تصدي الحكم للدعوى الجنائية في خصوص جريمتي إحراز السلاح الناري والذخائر بغير ترخيص وإدانة المطعون ضده بهما، بعد الحكم غيابياً ببراءته منهما، خطأ في القانون يؤذن بقضه.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 42 - صـ 169
جلسة 23 من يناير سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي خليفة وسري صيام نائبي رئيس المحكمة وعلي الصادق عثمان وإبراهيم عبد المطلب.
(20)
الطعن رقم 36 لسنة 60 القضائية
(1) نقض "الصفة في الطعن". نيابة عامة. قانون "تفسيره". حكم "وصف الحكم". نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
حكم البراءة الغيابي الصادر من محكمة الجنايات في جناية. حكم قطعي وليس مجرد حكم تهديدي. أثر ذلك: عدم سقوطه بحضور المتهم والقبض عليه. الطعن عليه بالنقض غير مقبول إلا من النيابة العامة. صيرورته باتاً إذا استنفذت النيابة الطعن فيه بالنقض أو لم تطعن عليه في الميعاد المقرر في القانون. أساس ذلك؟
(2) نقض "المصلحة في الطعن والصفة فيه" "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". طعن "الصفة في الطعن" "نظر الطعن والفصل فيه" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". نيابة عامة. سلاح. ضرب عمد. عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة".
تصدي الحكم للدعوى الجنائية في خصوص جريمتي إحراز السلاح الناري والذخائر بغير ترخيص وإدانة المطعون ضده بهما، بعد الحكم غيابياً ببراءته منهما، خطأ في القانون يؤذن بقضه، إعماله في حق المطعون ضده المادة 32/ 2 عقوبات بتوقيع عقوبة واحدة عليه تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة الضرب مع سبق الإصرار والترصد، التي دانه بها، أثر: عدم جدوى طعن النيابة على الحكم بشأن الخطأ السالف.
طعن النيابة العامة في الأحكام لمصلحة القانون. غير جائز. أساس ذلك؟
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دان المطعون ضده....... - بجرائم إحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص والضرب مع سبق الإصرار والترصد، وأعمل في حقه نص المادة 17 من قانون العقوبات، وعاقبه بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الحكم الغيابي الصادر بالبراءة من محكمة الجنايات في جناية لا يسقط بحضور المتهم أو القبض عليه، فهو حكم قطعي في الدعوى، وليس مجرد حكم تهديدي، ولا يقبل الطعن عليه إلا من النيابة العامة بطريق النقض، ويصير باتاً إذا استنفذت النيابة العامة الطعن فيه بالنقض أو لم يطعن عليه في الميعاد المقرر في القانون، وذلك عملاً بالمادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية التي نصت في فقرتها الأولى على أن "إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة، يبطل حتماً الحكم السابق صدوره، سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو بالتضمينات ويعاد نظر الدعوى أمام المحكمة"، وهي بذلك قد جعلت سقوط الحكم الغيابي منوطاً بحضور المحكوم عليه أو القبض عليه، ولا يوصف المحكوم ببراءته بأنه "محكوم عليه"، كما يشير هذا النص إلى سقوط العقوبة بمضي المدة ويجعل زوال الحكم منصرفاً إلى العقوبة والتضمينات، وهو ما لا محل له في حالة الحكم بالبراءة.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه إذ تصدى لنظر الدعوى الجنائية في خصوص جريمتي إحراز السلاح الناري والذخائر بغير ترخيص وقضى بإدانة المطعون ضده بهما، ورغم سبق الحكم غيابياً ببراءته منهما، يكون قد خالف القانون، بما كان يؤذن بنقضه، إلا أنه ولئن كان الأصل أن النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة في الطعن، هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص، إذ تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون، إلا أنها تتقيد في ذلك بقيد المصلحة، بحيث إذا لم يكن لها كسلطة اتهام ولا للمحكوم عليهم مصلحة في الطعن، فإن طعنها لا يقبل عملاً بالمبادئ العامة المستقر عليها من أن المصلحة أساس الدعوى، ولما كان الحكم المطعون فيه برغم خطئه في تطبيق القانون وعلى النحو المار بيانه - إلا أنه يبين من مدوناته أنه أعمل في حق المطعون ضده نص المادة 32/ 2 من قانون العقوبات، وأوقع عليه عقوبة واحدة هي الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة، وهي عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة الضرب مع سبق الإصرار والترصد، التي دان الطاعن بها والسابق الحكم غيابياً بإدانته بها، ومن ثم فلا جدوى من طعن النيابة العامة على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن بفرض صحته، لأنه لا يعدو أن يكون قائماً على مصلحة نظرية بحت لا يؤبه بها، ويتعين لذلك عدم قبوله.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده أولاً بأنه: شرع - وآخر - في قتل..