موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

المادة 122 من الدستور الصادر حددت فى الفقرة (هـ ولاية المحكمة العليا وجعلت من بين ما تختص بنظره طلب ابطال الاعمال والقرارات الادارية والمراسيم المخالفة للدستور

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) - صـ 801

(80)
جلسة 26 من نيسان (ابريل) سنة 1960

برياسة السيد/ السيد على السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة/ على بغدادى ومصطفى كامل اسماعيل، ومحمود محمد ابراهيم وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

القضية رقم 18 لسنة 2 القضائية (ج)، 20 لسنة 2 القضائية (ش)

( أ ) دعوى - ميعاد رفع الدعوى - قبول الدعوى - الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد - الفصل فيه مرجعه الى القانون النافذ وقت صدور القرار المطعون فيه.
(ب) دعوى - قرار ادارى - قبول الدعوى - ميعاد رفع الدعوى - المادة 122 من الدستور السورى الصادر فى 5/ 9/ 1950 والمادة 23 من القانون رقم 57 لسنة 1950 فى شأن المحكمة العليا - تسويتهما فى المنازعات التى ترفع أمام هذه المحكمة بين الاعمال والقرارات الادارية جميعها من حيث ميعاد رفع الدعوى - المنازعة الخاصة بضم مدة خدمة سابقة فى المعاش - وجوب رفعها فى ميعاد الشهر المنصوص عليه فى المادة 23 سالفة الذكر - مثال.
1 - ان الفصل فى الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانونى انما يرجع فيه الى أحكام القانون النافذ وقت صدور القرار المطعون فيه، وهو القانون الذى رفعت الدعوى فى ظله.
2 - أن المادة 122 من الدستور الصادر فى 5 من ايلول (سبتمبر) 1950 حددت فى الفقرة (هـ) ولاية المحكمة العليا وجعلت من بين ما تختص بنظره وتبت فيه بصورة مبرمة "طلب ابطال الاعمال والقرارات الادارية والمراسيم المخالفة للدستور أو القانون أو للمراسيم التنظيمية اذا تقدم بالشكوى منها من يتضرر فيها"، كما نصت هذه المادة أيضا على أن "يعين القانون أصول النظر والبت فى الامور السابقة"، وبهذا أطلق الدستور ولاية الالغاء لتلك المحكمة بالنسبة للاعمال والقرارات الادارية كافة دون تفرقة بين نوع وآخر من تلك الاعمال أو القرارات وأجرى عليها جميعا أحكاما واحدة.
ولما صدر القانون رقم 57 لسنة 1950 بالتطبيق للتفويض المنصوص عليه فى الدستور بتحديد صلاحيات وملاك المحكمة العليا والاجراءات التى تتبع فى التقاضى أمامها نص فى المادة 23 منه على أنه: "(1) يجب أن تقام دعوى الابطال فى ميعاد شهر من اليوم الذى يفترض فيه أن المستدعى قد عرف قانونا بالقرار أو بالمرسوم المطعون فيه أما بطريقة النشر واما بطريقة التبليغ أو بأية طريقة أخرى تحت طائلة الرد - (2) يبدأ هذا الميعاد فى حق القرارات الضمنية منذ انتهاء الشهر المنصوص عليه فى الفقرة الرابعة من المادة 19 - (3).... الخ".
ويبين مما تقدم أن الدستور قد سوى فى المنازعات التى تقام أمام المحكمة العليا بين الاعمال والقرارات جميعا دون تفرقة بين نوع وآخر منها ولم يخصص نوعا بذاته بميعاد يختلف فيه عن النوع الآخر، بل اعتبرها جميعا سواسية فى هذا الشأن، ومن ثم فيجب أن ترفع الدعوى فى الميعاد الواجب رفعها فيه طبقا للاحكام السالف ايرادها.
