140-ظرف الإكراه في السرقة. طبيعته: ظرف عيني. تعلقه بالأركان المادية المكونة للجريمة. سريانه على كل من أسهم في الجريمة المقترنة به.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 15 - صـ 848
جلسة 21 من ديسمبر سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، ومحمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس.
(166)
الطعن رقم 1210 لسنة 34 القضائية
( أ ) سرقة بإكراه. ظروف مشددة. جريمة.
ظرف الإكراه في السرقة. طبيعته: ظرف عيني. تعلقه بالأركان المادية المكونة للجريمة. سريانه على كل من أسهم في الجريمة المقترنة به. ولو كان وقوعه من أحدهم فقط دون الباقين.
(ب، جـ) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(ب) لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير الأدلة. لها أن توائم بين ما أخذته عن الشهود بالقدر الذي رواه كل منهم فتأخذ بما تطمئن إليه من قول شاهد أو بعض قوله وتعرض عما عداه. اختلاف أقوال الشهود لا يعيب الحكم بالتناقض. ما دام ما أخذت به المحكمة من أقوالهم لا تناقض فيه.
(جـ) لمحكمة الموضوع الأخذ باستعراف المجني عليه على المتهم. متى اطمأنت إليه ولو كان يعرفه من قبل.
1 - من المقرر أن ظرف الإكراه في السرقة ظرف عيني متعلق بالأركان المادية المكونة للجريمة، ولذلك فهو يسري على كل من أسهم في الجريمة المقترنة به ولو كان وقوعه من أحدهم فقط دون الباقين.
2 - لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير الأدلة فلها أن توائم بين ما أخذته عن الشهود بالقدر الذي رواه كل منهم، فتأخذ بما تطمئن إليه من قول شاهد أو بعض قوله وتعرض عما عداه مما يكون قد شهد به. واختلاف أقوال الشهود لا يعيب الحكم بالتناقض ما دام ما أخذت به المحكمة من أقوالهم لا تناقض فيه.
3 - لمحكمة الموضوع أن تأخذ باستعراف المجني عليه على المتهم - كما هو الشأن في أدلة الإثبات كافة - متى اطمأنت إليه ولو كان يعرفه من قبل، فلا على المحكمة إن هي اعتمدت على الدليل المستمد من تعرف المجني عليه على الطاعن مع سابقة معرفته إياه ما دام تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في ليلة 23/ 9/ 1962 بدائرة مركز الزقازيق محافظة الشرقية: سرقوا الأشياء المبينة بالمحضر لأمين محمد عبد الله البسيوني وزوجته عزيزة علي الدشاش وكان ذلك من منزلهما المسكون بواسطة تسلق الجدار ومع حمل سلاح ظاهر (سكين) وبطريق الإكراه الواقع على المجني عليهما بأن قام المتهم الأول بوضع منديل به آثار لمواد مخدرة على أنفها أثناء نومها ولما أحس بذلك طعنهما المتهمان الثاني والثالث بسكين كانا يحملانها قاصدين من ذلك تعطيل مقاومتها فتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على المسروقات وقد ترك الإكراه بالمجني عليهما الجروح والإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادة 313 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. وقد ادعى أمين محمد عبد الله البسيوني (المجني عليه) مدنياً وطلب القضاء له قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً بتاريخ 7/ 3/ 1963 عملاً بمادة الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات مع إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعي بالحق المدني مبلغ مائة جنيه والمصروفات المدنية. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون طعنه غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الثاني والثالث قد استوفى الشكل المقرر في القانون. "عن الطعن المقدم من الطاعن الثاني".
وحيث إن الطاعن الثاني ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السرقة بإكراه قد شابه القصور في التسبيب وانطوى على فساد في الاستدلال ذلك بأنه عول في الإدانة - ضمن ما عول عليه - على أقوال الغلام صابر أمين محمد عبد الله، ابن المجني عليه، من أنه تعرف على المتهمين دون أن يعرض لما آثاره الدفاع من عدم مساندة الواقع لهذا القول بدلالة سكوته وعدم إفضائه بأسمائهم إلى أحمد الشحات وهو أول من توجه إلى مكان الحادث. كما لم يفطن الحكم إلى ما يصاحب تخدير المجني عليه من أثر لا يستطيع معه الوقوف على شخصية المتهمين، وعول على ما رواه من أنهم رفعوا ضوء المصباح مما مكنه من التعرف عليهم، مع مخالفة هذا القول لطبائع الأمور إذ كان الحرص يقتضيهم خفض الضوء، بل وإخفاء وجودهم وهو ما لم يلتفت الحكم إليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن المجني عليه وزوجته وولديهما صابر كانوا ينامون في حجرة نومهم واستيقظ أولهم على إحساس بمرور جسم على أنفه ورأى ضوء المصباح البترولي عالياً كما شعر بتخدير جسمه وشاهد شخصاً قصيراً ممتلئ الجسم (الطاعن الأول) يمر بمنديل به رائحة مخدر فوق أنفه، كما شاهد محمود بدوي رمضان وإبراهيم محمد الفالوجي - الطاعنين الثاني والثالث - وكان يعرفهم من قبل - وبيد كل منهما سكيناً، فمد المجني عليه يده إلى حيث كان مفتاح باب المنزل الخارجي وضرب به الشخص الأول الواقف إلى جواره فأصابه في وجهه فأسرع الطاعن الثاني وطعن المجني عليه بالسكين عدة مرات فأصابه في وجهه فأغمى عليه، وكان الغلام صابر أمين محمد عبد الله قد استيقظ وقت وقوع الحادث وظل في مكانه حتى انصرف المتهمون حاملين ما وصلت إليه أيديهم من ملابس وأوان نحاسية وحلي، وإذ سمع طرقاً على الباب ناول الطارق - أحمد الشحات غنيم - مفتاح المنزل من النافذة، ولما أن دخل هذا الشاهد وجد المجني عليه وزوجته مصابين وفي غير وعيهم. وقد شاهد المصباح أحمد مصطفى الذي كان يروي أرضه، الطاعن الأول وهو يعود من ناحية مساكن البلدة حاملاً "قفة" فلما سأله عن سبب عدوه في هذا الوقت المبكر، ألقى بحمله ودلف إلى زراعة قصب مجاورة يبغي الفرار فلحق به وأمسكه فعضه المتهم وضربه بقبضة يده ولحق بهما أهالي البلدة وتبين أن "القفة" تحوي الأشياء المسروقة كما ثبت أن زوجة المجني عليه مصابة في وجهها من سكين وليس بأذنيها قرطها الذهبي. وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه وزوجته وولدهما صابر محمد أمين وسائر الشهود ومن عملية عرض المتهمين ومن المعاينة والتقارير الطبية وهي أدلة سائغة وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان النعي ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي. وكانت المحكمة غير ملزمة بأن ترد في حكمها رداً صريحاً على كل جزئية من وجوه دفاع المتهم الموضوعية. إذ يستفاد الرد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
عن الطعن المقدم من الطاعن الثالث.
وحيث إن الطاعن الثالث ينعى على الحكم المطعون فيه التناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأنه عول في قضائه على شهادة كل من المجني عليه وولده صابر على ما بينهما من تعارض، فقد أورد في بيان واقعة الدعوى وفيما حصله من شهادة المجني عليه أن يد الطاعن لم تمتد إلى هذا الأخير، وأن الطاعن الثاني هو الذي طعنه بالسكين، بينما ذكر في معرض تحصيله لأقوال الغلام صابر أن الطاعن الثالث هو الذي طعن المجني عليه - كما اعتمد الحكم على عملية عرض المتهمين على المجني عليه وتعرفه عليهم وذلك على الرغم من إقراره بسابقة معرفته لهم مما يفسد الاستدلال بها واتخاذها دليلاً ضده.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد في بيان واقعة الدعوى وفي تحصيله لمؤدى شهادة المجني عليه أن الطاعن الثاني طعن المجني عليه بالسكين في وجهه، وأورد في تحصيله لمؤدى أقوال الغلام صابر أمين محمد عبد الله أنه شاهد الطاعن الثالث يمسك بأبيه ويضربه بسكين ولما تركه ضربه أيضاً الطاعن الثاني بسكين. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير الأدلة، فإنه يكون لها أن توائم بين ما أخذته عن الشهود بالقدر الذي رواه كل منهم، فتأخذ بما تطمئن إليه من قول شاهد أو بعض قوله وتعرض عما عداه مما يكون قد شهد به. وكان اختلاف أقوال الشهود - بفرض وجوده - لا يورث التناقض في الحكم ما دام ما أخذت به المحكمة من أقوالهم لا تناقض فيه. هذا فضلاً عن عدم جدوى هذا النعي ذلك بأن الحكم إذ دان الطاعنين جميعاً بوصف كونهم فاعلين أصليين في جناية سرقة بإكراه تخلف عنه جروح بالمجني عليهما، فإن بسط يد الطاعن إلى جسم أيهما أو غلها، غير ذي أثر في مسئوليته الجنائية في صورة الدعوى لما هو مقرر من أن ظرف الإكراه في السرقة عيني متعلق بالأركان المادية المكونة للجريمة، ولذلك فهو يسري على كل من أسهم في الجريمة المقترنة به ولو كان وقوعه من أحدهم فقط دون الباقين. ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا السبب لا محل له. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ باستعراف المجني عليه على المتهم - كما هو الشأن في أدلة الإثبات كافة - متى اطمأنت إليه ولو كان يعرفه من قبل، فلا على المحكمة إن هي اعتمدت على الدليل المستمد من تعرف المجني عليه على الطاعن مع سابقة معرفته إياه ما دام تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها، وتكون المجادلة في هذا الخصوص غير مقبولة - لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش