94-الشروع: لا يشترط لتحققه أن يبدأ الفاعل في تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة.
الحكم كاملاً
أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 15 - صـ 66
جلسة 20 من يناير سنة 1964
برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: توفيق الخشن، وأديب نصر، وحسين السركي، ومحمد عبد الوهاب خليل.
(14)
الطعن رقم 1019 لسنة 33 القضائية
( أ ) شروع. "شروع في سرقة".
الشروع: لا يشترط لتحققه أن يبدأ الفاعل في تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة. يكفي أن يبدأ الجاني في تنفيذ فعل سابق على تنفيذ الركن المادي للجريمة ومؤد إليه حالاً ومباشرة. مثال في سرقة.
(ب) إجراءات المحاكمة. شهود.
للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود. شرطه: قبول المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً.
1 - من المقرر أنه لا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتبار الفعل شروعاً في حكم المادة 45 من قانون العقوبات أن يبدأ الجاني في تنفيذ فعل سابق على تنفيذ الركن المادي للجريمة ومؤد إليه حالاً ومباشرة. ولما كان الحكم قد أثبت أن الطاعن الأول بعد أن توجه إلى المخزن المعد لتفريغ "المازوت" لم يقم بالتفريغ واكتفى بإزالة "الرصاص" الذي يقفل به صنبور خزان السيارة وحصل على توقيع الطاعن الثاني على الفاتورة بما يفيد استلامه الزيت ثم سلك الطريق المؤدي إلى خارج مصنع الشركة وعندئذ اكتشف شيخ الخفراء وجود "المازوت" بالسيارة وقام بضبطه فإن ذلك يعتبر بدءاً في التنفيذ لجريمة السرقة لأنه مؤد فوراً ومباشرة إلى إتمامها ومن ثم فإن الحكم إذ اعتبر ما وقع من الطاعن الأول شروعاً في سرقة يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح.
2 - خولت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ويستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضميناً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 12/ 11/ 1961 بدائرة قسم المنتزه: شرعاً في سرقة كمية المازوت المبينة بالمحضر وصفاً وقيمة لشركة الورق الأهلية حالة كون المتهم الأول مكلفاً بنقله والثاني مستخدماً بها وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإراداتهما فيه وهو ضبط الأول قبل فراره بالمسروقات وطلبت عقابهما بالمواد 4، 47، 317/ 5، 7، 8، 321 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح المنتزه قضت حضورياً بتاريخ 18/ 1/ 1962 عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهمين بلا مصاريف، استأنفت النيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 23/ 4/ 1962 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس كل من المتهمين شهراً واحداً مع الشغل، فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن المقدم من الطاعن الأول هو الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى بقبول استئناف النيابة شكلاً في حين أن الحكم الإبتدائى صدر بتاريخ 8 يناير سنة 1962 واستأنفه وكيل النيابة في 25 يناير سنة 1962 أي بعد الميعاد المقرر في المادة 406 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على حكم محكمة أول درجة أنه قد صدر بتاريخ 18 يناير سنة 1962، ولما كان الثابت بالحكم المطعون فيه أن النيابة العامة قررت بالاستئناف في 25 يناير سنة 1962 وهو ما يقر به الطاعن في طعنه فإن الاستئناف يكون قد قدم في الميعاد المنصوص عليه في المادة 406 من قانون الإجراءات الجنائية ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الوجه غير صحيح.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو بطلان الإجراءات، ذلك أن المحكمة لم تسمع شهود الإثبات في الدعوى مع أن العبرة بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها في الجلسة مما يعيب إجراءات المحاكمة.
وحيث إن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه غير سديد ذلك أن القانون رقم 113 لسنة 1957 قد صدر بتعديل المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بما يخول المحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ويستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه، ولما كانت إجراءات المحاكمة قد تمت في ظل هذا القانون وكان يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يتمسك بطلب سماع الشهود مما يستفاد منه تنازله الضمني عن سماعهم فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا هي عولت على أقوالهم في التحقيقات دون سماعهم ما دام الطاعن قد قبل ذلك ضمناً وما دام أن تلك الأقوال كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة.
وحيث إن مبنى باقي أوجه الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الحكم قضى بإدانة الطاعن بتهمة الشروع في السرقة حين أن ما وقع منه لا يعدو أن يكون من الأعمال التحضيرية التي لا تصل إلى حد الشروع فقد ضبطت السيارة التي كان بها المازوت داخل مباني الشركة وعلى بعد اثنى عشر متراً من الباب الخارجي وكان الطاعن متجهاً بها إلى مكان التفريغ التابع للشركة وعلى فرض أن نيته كانت متجهة إلى الخروج من الشركة وهو ما لا دليل عليه فربما عدل عن ذلك إلى تفريغ المازوت بالشركة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما يخلص في أنه بينما كان ذكرى أحمد عزب مراقب مكتب العمل بشركة الورق الأهلية يشرف على عملية انصراف العمال في مساء يوم الحادث لاحظ أن السيارة رقم 448 نقل إسكندرية قيادة الطاعن الأول وهى سيارة مازوت خارجة من الشركة وحضر شيخ الخفراء وتبين له أن خزانها ممتلئ بالمازوت وأن الرصاص الذي كان موضوعاً على الصنبور منزوع من مكانه فسأل الطاعن الأول عن سبب خروجه بالمازوت فأجاب بأن عامل المازوت وهو الطاعن الثاني وقع بالاستلام وطلب منه التفريغ في المصنع الآخر فأمسك بالسائق وأبلغ بالحادث لأنه ليس للشركة مصنع آخر وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعنين أدلة مستمدة من أقوال مراقب مكتب العمل بالشركة ذكرى أحمد عزب وشيخ الخفراء الطيب عبد الرازق عوض وما ثبت من المعاينة من أن السيارة في طريقها إلى مخزن المازوت تتجه إلى اليمين لا إلى اليسار حيث ضبطت ومن اعتراف الطاعن الأول بمحضر ضبط الواقعة بأنه كان متجهاً إلى الخروج لتفريغ حمولة السيارة في مصنع آخر بناء على تكليفه بذلك من الطاعن الثاني ومن اعتراف الطاعن الثاني في تحقيق النيابة بتوقيعه على فاتورة استلام المازوت. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط لتحقيق الشروع أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفى لاعتبار الفعل شروعاً الفعل شروعا في حكم المادة 45 من قانون العقوبات أن يبدأ الجاني في تنفيذ فعل سابق على تنفيذ الركن المادي للجريمة ومؤد إليه حالاً ومباشرة. ولما كان الحكم قد أثبت أن الطاعن الأول بعد أن توجه إلى المخزن المعد لتفريغ المازوت لم يقم بالتفريغ واكتفى بإزالة الرصاص الذي يقفل به صنبور الخزان وحصل على توقيع الطاعن الثاني على الفاتورة بما يفيد استلامه الزيت ثم سلك الطريق المؤدي إلى خارج مصنع الشركة وعندئذ اكتشف شيخ الخفراء وجود المازوت بالسيارة وقام بضبطه فإن ذلك يعتبر بدءاً في التنفيذ لجريمة السرقة لأنه يؤدي فوراً ومباشرة إلى إتمامها ومن ثم فإن الحكم إذ اعتبر ما وقع من الطاعن الأول شروعاً في سرقة يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح. لما كان ما تقدم، فإن الطعن المقدم من الطاعن الأول يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الثاني هو الفساد في الاستدلال، ذلك أن الحكم قضى بإدانة الطاعن استناداً إلى اعترافه بتحقيق النيابة بتوقيعه على إيصال استلام المازوت بعد إنكاره بمحضر الواقعة وما قرره المتهم الأول وهو قائد السيارة من أنه كان في انتظار توجيه الطاعن له وإلى أن الطاعن قرر بمحضر ضبط الواقعة أنه لا يعلم شيئاً بعد انصراف السيارة ثم عاد وقرر أن السيارة في مكان وقوفها لم تكن متأهبة للخروج ولعل قائدها كان يريد الاستدارة بها من أمام الباب واستخلص الحكم من ذلك أن الطاعن ضالع في الجريمة وهو استخلاص غير سائغ لا تؤدي إليه الأدلة التي أوردها الحكم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد عرض لموقف الطاعن الثاني من الجريمة بقوله أن المتهم الأول اعترف بمحضر ضبط الواقعة بأنه كان متأهباً للخروج لتفريغ السيارة في مصنع آخر بعد أن طلب منه الطاعن الثاني ذلك ونزع رصاص الصنبور ووقع له بالاستلام كما اعترف الطاعن الثاني بتحقيق النيابة بتوقيعه على الإيصال بالاستلام بعد أن أنكر بمحضر ضبط الواقعة مقرراً أنه كان من المتعين عليه الاستلام قبل التوقيع كما أنه قرر بمحضر ضبط الواقعة أنه لا يعلم شيئاً بعد أن انصرفت السيارة ثم عاد في تحقيق النيابة وقرر أن السيارة في وضعها الذي ضبطت فيه لم تكن متأهبة للخروج ولعل سائقها كان يريد الاستدارة بها من أمام الباب بعد عودته من الميزان للدخول تجاه المخزن مما يقطع بأنه ضالع في الجريمة مع المتهم الأول لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في التدليل على مساهمة الطاعن الثاني في مقارنة الجريمة سائغاً في العقل ويؤدى إلى ما خلص إليه الحكم من اعتباره فاعلاً فيها فإن الطعن المقدم من الطاعن الثاني يكون أيضاً على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
ساحة النقاش