المادة 12 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 لا تقبل الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بإحالتهم إلى المعاش قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار .
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 486
(76)
جلسة 17 من يناير سنة 1984
برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد أنور محفوظ وعلي السيد علي ومحمد كمال سليمان أيوب وطارق عبد الفتاح البشري - المستشارين.
الطعن رقم 396 لسنة 26 القضائية
دعوى الإلغاء - قبولها - التظلم الوجوبي.
المادة 12 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 - لا تقبل الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بإحالتهم إلى المعاش قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم - رفع الدعوى قبل انتهاء مواعيد البت في التظلم لا يترتب عليه عدم قبولها ما دام التظلم قد انتهى إلى رفض الإدارة له صراحة أو ضمناً بمجرد فوات الميعاد - انتظار المواعيد قبل رفع الدعوى ليس مقصوداً لذاته إنما أريد به إتاحة الفرصة أمام جهة الإدارة لإعادة النظر في قرارها - لا يشترط لقبول الدعوى الالتزام بأسبقية التظلم طالما قدم التظلم في خلال الميعاد المقرر قانوناً لتقديمه وانتهى أثناء سير الدعوى وقبل الحكم فيها إلى رفضه - الأثر المترتب على ذلك: إذا استجابت جهة الإدارة للتظلم أثناء سير الدعوى تتحمل مصاريفها قبل الأوان - تطبيق.
إجراءات الطعن
إنه في يوم الخميس الموافق 31 من يناير سنة 1980 أودع الأستاذ عبد الرحمن أبو الفتوح المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ حبيب معوض حبيب، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن المقيد بسجلاتها برقم 396 لسنة 26 القضائية والمقام ضد كل من السادة رئيس هيئة كهرباء مصر ووزير الكهرباء ومحافظ أسوان بصفاتهم، وذلك في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات) بجلسة 6 من ديسمبر سنة 1979 في الدعوى رقم 1593 لسنة 31 القضائية والذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً وإلزام المدعي بالمصروفات، وطلب تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء للطاعن بطلباته السابق الإعلان بها وهي تقرير أحقيته في الاستمرار في الخدمة حتى بلوغه سن الخامسة والستين وإلغاء القرار رقم 404 لسنة 1977 الصادر بإنهاء خدمته وما يترتب على ذلك من آثار مع الإلزام بصرف الفروق المالية ومستحقات الطاعن من حوافز والميزات المالية والعينية التي صرفت لزملائه من تاريخ القرار المطعون فيه فضلاً عن المصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً انتهى رأيها فيه إلى قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 2 من نوفمبر سنة 1983 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 6 من ديسمبر سنة 1983 - وبتلك الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية. وتتحصل وقائعه حسبما يبين من مطالعة الأوراق إن كان الطاعن أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإداري برقم 1593 لسنة 31 القضائية وأودع صحيفتها قلم كتاب تلك المحكمة في 29 من يونيه سنة 1977. وقضت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلاً، لأن المدعي إذ طعن أمامها في قرار إنهاء خدمته لبلوغه سن الستين الصادر برقم 404 في 14 من يونيه سنة 1977 اعتباراً من بلوغ هذا السن في 7 من يوليه سنة 1977، فقد تعجل المدعي في رفع دعواه قبل تقديم التظلم، الذي قدمه في 6 من يوليه سنة 1977 حسبما استظهرت المحكمة من مذكرات الدفاع. وخلصت المحكمة من ذلك إلى أن الدعوى قد أقيمت مباشرة أمامها بإلغاء القرار المطعون عليه قبل أن يقدم التظلم من هذا القرار إلى جهة الإدارة مما اعتبرته مخالفاً لما أوجبته المادة 12 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 من اشتراط تقديم التظلم مقدماً لقبول الدعوى.
وقد استند تقرير الطاعن في نعيه على هذا الحكم بالمخالفة للقانون، إلى أن الطاعن وقد تظلم من القرار المطعون فيه في 6 من يوليه سنة 1977 بعد رفعه دعواه أمام محكمة القضاء الإداري فقد ظلت الدعوى منظورة ما يربو على العامين، وقدمت جهة الإدارة مذكرة بدفاعها فيها تنتهي إلى عدم أحقية المدعي في طلبه الاستمرار في الخدمة لسن الخامسة والستين، الأمر الذي يتحقق معه شرط قبول الدعوى بتقديم التظلم وانتهاء مواعيد البت فيه وسفور موقف جهة الإدارة من رفضه، وذلك كله وفقاً لما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من الاكتفاء في تحقق هذا الشرط بانقضاء فسحة البت في التظلم خلال سير الدعوى وقبل الحكم فيها.
ومن حيث إنه في تحري سبب الطعن على الحكم المطعون عليه، فإن المادة 12 من قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1972 قد نصت على أن (لا تقبل الطلبات الآتية: -.... ب) الطلبات المقدمة رأساً بالطعن في القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها في البنود ثالثاً ورابعاً وتاسعاً من المادة (10)، وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم...." ونص البند رابعاً من المادة (10) من هذا القانون على "الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بإحالتهم إلى المعاش.
ومن حيث إنه مع ما نص عليه في المادة 12 سالفة الذكر من اشتراط تقديم التظلم وانتهاء ميعاد البت فيه، لقبول الدعوى، فقد أطرد قضاء المحكمة الإدارية العليا جلاء لوجه الحق في مفاد هذا الشرط، على أن رفع الدعوى قبل انتهاء مواعيد البت في التظلم لا يترتب عليه عدم قبولها ما دام التظلم قد انتهى إلى رفض الإدارة له صراحة أو ضمناً بمجرد فوات الميعاد المقرر للبت فيه لأن انتظار المواعيد قبل رفع الدعوى لم يقصد لذاته إنما أريد إفساحاً لجهة الإدارة لإعادة النظر في قرارها. وبهذا الإطراء في قضاء هذه المحكمة يستبعد التفسير الحرفي لنص المادة 12 سالف الذكر الذي يخرج حكم النص عن إطار العلة التي يدور معها.
ومن حيث إنه اتباعاً لهذا المنهج الذي جرى به قضاء هذه المحكمة بالنسبة لما رأته من اعتبار انتظار انتهاء مواعيد الطعن في التظلم إجراء غير جوهري لا يترتب على عدم التزامه الحكم بعدم قبول الدعوى، فإنه لا يشترط لقبول الدعوى الالتزام بالأسبقية الزمنية لتقديم التظلم على رفع الدعوى، ما دام قدم التظلم فعلاً خلال الميعاد المقرر قانوناً لتقديم التظلم، وما دام انتهى التظلم أثناء سير الدعوى وقبل الحكم فيها إلى رفض الإدارة له صراحة كان رفضها أو ضمناً بانتهاء الميعاد المقرر للبت فيه. وأن تقديم التظلم في الميعاد المقرر لتقديمه ورفض جهة الإدارة له لما يتحقق به أثناء سير الدعوى توافر شرط القبول المنصوص عليه في المادة 12 سالفة الذكر، ويتحقق به مقصود حكم النص من الإفساح لجهة الإدارة لإعادة النظر في قرارها الطعين، وإمكان استجابتها للتظلم في ميعاد البت فيه أثناء سير الدعوى مع تحمل الطاعن في حالة الاستجابة لمصاريف رفعه الدعوى قبل أوانها، ولا يعني ذلك كله تحللاً للطاعن من الالتزام بتقديم التظلم الوجوبي قبل رفع الدعوى حسبما أوجبت المادة 12 سالفة الذكر، ما دام أن شرط التظلم في الميعاد القانوني لا يزال قائماً بما يتعين معه عدم قبول الدعوى شكلاً إذا فات ميعاد التظلم دون تقديمه، وعدم قبولها لرفعها قبل الأوان إذا حجزت الدعوى للحكم قبل تقديم التظلم ولو كان ذلك قبل انتهاء ميعاد التقدم به، وتحمل المدعي مصروفاتها في هذه الحالة أيضاً.
ومن حيث إنه من كل ذلك يظهر أنه وإن شرط القانون لقبول الدعوى في الأحوال المبينة في الفقرة (ب) من المادة 12 سالفة الذكر، سابقة تقديم التظلم في القرار المطعون فيه ورفض جهة الإدارة له صراحة أو ضمناً بفوات ميعاد البت فيه، فإن الدفع بعدم قبول الدعوى يصبح لا محل له، ما دام قدم التظلم فعلاً خلال ميعاد تقديمه وأثناء سير الدعوى، وما دام تبين رفض الجهة الإدارية له رفضاً صريحاً أو ضمنياً بانتهاء ميعاد البت فيه قبل الحكم في الدعوى.
ومن حيث إن الحاصل في الطعن الماثل، أن الدعوى وإن رفعت في 29 من يونيه سنة 1977 طعناً في قرار إنهاء خدمة المدعي الصادر برقم 404 في 14 من يونيه سنة 1977، فقد قدم التظلم عن هذا القرار في 6 من يوليه سنة 1977 قبل انتهاء ميعاد التظلم منه، وانتهت مواعيد البت في التظلم دون الاستجابة له أثناء سير الدعوى وقبل الحكم فيها الذي لم يصدر إلا في 6 من ديسمبر سنة 1979. ومن ثم يكون حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه، قد صدر مخالفاً للقانون حقيقاً بالإلغاء، فيما قضى به من عدم قبول الدعوى. ويتعين الحكم بقبول الدعوى وإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مع إبقاء الفصل في المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى وبإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها وأبقت الفصل في المصروفات.
ساحة النقاش