موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

إن القرار الإداري باعتباره إفصاح الجهة الإدارية المختصة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادة ملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الأولى - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1955 إلى آخر يناير سنة 1956) - صـ 201

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1955

برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

(24)
القضية رقم 306 لسنة 1 القضائية

قرار إداري - عدم تولد أثره حالاً ومباشرة إلا إذا كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً أو متى أصبح كذلك - مثال بالنسبة لقرار مجلس الوزراء الصادر في 26/ 5/ 1945 بإنصاف خريجي المعلمين الثانوية والذي يقتضي إعماله استصدار قانون بفتح اعتماد إضافي.
إن القرار الإداري باعتباره إفصاح الجهة الإدارية المختصة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادة ملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة - إن القرار الإداري بهذه المثابة لا يتولد عنه أثره حالاً ومباشرة إلا إذا كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً أو متى أصبح كذلك. ومن ثم فإن قرار مجلس الوزراء الصادر في 26 من مايو سنة 1945 بموافقته على اقتراح اللجنة المالية في شأن خريجي المعلمين الثانوية باعتبارهم في الدرجة السادسة منذ تعيينهم بماهية أولية 10.500 مجـ - هذا القرار ما كان يمكن قانوناً أن يتولد أثره حالاً ومباشرة بمجرد صدوره، لأنه ما كان قد استكمل جميع المراحل التي تلزم قانوناً في هذا الصدد؛ ذلك أن المادة 143 من الدستور الملغي النافذ وقتذاك كانت تقضي بأن "كل مصروف غير وارد بالميزانية أو زائد على التقديرات الواردة بها يجب أن يأذن به البرلمان"، ولهذا فلئن كان مجلس الوزراء قد وافق على الاقتراح المشار إليه من حيث المبدأ، إلا أنه لما كان الأمر يقتضي استصدار قانون بفتح اعتماد إضافي، فقد سارت وزارة المالية في الطريق الدستوري السليم فقدرت التكاليف بمبلغ 22000 ج لمدة سنة، وتقدمت إلى البرلمان لاستصدار قانون بفتح اعتماد إضافي لهذا المبلغ، فناقشت اللجنة المالية هذا الأمر ورأت أن يكون إنصافهم على أساس التعيين في الدرجة السابعة وترقيتهم إلى الدرجة السادسة بماهية 10.500 مجـ بعد ثلاث سنوات من تاريخ التعيين الأول - مع مراعاة مايو - وذلك حتى لا يكونوا أحسن حالاً من حملة الشهادات العالية، وقدرت اللجنة التكاليف على هذا الأساس بمبلغ 15000 جنيه سنوياً، وقد اعتنقت وزارة المالية هذا الرأي وقدمت مذكرة من اللجنة المالية بهذا المعنى إلى مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في أول يونيه سنة 1947 فوافق عليها. ويبين مما تقدم أن القرار الأخير هو الذي يولد أثره القانوني حالاً ومباشرة بعد إذ أصبح ذلك جائزاً وممكناً قانوناً بفتح الاعتماد الإضافي المخصص لهذا الغرض من الجهة التي تملك الإذن به وهي البرلمان، وقد طبق هذا القرار في حق المدعي. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بتسوية حالته على أساس القرار الأول الصادر في 26 من مايو سنة 1945 باعتباره منتجاً لهذا الأثر من يوم صدوره - إن الحكم المذكور يكون قد بني على مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وبالتالي يتعين إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى.


إجراءات الطعن

في يوم 30 من أغسطس سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة المفوضين طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 2 من يوليه سنة 1955 في الدعوى رقم 6567 سنة 2 ق المرفوعة من السيد/ جميل سليمان نسيم ضد وزارة التربية والتعليم، القاضي "بأحقية المدعي لتسوية حالته بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 26 من مايو سنة 1945 مع ما يترتب على ذلك من آثار".
وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين: "الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات".
وأعلن المدعي (المحكوم له) بهذا الطعن في 5 من سبتمبر سنة 1955، كما أعلنت به جهة الإدارة في 7 من سبتمبر سنة 1955، ولم يتقدم أحد من الطرفين بمذكرات أو ملاحظات.
وعينت جلسة 5 من نوفمبر سنة 1955 لنظر الطعن، ثم حجزت الدعوى لإصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات على الوجه المبين بالمحضر وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أن السيد/ جميل سليمان نسيم أقام الدعوى رقم 6567 سنة 2 قضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم طالباً الحكم على هذه الوزارة "بتسوية حالته على مقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 26 من مايو سنة 1945 بجميع ما يترتب عليه من آثار وإلزام الوزارة بالمصاريف". وقال في بيان دعواه إنه تخرج في مدرسة المعلمين الثانوية في سنة 1926 وعين مدرساً في الدرجة السابعة بإحدى المدارس الابتدائية الأميرية براتب شهري قدره 10 ج اعتباراً من سبتمبر سنة 1926، وظل يتدرج حتى رقي إلى الدرجة الرابعة في أول أغسطس سنة 1950. وفي أثناء ذلك كان مجلس الوزراء قد أصدر قراره المتضمن لقواعد الإنصاف في 30 من يناير سنة 1944 دون أن يدرج به مؤهل المتخرجين في مدرسة المعلمين الثانوية؛ لأن هذا المعهد كان قد ألغى في سنة 1932 وترتب على هذا الوضع أن حملة هذا المؤهل حرموا من الإنصاف، فتقدموا بظلاماتهم إلى الجهات المختصة. واقترحت "وزارة المعارف" إنصاف هذه الطائفة على أساس جعل تعيينهم بالدرجة السادسة بماهية قدرها 10.500 مجـ شهرياً أسوة بخريجي المعهد العالي للتجارة (نظام قديم). وأخذت اللجنة المالية بهذا الاقتراح وقدمت مذكرة به إلى مجلس الوزراء في 4 من مارس سنة 1945 فوافق عليه المجلس كما هو بجلسة 26 من مايو سنة 1945 ولكن وزارة المالية أصدرت كتاباً دورياً جعلت فيه هذا الإنصاف موقوفاً على إجراء مالي هو حصر التكاليف اللازمة لتنفيذه في المدة من 26 من مايو سنة 1945 إلى آخر إبريل سنة 1946. وبعد قيام الوزارات المختصة بحصر هذه التكاليف بعثت بها إلى وزارة المالية فتقدمت بدورها إلى مجلس النواب بطلب فتح اعتماد للموافقة على تنفيذه، ولكن تأخر فتح هذا الاعتماد حتى صدر قانون التنسيق في أول يونيه سنة 1947 متضمناً وضع أساس جديد لإنصاف خريجي مدرسة المعلمين الثانوية وهو أن يوضعوا في الدرجة السابعة من تاريخ تعيينهم براتب شهري قدره عشرة جنيهات، ثم ينقلوا إلى الدرجة السادسة بعد ثلاث سنوات من تعيينهم براتب قدره 10.500 مجـ. وقد قامت وزارة المعارف بتسوية حالة المدعي على هذا الأساس، ولما كان هو يرى أن حقه قد تعلق بقرار 26 من مايو سنة 1945، وأنه يستحق تسوية حالته على مقتضاه لأنه صدر منجزاً غير معلق على فتح اعتماد مالي أو صدور تشريع آخر بإنفاذه، فإنه تقدم بدعواه طالباً الحكم بتسوية حالته على مقتضى هذا القرار مع جميع ما يترتب على ذلك من آثار. ودفعت الدعوى وزارة التربية والتعليم بأن قرار 26 من مايو سنة 1945 لم ينفذ بسبب عدم فتح الاعتماد اللازم لتنفيذه، وظل الحال كذلك حتى صدر قرار مجلس الوزراء في أول يونيه سنة 1947 الخاص بتسوية حالات حملة مؤهل معهد التعليم الثانوي على الأساس الجديد، ثم اعتمدت المبالغ اللازمة لتنفيذه فسويت حالة المدعي على أساسه. وقالت الوزارة إن القاعدة المتبعة أن ما تصدره الحكومة من قرارات تنظيمية عامة لا تترتب عليه مراكز قانونية خاصة ما دامت الاعتمادات المالية غير موجودة باعتبار أن القرار الإداري في هذه الحالة لا يكون مستكملاً لمقوماته، ورتبت على ذلك أن المدعي يكون غير محق في المطالبة بتطبيق قرار 26 من مايو سنة 1945 عليه، ولذلك يتعين رفض دعواه. ولكن المحكمة الإدارية لم تأخذ بهذا النظر وقضت "بأحقية المدعي في تسوية حالته بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 26 من مايو سنة 1945 مع ما يترتب على ذلك من آثار". واستندت في قضائها إلى أن هذا القرار صدر عاماً ومطلقاً من أي قيد، فيعتبر ناجزاً من تاريخ صدوره، وأنه لا اعتداد بالكتاب الدوري الذي أذاعته وزارة المالية بعد ذلك وعلقت فيه تنفيذ ذلك القرار على استصدار الاعتماد المالي؛ لأن السلطة الدنيا (وزارة المالية) لا تملك تقييد ما أطلقته السلطة العليا (مجلس الوزراء)، كما أنه ليس لمجلس الوزراء أن يعدل من المراكز القانونية التي أنشأها قراره الصادر في 26 من مايو سنة 1945؛ لأن المساس بالحقوق المكتسبة لا يكون إلا بقانون ينص على الأثر الرجعي حتى ولو كانت تلك الحقوق مستمدة من قرارات تنظيمية عامة. فطعن السيد رئيس هيئة المفوضين في هذا الحكم ناعياً عليه أنه بني على مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه وتأويله - وفي بيان ذلك قال إن الحكومة قد احترمت التزامها الذي ترتب على قرار مجلس الوزراء الصادر في 26 من مايو سنة 1945، وسعت إلى البرلمان لاعتماد المال اللازم لتنفيذه، ولكن البرلمان لم يوافقها على الاعتماد، "والتزام الحكومة في هذا الصدد يسقط ليس فقط إذا اشترطت ابتداء لنفاذ قرارها وجود ذلك المال، بل يسقط أيضاً إذا تقدمت إلى البرلمان فلم يوافقها على اعتماد ذلك المال... وبالتالي يكون لا وجه للتحدي بنشوء مراكز قانونية في ظل القرار المذكور، وتكون التسوية التي أجريت على أساس قرار مجلس الوزراء الصادر في أول يونيه سنة 1947 هي التسوية الصحيحة".
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن مثار هذه المنازعة هو ما إذا كان القرار الصادر من مجلس الوزراء في 26 من مايو سنة 1945 قد أنشأ بالنسبة لأمثال المدعي مركزاً قانونياً ذاتياً من مقتضاه أن تسوى حالتهم من يوم صدوره على الوجه المقترح بمذكرة اللجنة المالية المقدمة للمجلس وقتذاك، أم أن هذا المركز القانوني الذاتي لم ينشأ بالنسبة لهم بذلك القرار، وأنه لا ينفذ في حقهم إلا القرار الصادر في أول يونيه سنة 1947؟
ومن حيث إن القرار الإداري باعتباره إفصاح الجهة الإدارية المختصة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادة ملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين يكون ممكناً وجائزاً قانوناً ابتغاء مصلحة عامة - إن القرار الإداري بهذه المثابة لا يتولد عنه أثره حالاً ومباشرة إلا إذا كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً أو متى أصبح كذلك.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 26 من مايو سنة 1945 بموافقته على اقتراح اللجنة المالية في شأن خريجي المعلمين الثانوية باعتبارهم في الدرجة السادسة منذ تعيينهم بماهية أولية 10.500 مجـ - هذا القرار ما كان يمكن قانوناً أن يتولد أثره حالاً ومباشرة بمجرد صدوره لأنه ما كان قد استكمل جميع المراحل التي تلزم قانوناً في هذا الصدد؛ ذلك أن المادة 143 من الدستور الملغي النافذ وقتذاك كانت تقضي بأن "كل مصروف غير وارد بالميزانية أو زائد على التقديرات الواردة بها يجب أن يأذن به البرلمان"، ولهذا فلئن كان مجلس الوزراء وافق على الاقتراح المشار إليه من حيث المبدأ إلا أنه لما كان الأمر يقتضي استصدار قانون بفتح اعتماد إضافي، فقد سارت وزارة المالية في الطريق الدستوري السليم فقدرت التكاليف بمبلغ 22000 جنيه لمدة سنة وتقدمت إلى البرلمان لاستصدار قانون بفتح اعتماد إضافي بهذا المبلغ، فناقشت اللجنة المالية هذا الأمر ورأت أن يكون إنصافهم على أساس التعيين في الدرجة السابعة وترقيتهم إلى الدرجة السادسة بماهية 10.500 مجـ بعد ثلاث سنوات من تاريخ التعيين الأول - مع مراعاة مايو - وذلك حتى لا يكونوا أحسن حالاً من حملة الشهادات العالية، وقدرت اللجنة التكاليف على هذا الأساس بمبلغ 15000 جنيه سنوياً، وقد اعتنقت وزارة المالية هذا الرأي وقدمت مذكرة من اللجنة المالية بهذا المعنى إلى مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في أول يونيه سنة 1947 فوافق عليها.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما ذكر أن هذا القرار الأخير هو الذي يولد أثره القانوني حالاً ومباشرة بعد إذ أصبح ذلك جائزاً وممكناً قانوناً بفتح الاعتماد الإضافي المخصص لهذا الغرض من الجهة التي تملك الإذن به وهي البرلمان، وقد طبق في حق المدعي، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى بتسوية حالته على أساس القرار الأول الصادر في 26 من مايو سنة 1945 باعتباره منتجاً لهذا الأثر من يوم صدوره - إن الحكم المذكور يكون قد بني على مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وبالتالي يتعين إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 30 مشاهدة
نشرت فى 22 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,994,132

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »