يشترط لوقف تنفيذ القرار الإداري توافر ركنين هما الاستعجال والجدية. امتناع جهة الإدارة عن إنهاء خدمة العامل الذي انقطع عن العمل وانتهت خدمته وفقاً لحكم القانون دون مبرر يمثل عقبة قانونية تحرمه من السفر والانتقال.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثالثة والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1987 - أخر فبراير سنة 1988) - صـ 748
(116)
جلسة 26 من يناير سنة 1988
برئاسة السيد الأستاذ المستشار أبو بكر دمرداش أبو بكر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد حمادة وجمال السيد دحروج وفاروق علي عبد القادر ودكتور محمد عبد السلام مخلص المستشارين.
الطعن رقم 122 لسنة 32 القضائية
قرار إداري - وقف تنفيذه - شروطه - قرار سلبي بالامتناع عن إنهاء الخدمة.
يشترط لوقف تنفيذ القرار الإداري توافر ركنين هما الاستعجال والجدية. امتناع جهة الإدارة عن إنهاء خدمة العامل الذي انقطع عن العمل وانتهت خدمته وفقاً لحكم القانون دون مبرر يمثل عقبة قانونية تحرمه من السفر والانتقال - أساس ذلك: طالما ثبت من جواز السفر والبطاقة العائلية أو الشخصية أنه موظف فالأمر يحتاج لموافقة جهة الإدارة على سفره - عدم إنهاء خدمته يعد قيداً على حرية التنقل التي كلفها الدستور وهو أبرز الصور التي يترتب عليها نتائج يتعذر تداركها مما يتوافر معه ركن الاستعجال.
صدور المحكمة التأديبية بإنهاء الخدمة وتنفيذه اعتباراً من تاريخ صدوره - يتعين على جهة الإدارة تسليم العامل شهادة تفيد إنهاء خدمته ومدة خبرته وخلو طرفه - أساس ذلك: المادة 263 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات - امتناع الجهة الإدارية عن ذلك مخالفاً للقانون مما يتوافر معه ركن الجدية - تطبيق [(1)].
إجراءات الطعن
بتاريخ 17/ 11/ 1985 أقامت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن السيد/ محافظ الغربية الطعن الماثل ضد السيد/ ...... في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات أ) في الدعوى رقم 4934 لسنة 39 ق بجلسة 7/ 10/ 1985 والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع إدارة سمنود التعليمية عن إعطاء المدعي شهادة بإنهاء خدمته وخلو طرفه ومدة خدمته وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن، وللأسباب الواردة به، إحالة الطعن إلى دائرة فحص الطعون لتقضي بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل في موضوع الطعن ومع إلزام المطعون ضده بمصاريف وأتعاب هذا الطلب ثم إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم في الدعوى على الوجه الآتي: (أولاً وبصفة أصلية) بعدم قبول طلب وقف التنفيذ في القرار المطعون عليه. ( ثانياً وبصفة احتياطية) رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه. (ثالثاً ومن قبيل الاحتياط الكلي) رفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده في جميع الأحوال بالمصاريف والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وبتاريخ 23/ 11/ 1985 تم إعلان المطعون ضده بتقرير الطعن في موطنه المختار، وتم تحضير الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة التي أعدت تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ثم نظر الطعن بعد ذلك أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 18/ 11/ 1987 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 8/ 12/ 1987 وفي هذه الجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 26/ 1/ 1988 مع التصريح بالاطلاع وتقديم مذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين، إلا أن أياً من الطرفين لم يودع شيئاً خلال هذا الأجل، وبجلسة اليوم أصدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإنه لما كان الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 7/ 10/ 1985. وأقيم الطعن الماثل بتاريخ...... أي خلال ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في المادة 44 من القانون رقم 47 لسنة 1972 في شأن مجلس الدولة، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً فإنه من ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن وقائع النزاع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 16/ 6/ 1985 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 4934 لسنة 39 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات) طلب في ختامها الحكم: (أولاً) بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إنهاء خدمته وإعطائه ما يفيد خلو طرفه. (ثانياً) وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وقد تدوول نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 7/ 10/ 1985 أصدرت المحكمة حكمها الذي يقضي بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إنهاء خدمة المدعي (المطعون ضده) ومنحه شهادة تفيد هذا الإنهاء وخلو طرفه مع إلزام الإدارة بالمصروفات.
وقد أقامت المحكمة قضاءها استناداً إلى أن الثابت من ظاهر الأوراق دون التعرض لأصل طلب الإلغاء، أن المدعي انقطع عن العمل بدون إذن اعتباراً من 22/ 9/ 1984 ثم استمر منقطعاً عن العمل عازفاً عن الوظيفة وقد أكدت جهة الإدارة ذلك بكتابها المشار إليه بالواقع وقد أصدرت الجهة الإدارية القرار رقم 2080 في 11/ 8/ 1985 بإنهاء خدمة المدعي تنفيذاً لحكم المحكمة التأديبية الصادر بفصله ومن ثم فإن مدة خدمته تعتبر بحسب الظاهر منتهية من تاريخ صدور الحكم في 1/ 7/ 1985 وكان على الجهة الإدارية إعطاءه شهادة تفيد إنهاء خدمته وخلو طرفه ومدة خبرته بعد أن انقطعت رابطته الوظيفية لصدور الحكم بفصله وقرار بإنهاء خدمته تنفيذاً لهذا الحكم وذلك وفقاً لحكم المادة 263 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات ويكون امتناع الإدارة عن ذلك مخالفاً للقانون مما يتوافر معه ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ، وبالنسبة لركن الاستعجال فقد أشارت المحكمة في حكمها إلى أن امتناع الإدارة عن إنهاء خدمة العامل الذي انقطع عن العمل وانتهت خدمته باعتباره مستقيلاً وفقاً لحكم القانون دون مبرر قانوني يمثل عقبة قانونية تحرمه من السفر والانتقال ما دام الثابت من جواز سفره أو بطاقته العائلية أو الشخصية أنه موظف بها إذ أن الأمر يحتاج إلى موافقتها على السفر كما يمنعه من تغيير بيانات بطاقته العائلية أو الشخصية وكذا عدم إفادته من مدة خبرته السابقة في الوظيفة الجديدة عند تقدمه إلى عمل آخر يتكسب منه وهي كلها أمور تقيد حريته وتشكل قيداً عليها وتتعارض مع ما كفله الدستور من حرية الانتقال والهجرة والعمل في حدود القانون، ومما لا شك فيه أن الاعتداد على الحريات وتقييدها بلا موجب هو أبرز الصور التي يترتب عليها نتائج يتعذر تداركها.
وإذ لم يلق الحكم المشار إليه قبولاً لدى الطاعن فقد أقام الطعن الماثل ناعياً على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً: أن القرار المطعون فيه مما يجب التظلم منه قبل رفع الدعوى بإلغائه، ولم يثبت أن المطعون ضده قد تظلم من هذا القرار.
ثانياً: إن قرينة الاستقالة الحكمية المقررة في قوانين التوظف المختلفة مقرره لصالح جهة الإدارة فلا يترتب عليها إنهاء خدمة العامل المنقطع عن العمل إعمالاً لهذه القرينة حتماً وبقوة القانون ولا يجوز الاحتجاج بحكم المحكمة التأديبية لكونه لم يصبح نهائياً.
ثالثاً: وعن طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه استند الطاعن إلى أن تنفيذ هذا الحكم من شأنه أن تترتب عليه نتائج يتعذر تداركها وهو ما يحق معه طلب وقف تنفيذه.
ومن حيث إن من المسلم به أن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقه من سلطة الإلغاء وهي فرع منها مردها إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه المشروعية فلا يوقف تنفيذ القرار الإداري إلا إذا توافر ركنان أساسيان أولهما ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها وثانيهما يتصل بمبدأ المشروعية أي أن ادعاء الطالب قائم بحسب الظاهر على أسباب تحمل في طياتها سنداً لإلغاء القرار كل ذلك دون أساس بطلب الإلغاء ذاته الذي يبقى حتى يفصل فيه موضوعاً.
ومن حيث إنه بالنسبة لركن الاستعجال فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن امتناع الإدارة عن إنهاء خدمة العامل الذي انقطع عن العمل وانتهت خدمته وفقاً لحكم القانون دون مبرر قانوني يمثل عقبة قانونية تحرمه من السفر والانتقال ما دام الثابت من جواز سفره أو بطاقته العائلية أو الشخصية أنه موظف بها إذ أن الأمر يحتاج إلى موافقتها على السفر كما يمنعه من تغيير بيانات بطاقته العائلية أو الشخصية كذا عدم إفادته من مدة خبرته السابقة في الوظيفة الجديدة عند تقدمه إلى عمل آخر يتكسب منه وهي كلها أمور تقيد حريته وتشكل قيداً عليها وتتعارض مع ما كفله الدستور من حرية الانتقال والهجرة والعمل في حدود القانون ومما لا شك فيه أن الاعتداء على الحريات أو تقييدها بلا موجب من القانون هو أبرز الصور التي يترتب عليها نتائج يتعذر مما يتوافر معه ركن الاستعجال.
ومن حيث إنه بالنسبة لركن الجدية فإن الثابت من ظاهر حافظة مستندات جهة الإدارة المودعة أمام محكمة القضاء الإداري بجلسة 30/ 9/ 1985 أن المطعون ضده قد انقطع عن العمل دون إذن اعتباراً من 22/ 9/ 1984 ثم استمر في هذا الانقطاع عازفاً عن الوظيفة وأن جهة الإدارة من جانبها قد قامت بإحالته إلى المحكمة التأديبية بطنطا نتيجة لذلك وقد قضت المحكمة المذكورة في الدعوى رقم 1092 لسنة 12 ق بمجازاة المطعون ضده بالفصل من الخدمة وبناء على ذلك صدر قرار مديرية التربية والتعليم بطنطا رقم 2080 لسنة 1985 بتاريخ 11/ 8/ 85 بتنفيذ هذا الحكم اعتباراً من تاريخ صدوره في 1/ 7/ 1985 ومن ثم فإن جهة الخدمة المطعون ضده تعتبر منتهية قانوناً اعتباراً من ذلك التاريخ وكان على جهة الإدارة إعطاءه شهادة تفيد إنهاء خدمته وخلو طرفه ومدة خبرته بعد أن انقطعت رابطة الوظيفة وذلك وفقاً لحكم المادة 263 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات ويكون امتناع الإدارة عن ذلك مخالفاً للقانون مما يتوافر معه ركن الجدية.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم جميعه يكون قد توافر في طلب وقف تنفيذ المطعون فيه ركنا الجدية والاستعجال وقائماً بحسب الظاهر على سبب صحيح من القانون الأمر الذي يتعين معه الحكم بوقف تنفيذ هذا القرار وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذلك فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ويكون الطعن عليه بالتالي قائماً على غير أساس جديراً بالرفض ولا يغير من ذلك ما أثارته جهة الإدارة في عريضة طعنها من عدم جواز الاحتجاج بحكم المحكمة التأديبية الصادر بفصل المطعون ضده لأنه لم يصبح نهائياً، ذلك أن المادة 22 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص صراحة على أن أحكام المحاكم التأديبية نهائية.. وفضلاً عما تقدم فإن هذا الحكم قد أصبح حائزاً لحجية الشيء المحكوم فيه قبل 17/ 11/ 1985 تاريخ إقامة الطعن الماثل ذلك أن الثابت من شهادة سكرتارية الجدول بالمحكمة الإدارية العليا المؤرخة 15/ 12/ 1987.. أنه لم تقدم ثمة طعون في حكم المحكمة التأديبية الصادر بفصل المطعون ضده خلال المدة من 1/ 7/ 1985 حتى 1/ 9/ 1985 وهي مدة الستين يوماً المقررة قانوناً للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه طبقاً لنص المادة 44 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة السالف الإشارة إليه.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184/ 1 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.
[(1)] يراجع الحكم الصادر في الطعن رقم 1711 لسنة 31 ق جلسة أول ديسمبر سنة 1987 والمنشور بهذه المجموعة والذي يقضي بأنه إذا اتخذت جهة الإدارة الإجراءات التأديبية خلال الشهر التالي للانقطاع تكون العلاقة الوظيفية قائمة ومستمرة وبالتالي ينتفي ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إنهاء الخدمة.
ساحة النقاش