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية على قتله وعقدا العزم على ذلك وأعدا لهذا الغرض سلاحاً نارياً وعصا وكمنا له في الطريق الذي أيقنا سلفاً مروره فيه، وما أن ظفرا به حتى أطلق عليه الأول عياراً نارياً وانهال عليه الثاني ضرباً بالعصي قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي، وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. ثانياً ( أ ) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً (مسدس). (ب) أحرز ذخائر مما تستعمل في السلاح المشار إليه حالة كونه غير مرخص له بإحراز سلاح ناري. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ مائتي وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات سوهاج قضت غيابياً عملاً بالمواد 45، 46، 230، 231، 232 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1، 26/ 2، 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 546 لسنة 1954، 57 لسنة 1958، 26 لسنة 1978 والبند ( أ ) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وإثبات ترك المدعي بالحقوق المدنية دعواه. وإذ أعيدت إجراءات المحاكمة - قضت المحكمة المذكورة حضورياً بمعاقبة المتهم بالسجن ثلاث سنوات عما نسب إليه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإعادة القضية إلى محكمة جنايات سوهاج للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى. ومحكمة الإعادة قضت غيابياً بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وإلزامه وآخر متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائتي وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وببراءته من التهمة الثانية المسندة إليه. وإذ أعيدت الإجراءات أمام تلك المحكمة قضت حضورياً بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه بعد أن عدلت وصف التهمة إلى الضرب العمد مع سبق الإصرار والترصد.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده...... بجريمتي إحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص، قد أخطأ في تطبيق القانون، وذلك بأن المحكمة سبق أن قضت غيابياً بجلسة 3 من فبراير سنة 1986 ببراءة المطعون ضده من هاتين الجريمتين، وما كان لها أن تقضي بإدانته عنهما عند إعادة إجراءات المحاكمة، لوجوب اقتصار تلك الإجراءات على الحكم الغيابي في الشق الخاص بإدانة المطعون ضده، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه دان المطعون ضده...... - بجرائم إحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص والضرب مع سبق الإسرار والترصد، وأعمل في حقه نص المادة 17 من قانون العقوبات، وعاقبه بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الحكم الغيابي الصادر بالبراءة من محكمة الجنايات في جناية لا يسقط بحضور المتهم أو القبض عليه، فهو حكم قطعي في الدعوى، وليس مجرد حكم تهديدي، ولا يقبل الطعن عليه إلا النيابة العامة بطريق النقض ويصير باتاً إذا استنفذت النيابة العامة الطعن فيه بالنقض أو لم يطعن عليه في الميعاد المقرر في القانون، وذلك عملاً بالمادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية التي نصت في فقرتها الأولى على أن "إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة، يبطل حتماً الحكم السابق صدوره، سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو بالتضمينات ويعاد نظر الدعوى أمام المحكمة"، وهي بذلك قد جعلت سقوط الحكم الغيابي منوطاً بحضور المحكوم عليه أو القبض عليه، ولا يوصف المحكوم ببراءته بأنه "محكوم عليه"، كما يشير هذا النص إلى سقوط العقوبة بمضي المدة ويجعل زوال الحكم منصرفاً إلى العقوبة والتضمينات، وهو ما لا محل له في حالة الحكم بالبراءة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ تصدى لنظر الدعوى الجنائية في خصوص جريمتي إحراز السلاح الناري والذخائر بغير ترخيص وقضى بإدانة المطعون ضده بهما، رغم سبق الحكم غيابياً ببراءته منهما، يكون قد خالف القانون، بما كان يؤذن بنقضه، إلا أنه ولئن كان الأصل أن النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة في الطعن، هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص، إذ تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون، إلا أنها تتقيد في ذلك بقيد المصلحة، بحيث إذا لم يكن لها كسلطة اتهام ولا للمحكوم عليهم مصلحة في الطعن، فإن طعنها لا يقبل عملاً بالمبادئ العامة المستقر عليها من أن المصلحة أساس الدعوى، ولما كان الحكم المطعون فيه برغم خطئه في تطبيق القانون وعلى النحو المار بيانه - إلا إنه يبين من مدوناته أنه أعمل في حق المطعون ضده نص المادة 32/ 2 من قانون العقوبات، وأوقع عليه عقوبة واحدة هي الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة، وهي عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة الضرب مع سبق الإصرار والترصد، التي دان الطاعن بها والسابق الحكم غيابياً بها، ومن ثم فلا جدوى من طعن النيابة العامة على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن بفرض صحته، لأنه لا يعدو أن يكون قائماً على مصلحة نظرية بحته لا يؤبه بها، ويتعين لذلك عدم قبوله.
ساحة النقاش