فاذا كان الثابت أن المدعى قدم فى 10 من نيسان (ابريل) 1958 طلبا بضم مدة خدمته فى مصلحة الاعاشة الى مدة خدمته الفعلية فأعيد اليه ليقدمه عن طريق المصلحة التى كان ينتمى اليها، فقدمه اليها، وهذه احالته الى وزارة الخزانة فى 20 من تشرين أول 1958، فكان المفروض وقد سكتت تلك الجهة مدة شهر من تاريخ تسلمها العريضة أن يعتبر هذا السكوت بمثابة قرار ضمنى بالرفض يجوز للمتضرر الطعن فيه بالتطبيق للفقرة الرابعة من المادة 19 من القانون رقم 57 لسنة 1950 سالفة الذكر، ويبدأ ميعاد الطعن فى هذا القرار من انتهاء الشهر وذلك بالتطبيق للفقرة 2 من المادة 23 من هذا القانون، فينتهى الميعاد والحالة هذه فى 19 من كانون الاول (ديسمبر) 1958، ولما كان المدعى لم يرفع دعواه الا فى 2 من شباط (فبراير) 1959 فانه يكون قد رفعها بعد الميعاد. ولا يغير من ذلك أن تكون جهة الادارة قد أعلنته برفض صريح يؤكد الرفض الضمنى المستفاد من سكوتها مدة الشهر السالف الذكر، وهو الذى يجب احتساب الميعاد بعد انقضائه بالتطبيق للنصوص المشار اليها. كما لا وجه لما ذهب اليه الحكم المطعون فيه من تفرقه بين المنازعات الخاصة بالمعاشات (ان حالا أو مآلا) وبين طلبات الالغاء الاخرى وتخصيص ميعاد الطعن بالالغاء بالنوع الثانى دون الاول، لأنه وان كان لمثل هذه التفرقة محل طبقا لاحكام قانون مجلس الدولة رقم 165 لسنة 1955 التى رددها القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة، الا أن هذه التفرقة لا وجود لها طبقا للمادة 122 من الدستور السورى الصادر فى سنة 1950 ولا القانون رقم 57 لسنة 1950 بل كانت أحكامهما تسوى بين جميع الأعمال والقرارات الادارية بغير تخصيص حسبما سلف البيان - تلك الأحكام التى يجب النزول عليها فى خصوصية هذه الدعاوى، ما دام القرار المطعون فيه قد صدر فى ظلها ورفعت الدعوى بعد انقضاء ميعاد الطعن فيه فأصبح حصينا من الالغاء، فلا مندوحة - والحالة هذه - من الحكم بعدم قبول الدعوى.


اجراءات الطعن

بتاريخ 17 من كانون الثانى (يناير) سنة 1960 أودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة صحيفة طعن فى الحكم الصادر بجلسة 18 من تشرين الثانى (نوفمبر) 1959 من المحكمة الادارية بدمشق فى الدعوى رقم 18 لسنة 2 ق المقامة من السيد/ غالب بن أديب الحورانى ضد السيد وزير الخزانة والسيد وزير الاقتصاد، والقاضى بقبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا والزام المدعى بالمصروفات. ويطلب السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة للاسباب التى أوردها فى صحيفة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلا وبالغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من رفض الدعوى موضوعا والزام المدعى بالمصروفات والحكم بأحقية المدعى فى ادخال مدة خدمته التى قضاها بمصلحة الاعاشة الى مدة خدمته الفعلية بالتطبيق للمادة 8 من المرسوم التشريعى رقم 161 الصادر فى 4/ 11/ 1935 المعدلة بالمرسوم التشريعى رقم 62 الصادر فى 16/ 3/ 1943 مع الزام الجهة المدعى عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
عين لنظر هذا الطعن جلسة 21 من آذار (مارس) سنة 1960 أمام دائرة فحص الطعون التى انعقدت بدمشق وفيها قررت احالته الى المحكمة الادارية العليا لنظره بجلسة 16 من نيسان (أبريل) سنة 1960، وبعد سماع ما رؤى لزوما لسماعه من ايضاحات أرجئ النطق بالحكم فى الطعن لجلسة اليوم ورخص فى تقديم مذكرات فى أسبوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع مارؤى لزوما لسماعه من ايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل فى أن المدعى أقام هذه الدعوى أمام المحكمة العليا بدمشق يطعن بها فى قرار وزارة الخزانة رقم 18070/ 8/ 27 المؤرخ فى 26/ 11/ 1958 القاضى برفض ادخال خدماته فى مصلحة الاعاشة فى خدماته الفعلية ورفض السماح له بدفع العائدات التقاعدية عنها. وقال بيانا لدعواه انه عين فى مصلحة الاعاشة فى حماة بالقرار رقم 579 بتاريخ 13/ 4/ 1942 وباشر عمله بتاريخ 17/ 4/ 1942 واستمر فى عمله حتى صدور المرسوم رقم 1144 بتاريخ 23/ 5/ 1948 الذى قضى بتصنيفه بوظيفة مراقب أول أصيل للاقتصاد فى محافظة اللاذقية واعتبر قدمه من 1/ 1/ 1947، وبعد أن سرح من وظيفته طلب ادخال خدماته فى مصلحة الاعاشة وضمها الى خدماته الاخرى، فأصدرت وزارة الخزانة قرارها رقم 18070/ 8/ 27 المطعون فيه. وأسس المدعى دعواه على أن المادة 8 من المرسوم الاشتراعى رقم 161 بتاريخ 4/ 11/ 1935 نصت فى فقرتها الثانية على أن الموظفين الذين عينوا بمرسوم أو قرار وزارى بصفة موظفين مؤقتين أو مساعدين وبراتب شهرى للقيام بوظائف المدراء والمسجلين.. الخ الذين ثبتوا خلال استخدامهم فى الوظائف المذكورة فى ملاك الدولة الدائم ضمن الشروط وحدود السن يمكنهم المطالبة بادخال خدماتهم السابقة فى مدة خدمتهم الفعلية على أن يقوموا بتأدية العائدات التقاعدية عنها برمتها على أساس راتب الدرجة التى عينوا فيها فى الملاك للمرة الاولى. ثم قال المدعى بعد ذلك أن الشارع رأى فيما بعد وتحقيقا لصفة أساسية من صفات العدالة هى المساواة والشمول، أن يوسع أحكام المادة 8 من المرسوم رقم 161 فأصدر المرسوم الشرعى رقم 162. س مستعيضا به عن نص المادة 8 معطيا الحق لجميع الموظفين المؤقتين الذين ثبتوا فيما بعد بأن يطالبوا بادخال خدماتهم المؤقتة السابقة فى خدماتهم الفعلية بعد تأدية العائدات التقاعدية. وانه يبين من مراجعة الاسباب الموجبة للمرسوم التشريعى رقم 62 أن الغاية من اصداره تنصرف الى وجوب معاملة جميع موظفى الدولة المؤقتين معاملة واحدة مما اقتضى الرجوع عن تعداد بعض الموظفين حصرا كما كانت الحال فى المادة 8 من المرسوم رقم 161 وأصبح النص شاملا لجميع الموظفين المؤقتين. وأنه - أى المدعى - أحد هؤلاء الموظفين المؤقتين، وقد تقدم بطلب الى وزارة الخزانة للسماح له بدفع العائدات التقاعدية المتوجبة قانونا وبالتالى ادخال خدماته فى الاعاشة فى خدماته الفعلية، ولكن القرار المطعون فيه لم يراع صراحة هذه النصوص القانونية. وطلب المدعى الحكم بقبول الدعوى شكلا وموضوعا وابطال القرار المطعون فيه لمخالفته للغاية التى أرادها القانون وتضمين الجهة المدعى عليها الرسوم والمصاريف والاتعاب ورد التأمين الى مسلفه.
أجابت وزارتا الاقتصاد الوطنى والخزانة على الدعوى بمذكرة طلبتا فيها رد الدعوى شكلا استنادا الى المادة 19 من القانون رقم 57 الصادر بتاريخ 28/ 12/ 1950 والفقرة الاولى من المادة 23 من هذا القانون، وأسستا هذا الدفع على أن وزارة الخزانة قد سارت على قاعدة عدم ضم الخدمات المؤقتة التى يقوم بها موظفون مؤقتون فى مصالح مؤقتة الى خدماتهم الفعلية التى يؤدونها حال وجودهم فى ملاكات الدولة الدائمة وذلك بالاستناد الى نص المادة الثامنة المعدلة من المرسوم الاشتراعى رقم 161 الصادر بتاريخ 4/ 11/ 1935، وأن المدعى طلب تصفية حقوقه التقاعدية أثر تبليغه قرار التسريح فجرى ذلك على الأساس القانونى الآنف الذكر وقد قام المدعى بكتابه المؤرخ فى 10/ 9/ 1958 برقم 3554 بمراجعة السلطة المختصة بعد تبليغه عدم ضم خدماته المؤقتة فى حساب التقاعد وفق أحكام القانون وكان المدعى يعلم باعتباره يشغل وظيفة فى الدولة القاعدة القانونية التى تسير عليها وزارة الخزانة منذ القديم وكانت اقامة الدعوى بتاريخ 2/ 1/ 1959 أى بعد مضى ما يقارب أربعة أشهر، فتكون دعوى المدعى عليهما أن المادة الثانية من المرسوم الاشتراعى رقم 161 الصادر بتاريخ 4/ 11/ 1935 قد حددت الموظفين الملكيين والعسكريين الذين يمكنهم أن يطالبوا عند انتهاء خدماتهم بمعاش التقاعد بأنهم الموظفون الملكيون والعسكريون القائمون بالخدمة فعلا والخاضعون لنظام الموظفين العام وأصحاب الوظائف العامة فى أحد ملاكات الدولة الدائمة، ولما كانت مصلحة الاعاشة هى من المصالح المؤقتة للدولة أوجبت ظروف خاصة ضرورة احداثها وانتهت هذه المصلحة بالالغاء لزوال تلك الظروف المعينة فلا تدخل وظائفها ضمن نطاق الوظائف العامة فى ملاك الدولة الدائم باعتبار أن موظفى هذه المصلحة يعينون بصورة مؤقتة ولا يخضعون فى تعيينهم للاحكام العامة المطبقة على موظفى الدولة كما لا يخضعون للعائدات التقاعدية ولا للعائدات الاحتياطية ويمكن تسريحهم فى أى وقت دون أن يحق لهم طلب أى تعويض كما هو وارد بنص المادة 4 من المرسوم التشريعى رقم 1/ س بتاريخ 21/ 5/ 1941 والمادة 14 من المرسوم التشريعى رقم 150 بتاريخ 15/ 8/ 1943، لذلك فان خدمة المدعى فى مصلحة الاعاشة الواقعة بين تاريخ 17/ 4/ 1942 وتاريخ 31/ 12/ 1946 لا تعتبر من الخدمات المشمولة بأحكام المادة 8 المعدلة من المرسوم الاشتراعى رقم 161 بتاريخ 14/ 11/ 1935 لأن وظائف الاعاشة ليست لها صفة الوظائف الدائمة فى الاصل. كما أن خدمة المدعى فى مصلحة الاعاشة لم تنته بالتثبيت بالملاك الدائم، كما اشترطت المادة الثامنة الآنفة الذكر، بل انقطعت بالغاء هذه المصلحة بالكلية لزوال الاسباب والمبررات التى أنشئت من أجلها، فلم يكن والحالة هذه بمقدور وزارة الخزانة حساب مدة خدمة المدعى حسب أحكام القوانين النافذة وعلى ضوء ارادة الشارع فى عداد خدماته الفعلية المقبولة فى التقاعد، كما تعذر عليها السماح له بدفع العائدات التقاعدية عنها. وانتهى المدعى عليهما الى طلب رد الدعوى موضوعا مع تضمين المدعى جميع الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة.
