القانون رقم 68 لسنة 1953 الخاص بالرى والصرف ولا يمنع الادارة من اعادة بحث موضوع قرار سبق أن اصدرته بالمخالفة لاحكامه
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة الخامسة - العدد الثانى (من اول فبراير سنة 1960 الى آخر مايو سنة 1960) - صـ 995
(101)
جلسة 21 من مايو سنة 1960
برياسة السيد/ السيد على السيد رئيس المجلس وعضوية السادة السيد ابراهيم الديوانى وعلى بغدادى ومصطفى كامل اسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.
القضية رقم 901 لسنة 4 القضائية:
( أ ) رى - قرار ادارى - القانون رقم 68 لسنة 1953 الخاص بالرى والصرف - تنظيمه للحالات التى يجوز فيها للادارة أن تقرر ارتفاقات على أرض الغير - سلطة مفتش الرى فى الفصل بقرار فى هذا الخصوص مقيدة بشرطين جوهريين - اولهما: اعلان الادارة كل ذوى الشأن بترتيبها لهذه الارتفاقات - ثانيهما: استحالة أو تعذر رى أو صرف أرض طالب الارتفاق بطريقة كافية- وجوب تعويض صاحب الأرض التى تقرر عليها هذه الحقوق تعويضا عادلا- تخلف أى يمن هذين الشرطين يبطل القرار- أساس ذلك- مثال.
(ب) رى - قرار ادارى - القانون رقم 68 لسنة 1953 الخاص بالرى والصرف - ولا يمنع الادارة من اعادة بحث موضوع قرار سبق أن اصدرته بالمخالفة لاحكامه - ضرورة مراعاتها فى القرار الجديد استيفاء اجراءات القانون المذكور واللوائح القائمة - أساس ذلك.
1 - يتضح من المواد 16 و18 و19 من القانون رقم 68 لسنة 1953 الخاص بالرى والصرف أنها تنظم الحالات التى يستحيل أو يتعذر فيها على صاحب الأرض ريها ريا كافيا أو صرفها صرفا كافيا الا عن طريق انشاء مسقاة أو مصرف فى أرض ليست ملكه، وانه وان كان القانون قد أعطى لمفتش الرى سلطات واسعة تخول له الفصل بقرار فى هذا الخصوص، الا ان هذا القرار لا يترتب عليه أثره القانونى الا اذا ثبت ان مفتش الرى قد التزم عند اصداره القواعد التى حددها القانون للفصل فى هذه المنازعة واعمل الشروط والاجراءات التى رسمها فى هذا الخصوص، ذلك أن ترتيب هذه الارتفاقات على أرض الغير قد ينقص من فائدتها ويعطل من منفعتها، اذ أنها تضع عقارا فى خدمة عقار آخر وهو أمر بالغ الخطورة، فاشترط على جهة الادارة ان تحيط كل ذى شأن بها حتى يبدى ما لديه من اقوال، ويهيئ دفاعه ويبصر جهة الادارة بوجهة نظره كاملة وافية، قبل أن تقرر هذه الارتفاقات على أرضه، كما اشترط القانون ألا يلجأ الى هذا الاجراء الخطير الا اذا كان طالب الارتفاق قد استحال أو تعذر عليه الرى أو الصرف ريا أو صرفا كافيا، وفى مقابل تعويض عادل يدفع لصاحب الارض التى تقرر عليها هذه الحقوق. وقرار مفتش الرى يلزم لصحته ان يلتزم الضوابط التى حددها القانون، والتى حتم مراعاتها عند الفصل فى هذه المنازعات سواء من ناحية الاجراءات أو من ناحية الاسباب التى يجب ان يقوم عليها القرار، فاذا كان واقع الامر أن مالك الأرض التى استمر بها المسقى، وهو صاحب الشأن فى النزاع لم يعلن بموعد المعاينة، وهذا الاعلان اجراء جوهرى قرره القانون كضمان اساسى حتى لا يفاجأ أصحاب الحقوق على الارض بانتزاع هذه الارض جبرا عنهم أو تحميلها بحقوق عينية مرهقة، فان قرار مفتش الرى بتقرير انشاء مسقاة فى أرضه يكون قرارا باطلا لقيامه على اجراءات باطلة، لاغفاله اجراء جوهريا شرطه القانون. هذا فضلا عن صدوره فى غير الحالة الوحيدة التى أجازت فيها المادة 16 من القانون رقم 68 لسنة 1953 تحميل أرض الغير بارتفاقات من هذا القبيل، اذ أن أرض المدعى مقررة الرى بطريق مستقاة منذ عام 1935. ومن ثم فان قرار وزير الاشغال المطعون فيه والصادر فى 13 من نوفمبر سنة 1954 بالغاء هذا القرار على هذا الأساس يكون قرارا صحيحا، بالتطبيق للمادة 19 من القانون.
2 - أن عدم قيام القرار الصادر فى 2 من أغسطس سنة 1954 بتقرير رى للمدعى على سبب يبرر اصداره لا يمنع تفتيش الرى المختص من اعادة بحث الموضوع بعد استيفاء الاجراءات القانونية التى نص عليها القانون رقم 68 لسنة 1953، واتخاذ قرار فى ذلك، بعد وزن مناسبات اصداره فى ضوء الابحاث الفنية، وعلى هدى القوانين واللوائح القائمة، بصرف النظر عما جاء فى أسباب الحكم المطعون فيه من وجود طريق رى آخر، لان هذه مسألة فنية يكون متروكا للادارة الحرية فى تقديرها عند اصدار قرارها الجديد فى ضوء القانون رقم 68 لسنة 1953.
اجراءات الطعن
فى 28 من اغسطس سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة طعنا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى (الهيئة الأولى) بجلسة أول يوليه سنة 1958، فى الدعوى رقم 746 لسنة 9 ق، المرفوعة من جرجس عبد المسيح جرجس، ضد وزارة الأشغال وتفتيش رى قسم أول، القاضى "بقبول الأستاذ محمد عبد الكريم خصما ثالثا فى الدعوى منضما للحكومة، وفى الموضوع برفضها والزام المدعى بالمصروفات"، وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للاسباب التى استند اليها فى عريضة الطعن الحكم "بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بالغاء القرار المطعون فيه الغاء مجردا مع الزام المدعى بالمصروفات" وقد أعلن الطعن للحكومة فى 19 و20 من اكتوبر سنة 1958، وللمدعى فى 20 من اكتوبر سنة 1958، وعين لنظره جلسة 12 من مارس سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات، وأرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الاوراق، تتحصل فى أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الادارى فى 23 من ديسمبر سنة 1954، أقام المدعى الدعوى رقم 746 لسنة 9 القضائية ضد وزارة الاشغال وتفتيش رى قسم أول، طالبا الحكم "أولا: بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من وزير الأشغال العمومية فى 13 من نوفمبر سنة 1954 بالغاء القرار الصادر من تفتيش رى قسم أول بالزقازيق بمنح المدعى تصريحا بانشاء المسقى المبينة بصدر هذه العريضة مع الزام المدعى عليهما بالمصروفات والاتعاب. وثانيا: وفى الموضوع بقبول الطعن شكلا وبالغاء قرار وزير الاشغال الصادر فى 13 من نوفمبر سنة 1954 بالغاء القرار الصادر من تفتيش رى قسم اول الزقازيق فى 2 من اغسطس سنة 1954، مع الزام المدعى عليهما بالمصروفات والاتعاب". وقال فى بيان ذلك أنه يمتلك اطيانا زراعية كائنة بزمام ناحية البكارشة مركز الحسينية شرقية، وكان مقررا لرى هذه الاطيان مسقى آخذة من فتحة خليج عبد الحق الآخذة من ترعة الغزالى السفلى، وتمر فى أطيان مصلحة الاملاك حتى تصل الى أطيان المدعى، وقد أجرت مصلحة الاملاك الاطيان التى على المسقى وكان المستأجرون يأخذون مياة المسقى بأكملها، وبذلك لم تصل المياه الى أرض المدعى، ولاستحالة رى أرض المدعى بهذه الطريقة حفر المدعى مسقى من عند الكيلو 22.300 من ترعة الغزالى السفلى وغرم عدة مرات، واخيرا صرح له فى 26 من ديسمبر سنة 1950، ولكن تفتيش رى أول هدم فتح هذه المسقى بالقوة فى 25 من فبراير سنة 1951، فرفع المدعى الدعوى رقم 34 لسنة 1952 كلى الزقازيق، بعد أن أثبت الحالة فى الدعوى المستعجلة رقم 80 لسنة 1951، ولكن قضى فى هذه الدعوى بعدم الاختصاص على اساس انها تمس قرارا اداريا، وبعد أن صدر القانون رقم 68 لسنة 1953 بادر المدعى بتقديم طلب فى 28 من يونيه سنة 1953 الى تفتيش رى الزقازيق طبقا للمادة 16 من القانون المذكور يطلب فيه انشاء مسقى عند الكيلو 22.300 من ترعة الغزالى السفلى برابر، ولما كانت هذه المسقى ستمر فى أرض الأستاذ محمد عبد الكريم باليوم المحدد للمعاينة، فحضر جميع الاطراف عدا مدير المصلحة، وأخيرا قرر الباشمهندس انشاء مسقى تأخذ مياهها من ترعة الغزالى السفلى عند الكيلو 22.265 تصل هذه الترعة بأرض المدعى. وفى 2 من أغسطس سنة 1954 صدر قرار بانشاء المسقى فى أرض مصلحة الاملاك بطول 1.757 كيلو بعد قيام الطالب بدفع مبلغ 235 جنيها قيمة ثمن الأرض، وتنفيذا لاعمال.. الخ، وقد طلب المدعى ان يدفع ثمن الارض فقط على ان يقوم بحفر المسقى، ووافق السيد الوزير على ذلك، وسدد فعلا مبلغ 72 ج فى 6 من نوفمبر سنة 1954 وذلك بعد أن أتم حفر المسقى بأكملها، وبدأ المدعى فعلا فى رى أطيانه، وقد فوجئ المدعى بأمر من مأمور مركز الحسينية يفيد أن الوزير ألغى القرار بالقرار الصادر فى 14 من نوفمبر سنة 1954، وقام العمدة بسد مترين من طول المسقى، ومنعوا المدعى من الانتفاع بها، وقد علم المدعى أن سبب الغاء القرار يرجع الى ان السيد/ عبد الجواد احمد شفيق شقيق الدكتور عبد العزيز أحمد كان سيستبدل الاطيان التى تمر بها المسقى، وتظلم من القرار الصادر للمدعى، وبحث المدعى عن ملكية الارض التى تمر بها المسقى فوجد أنها مملوكة لمصلحة الأملاك، طالبا الغاء قرار وزير الاشغال الصادر فى 13 من نوفمبر سنة 1954، الذى ألغى القرار الصادر للمدعى فى 2 من اغسطس سنة 1954، وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ هذا القرار نظرا لما فى تنفيذه من ضرر جسيم يلحق بالمدعى لا يمكن تداركه لتلف الزراعة التى بدأت وحرمانه من مياة الشرب، وقد ردت الوزارة على الدعوى بمذكرة قالت فيها ما محصله أنه فى 10 من مارس سنة 1952 تصرف مصلحة الاملاك فى أراضيها التى تمر بها المسقى الى الاستاذ عبد الجواد أحمد بطريق الاستبدال، وكان ذلك قبل أن يصدر مفتش الرى قراره بانشاء المسقى فى 2 من أغسطس سنة 1954 وفى 17 من اكتوبر سنة 1954 تظلم السيد عبد الجواد أحمد من قيام المدعى بانشاء مسقى بأرضه التى اشتراها من مصلحة الاملاك، وطلب الى السيد وزير الأشغال الغاء القرار الصادر بانشاء المسقى، فأمر السيد الوزير بتحقيق هذه الشكوى، فتبين أن المدعى قام خلسة بإنشاء الفتحة وحفر المسقى قبل دفع ثمن الارض وتكاليف الانشاء، وبدون اخذ الموافقات الهندسية أو التصريح له بذلك، مخالفا نص القرار الصادر لصالحه، وهو تصرف غير قانونى، وفى 25 من اكتوبر سنة 1954 أخطرت مصلحة الأملاك تفتيش الرى بأن المسقى موضوع النزاع تمر بأرض سبق استبدالها لكل من السيد/ عبد الكريم، والسيد/ عبد الجواد، وانها سلمت للاخير أرضه بموجب محضر تسليم رسمى مؤرخ 10 من مارس سنة 1952، كما أن مأخذ المسقاة التى فتحها المدعى يقع فى الارض التى استبدلها السيد/ عبد الجواد، وباعادة بحث الموضوع تبين أن المدعى أدلى ببيانات غير صحيحة أثناء المعاينة التى تمت فى 27 من يونية سنة 1954 وأغفل الإشارة الى أن هذه الارض يملكها السيد/ عبد الجواد أحمد وأن مصلحة الاملاك ليست طرفا فى النزاع لتصرفها فى هذه الارض، وبناء على ذلك أرسل التفتيش الى السيد وزير الأشغال تقريرا ضمنه هذه الوقائع وطلب الغاء القرار الصادر من تفتيش الرى فى 2 من أغسطس سنة 1954 بالتصريح للمدعى بفتح المسقى فألغاه السيد الوزير بقراره الصادر فى 13 من نوفمبر سنة 1954، لانه صدر ضد مصلحة الأملاك التى لا شأن لها لسابق تصرفها فى الارض، ولأن المالك الحقيقى للأرض لم يعلن لحضور المعاينة، ولما أعلن المدعى بالقرار الصادر من السيد الوزير قدم لهندسة رى أبو كبير خطابا مرفقا به قسيمة رقم 123773 مؤرخة 6 من نوفمبر سنة 1954 تدل على قيامه بدفع مبلغ 72 جنيها كجزء من التعويض المستحق عن الارض التى تقتطعها المسقاة، ولكن هذا المبلغ رد إليه نظرا لالغاء قرار التفتيش، وبعد أن شرحت الوزارة فى مذكرتها الاحكام الواردة بالقانون رقم 68 لسنة 1953 الخاص بالرى والصرف، المتعلقة بانشاء المسقى، وانتهت الى أن شرط صحة القرار الصادر من مفتش الرى فى 2 من أغسطس سنة 1954 أن يصدر فى المنازعة التى تقدم بها الشاكى، وبعد استيفائها لاوضاعها التى حددها القانون، ومن بينها اتمام الاعلان والاخطار بهذه الشكوى لكل ذى شأن، ويدخل فيهم الحائز الفعلى للعقار وقت التحقيق وقبله وهو السيد/ عبد الجواد أحمد، ولما كان الثابت أن هذه الاوضاع قد أغفلت ووجه الاعلان الى مصلحة الاملاك دون المالك الحقيقى، فمن ثم يكون القرار قد جاء معيبا بعيب مخالفة القانون لصدوره فى منازعة أغفلت أوضاعها القانونية، ويكون قرار السيد الوزير بالغائه قد صدر صحيحا مطابقا للقانون، اذ أن المادة 19 من قانون الرى والصرف نصت على أن لكل ذى شأن أن يتظلم من قرار تفتيش الرى الى وزير الاشغال خلال خمسة عشر يوما من تاريخ اعلانه بالقرار، أى ان القانون منح السيد وزير الأشغال بصفته ولاية التعقيب على قرارات تفتيش الرى، وقد بادر السيد/ عبد الجواد احمد الى التظلم الى السيد الوزير من القرار الصادر من تفتيش الرى فى 2 من اغسطس سنة 1954، فقرر الوزير الغاء ذلك القرار استنادا الى السلطة التى خولها فى المادة 19 من القانون المشار اليه، كما تعرضت مذكرة الحكومة للرد على ما جاء بأقوال المدعى من اساءة استعمال السلطة، فقالت ما محصله أن عيب اساءة استعمال السلطة يجب أن يشوب الغاية ذاتها، بأن تكون الادارة قد تنكبت وجه المصلحة العامة التى يجب أن يتغياها القرار، وأصدرته بباعث لا يمت لتلك المصلحة، والثابت مما سلف ايضاحه أن قرار السيد الوزير قد استهدف الغاء قرار غير مشروع وهو قرار تفتيش الرى الصادر فى 2 من أغسطس سنة 1954، اذ بنى ذلك القرار على تحقيق فى منازعة لم تستوف أوضاعها القانونية. أما القول بأن قرار السيد الوزير ما كان ليصدر لو لم يكن الدكتور عبد العزيز احمد (وكيل الوزارة) شقيقا للسيد/ عبد الجواد أحمد، فهو استخلاص غير سائغ، وغير منطقى، لأن رابطة القرابة بذاتها لا يمكن أن تحول بين الادارة وبين تصحيح الأوضاع المعيبة، وخلصت الحكومة من ذلك كله الى طلب رفض الدعوى. وبجلسة 27 من مارس سنة 1955 حكمت المحكمة برفض طلب وقف التنفيذ. وبجلسة 11 من مارس سنة 1958 طلب الاستاذ محمد عبد الكريم دخوله خصما فى الدعوى منضما لوزارة الاشغال، وبجلسة أول يولية سنة 1958 حكمت المحكمة "بقبول الاستاذ محمد عبد الكريم خصما ثالثا فى الدعوى منضما للحكومة، وفى الموضوع برفضها وألزمت المدعى بالمصروفات"، وأقامت المحكمة قضاءها على أنه "قد استبان لها من الاطلاع على الاوراق ان المدعى اشترى 21 س، 12 ط، 89 ف بحوض البرارى وصان بزمام ناحية البكارشة مركز الحسينية مديرية الشرقية فى سنة 1947 مقرره الرى منذ سنة 1935 من ترعة الغزالى السفلى بواسطة مسقاة تأخذ من هذه الترعة وطولها حوالى كيلو مترين، مارة بأرض واسعة لمصلحة الاملاك الاميرية تقع بين الترعة وأطيان المدعى، وعرفت هذه المسقاة باسم "خليج عبد الحق"، ولكن المدعى لم ير فى هذا الخليج الكفاية لرى أطيانه، لان بعض الاهالى قاموا فى السنوات السابقة على شرائه بوضع يدهم على أرض مصلحة الاملاك بطول هذا الخليج على الجانبين واستعملوه فى رى اراضيهم واقاموا عليه عدة سواقى، فشاركوا بذلك المدعى فى مقدار المياه المخصصة لارضه من الفتحة التى تغذى الخليج المذكور، فأنشأ المدعى مسقاة أخرى عبر أرض مصلحة الأملاك التى تفصله عن ترعة الغزالى السفلى مارة بالقطعتين 15، 16 دون اذن منها، وحاول أكثر من مرة تركيب فتحة لها من الترعة المذكورة، بدون تصريح، فكانت الهندسة تزيلها، وفى كل مرة تحرر له محضر مخالفة طبقا للائحة الترع والجسور، فحرر له ثلاثة محاضر مخالفات فى 28 من سبتمبر سنة 1949 و20 من أغسطس سنة 1950 و26 من اكتوبر سنة 1950، وحكم فى كل منها بالغرامة ومصاريف الازالة، فاضطر المدعى ان يلجأ الى مصلحة الاملاك لتبيعه بعض أرضها ليكون له الحق فى الفتحة، ولكن المصلحة رفضت طلبه، وأجابته بكتابها المؤرخ 9 من يونيه سنة 1950 بأن يلجأ بشكواه الى تفتيش الرى الذى يختص بموضوع شكواه، فلجأ المدعى ثانية لتفتيش الرى عارضا رد مصلحة الاملاك عليه فلم ير التفتيش مانعا من التصريح له بالفتحة المطلوبة تحت شرط موافقة مصلحة الاملاك على مرور المسقاة الجديدة بأرضها، وكتب لها التفتيش بذلك فى 19 من فبراير سنة 1951 ولكن المدعى تسرع وقام بتركيب الفتحة الجديدة عند كيلو 22.300 ولكن التفتيش أمر بازالتها فورا لتركيبها قبل وصول رد مصلحة الاملاك وقد ظهر صواب هذا الاجراء عندما كتبت مصلحة الاملاك فى 2 من ابريل سنة 1951 لتفتيش الرى برأيها فى الموضوع، وحاصله أن أرض المدعى تروى من زمن بعيد من المسقى أ ب ج (أى من خليج عبد الحق) كما هو واضح من الخريطة المودعة بالملف، وكانت الارض على جانبى هذه المسقى بورا، ثم استصلحت وزرعت وانتفعت بالرى منها، فقلت المياه فى نهايتها وأصبحت غير كافية لرى أرضه مما جعله يتقدم للمصلحة بطلب التصريح له بإنشاء المسقى أ ب ج أى خليج عبد الحق، وانتهت المصلحة فى كتابها الى أنها لا ترى ما يبرر الموافقة على هذا الطلب، لان للمدعى طريق رى حالى هو الخليج المذكور، وإذا كان قد أصبح غير كاف لرى أرضه فيمكنه تعديله أو تهذيبه أو توسيع الفتحة طبقا للائحة الترع والجسور، وعندئذ بادر المدعى برفع دعوى اثبات الحالة رقم 80 لسنة 1951 الزقازيق... وثبت فى محضر أعمال الخبير أن مهندس مصلحة الأملاك بالزقازيق قال: "أن المدعى طلب شراء جزء من القطعة 15 و16 لاستعمالها كخليج لمرور المياه من ترعة الغزالى الى أطيانه الواقعة بالجهة الغربية البحرية من أملاك الحكومة. وبحث هذا الطلب، ولم توافق المصلحة على بيع هذا الجزء المذكور، حيث أنه يوجد طريق رى لاطيانه المذكورة قديم جدا من قبل فك الزمام، حيث أن المسقاة مبينة على خرائط المساحة الحاصلة سنة 1907 ولا داعى لعمل طريق رى آخر خصوصا وان طريق ريه القديم يمر بأملاك الحكومة بهذه الجهة المجاورة لاطيانه، كما أن املاك الحكومة بالوحدة المخصصة لاستبدال العقارى بموجب قرار وزارى وان المسقاة التى شرع فى انشائها بأملاك الحكومة اتخذت نحوها اجراءات ادارية لازالتها لعدم موافقة المصلحة عليها "وفى 31 من ديسمبر سنة 1951 رفع المدعى الدعوى رقم 34 لسنة 1952 كلى الزقازيق ضد وزارة الاشغال ومصلحة الاملاك. فحكم فيها بعدم الاختصاص بالنسبة للطلب الاول ورفض الدعوى بالنسبة لباقى الطلبات، ومع ذلك استمر المدعى فى تقديم طلبات وعرائض وتظلمات كلها خاصة بتقرير طريق رى جديد لارضه، ولم يطلب مرة واحدة معالجة الطريق الاصلى المقرر على النحو الذى يجعله صالحا لرى أرضه الى أن صدر القانون رقم 68 لسنة 1953، فتقدم المدعى بطلب فى 16 من ديسمبر سنة 1953 لايجاد طريق رى جديد أيضا لأطيانه بعرض ارض مصلحة الاملاك، وفى 27 من ديسمبر سنة 1953 كتب مهندس مركز ابو كبير برأيه فى هذا الطلب الاخير يفيد ان الزمام المنتفع من خليج عبد الحق وقدره 159 فدانا، فى حين أن قطر فتحته 25 سم وأن منافع الخليج تكفى لتوسيعه وتطهيره لكى يكفى جميع الزمام، ولكنه اقترح حسبما للنزاع الموافقة على تقرير طريق جديد لرى اطيان المدعى، ولما أرسل هذا الكتاب لمفتش عام الوجه البحرى اعادة فى يناير سنة 1954 مستعلما عما إذا كان قد سبق للمدعى أن اشتكى فى وقت ما من أن المياه حجزت عنه من خليج عبد الحق وهل أصدر التفتيش القرار اللازم بازالة التعدى وتمكينه من استعمال حقه، ولكن التفتيش مع ذلك ساير المدعى فى طلبه على أساس المادة 16 من القانون رقم 68 لسنة 1953، وقام باشمهندس رى الشرقية بتحديد يوم 27 من يونية سنة 1954 لاجراء المعاينة فى موضع الاطيان، وأخطر المدعى والاستاذ محمد عبد الكريم المالك المجاور له، كما اخطر مصلحة الأملاك باعتبارها مالكه الارض التى سيمر بها طريق الرى الجديد، ولكن احدا لم يحضر عن المصلحة فى ذلك اليوم، وكتبت تطالب بالتأجيل وتحديد ميعاد آخر ولكن باشمهندس الرى لم ير داعيا لاجابتها الى طلبها، وكتبت فى 27 من يولية سنة 1954 لمفتش الرى برأيه بعد فحص الموضوع من أنه لا مانع من التصريح للمدعى بفتحة جديدة.. على أن يقوم بدفع الثمن الأرض التى ستمر بها المسقى ومساحتها 8 س، 8 ط، 3 ف لمصلحة الاملاك وأن يقوم بالحفر على حسابه، وبذلك تحسم الشكوى، وختم خطابه بقوله: "هذا، وأرجو الاحاطة بأنه لم يسبق للمدعى أن تقدم بالشكوى فى الوقت المناسب بأن المياه حجزت عنه من خليج عبد الحق، وفى أغسطس سنة 1954، أصدر مفتش الرى قرارا على أساس هذه الابحاث بانشاء مسقة تمر بالقطعة رقم 15 من أراضى مصلحة الأملاك المخصصة للاستبدال العقارى على زعم أنها ما زالت لها فى حين انه تم استبدالها فعلا للسيد عبد الجواد احمد، الذى تسلمها بمحضر تسليم منذ 10 من مارس سنة 1952 ومع ذلك لم يكتف المدعى بصدور هذا القرار، ولم ير فيه ما يرضى أطماعه فبادر فى 14 من اغسطس سنة 1954 بتقديم طلب جديد لباشمهندس الرى طالبا اصدار ملحق بهذا القرار بنزع ملكية 16 س، 15 ط فى مكان الفتحة الصادر بها القرار لوضع الآلة اللازمة لرى الارض بالتطبيق للمادة 16 من القانون. ثم بدأ المدعى بتركيب الفتحة وحفر المسقى الجديدة فى 16 من اكتوبر سنة 1954، وما ان علم السيد عبد الجواد احمد بذلك حتى بادر بارسال برقية لمفتش الرى فى 18 من اكتوبر سنة 1954 يخطره ان المسقى موضوع القرار واقعة فى أرض مملوكة له من مارس سنة 1952 بطريق الاستبدال، مع انه توجد مسقى قديمة قبل ان يشتريها وواضح فى هذه البرقية أن تنفيذ المسقى يضر بأرضه أبلغ الضرر، ذلك أن وواجهتها 48 مترا فقط، وطولها 1757 مترا، ثم تقدم فى اليوم نفسه بمظلمة مفصلة لوزير الاشغال الذى أرسلها لتفتيش الرى لابداء المعلومات، وفى 25 من اكتوبر سنة 1954 كتب مفتش املاك الشرقية الى مفتش الرى يخطره بأن المسقى الجديدة تمر بالوحدة 15 البالغ مساحتها 65 فدانا، وقد تم استبدالها للسيد/ محمد عبد الكريم، وسلمت اليه بموجب محضر تسليم فى 30 من اغسطس سنة 1951 وتمر ايضا بالوحدة 15 ك ومساحتها 51 ف، 6 س، 23 ط، التى تم استبدالها للسيد عبد الجواد أحمد وسلمت اليه بموجب محضر تسليم فى 10 مارس سنة 1952 وعندئذ اعاد مفتش الرى فحص الموضوع على اساس الحقائق التى كشف عنها تحقيق تظلم السيد/ عبد الجواد احمد وكتاب مفتش املاك الشرقية، وكتب مذكرة فى 12 من نوفمبر سنة 1954 انتهى فيها الى طلب الغاء القرار الصادر فى 5 من أغسطس سنة 1954 مستندا فى ذلك الى أن القرار صدر ضد مصلحة الاملاك، وهى ليست طرفا فى النزاع ولا شأن لها به، فضلا عن أن السيد/ عبد الجواد أحمد مالك الارض الارتفاق الجديد لم يعلن بالمعاينة، وبالتالى لم يعلن بالقرار المذكور.. وقد وافق الوزير فى 13 من نوفمبر سنة 1954 على ما انتهى اليه رأى المفتش، وقرر الغاء قرار 2 من اغسطس سنة 1954 لأسباب المذكورة"، وبعد أن أورد الحكم نصوص المواد 16 و18 و19 من القانون رقم 67 لسنة 1953 الخاص بالرى والصرف - قال: انه يتضح من هذه النصوص انها تنظم الحالات التى يستحيل أو يتعذر فيها مسقاة أو مصرف فى أرض ليست ملكه، وانه وان كان القانون قد أعطى لمفتش الرى سلطات واسعة تخول له الفصل بقرار فى هذا الخصوص، الا أن هذا القرار لا يترتب عليه أثره القانونى الا اذا ثبت أن مفتش الرى قد التزم عند اصداره القواعد التى حددها القانون للفصل فى هذه المنازعة وأعمل الشروط والاجراءات التى رسمها فى هذا الخصوص، ذلك أن ترتيب هذه الارتفاقات على أرض الغير قد ينقص من فائدتها ويعطل من منفعتها، اذ أنها تضع عقارا فى خدمة عقار آخر وهو امر بالغ الخطورة، فاشترط على جهة الادارة أن تحيط كل ذى شأن بها حتى يبدى ما لديه من اقوال، ويهيئ دفاعه ويبصر جهة الادارة بوجهة نظره كاملة وافية، قبل أن تقرر هذه الارتفاقات على ارضه، كما اشترط القانون الا يلجأ الى هذا الاجراء الخطير الا اذا كان طالب الارتفاق قد استحال أو تعذر عليه الرى أو الصرف ريا أو صرفا كافيا، وفى مقابل تعويض عادل يدفع لصاحب الارض التى يتقرر عليها هذه الحقوق، وقرار مفتش الرى يلزم لصحته ان يلتزم الضوابط التى حددها القانون، والتى ختم مراعاتها عند الفصل فى هذه المنازعات سواء من ناحية الاجراءات أو من ناحية الاسباب التى يجب أن يقوم عليها القرار"، وبعد أن أبان الحكم أن السيد/ عبد الجواد أحمد - وهو مالك الارض التى ستمر بها المسقى وصاحب الشأن فى النزاع - لم يعلن بموعد المعاينة، وهذا الاعلان اجراء جوهرى قرره القانون كضمان أساسى حتى لا يفاجأ أصحاب الحقوق على الارض بانتزاع هذه الأرض جبرا عنهم او تحميلها بحقوق عينية مرهقة، انتهى الى أن "قرار مفتش الرى بتقرير انشاء مسقاة فى أرض السيد/ عبد الجواد أحمد هو قرار باطل لقيامه على اجراءات باطلة، لاغفاله اجراء جوهريا شرطه القانون، ومن ثم فان قرار وزير الاشغال المطعون فيه، والصادر فى 13 من نوفمبر سنة 1954 بالغائه هذا القرار على هذا الاساس يكون قرارا صحيحا بالتطبيق للمادة 19 من القانون...." ثم انتقل الحكم بعد ذلك الى أنه "من ناحية أخرى فانه لا يبطل القرار الذى استصدره المدعى أنه صدر فى غيبة المالك صاحب الصفة فى الحضور فحسب، بل يبطله أيضا أنه قام على أساس غير صحيح لان الثابت مما سلف شرحه أن أرض المدعى مقررة الرى بطريق خليج عبد الحق منذ سنة 1935، وأنه اشتراها سنة 1947 بهذا الوضع، ومنذ شرائها وهو يحاول بالحاح الحصول على طريق آخر فى أرض الغير، وقد وقفت مصلحة الاملاك ومفتش الرى ضد المدعى منذ بدأ فى طرقه غير المشروعة، وكان التفتيش يزيل كل فتحة يجريها ويحرر له فى كل مرة مخالفة تنتهى بالحكم فيها بادانته، وهو فى كل ذلك، لم يحاول أن يلجأ للطريق المشروع بأن يطالب التفتيش بتوفير مياه الرى حتى خليج عبد الحق ويعاونها فى إزالة الموانع التى تحول دون كفاية الرى من طريقه، قاصدا الفتحة التى تغذى هذا الخليج ويشير عليه بتوسيعه وتطهيره بالشكل الذى يحقق الغرض منه كاملا، ولكن التفتيش بعد أن كان واقفا للمدعى بالحق فى أول الامر بينه وبين الافادة من محاولاته غير المشروعة، عاد وساير المدعى واجابه الى طلبه بتقرير انشاء مسقاة جديدة فى ارض الغير دون بحث ما اذا كان الطريق الأصيل لرى أطيانه يصلح لريها ريا كافيا من عدمه، وهو الامر الذى أثار ملاحظة مفتش عام رى الوجه البحرى، وأعاد الطلب الى المفتش فى يناير سنة 1954 لتحقيقه والتأكد منه قبل تحميل ارض الغير بارتفاقات قد لا تدعو الحاجة اليها، تمشيا مع حكم المادة 16 من القانون الذى أجاز ذلك فى حالة وحيدة، وهى التى يستحيل أو يتعذر فيها على طالب الارتفاق رى أرضه ريا كافيا الا عن طريق ذلك الغير، ولكن التفتيش لم يعن ببحث الأمر، وقام باشمهندس الرى باتخاذ الاجراءات الباطلة على التفصيل السابق شرحه، انتهت باصدار قرار 2 من اغسطس سنة 1954 الذى ألغاه الوزير، وتأسيسا على ذلك يكون صدور هذا القرار مخالفا للقانون لصدوره فيغير الحالة التى اشترطها القانون على وجه التحديد مما كان يجيز للوزير الغاءه على هذا الاساس بالاضافة الى السبب الذى اكتفى بالاستناد اليه وهو اغفال اجراء جوهرى شرطه القانون بعدم اعلان مالك الارض التى ستتحمل بهذا الارتفاق". ثم رد الحكم على ما زعمه المدعى من أن قرار وزير الأشغال قد صدر مشوبا بعيب اساءة استعمال السلطة، لان السيد/ عبد الجواد احمد شقيق الدكتور عبد العزيز أحمد المستشار الفنى للوزارة، فقال: أن "وزير الأشغال اصدر القرار فى حدود اختصاصه، مستهدفا الغاء قرار غير مشروع.. ولا يسوغ اقتحام علاقة القربى فى هذا المجال، لان هذه العلاقة لا يمكن ان تحول بين الادارة وبين تصحيح الاوضاع المعينة متى قامت لديها الأسباب المشروعة التى تسوغ الغاءها.."
ومن حيث أن الطعن يقوم على ان المحكمة لم تقف عند حد الاساس الذى بنى عليه وزير الاشغال قراره المطعون فيه، وهو بطلان الاجراءات لعدم اعلان ذوى الشأن، وانما تصدت المحكمة لمناقشة الاسس الفنية والموضوعية للمنازعة فى شأن أرض المدعى وضرورة انشاء مسقى لها باعتبارها محرومة من الرى، وخلصت فى هذا الشأن الى القول بأن المادة 16 من القانون اجازت انشاء مسقى فى أرض الغير فى حالة وحيدة، هى التى يستحيل أو يتعذر فيها على طالب الارتفاق رى أرضه ريا كافيا، الا عن طريق ذلك الغير، ونفت المحكمة تحقق هذه الحالة، وبذلك انتهت الى القول بأن قرار 2 من أغسطس سنة 1954 الذى الغاه الوزير قد صدر مخالفا للقانون لصدوره فى غير الحالة التى اشترطها القانون على وجه التحديد، مما كان يجيز للوزير الغاءه على هذا الاساس بالاضافة الى السبب الذى اكتفى بالاستناد اليه، وهو اغفال اجراء جوهرى شرطه القانون بعدم اعلان مالك الأرض التى ستتحمل بهذا الارتفاق" وبذلك تكون المحكمة قد أقحمت نفسها فى دائرة غير الدائرة المرسومة لرقابتها القانونية فنصبت نفسها حكما فنيا لتقرير ما اذا كانت أرض المدعى محرومة من الرى وتحتاج الى مسقى أو انها غير محرومة ولا تحتاج الى مسقى تمر بأرض الغير وبذلك تكون قد خرجت عن نطاق اختصاصها، ونسبت الى قرار الوزير بالغاء قرار التفتيش سببا قانونيا لم يقم عليه القرار، ولم يعرض له اطلاقا، فسدت بذلك بابا امام المدعى لم يسد امامه بقرار الوزير المطعون فيه، ذلك أن الالغاء لعيب شكلى لا يحول دون اعادة تقديم طلب جديد تتخذ فيه الاجراءات المعتادة، بينما المحكمة اذ انتهت الى أن طلب المسقى لم يكن فى موضعه قانونا، لانتفاء الحالة المنصوص عليها فى المادة 16 من القانون رقم 68 لسنة 1953، تكون قد أغلقت فى وجه المدعى كل باب فى سبيل مناقشة هذه المسألة التى لم تكن محلا لاعتراض الوزير عندما ألغى قرار التفتيش بالتصريح للمدعى فى اقامة المسقى.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه قد اصاب الحق فى قضائه للسبب الاول الذى أقام عليه قضاءه، وفى هذا السبب وحده ما يكفى لرفض دعوى المدعى، وأما ما اشار اليه الحكم بعد ذلك من عدم قيام القرار الصادر فى 2 من أغسطس سنة 1954 بتقرير رى للمدعى على سبب يبرر اصداره - وهو ما انصب عليه الطعن - فان هذا لا يمنع تفتيش الرى المختص من اعادة بحث الموضوع بعد استيفاء الاجراءات القانونية التى نص عليها القانون رقم 68 لسنة 1953، واتخاذ قرار فى ذلك بعد وزن مناسبات اصداره فى ضوء الابحاث الفنية، وعلى هدى القوانين واللوائح القائمة، بصرف النظر عما جاء فى أسباب الحكم المطعون فيه من وجود طريق رى آخر، لأن هذه مسألة فنية، يكون متروكا للادارة الحرية فى تقديرها عند اصدار قرارها الجديد فى ضوء القانون رقم 68 لسنة 1953.
ومن حيث أنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى اليه من رفض الدعوى، ويكون الطعن والحالة هذه فى غير محله حقيقا بالرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا.
ساحة النقاش