تظلم من قرار إداري في الميعاد القانوني - وجوب رفع الدعوى في خلال ستين يوماً محسوبة من القرار الصريح برفض التظلم أو من انتهاء الفترة التي يعتبر فواتها بمثابة قرار حكمي بالرفض، أيهما أسبق تاريخاً - إذا ثبت صدور قرار الرفض الصريح قبل القرار الحكمي بالرفض احتسب الميعاد من تاريخ قرار الرفض الصريح.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1957 إلى آخر يناير سنة 1958) صـ 302
(39)
جلسة 14 من ديسمبر سنة 1957
برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.
القضية رقم 1694 لسنة 2 القضائية
ميعاد الستين يوماً - تظلم من قرار إداري في الميعاد القانوني - وجوب رفع الدعوى في خلال ستين يوماً محسوبة من القرار الصريح برفض التظلم أو من انتهاء الفترة التي يعتبر فواتها بمثابة قرار حكمي بالرفض، أيهما أسبق تاريخاً - إذا ثبت صدور قرار الرفض الصريح قبل القرار الحكمي بالرفض احتسب الميعاد من تاريخ قرار الرفض الصريح - إذا انقضت فترة القرار الحكمي دون صدور قرار صريح احتسب الميعاد من التاريخ الفرضي للقرار الحكمي، ولو صدر بعد ذلك قرار رفض صريح.
إن الأصل - طبقاً للمادة 12 من القانون رقم 9 لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة - أن ميعاد الطعن في القرارات الإدارية يسري من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه أو إعلان صاحب الشأن به. إلا أنه يقوم مقام الإعلان علم صاحب الشأن بالقرار علماً يقينياً، لا ظنياً ولا افتراضياً، وأن يكون شاملاً لجميع العناصر التي يمكن على أساسها أن يتبين مركزه القانوني بالنسبة إلى هذا القرار، ويستطيع أن يحدد - على مقتضى ذلك - طريقه في الطعن فيه، ولا يحسب سريان الميعاد في حقه إلا من اليوم الذي يثبت فيه قيام هذا العلم اليقيني الشامل على النحو السالف إيضاحه. فإذا بان للمحكمة من الأوراق أن المطعون عليها - حين قدمت تظلمها إلى جهة الإدارة - قد توافر لديها العلم اليقيني الشامل؛ إذ تضمن هذا التظلم تاريخ صدور القرار الوزاري ورقمه واسم إحدى الزميلات اللاتي تناولهن القرار بالترقية إلى الدرجة السادسة، وهي الزميلة التي تحققت مصلحتها في الطعن في ترقيتها، فكان يتعين عليها أن ترفع دعواها خلال الستين يوماً التالية لانقضاء الفترة التي يعتبر فواتها دون إجابة السلطات المختصة عن تظلمها بمثابة قرار حكمي بالرفض، حتى ولو أعلنت بعد ذلك بقرار صريح بالرفض، ما دام الميعاد سبق جريانه قانوناً بأمر تحقق هو القرار الحكمي بالرفض، أما إذا كانت تلك السلطات قد أجابت عن التظلم بقرار رفض صريح أعلن قبل ذلك وجب حساب الميعاد من تاريخ إعلانه؛ لأن هذا الإعلان يجري سريان الميعاد قانوناً، فيجب بحكم اللزوم القرار الحكمي اللاحق بالرفض وما كان يترتب عليه من سريان الميعاد.
إجراءات الطعن
في 28 من يوليه سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1694 لسنة 2 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لجميع الوزارات والمصالح بالإسكندرية بجلسة 26 من مايو سنة 1956 في الدعوى رقم 700 لسنة 2 القضائية المقامة من السيدة ناهد حسنين جابر ضد وزارة التربية والتعليم، القاضي "بإلغاء القرار الوزاري الصادر من السيد وزير التربية والتعليم برقم 9720 لسنة 1952 فيما تضمنه من تخطي المدعية في الترقية إلى الدرجة السادسة بالكادر الفني المتوسط، واستحقاقها للترقية إلى هذه الدرجة اعتباراً من 1/ 10/ 1950، مع إلزام الجهة الإدارية المصاريف ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بعدم قبول الدعوى، وإلزام المدعية المصروفات". وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 15 من أغسطس سنة 1956، وإلى المطعون عليها في 22 من أغسطس سنة 1956، وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 15 من يونيه سنة 1957، وقد أودعت المطعون عليها مذكرة موجزة بملاحظاتها صممت فيها على دفاعها وأقوالها أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية، وطلبت فيها تأييد الحكم المطعون فيه، ولم تقدم الحكومة مذكرة ما. وفي 29 من مايو سنة 1957 أبلغ الطرفان بميعاد الجلسة التي عينت لنظر الطعن، وفيها أجل نظر الطعن إلى جلسة 16 من نوفمبر سنة 1957، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم أرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 700 لسنة 2 القضائية أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية بعريضة أودعتها سكرتيرية المحكمة في 3 من مارس سنة 1955، ذكرت فيها أنها عينت في 4 من أكتوبر سنة 1921 مدرسة بمدارس جمعية العروة الوثقى بالإسكندرية، ونتيجة لضم مدرستين كانتا تابعتين لجمعية العروة الوثقى صدر قرار في أول أكتوبر سنة 1949 بضمها بحالتها إلى إحدى المدارس الأميرية التابعة للوزارة، دون أن تحسب لها وزارة المعارف مدة خدمتها السابقة بمدارس الجمعية، وقالت إنها إزاء ذلك لجأت إلى اللجنة القضائية لوزارات الحكومة ومصالحها بالإسكندرية بطلب ضم مدة خدمتها السابقة عملاً بقراري مجلس الوزراء الصادرين في 11 من أكتوبر سنة 1937 و12 من أغسطس سنة 1951. وقد قضت اللجنة القضائية المذكورة لصالحها في 16 من يونيه سنة 1953 بضم مدة خدمتها السابقة كاملة إلى خدمتها بالوزارة، وما يترتب على ذلك من آثار. وكان أن رقيت نتيجة لهذا الحكم إلى الدرجة السادسة اعتباراً من 7 من مارس سنة 1953، وقالت إن بعض زميلاتها - ممن عين بالوزارة في أول سبتمبر سنة 1922، أي بعد تاريخ تعيينها هي - قد رقين إلى الدرجة السادسة دونها بموجب القرار الوزاري رقم 9720 بتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1950، ولو أن الوزارة أجرت تسوية حالتها من تاريخ ضمها لتمت ترقيتها في هذا التاريخ، ولذلك فإنها طلبت الحكم لها باعتبارها في الدرجة السادسة من 31 من أكتوبر سنة 1950 بمرتب قدره سبعة عشر جنيهاً شهرياً، مع صرف الفروق المستحقة من التاريخ المذكور، فضلاً عن المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد دفعت الوزارة الدعوى بأن المدعية قد عينت مدرسة في 4 من أكتوبر سنة 1921، ثم رقيت بعد ذلك ناظرة بمدارس الجمعية، ثم نقلت إلى إحدى مدارس الوزارة في أول أكتوبر سنة 1949، ومنحت الدرجة السابعة الشخصية اعتباراً من أول يوليه سنة 1943، ثم حصلت على الدرجة السادسة الشخصية من 7 من مارس سنة 1953، بعد تسوية حالتها تنفيذاً لقرار اللجنة القضائية. وبينت الوزارة أن القرار الوزاري رقم 9720 المؤرخ 31 من أكتوبر سنة 1950 بإجراء الترقية إلى الدرجة السادسة قد شمل زميلين للمدعية على أساس الاختيار، فالأولى هي السيدة/ هانم محمد حسين حاصلة على شهادة كفاءة التعليم الأولي سنة 1921 والتحقت بالخدمة في 15 من سبتمبر سنة 1921 ورقيت إلى الدرجة السابعة في أول يوليه سنة 1943، أما الثاني وهو السيد/ محمود عبد الحميد سلام فهو حاصل على كفاءة التعليم الأولي سنة 1921 والتحق بالخدمة في 21 من سبتمبر سنة 1921 ثم رقي إلى الدرجة السابعة في أول يوليه 1943، وأن الدور في الترقية إلى الدرجة السادسة بالأقدمية قد أدرك الملتحقين بالخدمة حتى أول مارس سنة 1921، وليس منهم المدعية، وأما الترقية على أساس الاختيار فقد شملت رؤساء المدارس الأولية الذين شغلوا هذه الوظيفة قبل سبتمبر سنة 1949، وعددهم خمسة وثلاثون مرشحاً، كما شملت حملة الدبلوم الإضافي الذين ترجع أقدميتهم في الدرجة السابعة إلى أول يوليه سنة 1943، وأن جميع من رقوا بموجب قرار 31 من أكتوبر سنة 1950 ترجع أقدميتهم في الدرجة السابعة إلى أول يوليه سنة 1943، وقدمت الوزارة صورة القرار الصادر بإجراء الترقية إلى الدرجة السادسة في 31 من أكتوبر سنة 1950 موضحة أن الترقية بالأقدمية قد شملت أسماء الأشخاص من رقم 1 إلى رقم 60 لمن سبق تعيينه في الدرجة الثامنة في أول مارس سنة 1921، كما شملت من رقم 61 إلى 102 على أساس الاختيار، إما لأنهم رؤساء مدارس أولية من تاريخ سابق على سبتمبر سنة 1949، وإما لأنهم من حملة الدبلوم الإضافي. وبجلسة 10 من يناير سنة 1956 طلب وكيل المطعون عليها احتياطياً الحكم بإلغاء القرار الصادر بإجراء الترقيات إلى الدرجة السادسة في 31 من أكتوبر سنة 1950 فيما تضمنه من تخطي المدعية في الترقية إلى هذه الدرجة، وقرر أن المطعون عليها لم تعلم بقرار ترقية زميلاتها إلى الدرجة السادسة بتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1950 إلا قبيل رفع الدعوى. وطلب الحاضر عن جهة الإدارة الحكم بعدم قبول طلب الإلغاء لانقضاء ميعاد الطعن بالإلغاء. وقررت المطعون عليها أنها أولى بالترقية على أساس الاختيار إلى الدرجة السادسة من السيدة/ هانم محمد حسين والسيد/ محمود عبد الحميد سلام، نظراً لحصولها على تقارير سنوية بدرجة ممتازة، ولأنها كانت تشغل وظيفة ناظرة مدرسة ابتدائية منذ سنة 1926. وفي جلسة 2 من مايو سنة 1955 قدمت المطعون عليها صورة من التقرير السنوي عن أعمالها عن سنة 1950 لتأييد وجهة نظرها، وقدمت الجهة الإدارية تقريرين عنها مؤرخ أولهما 22 من مارس سنة 1950 بدرجة ممتاز ومؤرخ ثانيهما 11 من إبريل سنة 1950 بدرجة ممتاز أيضاً وبجلسة 29 من مايو سنة 1956 حكمت المحكمة الإدارية "بإلغاء القرار الوزاري الصادر من السيد وزير التربية والتعليم برقم 9720 لسنة 1950 فيما تضمنه من تخطي المدعية في الترقية إلى الدرجة السادسة بالكادر الفني المتوسط واستحقاقها للترقية إلى هذه الدرجة اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1950، وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق من أول نوفمبر سنة 1950، مع إلزام الجهة الإدارية المصاريف ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأسست قضاءها - بعد استعراض الوقائع - على أن المدعية لم تعلم بصدور القرار المطعون فيه، وهو القرار المؤرخ 31 من أكتوبر سنة 1950 والمتضمن تخطيها في الترقية، إلا قبيل رفع الدعوى، ولم تقدم الجهة الإدارية دليلاً على علم المدعية بهذا القرار في تاريخ سابق على ذلك بحيث تكون الدعوى مقامة بعد الميعاد، وأن طلب الإلغاء يكون من ثم مقدماً في الميعاد القانوني. وعلى أن المدعية كانت لها مدة خدمة سابقة قبل صدور القرار بضمها إلى وزارة المعارف في أول أكتوبر سنة 1949، وعلى أنها لجأت إلى اللجنة القضائية بالإسكندرية، فقررت في التظلم رقم 1029 لسنة 1 ق بتاريخ 16 من يونيه سنة 1953 والمضموم إلى ملف الدعوى استحقاقها لضم مدة خدمتها كاملة إلى مدة خدمتها بالوزارة، وكان من نتيجة هذا التراخي في ضم مدة الخدمة السابقة للمدعية أنها لم ترق إلى الدرجة السادسة إلا في 7 من مارس سنة 1953. وعلى "أن المستفاد من مقارنة حال المدعية - من وقائع ملف خدمتها والملفات المقدمة من الجهة الإدارية - أنها قد استوفت الشرائط التي تطلبها الوزارة في إجراء الترقية إلى الدرجة السادسة على أساس الاختيار بالقرار محل الطعن، وأنها أقدم في الدرجة السابعة من زميلتها وزميلها المرقين بهذا القرار، هذا إلى أن التقرير السنوي عن أعمال المدعية كان بدرجة ممتاز عن عامي 1949 و1950 بينما كان تقرير زميلتها بدرجة جيد وحسن جداً، وكان تقرير زميلها بدرجة جيد جداً وممتاز على التوالي". وختمت أسبابها بأنها أحق بالترقية على أساس الاختيار إلى الدرجة السادسة من بعض من شملتهم الترقية بالقرار محل الطعن؛ ومن ثم يكون تخطيها في الترقية قد جاء مخالفاً لأحكام القانون.
ومن حيث إن الطعن قد بني على أن الجهة الإدارية قدمت ضمن مرفقات طلب الطعن في هذا الحكم مستندين رسميين مستخرجين من واقع ملف خدمة المطعون عليها، ويتعلق أولهما بكتاب بعثت به المطعون عليها في 15 من يناير سنة 1954 إلى السيد مراقب التعليم الابتدائي بمنطقة الإسكندرية، وجاء به العبارة الآتية: "وحيث إنه صدر قرار وزاري رقم 9720 بتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1950، متضمناً ترقية زميلتي السيدة/ هانم محمد حسين رئيسة مدرسة فلمنج إلى الدرجة السادسة اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1950، ولما كانت حالتي تماثل تماماً حالة زميلتي المذكورة، فإني أرجو التفضل باتخاذ ما يلزم نحو احتساب ترقيتي إلى الدرجة السادسة من أول أكتوبر سنة 1950، أسوة بهذه الزميلة". وقد ردت عليها منطقة الإسكندرية التعليمية في 18 من مايو سنة 1954 بما يفيد أن طلبها المتعلق بتسوية حالتها بالتطبيق لقرار اللجنة القضائية الصادر لصالحها قد أجيبت إليه، وأن ضم المدة قد تم بالفعل بمقتضى إذن المنطقة المؤرخ 13 من فبراير سنة 1954، أما طلب مساواتها بزميلتها المشار إليها فلا يستند إلى أساس. وقد استخلص الطعن من كتاب المطعون عليها الآنف الذكر، وما رد به عليه من قبل منطقة الإسكندرية أن "المدعية تظلمت من القرار المطعون فيه على وجه التحديد بالتظلم موضوع المستند الأول حيث تلقت إجابة الجهة الإدارية عنه في المستند الثاني بالرفض، فكان عليها حتى تقبل دعواها أن تطعن في القرار المتظلم منه خلال شهرين من تاريخ إبلاغها الرد برفض تظلمها الحاصل في 23 من مايو سنة 1954، أي في ميعاد غايته 22 من يوليه سنة 1954؛ فمن ثم فإنها إذ تراخت في إقامة الدعوى فلم ترفعها إلا في 3 من مارس سنة 1955، تكون بذلك قد فوتت على نفسها ميعاد الطعن مما يجعل الدعوى غير مقبولة، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد خالف القانون متعيناً الطعن فيه".
ومن حيث إن المادة 12 من القانون رقم 9 لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة، وهو القانون الذي رفعت في ظله الدعوى، كان يجرى نصها بما يأتي: "ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً تسري من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه أو إعلان صاحب الشأن به. وينقطع سريان هذا الميعاد في حالة التظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئيسية. ويعتبر في حكم قرار بالرفض فوات وقت يزيد على أربعة أشهر دون أن تجيب السلطات الإدارية المختصة عن الطلب المقدم إليها ويكون ميعاد رفع الدعوى في هذه الحالة الأخيرة ستين يوماً من تاريخ انقضاء الأربعة الأشهر المذكورة".
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الأصل، طبقاً للمادة المشار إليها، أن ميعاد الطعن في القرارات الإدارية يسري من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه أو إعلان صاحب الشأن به، إلا أنه يقوم مقام الإعلان علم صاحب الشأن بالقرار علماً يقينياً، لا ظنياً ولا افتراضياً، وأن يكون شاملاً لجميع العناصر التي يمكن على أساسها أن يتبين مركزه القانوني بالنسبة إلى هذا القرار ويستطيع أن يحدد على مقتضى ذلك طريقه للطعن فيه، ولا يحسب سريان الميعاد في حقه إلا من اليوم الذي ثبت فيه قيام هذا العلم اليقيني الشامل على النحو السالف إيضاحه. وقد بان للمحكمة من الأوراق أن المطعون عليها حين قدمت تظلمها في 15 من يناير سنة 1954 إلى السيد مراقب التعليم الابتدائي بمنطقة الإسكندرية قد توافر لديها العلم اليقيني الشامل؛ إذ تضمن تظلمها المشار إليه تاريخ صدور القرار الوزاري ورقمه واسم إحدى الزميلات اللاتي تناولهن القرار بالترقية إلى الدرجة السادسة، وهي الزميلة التي تحققت مصلحتها في الطعن في ترقيتها، فكان يتعين عليها أن ترفع دعواها خلال الستين يوماً التالية لانقضاء الأربعة الأشهر التي يعتبر فواتها دون إجابة السلطات المختصة عن تظلمها بمثابة قرار حكمي بالرفض، حتى ولو أعلنت بعد ذلك بقرار صريح بالرفض، ما دام الميعاد سبق جريانه قانوناً بأمر تحقق هو القرار الحكمي بالرفض، أما إذا كانت تلك السلطات قد أجابت عن التظلم بقرار رفض صريح أعلن قبل ذلك وجب حساب الميعاد من تاريخ إعلانه؛ لأن هذا الإعلان يجري سريان الميعاد قانوناً، فيجبّ بحكم اللزوم القرار الحكمي اللاحق بالرفض وما كان يترتب عليه من سريان الميعاد؛ فتكون دعواها بالإلغاء إذ أودعت صحيفتها سكرتيرية المحكمة الإدارية المختصة في 3 من مارس سنة 1955 قد رفعت بعد فوات الستين يوماً محسوبة من تاريخ انقضاء الأربعة الأشهر على تقديم تظلمها في 15 من يناير سنة 1954، والتي يعتبر فواتها دون إجابة السلطات المختصة عنه بمثابة قرار حكمي بالرفض؛ ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانوني.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعية بمصروفاتها.
ساحة النقاش