131-يتوافر القصد الجنائي في السرقة بعلم الجاني أنه يختلس منقول الغير بدون رضاه - بنية تملكه.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة الثامنة عشرة - صـ 846
جلسة 19 من يونيه سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ حسين السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جمال المرصفاوي، ومحمد محفوظ، وحسين سامح، ومحمود عطيفة.
(170)
الطعن رقم 832 لسنة 37 القضائية
سرقة. "القصد الجنائي". إكراه. "ماهيته. عينيته". فاعل أصلي. إثبات. "إعتراف. تعريفه". بطلان. تفتيش. "الدفع ببطلان التفتيش".
(أ) الإكراه في معنى المادة 314 ع يصح أن يكون بالوسائل المادية التي تقع على الجسم مباشرة كما يصح أن يكون بالتهديد باستعمال السلاح.
(ب) ظرف الإكراه في السرقة عيني يسرى على كل من أسهم فيها - ولو وقع من أحدهم فقط.
(ج) يتوافر القصد الجنائي في السرقة بعلم الجاني أنه يختلس منقول الغير بدون رضاه - بنية تملكه.
(د) يشترط لاعتبار المتهمين فاعلين أصليين في جريمة السرقة بإكراه. أن يرتكب كل منهم فعل الاختلاس أو فعل الإكراه.
(هـ) الدفع ببطلان الاعتراف لوقوع تعذيب. رد المحكمة عليه رداً سائغاً. كاف لرفضه.
(و) الاعتراف المعول عليه: هو ما كان نصاً في اقتراف الجريمة.
(ز) من سلطة المحكمة تقدير أقوال المتهم. لها أن تأخذ بما تراه مطابقاً للحقيقة وأن تعرض عن غيره.
(ح) من غير المجدي النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان الاعتراف ما دام أنه أخذ الطاعنين باعترافهما في التحقيقات.
1 - لم ينص القانون في المادة 314 عقوبات على نوع معين من أنواع الإكراه - فتعطيل مقاومة المجني عليه كما يصح أن يكون بالوسائل المادية التي تقع مباشرة على جسم المجني عليه يصح أن يكون بالتهديد باستعمال السلاح.
2 - من المقرر أن ظرف الإكراه في السرقة عيني متعلق بالأركان المادية المكونة للجريمة لذلك فهو يسري على كل من أسهم في الجريمة المقترنة به ولو كان وقوعه من أحدهم فقط دون الغائبين.
3 - يتحقق القصد الجنائي في جريمة السرقة بقيام العلم عند الجاني بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه بنية إمتلاكه.
4 - لا يشترط لاعتبار المتهمين فاعلين أصليين في جناية السرقة بإكراه أن يقع من كل منهم فعل الإكراه وفعل الاختلاس - بل يكفي في عدهم كذلك أن يرتكب كل منهم أي الفعلين متى كان ذلك في سبيل تنفيذ السرقة المتفق عليها بينهم جميعاً.
5 - يكفي لرفض الدفع ببطلان الاعتراف لوقوع تعذيب - أن ترد المحكمة عليه رداً سائغاً وكافياً في التدليل على سلامة الاعتراف.
6 - الاعتراف الذي يعول عليه هو ما كان نصاً في اقتراف الجريمة.
7 - للمحكمة سلطة تقدير أقوال المتهم، ولها أن تأخذ بما تراه مطابقاً للحقيقة وأن تعرض عما تراه مغايراً لها.
8 - لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان تفتيش الطاعن الثاني وتفتيش منزله - ما دام أن الحكم أخذ الطاعنين الثاني والثالث باعترافهما في التحقيقات.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 30/ 10/ 1963 بدائرة قسم الدقي محافظة الجيزة: المتهمين الثلاثة: سرقوا السيارة المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوكة فهمي أبو سيف عبده بطريق الإكراه الواقع عليه بأن هددوه باستعمال سلاح ناري "مسدس" بقصد إرهابه وتعطيل مقاومته وتمكنوا بذلك التهديد من الاستيلاء على السيارة. والمتهمين الثاني والثالث: 1 - أحرزا سلاحاً نارياً مششخناً "مسدس" بدون ترخيص. 2 - أحرزا ذخائر "طلقات" مما تستعمل في الأسلحة النارية دون أن يكون مرخصاً لهما بحمل السلاح. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً في 8 فبراير سنة 1967 عملاً بالمواد 314/ 1 من قانون العقوبات و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954. والجدول رقم 3 الملحق مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الأخيرين بمعاقبة كل منهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.
المحكمة
أولاً: تقرير الأسباب المقدم من الطاعن الأول:
وحيث إن مبنى أوجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجناية السرقة الإكراه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه اعتبر التهديد باستعمال السلاح يتحقق به ركن الإكراه الذي يجعل من جريمة السرقة جناية طبقاً للمادة 314 من قانون العقوبات في حين أن ما نص عليه في تلك المادة لا يوفر هذا المعنى. كما تمسك الطاعن بانتفاء قصد السرقة لديه وقد ردت المحكمة على هذا الدفع بما لا يسوغ به إطراحه وهي إذ لم تسند إلى الطاعن جريمة إحراز السلاح وذخيرته كما فعلت بالنسبة إلى الطاعنين الآخرين فما كان أن تدينه بجناية السرقة بالإكراه على أساس أن التهديد باستعمال هذا السلاح مكون لركن الإكراه هذا بالإضافة إلى أن الطاعنين تمسكوا أمام المحكمة بصدور الاعتراف منهم بتأثير التعذيب الذي وقع عليهم واستدلوا على ذلك بما تضمنته البرقيتان المضمومتان إلى الأوراق من وجود إصابات بهم وطلب التحقيق في شأنها إلا أن المحكمة التفتت من مناقشة هذا الدفاع الجوهري والرد عليه مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه. وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان القانونية لجناية السرقة بالإكراه وبعد أن أورد على ثبوتها لديه في حق الطاعنين الأدلة السائغة التي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها - انتهى إلى أن ما وقع منهم يكون الجناية المنصوص عليها في المادة 314 من قانون العقوبات ودانهم بها. لما كان ذلك، وكان القانون لم ينص في المادة 314 من قانون العقوبات على نوع معين من أنواع الإكراه وكان تعطيل مقاومة المجني عليه كما يصح أن يكون بالوسائل المادية التي تقع مباشرة على جسم المجني عليه يصح أن يكون بالتهديد باستعمال السلاح فإذا كان الجناه قد اتخذوا التهديد باستعمال السلاح وسيلة لتعطيل مقاومة المجني عليه في ارتكاب جريمة السرقة فإن الإكراه الذي يتطلبه القانون في تلك المادة يكون محققاً. ولما كان الحكم قد اعتبر التهديد باستعمال السلاح ضرباً من ضروب الإكراه المكون لجناية السرقة المنصوص عليها في المادة 314 من قانون العقوبات، فإنه لا يكون قد خالف القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكة بنية امتلاكه، وكان الحكم قد استظهر أن الطاعنين قد استقلوا السيارة الأجرة التي يقودها المجني عليه وعندما وصلوا بها خلف نادي الصيد طلب منه الطاعن الثاني أن يتخلى عن عجلة القيادة ويجلس في المقعد الخلفي فرفض فأفرد الطاعن الأول له حبلاً في وجهه بما يفهم منه أنه يريد تكتيفه بينما أشهر له الطاعن الثالث مسدساً صوبه إلى ظهره تهديداً له لتمكين زميليه من الاستيلاء على السيارة فأخذ يستعطفهم بغير جدوى ولم يلبث أن انفتح الباب الخلفي وأمره الطاعن الثاني بالنزول منها، وعندئذ أوقف محرك السيارة وسحب مفتاح الكونتاكت" ليهرب بنفسه إلا أن الطاعن الثاني جذب منه المفتاح بقوة واستولى عليه منه فجرى المجني عليه بعيداً بينما فر الطاعنون بالسيارة. ولما كان ما أورده الحكم من ذلك يكشف عن أن الطاعنين تمكنوا بهذه الوسيلة القسرية من تعطيل مقاومة المجني عليه، والاستيلاء على السيارة وهو ما يتحقق به جناية السرقة بالإكراه كما هو معرف بها في القانون. ولما كانت المحكمة قد أطرحت ما دفع به الطاعنون من أنهم إنما كانوا يقصدون من ذلك التنزه بتلك السيارة ثم تركها فيما بعد لما أوردته في أسباب حكمها من أنهم لم يبدوا هذا القول إلا بعد أن اصطدمت السيارة بالرصيف واضطرارهم إلى تركها والفرار بعيداً عنها وأن ماديات الدعوى من اتفاقهم على السرقة وإعداد المسدس والذخيرة والحبل قاطعة في الدلالة على أنهم استولوا على السيارة بقصد تملكها، وكان ما ساقته المحكمة في هذا الصدد سائغ ومؤد إلى النتيجة التي رتبتها عليه - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في الموضوع مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن ظرف الإكراه في السرقة عيني متعلق بالأركان المادية المكونة للجريمة ولذلك فهو يسري على كل من أسهم في الجريمة المقترنة به ولو كان وقوعه من أحدهم فقط دون الباقين، وكان لا يشترط أيضاً أن يقع من كل منهم فعل الإكراه، وفعل الاختلاس بل يكفي في عدهم فاعلين لهذه الجناية أن يرتكب كل منهم أي الفعلين متى كان ذلك في سبيل تنفيذ السرقة المتفق عليها بينهم جميعاً. وإذ ما كان الحكم قد أثبت أن الطاعنين ارتكبوا جريمتهم بناءً على اتفاق سابق بينهم على اقترافها وأن الطاعن الثالث هدد المجني عليه باستعمال السلاح لتسهيل استيلائهم على السيارة فإن كلاً منهم يكون فاعلاً للجريمة باعتبارها جناية سرقة بإكراه على الرغم من أن الطاعن الأول لم يكن قد حمل السلاح الذي استعمل في تهديد المجني عليه، فإن ما ينعاه الطاعن الأول في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. وأما ما ينعاه الطاعن الأول على الحكم من عدم تعرضه بالمناقشة والرد على ما أثاره هو وزميلاه من وجود إصابات بهم تشهد بوقوع تعذيب عليهم واستدلالهم على ذلك بالمدون في البرقيتين المضمومتين إلى الأوراق والذي من شأنه أن يبطل الاعتراف المنسوب صدوره منهم فمردود بما هو واضح من التحقيقات التي تمت في الدعوى - على ما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة - أنها لم تتضمن عند ضبط الطاعنين عقب وقوع الحادث ومناظرة المحققين لهم عند الإدلاء باعترافهم ما يشير إلا وجود إصابات بهم أو أنهم قالوا بأن ثمة اعتداء وقع عليهم لإكراههم على الاعتراف بالجريمة، فإن الحكم إذ أورد في أسبابه بأن دفع الطاعنين ببطلان اعترافاتهم بوقوع تعذيب عليهم هو قول لم يقم عليه دليل ولم يشهد أحد بصحته، يكون قد رد على هذا الدفع رداً سائغاً وكان في التدليل على سلامة اعتراف الطاعنين في الدعوى ولا يضير الحكم بعدئذ عدم تعرضه إلى هاتين البرقيتين لأنه على ما يبين منهما قد وردتا للنيابة العامة بعد عدة أيام من تاريخ وقوع الحادث والإدلاء باعترافهم، ومن ثم فإن منعى الطاعن الأول على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.