وقد أحيلت هذه الدعوى الى المحكمة الادارية بدمشق عملا بأحكام المادة الثانية من القانون رقم 55 الصادر فى 21 من شباط (فبراير) سنة 1959 الخاص بمجلس الدولة.
وبجلسة 18 من تشرين الثانى سنة 1959 أصدرت المحكمة الادارية حكمها المطعون فيه، وهو يقضى بقبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا وبالزام المدعى بالمصروفات. وأقامت قضاءها بالنسبة للدفع بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد بأن الدعوى فى حقيقتها وعلى وفق لتكييف الصحيح لها انما هى دعوى مطالبة بحق من الحقوق المتعلقة بالمعاش يستمده المدعى من القانون، ومثل هذه الدعوى لا تعتبر على مقتضى ذلك من دعاوى الالغاء التى تتقيد بميعاد ولا يسقط الحق فى رفعها الا بانقضاء المدة المقررة لسقوط الحق الذى تقام لطلبه. واذا كان المدعى قد كيف دعواه بأنها طعن فى قرار ادارى كيما يتوصل بذلك الى اختصاص المحكمة العليا التى كانت قائمة وقتئذ فان مثل هذا التكييف لا يغير من طبيعة المنازعة، اذ العبرة بحقيقتها لا بما يضفيه عليها المدعى من وصف أو يخلعه من تكييف، وأنه اذا قيل بأن الدعوى تتقيد بميعاد الطعن فى القرارات الادارية المنصوص عليه فى المادة 23 من القانون رقم 57 لسنة 1950 وأن ما جاء به القانون رقم 55 لسنة 1959 من جعل المنازعات الخاصة بالمعاشات من الدعاوى غير المقيدة بميعاد الالغاء، لا يسرى على هذه الدعوى باعتبار أن الميعاد فيها قد جرى فى ظل قانون سابق فلا يسرى فى شأنه القانون الجديد وفقا للقواعد المقررة فى شأن سريان قوانين المرافعات - اذا قيل ذلك واحتج بأن عبارة القانون الذى يستند اليه المدعى فى طلبه تجعل اجابته اليه بقرار من وزير الخزانة، فان التفسير الصحيح لنصوص المواد الخاصة بالميعاد فى القانون رقم 57 لسنة 1950 يؤدى الى القول بأنها قد رفعت فعلا فى الميعاد، ذلك أن القرينة التى يبنى عليها اعتبار فوات مدة شهر على تقديم طلب المدعى حساب مدة خدمته فى مصلحة الاعاشة بمثابة قرار ضمنى بالرفض (م19) يبدأ بانتهائه حساب الميعاد (م23) تنهار اذا ما ثبت أن الادارة قد اتخذت فى أثناء ذلك مسلكا لا يدل على اتجاهها الى رفض الطلب وعندئذ لا يبدأ الميعاد الا من تاريخ عدول الادارة عن هذا المسلك واتجاهها الى ضده وعلم المدعى بذلك. وأن الثابت من الأوراق أن الادارة أعادت الطلب الى المدعى عن طريق مديرية مالية حماة بتاريخ 13/ 9/ 1958، وقام المدعى باستيفاء الأوراق والبيانات التى رغبت الادارة اليه فى استيفائها وقدمها الى مديرية مالية حماه التى بعثت بها الى وزارة الخزانة بكتاب مؤرخ فى 20/ 10/ 1958 وقد ظل الطلب قيد البحث حتى 26/ 11/ 1958 حين ارتأى وزير الخزانة عدم اجابته وبعث بذلك كتابا الى وزارة الاقتصاد والتجارة لتقوم بتبليغه الى المدعى، ولم يتم ذلك الا فى 10/ 1/ 1959 كما هو ثابت من الاوراق، وقد أقيمت الدعوى فى خلال الشهر التالى لهذا التاريخ الاخير، وبذلك تكون مقبولة شكلا.
وبالنسبة للموضوع أقامت المحكمة قضاءها على أن المادة 8 من المرسوم التشريعى رقم 161 الصادر بتاريخ 4/ 11/ 1935 تنص فى فقرتها الاولى على أن "الخدمات التى تعطى صاحبها الحق بنوال معاش التقاعد تحسب اعتبارا من تاريخ قبوله فى ملاكات الدولة، أما الخدمات الواقعة قبل أكمال سن الثامنة عشرة فلا تدخل فى حساب التقاعد". وانطوت هذه المادة فى فقرتها الثانية على استثناءين من هذه القاعدة اذ نصت على أنه "ومع ذلك فان موظفى السلك الذين ينفصلون عن وظائفهم بسبب غير الاستقالة أو التأديب أو الاستيداع بناء على الطلب ومن ثم يدعون للقيام بوظيفة أو مهمة مؤقتة ويعادون بعد ذلك الى ملاكات الدولة والموظفين المساعدين الذين عينوا بمرسوم أو قرار وزارى أو قرار من المحافظين وثبتوا خلال مدة استخدامهم فى ملاكات الدولة القائمة ضمن الشروط وحدود السن المنصوص عليها فى نظام الموظفين العام ونظام الملاك الخاص، يمكنهم المطالبة بادخال خدماتهم المذكورة فى مدة خدمتهم الفعلية وذلك بقرار من وزير المالية على أن تؤدى العائدات التقاعدية عن هذه الخدمات برمتها على أساس راتب درجة الوظيفة التى أعيدوا اليها أو ثبتوا فيها فى الملاك". واستخلصت المحكمة من هذا النص أن ثمت حالتين يجوز فيهما حساب مدد الخدمة المؤقتة ضمن مدد الخدمة الفعلية التى تقضى فى الملاكات الدائمة وتحسب فى معاش التقاعد أولاهما حالة الموظف الذى كان يشغل وظيفة فى ملاك دائم ثم انتهت خدمته لسبب لا يرجع الى أحد الاسباب الثلاثة التى نصت عليها المادة واشتغل بعد ذلك فى وظيفة أو مهمة مؤقتة أعيد بعدها الى ملاكات الدولة، والثانية هى حالة الموظف المساعد الذى يثبت خلال مدة استخدامه فى ملاكات الدولة ولهذه الحالة ركنان: الاول: أن تكون المدد المؤقتة المراد حسابها قد قضيت فى وظيفة من وظائف المساعدين، والثانى أن يكون الموظف قد ثبت خلال مدة استخدامه فى ملاكات الدولة الدائمة، ومؤدى هذا الركن ان تكون مدة الخدمة المؤقتة انتهت بتثبيت الموظف فى ملاك دائم. وقالت المحكمة ان المدعى لا يصدق فى شأنه أى من هاتين الحالتين فهو لم يكن من الموظفين الدائمين الذين عبرت عنهم المادة بموظفى السلك عند تعيينه فى مصلحة الاعاشة وهى من المصالح المؤقتة التى يجرى تعيين موظفيها بما فيهم مديرها العام بصورة مؤقتة لقاء تعويض شهرى مقطوع غير تابع للعائدات التقاعدية (المادة 4 من المرسوم التشريعى رقم 1/ س بتاريخ 29 من مارس سنة 1941) وكانت وظائفها بصريح نص المادة 14 من المرسوم التشريعى رقم 150 الصادر بتاريخ 5 من آب (أغسطس) سنة 1943 الخاص بتنظيم وزارة الاعاشة والتموين وتحديد ملاكها وظائف خارج الملاك، وبذلك لا يتوافر الشرط الاول من شروط تحقق الحالة الاولى المنصوص عليها فى المادة 8 وهو شرط أن تكون مدة الخدمة المؤقتة مسبوقة بمدة خدمة فعلية فى ملاك من ملاكات الدولة انتهت بسبب لا يكون من الاسباب التى عددتها المادة وبذلك لا تتوافر فى المدعى الحالة الاولى من الحالات التى يجوز فيها حساب المدد التى لم تقض فى ملاك من ملاكات الدولة فى المدد المحسوبة فى المعاش، وكذلك لا تتوافر فى شأنه الحالة الثانية لان وظائف الاعاشة المؤقتة التى كان المدعى يشغل واحدة منها لا تعتبر من وظائف المساعدين التى عنتها المادة المذكورة، فهذه الوظائف على ما يستفاد من نص الفقرة الثانية قبل تعديلها ومن ديباجة المرسوم المعدل لهذه الفقرة تلك التى تماثل وظائف المساعدين بوزارة الزراعية (م36 من القانون رقم 83 لسنة 1947، م8 من القانون رقم 84 لسنة 1947 بشأن ملاكى مديرية الزراعة والمصرف الزراعى) والموظفين المساعدين بوزارة الاشغال (م1 من المرسوم رقم 853 الصادر فى 8 من ايار سنة 1950). والجامع بين هؤلاء على ما يستفاد من نصوص المواد المذكورة هو التعيين بصورة مؤقتة على اعتمادات اجمالية ترصد فى الموازنة فى وظائف مماثلة للوظائف الملحوظة فى الملاك، والتماثل الاخير يتطلب أن يكون للمصلحة أو الجهة ملاك دائم وأن يكون الى جانبه وظائف مساعدة تصرف رواتب شاغليها من الاعتمادات الاجمالية فى الموازنة وهذا ما لا يتحقق فى وظائف مصلحة الاعاشة التى قامت كلها على موظفين مؤقتين ولم يكن لها ملاك دائم وبذلك ينتفى عن هذه الوظائف صفة الوظائف المساعدة. ويؤيد هذا أن المادة 8 حين أجازت للمساعدين حساب مدد الخدمة التى تقضى فى مثل هذه الوظائف انما اشترطت الى ذلك أن ينتهى استخدامهم بالتثبيت فى السلك مما يقتضى وجود ملاك دائم يتم التثبيت على وظائفه الى جانب الوظائف المؤقتة وهو أمر غير متحقق فى شأن مصلحة الاعاشة. وان الثابت ان مدة خدمة المدعى فى مصلحة الاعاشة انتهت فى نهاية سنة 1946 بالغاء الوظيفة الذى جاء تبعا لالغاء المصلحة ذاتها بجميع وظائفها، وتعيينه فى تاريخ لاحق فى وزارة الاقتصاد على وظيفة فى الملاك لا يعتبر تثبيتا فى وظيفته فى مصلحة الاعاشة التى ألغيت وكانت وظائفها مؤقتة، فلا يجوز حساب مدة الخدمة فى المصلحة المذكورة ضمن خدمة المدعى الفعلية التى قضاها فى الوزارة الاخيرة.
ومن حيث أن الطعن المقدم من السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة يقوم على أن ما ذهبت اليه المحكمة الادارية فى حكمها لا يتفق مع القانون اذ أن الفقرة الثانية من المادة 8 من المرسوم التشريعى رقم 161 الصادر فى 4 من نوفمبر سنة 1935 المتضمن نظام الرواتب التقاعدية الملكية والعسكرية كانت تقصر حق الافادة من حكمها بالمطالبة بادخال الخدمات السابقة فى مدة الخدمة الفعلية على المعينين بمرسوم أو قرار وزارى براتب شهرى ثابت بصفة موظفين مؤقتين أو مساعدين الذين يقومون بوظائف معينة ورد ذكرها على سبيل الحصر والذين يثبتون خلال استخدامهم فى هذه الوظائف فى ملاك الدولة الدائم ضمن الشروط وحدود السن المنصوص عليها فى النظام العام للموظفين المعينين بهذه الصفة حتى ولو كانوا من غير القائمين بالوظائف المذكورة. وألغيت الفقرة السالفة الذكر بالمرسوم التشريعى رقم 62 الصادر فى 16/ 3/ 1943 واستبدل بها فقرة أخرى نصت على ما يأتى: "ومع ذلك فالموظفون المساعدون الذين عينوا بمرسوم أو قرار وزارى أو قرار من المحافظين وثبتوا خلال مدة استخدامهم فى ملاكات الدولة الدائمة ضمن الشروط وحدود السن المنصوص عليها فى نظام الموظفين العام ونظام الملاك الخاص يمكنهم المطالبة بادخال خدماتهم المذكورة فى مدة خدمتهم الفعلية وذلك بقرار من وزير المالية على أن تؤدى العائدات التقاعدية عن هذه الخدمات برمتها على أساس راتب درجة الوظيفة التى أعيدوا اليها أو ثبتوا فيها فى الملاك". ومفاد هذا النص أن المقصود بالموظفين المساعدين هم الموظفون المؤقتون وهم الذين كان لهم الحق فى المطالبة بضم مدة خدمتهم التى قضوها بصفة مؤقتة أو كموظفين مساعدين فى خدماتهم الفعلية بالشروط التى كانت تنص عليها الفقرة الملغاة، ولا يمكن القول بأن المشرع أراد بالتعديل الذى أتى به أن يضيق من نطاق حق ضم مدة الخدمة المؤقتة بقصره على طائفة معينة من الوظائف التى كان يعطيها هذا الحق، اذ أنه يبين من مراجعة الاسباب الموجبة للمرسوم التشريعى المعدل أن الغاية من اصداره انما تنصرف الى وجوب معاملة جميع موظفى الدولة المؤقتين معاملة واحدة مما اقتضى الرجوع عن تعداد بعض الموظفين على سبيل الحصر. هذا الى أن النص لم يستلزم وجود ملاك دائم الى جانب الوظائف المؤقتة فى نفس المصلحة اذ ورد حكمه فى هذا الشأن مطلقا فيكفى أن ينتهى استخدام الموظف المؤقت بالتثبيت فى ملاك دائم ولو كان فى مصلحة أو وزارة أخرى. وثابت من الأوراق أن المدعى عين مراقبا فى شعبة تحديد ومراقبة الاسعار بحماة بمصلحة الاعاشة بقرار صادر من وزير الاقتصاد والتموين فى 13/ 4/ 1942 ثم صنف بوظيفة مراقب أول للاقتصاد بمحافظة اللاذقية من المرتبة السابعة الدرجة الثالثة على أن تعتبر أقدميته فى الوظيفة المصنف بها مع صرف زيادات الرتب الناشئة اعتبارا من 1/ 1/ 1947 وذلك بالمرسوم الصادر من رئيس الجمهورية السورية فى 23/ 5/ 1948 بناء على أحكام قانون الموظفين الاساسى. ويبين من ذلك أن المدعى من الموظفين المؤقتين الذين عينوا بقرار وزارى ثم ثبتوا خلال مدة استخدامهم فى ملاكات الدولة الدائمة وبذلك يحق له الاستفادة من أحكام المادة 8 سالفة الذكر والمطالبة بادخال خدمته المؤقتة فى خدماته الفعلية بعد تأدية العائدات التقاعدية عنها.
ومن حيث ان ادارة قضايا الحكومة أودعت فى 24 من نيسان 1960 مذكرة ختامية بدفاع وزارتى الخزانة الاقتصاد والتجارة عرضت فيه للدفع بعدم قبول الدعوى، وقالت أنه ولئن كان طعن السيد رئيس هيئة المفوضين قد اقتصر على الناحية المتعلقة بموضوع الدعوى ولم يتعرض لما قضى به الحكم فى الدفع الا أن ما استقرت عليه أحكام المحكمة الادارية العليا فى هذا الشأن هو أن الطعن فى الحكم أمامها يثير المنازعة فيه برمتها لتزنه المحكمة بميزان القانون وزنا مناطه استظهار ما اذا كانت قامت به حالة أو أكثر من الاحوال التى تعيبه والمنصوص عليها قانونا فتلغيه ثم تنزل حكم القانون فى المنازعة، أم أنه لم يقم به أية حال من تلك الاحوال وكان صائبا فى قضائه فتبقى عليه وترفض الطعن. واستطردت بعد ذلك الى القول بأن ما ذهب اليه الحكم المطعون فيه من ان هذه الدعوى من دعاوى التسوية مخالف للقانون، اذ أن سلطة المحاكم الادارية بالنسبة للدعاوى التى أحيلت اليها من المحكمة العليا عملا بأحكام المادة 2 من قرار اصدار القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة ليست سلطة مطلقة وانما مقيدة بما كانت عليه اختصاصات المحكمة العليا وسلطتها على الدعاوى، ولا يجوز بحال من الاحوال للمحاكم الادارية أن تغير من طبيعة هذه الدعاوى أو تعدل من أساسها على نحو يجعل تكييفها على الوضع الجديد مما يخرج عن اختصاص المحكمة العليا وقت رفع الدعوى والا أجازت بذلك للأفراد الطعن على أمور لم يكن لهم حق الطعن فيها وقت اقامتهم الدعاوى التى أحيلت الى المحاكم الادارية، فليس لها أن تغير وصف هذه الدعاوى الى دعاوى تسويات، الا أن يعدل الافراد طلباتهم أمامها أو يرفعوا دعاوى جديدة بهذا الخصوص وفقا للاجراءات المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة. وما دام أن هذا لم يحدث، فكان من الواجب على المحكمة أن تقضى فى الدعوى باعتبارها دعوى الغاء مقيدة بالمواعيد المنصوص عليها فى المادتين 19، 23 من القانون رقم 57 لسنة 1950 سالف الذكر. ثم قالت الحكومة أن الحكم المطعون فيه ذكر أن ميعاد الشهر الواجب رفع الدعوى خلاله لا يبدأ فى حالة سلوك الادارة سلوكا يدل على بحثها للطلب المقدم من المدعى الا من تاريخ تبليغها اياه برفضه، وقد تم ذلك فى 10/ 1/ 1956، وقد رفع المدعى دعواه فى 2/ 2/ 1959، وهذا القول من جانب الحكم مخالف للثابت من اوراق الاضبارة، اذ أن المدعى قدم طلبه فى 10/ 4/ 1958 فأعيد اليه لتقديمه وفق الشكل الذى رسمه القانون فأعاد طلبه الى المصلحة التى كان يعمل بها، فاحالته الى وزارة الخزانة فى 20/ 10/ 1958، ومنذ ذلك التاريخ لم تجر الوزارة أية تحقيقات فى هذا الموضوع، ولم تدل الأوراق المودعة فى الاضبارة أنها اتخذت مسلكا يستشف منه أنها كانت تبحث الطلب ومن ثم كان على المدعى أن يقيم دعواه فى ميعاد غايته 20/ 12/ 1958 أى خلال شهرين من تاريخ انتهاء الشهر الذى قدم فيه الطلب اعمالا لنص المادتين 19، 23 من القانون رقم 57 لسنة 1950، وبذلك يكون رفع الدعوى فى 2/ 2/ 1959 بعد الميعاد القانونى، ولا عبرة بالتبليغ الصريح بالرفض الا اذا تم قبل نهاية المدة المقررة للرفض الحكمى أو فى الحالة التى ترسل الادارة فيها لصاحب الشأن ما يدل على أنها تبحث طلبه.
ومن حيث أنه ولئن كانت هيئة مفوضى الدولة قد اقتصرت على الطعن فى الحكم فيما قضى به موضوعا من رفض الدعوى الا أنه يتعين بادئ ذى بدء البحث فيما اذا كانت هذه الدعوى قد رفعت فى الميعاد القانونى أم لا، وقد أثير الدفع فى هذا الشأن أمام المحكمة، وأصرت عليه الجهة الادارية.
ومن حيث أن الفصل فى هذا الدفع أنما يرجع فيه الى أحكام القانون النافذ وقت صدور القرار المطعون فيه، وهو القانون الذى رفعت الدعوى فى ظله.
ومن حيث ان المادة 122 من الدستور الصادر فى 5 من أيلول سنة 1950 حددت فى الفقرة (هـ) ولاية المحكمة العليا وجعلت من بين ما تختص بنظره وتبت فيه بصورة مبرمة "طلب ابطال الاعمال والقرارات الادارية والمراسيم المخالفة للدستور أو للقانون أو للمراسيم التنظيمية، اذا تقدم بالشكوى منها من يتضرر فيها"، كما نصت هذه المادة ايضا على أن "يعين القانون اصول النظر والبت فى الامور السابقة"، وبهذا أطلق الدستور ولاية الالغاء لتلك المحكمة بالنسبة للاعمال والقرارات الادارية كافة دون تفرقة بين نوع وآخر من تلك الاعمال أو القرارات، وأجرى عليها جميعا أحكاما واحدة. ولما صدر القانون رقم 57 لسنة 1950 بالتطبيق للتفويض المنصوص عليه فى الدستور بتحديد صلاحيات وملاك المحكمة العليا والاجراءات التى تتبع فى التقاضى أمامها، نص فى المادة 23 منه على أنه: (1) يجب أن تقام دعوى الابطال فى ميعاد شهر من اليوم الذى يفترض فيه أن المستدعى قد عرف قانونا بالقرار أو بالمرسوم المطعون فيه، أما بطريقة النشر وأما بطريقة التبليغ بأية طريقة أخرى تحت طائلة الرد. (2) يبدأ هذا الميعاد فى حق القرارات الضمنية منذ انتهاء الشهر المنصوص عليه فى الفقرة الرابعة من المادة 19 (3)... الخ."
ومن حيث أنه يبين مما تقدم أن الدستور سوى فى المنازعات التى تقام أمام المحكمة العليا بين الاعمال والقرارات جميعا دون تفرقة بين نوع وآخر منها، ولم يخصص نوعا بذاته بميعاد يختلف فيه عن النوع الآخر، بل اعتبرها جميعا سواسية فى هذا الشأن، فكان لزاما أن ترفع الدعوى فى الميعاد الواجب رفعها فيه طبقا للاحكام السالف ايرادها.
ومن حيث أنه قد بان للمحكمة من الاوراق أن المدعى قدم فى 10 من نيسان (أبريل) سنة 1958 طلبا بضم مدة خدمته فى مصلحة الاعاشة الى مدة خدمته الفعلية فأعيد اليه ليقدمه عن طريق المصلحة التى كان ينتمى اليها، فقدمه اليها، وهذه احالته الى وزارة الخزانة فى 20 من تشرين الاول 1958 فكان المفروض، وقد سكتت تلك الجهة مدة شهر من تاريخ تسلمها العريضة، أن يعتبر هذا السكوت بمثابة قرار ضمنى بالرفض يجوز للمتضرر الطعن فيه بالتطبيق للفقرة الرابعة من المادة 19 من القانون رقم 57 لسنة 1950 سالفة الذكر، ويبدأ ميعاد الطعن فى هذا القرار من انتهاء الشهر، وذلك بالتطبيق للفقرة 2 من المادة 23 من هذا القانون، فينتهى الميعاد والحالة هذه فى 19 من كانون الاول 1958، ولما كان المدعى لم يرفع دعواه الا فى 2 من شباط 1959 فانه يكون قد رفعها بعد الميعاد. ولا يغير من ذلك أن تكون جهة الادارة قد أعلنته برفض صريح يؤكد الرفض الضمنى المستفاد من سكوتها مدة الشهر السالف الذكر، وهو الذى يجب احتساب الميعاد بعد انقضائه بالتطبيق للنصوص السالف ايرادها. كما لا وجه لما ذهب اليه الحكم المطعون فيه من تفرقة بين المنازعات الخاصة بالمعاشات (ان حالا أو مالا) وبين طلبات الالغاء الاخرى وتخصيص ميعاد الطعن بالالغاء بالنوع الثانى دون الاول، لانه وان كان لمثل هذه التفرقة محل طبقا لاحكام قانون مجلس الدولة رقم 165 لسنة 1955 التى رددها القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة، الا أن هذه التفرقة لا وجود لها طبقا للمادة 122 من الدستور السورى الصادر فى سنة 1950، ولا للقانون رقم 57 لسنة 1950، بل كانت أحكامهما تسوى بين جميع الاعمال والقرارات الادارية بغير تخصيص حسبما سلف البيان. تلك الاحكام التى يجب النزول عليها فى خصوصية هذه الدعوى ما دام القرار المطعون فيه قد صدر فى ظلها، ورفعت الدعوى بعد انقضاء ميعاد الطعن فيه فأصبح حصينا من الالغاء، فلا مندوحة والحالة هذه من الحكم بعدم قبول الدعوى، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه اذ قضى برفض الدفع وفصل فى موضوع الدعوى قد اخطأ فى تطبيق القانون وتأويله، ويتعين الغاؤه والحكم بعدم قبول الدعوى، مع الزام المدعى بالمصروفات.

فلهذه الاسباب:

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبالغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعى بمصروفاتها.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 27 مشاهدة
نشرت فى 22 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,118,881

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »