غيبة المتهم لغيره من الخصوم.
1 - إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن محاكم أمن الدولة محاكم استثنائية اختصاصها محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه ولو كانت في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها، وكذلك الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام وتحال إليها من رئيس الجمهورية أو ممن يقوم مقامه، وأن الشارع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئاً ألبته من اختصاصها الأصيل الذي أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل، ليشمل الفصل في الجرائم كافة - إلا ما استثنى بنص خاص، وبالتالي يشمل هذا الاختصاص الفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل.
2 - إن قواعد التفسير الصحيح للقانون تستوجب بحسب اللزوم العقلي أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها في التحقيق والإحالة والمحاكمة وتدور في فلكها بموجب الأثر القانوني للارتباط، بحسبان أن عقوبة الجريمة الأشد هي الواجبة التطبيق على الجريمتين وفقاً للمادة 32 من قانون العقوبات. وإذ كانت جريمة الضرب الذي نشأت عنه عاهة مستديمة سالفة الذكر تختص بنظرها محكمة الجنايات وحدها، وهي المحكمة الأعلى درجة من محكمة أمن الدولة الجزئية "طوارئ" التي تشترك مع القضاء العام في الاختصاص بنظر جريمة إحراز السلاح الأبيض بدون ترخيص المسندة أيضاً إلى المطعون ضده، فإنه يتعين أن تتبع الجريمة الأخيرة الأولى في التحقيق والإحالة والاختصاص بالمحاكمة، وهو ما يوجبه نص المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 170 لسنة 1981 من إحالة الجرائم التي تختص بها محاكم من درجات مختلفة، إلى المحكمة الأعلى درجة، وهي قاعدة عامة واجبة الاتباع في المحاكمات الجنائية.
3 - إن قضاء محكمة جنايات طنطا بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها - وما أوردته بأسباب حكمها من أن الاختصاص الفعلي إنما هو لمحكمة أمن الدولة (طوارئ) - هو في حقيقته قضاء منه للخصومة على خلاف ظاهرة، ذلك أن التهمة الأولى المسندة إلى المطعون ضده جناية ضرب نشأت عنه عاهة مستديمة ولا تختص محكمة أمن الدولة "طوارئ" بنظرها ومن ثم فستحكم حتماً بعدم اختصاصها بنظر الدعوى فيما لو رفعت إليها من النيابة العامة، وإذ كان الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضده من محكمة الجنايات بعدم اختصاصها بنظر الدعوى في جناية ضرب نشأت عنه عاهة مستديمة ارتبطت بها جريمة إحراز سلاح أبيض بغير ترخيص، إلا أنه لا يعتبر أنه أضر بالمطعون ضده لأنه لم يدنه بهما، ومن ثم فهو لا يبطل بحضوره أو القبض عليه لأن البطلان وإعادة نظر الدعوى أمام محكمة الجنايات مقصوران على الحكم الصادر بالعقوبة في غيبة المتهم بجناية حسبما يبين من صريح المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية.
4 - إن الشارع في المادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد خول حق الطعن بطريق النقض - في الأحكام الصادرة في غيبة المتهم - لمن عدا المتهم من خصوم الدعوى.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: ضرب..... عمداً بآلة حادة "مطواة" في جنبه الأيسر وأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي التي تخلف لديه عن جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي استئصال الطحال مما يقلل من كفاءته وقدرته على العمل وتقدر العاهة بنحو 20% عشرين في المائة، 2 - أحرز بغير ترخيص سلاحاً من الأسلحة البيضاء (مطواة قرن غزال). وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً في..... عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم اختصاص المحكمة (جنايات طنطا) بنظر الدعوى وبإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها قد شابه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه انتهى - بغير حق - إلى القول بأن الاختصاص بنظر هذه الدعوى إنما ينعقد لمحكمة أمن الدولة طوارئ المشكلة وفق قانون الطوارئ مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النيابة العامة رفعت الدعوى الجنائية قبل المطعون ضده بوصف أنه في يوم..... أولاً: ضرب...... عمداً بآلة حادة "مطواة" في جنبه الأيسر وأحدث الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي استئصال الطحال مما يقلل من كفاءته وقدرته على العمل وتقدر العاهة بنحو 20% عشرين في المائة. ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً من الأسلحة البيضاء "مطواة قرن غزال" وطلبت عقابه بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأخير، ومحكمة جنايات طنطا قضت غيابياً بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها. لما كان ذلك وكان قرار رئيس الجمهورية رقم 560 لسنة 1981 بإعلان حالة الطوارئ وأمر رئيس الجمهورية رقم "1" لسنة 1981 بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة طوارئ ومنها الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة له قد خلا كلاهما، كما خلا أي تشريع آخر، من النص على أفراد محاكم أمن الدولة المشكلة وفق قانون الطوارئ بالفصل وحدها - دون ما سواها - في جرائم القانون رقم 394 لسنة 1954 آنف البيان، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن محاكم أمن الدولة محاكم استثنائية اختصاصها محصور في الفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام الأوامر التي يصدرها رئيس الجمهورية أو من يقوم مقامه ولو كانت في الأصل مؤثمة بالقوانين المعمول بها، وكذلك الجرائم المعاقب عليها بالقانون العام وتحال إليها من رئيس الجمهورية أو ممن يقوم مقامه، وأن الشارع لم يسلب المحاكم صاحبة الولاية العامة شيئاً ألبته من اختصاصها الأصيل الذي أطلقته الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل، ليشمل الفصل في الجرائم كافة - إلا ما استثنى بنص خاص، وبالتالي يشمل هذا الاختصاص الفصل في الجرائم المنصوص عليها في القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل. لما كان ذلك، وكانت جريمة إحراز المطواة قرن الغزال بدون ترخيص، المسندة إلى المطعون ضده والمنصوص عليها في القانون رقم 165 لسنة 1981 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر، يعاقب عليها بعقوبة الجنحة، وتشترك في الاختصاص بنظرها مع القضاء العام صاحب الولاية العامة الأصلية محاكم أمن الدولة "طوارئ" المشكلة وفقاً لقانون الطوارئ وذلك عملاً بالفقرة الثالثة من المادة الأولى من أمر رئيس الجمهورية رقم (1) لسنة 1981 والمادة السابعة من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ المعدل في حين أن الضرب الذي نشأت عنه عاهة مستديمة المسندة - كذلك - إلى المطعون ضده، معاقب عليها بعقوبة الجناية، وهي ليست من الجرائم التي تختص محاكم أمن الدولة العليا "طوارئ" بنظرها وبالتالي فإن قالة اختصاص هذه المحاكم بها لارتباطها بجريمة إحراز السلاح الأبيض بدون ترخيص، لا تتفق والتفسير الصحيح للمادة الثانية من أمر رئيس الجمهورية رقم (1) لسنة 1981 والتي يجرى نصها على أنه: "إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة أو وقعت عدة جرائم مرتبطة بعضها ببعض لغرض واحد، وكانت إحدى تلك الجرائم داخله في اختصاص محاكم أمن الدولة فعلى النيابة العامة تقديم الدعوى برمتها إلى محاكم أمن الدولة طوارئ وتطبق هذه المحاكم المادة 32 من قانون العقوبات" ذلك أن قواعد التفسير الصحيح للقانون تستوجب بحسب اللزوم العقلي أن تتبع الجريمة ذات العقوبة الأخف الجريمة ذات العقوبة الأشد المرتبطة بها في التحقيق والإحالة والمحاكمة وتدور في فلكها بموجب الأثر القانوني للارتباط، بحسبان أن عقوبة الجريمة الأشد هي الواجبة التطبيق على الجريمتين وفقاً للمادة 32 من قانون العقوبات. وإذ كانت جريمة الضرب الذي نشأت عنه عاهة مستديمة سالفة الذكر تختص بنظرها محكمة الجنايات وحدها، وهي المحكمة الأعلى درجة من محكمة أمن الدولة الجزئية "طوارئ" التي تشترك مع القضاء العام في الاختصاص بنظر جريمة إحراز السلاح الأبيض بدون ترخيص المسندة أيضاً إلى المطعون ضده، فإنه يتعين أن تتبع الجريمة الأخيرة الأولى في التحقيق والإحالة والاختصاص بالمحاكمة، وهو ما يوجبه نص المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 170 لسنة 1981 من إحالة الجرائم التي تختص بها محاكم من درجات مختلفة، إلى المحكمة الأعلى درجة، وهي قاعدة عامة واجبة الاتباع في المحاكمات الجنائية. ومن ثم يكون قضاء الحكم المطعون فيه في هذا الشأن على غير سند من القانون. لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة جنايات طنطا بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها - وما أوردته بأسباب حكمها من أن الاختصاص الفعلي إنما هو لمحكمة أمن الدولة (طوارئ) - هو في حقيقته قضاء منه للخصومة على خلاف ظاهرة، ذلك أن التهمة الأولى المسندة إلى المطعون ضده جناية ضرب نشأت عنه عاهة مستديمة ولا تختص محكمة أمن الدولة "طوارئ" بنظرها ومن ثم فستحكم حتماً بعدم اختصاصها بنظر الدعوى فيما لو رفعت إليها من النيابة العامة، وإذ كان الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبته المطعون ضده من محكمة الجنايات بعدم اختصاصها بنظر الدعوى في جناية ضرب نشأت عنه عاهة مستديمة ارتبطت بها جريمة إحراز سلاح أبيض بغير ترخيص، إلا أنه لا يعتبر أنه أضر بالمطعون ضده لأنه لم يدنه بهما، ومن ثم فهو لا يبطل بحضوره أو القبض عليه لأن البطلان وإعادة نظر الدعوى أمام محكمة الجنايات مقصورات على الحكم الصادر بالعقوبة في غيبة المتهم بجناية حسبما يبين من صريح المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية"، كما أن الشارع في المادة 33 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد خول حق الطعن بطريق النقض - في الأحكام الصادرة في غيبة المتهم - لمن عدا المتهم من خصوم الدعوى ولهذا فإن الطعن في هذا الحكم يكون جائزاً فضلاً عن استيفائه الشكل المقرر في القانون. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد أخطأت في قضائها بعدم الاختصاص مع أن القانون يجعل لها ولاية الفصل في الدعوى، وقد حجبها هذا الخطأ عن نظر الموضوع فإنه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة.
ساحة النقاش