(ثانياً): تقرير الأسباب المقدم من الطاعنين الثاني والثالث:
وحيث إن مبنى أوجه الطعن المقدم من الطاعنين الثاني والثالث هو خطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم المطعون فيه استند في الإدانة إلى اعتراف الطاعنين بارتكاب الحادث في حين أن ما أدلوا به لم يكن نصاً في اقتراف الجريمة وإنما هو إقرار بركوب سيارة المجني عليه للتنزه بها ثم تركها وليس للسرقة وأن ما ورد به الحكم على ما دفعوا به من انتفاء قصد السرقة لديهم غير سائغ ومشوب بفساد التدليل هذا فضلاً عن أن المحكمة لم تفطن إلى ما ساقه الدفاع عنهم في هذا الصدد من الأدلة والقرائن الدالة على انتفاء هذا القصد لديهم وأخيراً فإن الدفاع عنهم تمسك لا ببطلان تفتيش الطاعن الثاني فحسب بل دفع أيضاً ببطلان تفتيش منزله لإجرائه دون إذن من النيابة العامة ولم تكن الجريمة في حالة تلبس، إلا أن الحكم رد على الدفع ببطلان تفتيش الطاعن الثاني وأغفل الرد على الدفع ببطلان تفتيش منزله. هذا وأن الدفاع أثار أيضاً أن الضابط الذي قام بضبط السلاح لم يحرر محضر بإجرائه وإنما قدم السلاح إلى النيابة العامة مباشرة دون أن يذكر أنه ضبطه مع الطاعن الثاني الذي قبض عليه مما يفيد أنه وجده في منزله أثناء تفتيشه دون وجه حق ومع جوهرية هذا الدفاع فإن المحكمة لم ترد عليه مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه.
وحيث إنه وإن كان من المقرر أن الاعتراف الذي يعول عليه ما كان نصاً في اقتراف الجريمة إلا أنه من المقرر أيضاً أن للمحكمة سلطة تقدير أقوال المتهم ولها أن تأخذ بما تراه مطابقاً للحقيقة وأن تعرض عما تراه مغايراً لها. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم أنه استخلص من أقوال الطاعنين اعترافهم بارتكاب الحادث وبسط هذه الأقوال التي أدت إلى ما استخلصه منها، وكان ما حصله من هذه الأقوال يتفق مع ما جاء بأسباب الطعن، فإن المحكمة إذا ما أولتها على أنها اعتراف من الطاعنين بارتكاب الحادث بالصورة التي انتهت إليه وهو ما لم تخطئ في تقديره ويتضمن معنى التسليم بوقوع الفعل المسند إلى الطاعنين، فإن الحكم يكون سليماً في نتيجته ومعيناً على فهم صحيح الواقع في الدعوى، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. وأما ما ينعاه الطاعنان أيضاً عن قصور الحكم فيما رد به على ما تمسك به الدفاع من انتفاء قصد السرقة لدى الطاعنين فقد سبق الرد على هذا النعي عند معالجة أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الأول. هذا فضلاً عن أنه وإن كان الحكم قد أورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الضابط مكرم يعقوب قام بضبط الطاعن الثاني بمنزله بناحية المعتمدية من أعمال مركز إمبابة ومعه الطبنجة وخمس طلقات إلا أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان تفتيش الطاعن الثاني وتفتيش منزله، ما دام أن الحكم أخذ الطاعنين الثاني والثالث باعترافهما في التحقيقات بشراء الطاعن الثاني ذلك المسدس وأن الطاعن الثالث اشترى الخمس طلقات وكان يحمل هذا المسدس وهدد به المجني عليه ليقف بالسيارة ويتولى هو قيادتها مما تنتفي به مصلحة الطاعنين في تمسكهما ببطلان التفتيش طالما أن وجود هذه المضبوطات قد تحقق من اعترافهما الذي اطمأنت المحكمة إلى صحته، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن لا يكون سديداً.
وحيث إنه لما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش