قرار ادارى يتضمن قاعدة تنظيمية - نفاذه من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 677
(84)
جلسة 11 من يونية سنة 1966
برئاسة السيد الأستاذ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز وحسنين رفعت وعزت عبد المحسن وعبد الستار آدم المستشارين.
القضية رقم 1083 لسنة 8 القضائية
( أ ) - نقد - القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على النقد المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1950 - حظره على غير المقيمين ووكلائهم التعامل بالنقد المصرى أو استيراد أوراق النقد المصرى أو الأجنبى الا بالشروط والأوضاع التى تعين بقرار من الوزير المختص.
(ب) - نقد - حظر استيراد أوراق النقد المصرى أو الأجنبى الا بالشروط والأوضاع التى تعين بقرار من الوزير المختص - القانون رقم 80 لسنة 1947 - القرارات الوزارية المنظمة لهذا الموضوع تفاوت الأمر فيما بين الحظر المطلق والاباحة المطلقة.
(جـ) نقد - القرار الوزارى رقم 316 لسنة 1958 ببيان الشروط والأوضاع الخاصة باستيراد أوراق النقد الأجنبى أو المصرى - ما ورد فيه من أحكام تتعلق بتنظيم أداء قيمة الصادرات عن طريق المصارف المرخص لها - عدم اشتماله على أية أحكام خاصة بتحديد أوجه استعمال النقد.
(د) - نقد - قرار ادارى تنظيمى - اللجنة العليا للنقد - تعرضها لحالتين فرديتين بطلب استعمال البنكنوت المصرى الوارد من الخارج لحساب غير مقيمين فى شراء عقارات - قرار اللجنة بأنها لا تميل الى الموافقة على هذين الطلبين - لا يعتبر قرار اللجنة قاعدة تنظيمية ملزمة للأفراد.
(هـ) - قرار ادارى يتضمن قاعدة تنظيمية - نفاذه من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية.
1 - يؤخذ من نصوص المواد 1/ فقرة 3 و2/ فقرة أولى. والمادة 9 من القانون رقم 80 لسنة 1947 أن القانون قد حظر على غير المقيمين ووكلائهم التعامل بالنقد المصرى كما حظر استيراد أوراق النقد المصرى أو الأجنبى الا بالشروط والأوضاع التى تعين بقرار من الوزير المختص ونص على عقوبة رادعة لمن يخالف هذه الأحكام أو يحاول أو يشرع فى مخالفتها.
2 - أن القرار رقم 51 لسنة 1947 الصادر من وزير المالية بالشروط والأوضاع الخاصة بتنفيذ القانون رقم 80 لسنة 1947 لم يكن يجيز لأى مسافر قادم الى مصر أو خارج منها أن يحمل عند دخول الأراضى المصرية أو الخروج منها أى مبلغ يزيد على عشرين جنيها مصريا من أوراق النقد الا بترخيص خاص وذلك وفقا لنص المادة السادسة منه ثم استبدل بهذا النص نص آخر بمقتضى القرار رقم 316 لسنة 1958 تضمن انه (يجوز للسائحين الأجانب ولغير المقيمين القادمين الى اقليم مصر أن يحمل كل منهم دون ترخيص - نقدا مصريا بالغاء قيمته ما بلغت) وظلت اباحة حمل الأوراق النقد المصرى لغير المقيمين القادمين الى مصر سارية الى أن عمل بالقرار رقم 1943 لسنة 1961 الذى الغاها وقلبها حظرا مطلقا.
3 - ان القرار الوزارى رقم 316 لسنة 1958 الصادر ببيان الشروط والأوضاع الخاصة بتنفيذ القانون رقم 80 لسنة 1947 الذى وان كان قد أجاز لغير المقيمين القادمين الى مصر أن يحملو معهم أية مبالغ من النقد المصرى الا أنه لم يتضمن بيان الأوجه التى يجوز لهم استعمالها فيها كما أنه فى الوقت ذاته لم يتضمن أى حكم من شأنه اطلاق حريتهم فى استعمال تلك المبالغ فى أى غرض من الأغراض ولئن كان القرار المذكور قد أدخل تعديلا على المادة 11 من القرار رقم 51 لسنة 1947 المشار اليه باضافة فقرة اليها تنص على انه (يجوز أداء كل أو بعض قيمة الصادرات المصرية بأوراق البنكنوت المصرى طبقا للتعليمات الصادرة من الادارة العامة للنقد فى هذا الصدد يجب فى هذه الحالة أن يتم استيراد أوراق النقد المصرى عن طريق المصاريف المرخص لها) الا أن هذا النص قد اقتصر على تنظيم أداء قيمة الصادرات بأوراق البنكنوت المصرى المستورد عن طريق المصارف المرخص لها ولم يتضمن لا هو ولا غيره من نصوص القرار المذكور تحديد الأوجه التى يجوز فيها استعمال أوراق النقد المصرى التى يحملها غير المقيمين معهم عند دخولهم البلاد.
4 - بالرجوع الى محضر جلسة اللجنة العليا فى 28 من فبراير سنة 1959 يبين أنه لم يكن معروضا عليها أمر العدول عن قرارها الذى أصدرته بجلستها المنعقدة فى 29 من سبتمبر لسنة 1958 بالموافقة على امكان استعمال البنكنوت المصرى الوارد من الخارج لحساب غير المقيمين فى شراء عقارات بل ان الذى كان معروضا عليها هو البت فى طلبين أحدهما مقدم من لبنانية غير مقيمة لاستخدام رصيد حسابها المجمد لدى أحد البنوك فى شراء عقار بمصر والآخر مقدم من ثلاثة أشخاص لاستخدام أرصدة حساباتهم المجمدة لدى ذات البنك فى شراء عقار على أن يتم سداد باقى ثمنه بنكنوت مصرى يرد من لبنان وقد انتهت اللجنة فى شأنهما الى أنها لا تميل للموافقة عليها معللة ما انتهت اليه على الوجه السابق بيانه - ويبين من صيغة هذا القرار والملابسات التى أحاطت صدوره أنه قرار فردى صدر فى شأن طلبين معينين وان كانت العلة التى استندت اليها اللجنة تتسم بالعمومية وبناء على ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق اذ انتهى فى أسبابه الى أن عبارة (لا تميل اللجنة) لا تعتبر قاعدة تنظيمية ملزمة للجنة أو الأفراد.
5 - من المسلم انه ولئن كان النشر ليس لازما لصحة القرارات الادارية التنظيمية أو اللائحية الا أنها لا تنفذ فى حق الأفراد الا اذا عملوا بها عن طريق نشرها على وجه من شأنه أن يكون كافيا لافتراض علمهم اليقينى بأحكامها وغنى عن البيان أنه اذا كان القرار الادارى اللائحى ذا طابع تشريعى فانه لا ينفذ فى حق الأفراد الا من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية ذلك أصل دستورى مقرر.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل فى أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى فى 16 من أبريل سنة 1960 أقامت السيدة فاطمة عمر مرجان والآنسة فائقة صالح ملائكة الدعوى رقم 963 لسنة 14 القضائية ضد السيد وزير الاقتصاد طالبتين الحكم بالغاء القرار الصادر من ادارة النقد فيما تضمنه من عدم الموافقة على تسجيل عقد البيع الموضح بهذه الصحيفة مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها تسجيله مع الزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقالتا شرحا لدعويهما أنهما مقيمتان بالقاهرة ومن رعايا المملكة السعودية وقد رأتا ضمانا لتنظيم موردهما واستغلالا لأموالهما شراء عقار تكون فى غلته كفالة المعيشة المطمئنة لهما بهذا القطر نظرا الى أن نجل أولاهما وشقيق ثانيتهما موظف بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية ومن أجل ذلك تعاقدتا فى 20 من أكتوبر سنة 1959 على شراء العمارة رقم 347 بشارع الأهرام نظير ثمن قدره تسعة آلاف جنيه وسبق تنفيذا هذا العقد احضار الثمن من المملكة السعودية عن طريق وكيلها الرسمى وهو نجل الأولى وشقيق الثانية وذلك ثابت من شهادة الاقرار الرسمى الجمركية الثابت بها دخول الوكيل ومعه أحد عشر ألفا من الجنيهات فى 18 من أكتوبر سنة 1959 وفى 20 من أكتوبر سنة 1960 نفذ العقد وبعد استيفاء الاجراءات اللازمة للشهر طلبت مصلحة الشهر العقارى الحصول على اذن الموافقة من مراقبة النقد حتى يتسنى لها التسجيل ونقل الملكية فتقدمت المدعيتان الى مراقبة النقد عن طريق بنك مصر بطلب الموافقة على البيع الصادر لهما ولكن الادارة رفضت دون ابداء الأسباب فتقدم وكيلهما الى وزير الاقتصاد التنفيذى متظلما من قرار ادارة النقد ومضى على التظلم أكثر من شهر دون أن تتلقيا أى رد عليه مما يحق لهما معه رفع دعوى لالغاء القرار المذكور الذى صدر مشوبا باساءة استعمال السلطة فضلا عن مخالفة القانون.
وأجابت الوزارة على الدعوى بمذكرة قالت فيها أن القرار الوزارى رقم 316 لسنة 1958 قد عدل بعض أحكام القرار الوزارى رقم 51 لسنة 1947 بالشروط والأوضاع الخاصة بتنفيذ القانون رقم 80 لسنة 1947 والذى أجاز السماح للسياح وغير المقيمين بالدخول الى البلاد بأية كمية من أوراق النقد المصرى وقد قضى القرار المذكور بألا يستخدم هذا البنكنوت الا فى تغطية نفقات أقامتهم فى مصر وتأسيسا على ذلك فان تعليمات ادارة النقد تقضى بعدم السماح بسداد قيمة عقار مشترى لحساب غير المقيمين بواسطة أوراق البنكنوت المصرى الوارد من الخارج انما تجيز سداد قيمة شراء عقار لحساب غير مقيم بتحويل من الخارج عن طريق مصرفى - وهناك اتفاق بين ادارة النقد وبين مصلحة الشهر العقارى والتوثيق مقتضاه الا توافق هذه المصلحة على توثيق أى عقد يقدم اليها ويكون أحد طرفيه أجنبيا غير مقيم أو حاصلا على اقامة تقل عن خمس سنوات متتالية الا بعد موافقة مراقبة النقد وتطبيقا للأحكام المتقدمة رفض الطلب المقدم من السيد جميل صالح ملائكة بصفته وكيلا عن شقيقته ووالدته السعودية الجنسية الى الادارة العامة للنقد فى 22 من أكتوبر سنة 1959 للموافقة على شراء عقار كائن بمصر لحساب موكلتيه غير المقيمتين بمبلغ 9000 جنيه وأن يتم سداد الثمن بأوراق بنكنوت مصرى واردة معه عند قدومه للبلاد وهو قرار سليم ومطابق للقانون وانتهت الوزارة الى طلب الحكم برفض الدعوى مع الزام المدعيتين بالمصاريف والأتعاب.
وعقبت المدعيتان على مذكرة الوزارة بمذكرة قالتا فيها أن المادة 6 من القرار رقم 316 لسنة 1958 تنص على أن يصرح للأجنبى غير المقيم بأن يحمل معه نقدا مصريا بالغة قيمته ما بلغت - وهكذا سمح النص بأن يرد على كمية النقد المذكورة أى تصرف دون قيد أو شرط فالقول بوجود اتفاق بين مصلحة الشهر العقارى وادارة النقد يتضمن قيدا على حرية التعامل لا يرتكز على أساس وأضافتا أنه يؤيد وجهة نظرهما نص المادة 48 من القرار رقم 893 لسنة 1960 وقالتا أن الثابت بالاقرار الجمركى لوكيلهما أنه أحضر المبلغ خصيصا لشراء عقار وأن الادارة الجمركية وهى ادارة حكومية قد قبلت وصرحت بدخول المبلغ لهذا الغرض وأشارتا الى أن الادارة قد وافقت للأمير الصباح ولغيره فمن العسف الامتناع عن الموافقة لهما وذكرتا أن العقد قد تم وأنه لا يجوز للادارة أن تسئ الى غير المقيمين وتعرض مصالحهم للأخطار.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا برأيها انتهت فيه الى أنها ترى الحكم برفض الدعوى مع الزام المدعيتين بالمصروفات وذلك تأسيسا على أن اللجنة العليا للنقد أشارت بجلستها المنعقدة فى 28 من فبراير سنة 1959 بشأن موضوع سداد قيمة شراء عقارات لحساب غير مقيمين خصما من حسابات مجمدة ومقابل أوراق بنكنوت واردة من الخارج الى أنها لا تميل الى الموافقة على هذا الموضوع حتى لا يتوسع فى تمليك العقارات لغير المقيمين ولا سيما وأن أرصدة الحسابات المجمدة يمكن استعمالها فى الاستثمار فى أوجه أكثر فائدة للاقتصاد القومى كما أن البنكنوت المصرى الوارد من الخارج يمكن أن يستعمل فى تسوية قيمة صادرات فى حدود التعليمات الجارى العمل بها بما يؤدى الى تشجيع التصدير وأن القرار المطعون فيه قد صدر استنادا الى قرار اللجنة العليا للنقد سالف الذكر والذى اسند بدوره الى القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد والقرارات الوزارية الصادرة تنفيذا له كما أن البنكنوت المستورد لم يسبق للادارة الموافقة على ايداعه فى حساب غير مقيم لأنه لم يرد قبل صدور قرار اللجنة فى 28 من فبراير سنة 1959 وأنه لذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر مبرأ من عيوب عدم المشروعية.
وبجلسة 27 من فبراير سنة 1962 قضت محكمة القضاء الادارى بالغاء القرار المطعون فيه وأقامت قضاءها على أن القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد والقوانين المعدلة له والقرارات الوزارية الصادرة تنفيذا له قد صرحت للسائحين والأجانب والمصريين بالدخول ومعهم أية مبالغ مهما بلغت قيمتها من أوراق النقد المصرى ولم تفرض أى حظر على طريقة استغلال هذا النقد المصرى الوارد من الخارج الا فى الحالة المنصوص عليها فى المادة 11 المعدلة بالقرار 316 لسنة 1958 وهى حالة استغلال هذا النقد المستورد فى دفع قيمة الصادرات فاشترطت أن تكون أوراق النقد المصرى فى هذه الحالة قد تم استيرادها عن طريق المصارف المرخص لها ولذلك فان ما ذهبت اليه ادارة النقد من اشتراط هذا الشرط فى حالة رغبة الأجنبى فى سداد ثمن العقارات التى يشتريها فى البلاد هو اشتراط لا أساس له من القانون ولا من القرارات المنفذة له ولا صحة فيما تثيره ادارة النقد من الزعم بأن اللجنة العليا للنقد قد اشترطت عدم استعمال أوراق النقد المصرى الوارد من الخارج فى سداد قيمة شراء عقارات لحساب غير مقيم بل الصحيح هو أن اللجنة المذكورة وافقت بجلستها المنعقدة فى 29 من سبتمبر سنة 1958 على التصريح للأمير عبد الله الجابر الصباح بسداد ثمن عقار اشتراه فى مصر من مبالغ أحضرها معه من الخارج بالنقد المصرى وذكرت المحكمة أن عبارة (لا تميل اللجنة) لا تعتبر قاعدة تنظيمية ملزمة للجنة أو الأفراد وأن الأصل هو الاباحة والحظر هو الاستثناء والاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع فيه فاذا كان الحظر الوارد فى نص المادة 11 من القرار الوزارى رقم 316 لسنة 1958 معقودا على عدم استعمال أوراق النقد المصرى الوارد من الخارج مع الأجنبى أو غير المقيم لسداد قيمة صادرات الا اذا كان هذا النقد واردا عن طريق أحد المصارف المعتمدة فانه لا يسوغ أن يمتد هذا الحظر الى الحالة التى يستخدم فيها الأجنبى أو غير المقيم مثل هذه الأوراق من النقد المصرى فى سداد ثمن شراء عقارات واذ ذهبت ادارة النقد الى رفض طلب المدعيتين سداد ثمن العمارة التى اشتريناها من أوراق النقد المصرى التى دخلت البلاد مع وكيلهما بالطريق القانونى مستندة الى القياس على الحظر الوارد فى المادة 11 سالفة الذكر وأصدرت قرارها المطعون فيه على هذا الأساس فانها تكون قد خالفت القانون والقرارات الصادرة تنفيذا له.
ومن حيث ان الطعن يقوم على أن الحكم قد أخطأ فى تطبيق القانون لأن اللجنة العليا للنقد قررت بجلستها المنعقدة فى 28 من فبراير سنة 1959 أنها لا تميل الى الموافقة على استخدام البنكنوت المصرى الوارد بصحبة غير المقيمين فى شراء عقار ذلك حتى لا يتوسع فى تمليك العقارات لغير المقيمين وأنه يمكن استخدام هذه المبالغ فى تسديد قيمة صادرات الأمر الذى يؤدى الى تشجيع التصدير وقد وافق وزير الاقتصاد على هذا الرأى فى 13 من مارس سنة 1959 وبذلك أصبح رأى اللجنة قرار وزاريا ملزما يتعين تطبيقه كما يعتبر تعديلا للقرار الوزارى رقم 316 لسنة 1958 فيما تضمنه من اضافة قيد استخدام أوراق البنكنوت الواردة بصحبة أجنبى غير مقيم فى شراء عقارات فى مصر واعتبارا من تاريخ صدور هذا القرار تعتبر أحكامه قواعد تنظيمية تجرى على مقتضاها الادارة العامة للنقد فيكون قول الحكم المطعون فيه أنه لا توجد قاعدة تنظيمية ملزمة فى هذا الشأن غير صحيح بعد هذا التعديل الذى طرأ على القرار رقم 316 لسنة 1958 أما ما جاء بالحكم من أن اللجنة العليا وافقت بجلستها المنعقدة فى 9 من نوفمبر سنة 1959 على استخدام البنكنوت المصرى الواردة بصحبة الأمير عبد الله الجابر الصباح لسداد ثمن عقارات اشتراها فى مصر فسببه أن اللجنة سبق أن وافقت للأمير المذكور بتاريخ 19 من نوفمبر سنة 1958 على ايداع مبلغ 147800 جنيه قيمة أوراق بنكنوت وردت صحبته فى حساب كويتى غير مقيم بنكنوت يستخدم فى بعض الأغراض من ضمنها الاستثمار فى مصر وتمت هذه الموافقة قبل قرار حظر استخدام البنكنوت الصادر فى 28 من نوفمبر سنة 1959 وقد التزمت اللجنة فى جلسة 9 من نوفمبر سنة 1959 بتنفيذ موافقتها السابقة الحاصلة فى 19 من نوفمبر سنة 1958 ولا تعتبر هذه الموافقة بمثابة قرار يسرى على الجميع لأنها جاءت تنفيذا لالتزام سابق على قرار الحظر ولأن الأمير كان قد ارتبط فعلا بشراء العقارات بموجب هذه الموافقة فى حين أن المطعون ضدهما قد أحضرتا المبالغ فى 18 من أكتوبر سنة 1959 كما هو ثابت على الاقرار الجمركى رقم 5493 لسنة 1959 أى بعد قرار حظر استخدام البنكنوت الوارد بصحبة غير المقيمين فى شراء عقارات فيكون قرار ادارة النقد المطعون فيه مطابقا للقانون.
ومن حيث ان هيئة مفوضى الدولة قد تقدمت بتقرير برأيها انتهت فيه الى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى والزام الطاعنة المصروفات وذلك تأسيسا على أن اللجنة العليا للنقد هى هيئة ادارية شكلت للاشراف على تنفيذ أحكام القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على النقد ومن ثم فان القرارات التى تتخذها فيما يعرض عليها من مسائل متعلقة بعمليات النقد تكون واجبة النفاذ بشرط الا تتعارض مع أحكام القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على النقد والقوانين المعدلة له فقرار هذه اللجنة الصادر فى 28 من فبراير سنة 1959 بعدم الموافقة على استعمال البنكنوت المصرى الوارد من الخارج فى سداد قيمة شراء عقارات انما يجد أساسه فى نص المادة الثانية من القانون رقم 80 لسنة 1947 التى حظرت استيراد أوراق النقد المصرى على اختلاف أنواعها كأصل عام وأن أجازت الاستيراد وفقا للأوضاع التى يعينها وزير المالية بقرار منه - واذا كان قرار وزير الاقتصاد رقم 316 لسنة 1958 قد أجاز لغير المقيمين أن يحمل كل منهم نقدا مصريا بالغا ما بلغت قيمته الا أنه لم يحدد الأغراض التى يجوز فيها استعمال هذا النقد ومن ثم يبقى للادارة وللجنة العليا للنقد باعتبارها السلطة العليا المختصة فى هذا الشأن أن تحدد أوجه هذا الاستعمال ما دام أن القوانين المنظمة للنقد والقرارات التنفيذية لها لم تمنح لغير المقيمين حقا مطلقا فى استعمال النقد المصرى الذى يدخلونه الى مصر - وقد صدر القرار المطعون فيه - استنادا الى قرار اللجنة العليا للنقد سالف الذكر وهو قرار تنظيمى صدر من سلطة أعلى فيكون سليما ومطابقا للقانون.
ومن حيث ان وزارة الاقتصاد قد تقدمت بمذكرة بدفاعها صممت فيها على طلباتها الواردة بتقرير الطعن وبعد أن أشارت الى أحكام القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد والقرارات الصادرة تنفيذا له ذكرت أن وجه الخطأ فيما انتهى اليه الحكم المطعون فيه يرجع أساسا الى عدم تبين المحكمة لوجهة النظر القانونية السليمة فى شأن طبيعة الاجراءات والتدابير والتصرفات التى تتخذها السلطات القائمة على شئون النقد وعدم مراعاتها الاعتبارات التى تحكم ما تصدره هذه السلطات من قرارات فما كان يجوز للمحكمة أن تتصدى لمناقشة تقدير جهة الادارة وتلتفت عما لها من سلطة مطلقة لا يرد عليها أى قيد واذا كانت المادة السادسة من القرار الوزارى رقم 51 لسنة 1947 معدلة بالقرار الوزارى رقم 316 لسنة 1958 قبل تعديلاتها اللاحقة قد أجازت للسائحين الأجانب وغير المقيمين القادمين الى مصر أن يحمل كل منهم دون ترخيص نقدا مصريا بالغا قيمته ما بلغت فان ذلك كان استثناء من حكم المادة الثانية من القانون رقم 80 لسنة 1947 الذى يحظر استيراد أو تصدير أوراق النقد المصرى على اختلاف أنواعها الا بالشروط والأوضاع التى يعنيها وزير المالية بقرار منه وقد زال هذا الاستثناء بالتعديل الذى أورده قرار وزير الاقتصاد رقم 1493/ 1961 الذى عاد الى الاصل العام فحظر على القادمين الى الجمهورية العربية المتحدة أو المسافرين منها أن يحملوا معهم أوراق نقد أو بنكنوت مصرى والاستثناء لا يتوسع فيه وقد كان مقصورا على الترخيص للسائحين الأجانب وغير المقيمين القادمين الى مصر فى حمل نقد مصرى ولا يمكن أن ينصرف الى تعامل هؤلاء بالنقد الوارد فى صحبتهم من الخارج اذ أن هذا التعامل يحكمه نص الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون التى تحظر على المقيمين التعامل بالنقد المصرى الا بالشروط والأوضاع التى تعين بقرار من وزير المالية وعن طريق المصارف المرخص لها فى ذلك واذا كان القرار رقم 316 لسنة 1958 قد أجاز لغير المقيم أن يحمل نقدا مصريا بالغاء ما بلغت قيمته الا أنه لم يحدد الأغراض التى يجوز فيها استعمال هذا النقد ومن ثم يبقى الأصل العام وهو الحظر ويكون للادارة وللجنة العليا للنقد باعتبارها السلطة العليا المختصة فى هذا الشأن أن تحدد أوجه هذا الاستعمال ويستفاد من قرارات تلك اللجنة بجلستها المنعقدة فى 28 من فبراير سنة 1959 أنها رأت كمبدأ عام أنه لا يجوز أن يسمح لغير المقيمين أن يملكوا عقارات على مدى واسع لكى لا يتوسع فى تمليك العقارات لغير المقيمين واعتماد وزير الاقتصاد لهذا القرار فى 13 من مارس سنة 1959 لا يترك مجالا للمجادلة فى اسباغ وصف القاعدة التنظيمية العامة على القرار ولا تثريب على الادارة العامة للنقد اذا هى جرت على هذه القاعدة منذ تقريرها مستهدفة الصالح العام ورددت الوزارة ما تضمنه تقرير الطعن فى شأن ما أثير بصدد موافقة اللجنة بجلستها المنعقدة فى 9 من نوفمبر سنة 1959 على استخدام الأمير عبد الله الجابر الصباح أوراق البنكنوت المصرى الواردة صحبته فى سداد ثمن عقار مشترى فى مصر وانتهت الوزارة الى القول بأن القرار الطعين قد صدر مبرأ من عيب عدم المشروعية مستهدفا الصالح العام وأنه لذلك يكون طلب الغائه غير مستند الى أساس سليم من القانون متعينا رفضه ثم فى 8 من يونيه سنة 1966 أودعت الوزارة حافظة حوت مستخرجا من محضر اجتماع اللجنة العليا للنقد بجلستها المنعقدة فى 29 من سبتمبر سنة 1958.
ومن حيث أنه يبين من الرجوع الى الأوراق انه فى 18 من أكتوبر سنة 1959 قدم الى مصر السيد جميل صالح ملائكة حاملا معه 11900 جنيه من أوراق النقد المصرى حسبما هو ثابت من اقراره الجمركى وأثبت الموظف المختص على هذا الاقرار ما يفيد تحققه من هذا المبلغ وتسليمه الى المقر وبمقتضى (عقد بيع ابتدائى) مؤرخ فى 20 من أكتوبر سنة 1959 اشترى السيد/ جميل صالح ملائكة بصفته وكيلا عن المدعيتين وهما والدته السيدة/ فاطمة عمر مرجان وشقيقته الآنسة فائقة صالح ملائكة وجميعهم سعوديو الجنسية عمارة بشارع الأهرام بمبلغ تسعة آلاف جنيه ولما تقدم الى مصلحة الشهر العقارى لشهر هذا العقد طلبت منه تقديم ما يدل على موافقة الادارة العامة للنقد على اتمام هذه الصفقة فتقدم فى 22 من أكتوبر سنة 1959 بطلب الى تلك الادارة للحصول على موافقتها على أداء ثمن العقار المذكور من المبلغ الوارد معه ولكن هذا الطلب رفض فتظلم من قرار الرفض ولما لم يتلق ردا على تظلمه أقامت المدعيتان دعوييهما طالبتين الغاء القرار المذكور فيما تضمنه من عدم الموافقة على تسجيل عقد البيع المشار اليه - والمستفاد مما تضمنه الكتاب المرسل فى 20 من يناير سنة 1960 من الادارة العامة للنقد الى مدير مكتب السيد وزير الاقتصاد فى شأن تظلم وكيل المدعيتين أن رفض طلبه سالف الذكر كان بناء على ما قررته اللجنة العليا للنقد بجلستها المنعقدة فى 28 من فبراير سنة 1959 من أنها لا تميل للموافقة على استعمال البنكنوت المصرى الوارد من الخارج من سداد قيمة شراء عقارات لحساب غير مقيمين.
ومن حيث ان القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على النقد ينص على الفقرتين الثانية والثالثة من المادة الأولى منه المعدلة بالقانون رقم 157 لسنة 1950 على أن (يحظر على غير المقيمين فى المملكة المصرية أو وكلائهم التعامل بالنقد المصرى أو تحويل أو بيع القراطيس المالية المصرية الا بالشروط والأوضاع التى تعين بقرار من وزير المالية وعن طريق المصارف المرخص لها فى ذلك ولا يجوز بأية حال استعمال العملة المفرج عنها لغير الغرض المعين لها) وينص فى الفقرة الأولى من المادة الثانية منه المعدلة بذات القانون على أن (يحظر استيراد أو تصدير أوراق النقد المصرى أو الأجنبى على اختلاف أنواعها وكذلك القراطيس المالية والكوبونات وغير ذلك من القيم المنقولة أيا كانت العملة المقدمة بها الا بالشروط والأوضاع التى يعينها وزير المالية بقرار منه) - كما ينص فى المادة التاسعة منه المعدلة أيضا بذات القانون على أن (كل من خالف أحكام المواد الأولى والثانية والثالثة أو شرع فى مخالفتها أو حاول ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة تعادل ضعف المبالغ التى رفعت الدعوى الجنائية بسببها على ألا تقل عن مائة جنيه أو باحدى هاتين العقوبتين.... وفى جميع الأحوال تضبط المبالغ محل الدعوى ويحكم بمصادرتها لجانب الخزانة العامة فان لم تضبط يحكم على الجانى عدا العقوبات السابقة بغرامة اضافية تعادل قيمة هذه المبالغ ولا يجوز رفع الدعوى بالنسبة الى الجرائم المتقدم ذكرها أو اتخاذ اجراء فيها الا بناء على اذن من وزير المالية والاقتصاد أو ممن يندبه لذلك وفى حالة عدم الاذن يجوز للوزير أو لمندوبه مصادرة المبالغ موضوع المخالفة (1).
ويؤخذ من نصوص (المواد 1/ فقرة 3 و2/ فقرة أولى. والمادة 9 من القانون رقم 80 لسنة 1947). أن القانون قد حظر على غير المقيمين ووكلائهم التعامل بالنقد المصرى كما حظر استيراد أوراق النقد المصرى أو الأجنبى الا بالشروط والأوضاع التى تعين بقرار من الوزير المختص ونص على عقوبة رادعة لمن يخالف هذه الأحكام أو يحاول أو يشرع فى مخالفتها.
وقد جاء فى المذكرة الايضاحية للقانون رقم 157 لسنة 1950 فى شأن ما تضمنه من اضافة فقرة ثانية الى المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 انه (قد ظهر أن غير المقيمين فى مصر ووكلائهم يتعاملون بالنقد المصرى والقراطيس المالية بطرق عدة تنتهى بطريقة غير مباشرة الى ضياع كثير من النقد الأجنبى من حق الدولة أن تحصل عليه ولمنع هؤلاء الأشخاص من التعامل على هذا الوجه أضيفت فقرة جديدة الى المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 والمقصود بعبارة غير المقيمين الواردة فى هذه المادة الأشخاص المقيمون فى الخارج أو المقيمون فى مصر اقامة غير قانونية أو اقامة مؤقتة.
ومن حيث انه وفقا لأحكام المادتين الأولى والثانية من القانون لم يكن يجوز للمدعيتين باعتبارهما من غير المقيمين بالمعنى سالف الذكر أو لوكيلهما استيراد أوراق النقد المصرى أو التعامل بهذا النقد الا بالشروط والأوضاع التى تعين بقرار من الوزير المختص.
ومن حيث أن القرار رقم 51 لسنة 1947 الصادر من وزير المالية بالشروط والأوضاع الخاصة بتنفيذ القانون رقم 80 لسنة 1947 لم يكن يجيز لأى مسافر قادم الى مصر أو خارج منها أن يحمل عند دخول الأراضى المصرية أو الخروج منها أى مبلغ يزيد على عشرين جنيها مصريا من أوراق النقد الا بترخيص خاص وذلك وفقا لنص المادة السادسة منه ثم استبدل بهذا النص نص آخر بمقتضى القرار رقم 316 لسنة 1958 تضمن انه (يجوز للسائحين الأجانب ولغير المقيمين القادمين الى اقليم مصر أن يحمل كل منهم دون ترخيص - نقدا مصريا بالغا قيمته ما بلغت) وظلت اباحة حمل أوراق النقد المصرى لغير المقيمين القادمين الى مصر سارية الى أن عمل بالقرار رقم 1493 لسنة 1961 الذى ألغاها وقلبها حظرا مطلقا. ولقد كان قدوم وكيل المدعيتين الى مصر حاملا معه مبلغا من أوراق النقد المصرى فى ظل القرار الوزارى رقم 316 لسنة 1958 الصادر ببيان الشروط والأوضاع الخاصة بتنفيذ القانون رقم 80 لسنة 1947 الذى وان كان قد أجاز لغير المقيمين القادمين الى مصر أن يحملوا معهم أية مبالغ من النقد المصرى الا أنه لم يتضمن بيان الأوجه التى يجوز لهم استعمالها فيها كما أنه فى الوقت ذاته لم يتضمن أى حكم من شأنه اطلاق حريتهم فى استعمال تلك المبالغ فى أى غرض من الأغراض ولئن كان القرار المذكور قد أدخل تعديلا على المادة 11 من القرار رقم 51 لسنة 1947 المشار اليه باضافة فقرة اليها تنص على انه (يجوز أداء كل أو بعض قيمة الصادرات المصرية بأوراق البنكنوت المصرى طبقا للتعليمات الصادرة من الادارة العامة للنقد فى هذا الصدد يجب فى هذه الحالة أن يتم استيراد أوراق النقد المصرى عن طريق المصارف المرخص لها) الا أن هذا النص قد اقتصر على تنظيم أداء قيمة الصادرات بأوراق البنكنوت المصرى المستوردة عن طريق المصارف المرخص لها ولم يتضمن لا هو ولا غيره من نصوص القرار المذكور تحديد الأوجه التى يجوز فيها استعمال أوراق النقد المصرى التى يحملها غير المقيمين معهم عند دخولهم البلاد.
ومن حيث ان المستفاد من الأوراق ومن أسباب الطعن وما أبدته الوزارة الطاعنة من دفاع أن قرار الادارة العامة للنقد برفض التصريح للمدعيتين باستعمال أوراق النقد المصرى فى شراء عقار قد صدر استنادا الى قرار أصدرته اللجنة العليا للنقد واعتمده السيد وزير الاقتصاد وتأسيسا على أن هذا قد تضمن قاعدة تنظيمية ملزمة للادارة وللأفراد.
ومن حيث أن اللجنة المذكورة قد شكلت تنفيذا للمادة الثامنة من القانون رقم 80 لسنة 1947 التى تنص على أن (لوزير المالية أن يعين بقرار منه هيئة رقابة تقوم على تنفيذ أحكام هذا القانون بالشروط والأوضاع التى يقررها) - وتضمن قرار وزير المالية رقم 49 لسنة 1947 الصادر بتشكيلها النص فى مادته الثالثة على أن تقوم اللجنة على تنفيذ أحكام القانون المشار اليه فى المادة الأولى وبصفة خاصة... (جـ) وضع القواعد اللازمة لضمان سير الأعمال فيما يتعلق بالنقد الأجنبى واصدار التعليمات المتضمنة لهذه القواعد (د) بحث ما يقدم لها من مسائل سواء من وزارة المالية أو مراقب عمليات النقد كما نص فى مادته الرابعة على أن (يتولى مراقب عمليات النقد تنفيذ قرارات اللجنة ويعرض علينا ما يحتاج منها الى موافقتنا..) وقد عدل تشكيل هذه اللجنة بالقرار رقم 13 لسنة 1958 ثم بالقرار رقم 893 لسنة 1960 باصدار لائحة الرقابة على النقد الذى تضمن النص فى المادة الثالثة منه على اختصاصات اللجنة ثم فى المادة الرابعة منه على أن (تتولى الادارة العامة للنقد تنفيذ أحكام القانون والقرارات الصادرة من وزير الاقتصاد ومن اللجنة العليا للنقد والبت فى الحالات التى لا توجد قواعد بشأنها فى هذه اللائحة).
ومن حيث انه يبين من الأوراق التى أودعتها الوزارة - أن اللجنة العليا للنقد قد وافقت بجلستها المنعقدة فى 29 من سبتمبر سنة 1958 على امكان استعمال البنكنوت المصرى الوارد من الخارج لحساب غير مقيمين فى شراء عقارات - كما وافقت بجلستها المنعقدة فى 19 من نوفمبر سنة 1958 على ايداع مبلغ 147800 من أوراق النقد المصرى التى حملها الأمير عبد الله الجابر الصباح عند دخوله البلاد - فى حساب كويتى غير مقيم بنكنوت على أن يستخدم رصيده فى أغراض منها الاستثمار فى مصر ثم بجلسة 28 من نوفمبر سنة 1959 عرض على اللجنة طلبان من أجانب غير مقيمين لاستخدام أرصدة حساباتهم المجمدة وبنكنوت مصرى يرد من لبنان فى شراء عقارين بمصر وبعد أن ناقشت اللجنة هذين الطلبين انتهت فيهما الى قرار هو أنها (لا تميل للموافقة عليهما لكى لا يتوسع فى تمليك العقارات لغير المقيمين لا سيما وأن أرصدة الحسابات المجمدة يمكن استعمالها فى الاستثمار فى أوجه أكثر فائدة للاقتصاد القومى كما أن البنكنوت الوارد من الخارج يمكن أن يستعمل فى تسديد قيمة صادرات فى حدود التعليمات الجارى العمل بها مما يؤدى الى تشجيع التصدير) واعتمد السيد وزير الاقتصاد فى 13 من مارس سنة 1959 ما أصدرته اللجنة من قرارات فى تلك الجلسة - ثم بجلسة 9 من نوفمبر سنة 1959 عرضت على اللجنة مذكرة فى شأن طلب استخدام أوراق النقد المصرى الواردة مع الأمير عبد الله المبارك الصباح فى شراء عقار وقد بينت الادارة العامة للنقد فى هذه المذكرة أنها ترى الموافقة على الطلب المذكور استنادا الى أن الأمير ارتبط على شراء العقار على أساس موافقة صادرة منها وقد قررت اللجنة الموافقة عليه (صفحة 4 من الأوراق المودعة الحافظة رقم 5 دوسيه - وصفحتا 3 و4 من الأوراق المودعة بالحافظة رقم 9 دوسيه).
ومن حيث ان قدوم وكيل المدعيتين الى مصر حاملا مبلغا من أوراق النقد المصرى كان فى 18 من أكتوبر سنة 1959 كما أن طلب التصريح لهما فى استثمار هذا المبلغ فى شراء عقار كان بعد القرار الذى أصدرته اللجنة بجلستها المنعقدة فى 28 من فبراير سنة 1959 السابق ايراد نصه والذى اعتمده السيد الوزير فى 13 من مارس سنة 1959 واستنادا الى هذا القرار رفضت الادارة العامة للنقد طلب المدعيتين.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه بعد أن أشار فى أسبابه الى ما ورد بقرار اللجنة العليا للنقد الصادر فى 28 من فبراير سنة 1959 من أنها لا تميل الى الموافقة على سداد قيمة شراء عقارات من أوراق البنكنوت ذكر أن عبارة (لا تميل اللجنة) لا تعتبر قاعدة تنظيمية ملزمة للجنة أو الأفراد - وعقبت الوزارة على ذلك فى أسباب طعنها وفى مذكرتها بقولها أن اللجنة رأت كمبدأ عام انه لا يجوز أن يسمح لغير المقيمين أن يملكوا عقارات على مدى واسع لكى لا يتوسع فى تمليك العقارات لغير المقيمين وان اعتماد الوزير لهذا القرار فى 13 من مارس سنة 1959 لا يترك مجالا للمجادلة فى اسباغ وصف القاعدة التنظيمية العامة على القرار وأنه لا تثريب على الادارة العامة للنقد اذا هى جرت على هذه لقاعدة منذ تقريرها مستهدفة الصالح العام.
ومن حيث ان مثار البحث فى هذه المنازعة ينحصر فيما اذا كان قرار اللجنة العليا للنقد المشار اليه يعتبر قاعدة تنظيمية ملزمة للادارة والأفراد أو مجرد قرار فردى صدر فى شأن طلبين معينين عرضا عليها أو قرار تنظيمى غير سار فى حق الأفراد.
ومن حيث أنه بالرجوع الى محضر جلسة اللجنة العليا فى 28 من فبراير سنة 1959 يبين أنه لم يكن معروضا عليها أمر العدول عن قرارها الذى أصدرته بجلستها المنعقدة فى 29 من سبتمبر سنة 1958 بالموافقة على امكان استعمال البنكنوت المصرى الوارد من الخارج لحساب غير المقيمين فى شراء عقارات بل ان الذى كان معروضا عليها هو البت فى طلبين أحدهما مقدم من لبنانية غير مقيمة لاستخدام رصيد حسابها المجمد لدى أحد البنوك فى شراء عقار بمصر والآخر مقدم من ثلاثة أشخاص لاستخدام أرصدة حساباتهم المجمدة لدى ذات البنك فى شراء عقار على أن يتم سداد باقى ثمنه ببنكنوت مصرى يرد من لبنان وقد انتهت اللجنة فى شأنهما الى أنها لا تميل للموافقة عليها معللة ما انتهت اليه على الوجه السابق بيانه - ويبين من صيغة هذا القرار والملابسات التى أحاطت صدوره أنه قرار فردى صدر فى شأن طلبين معينين وان كانت العلة التى استندت اليها للجنة تتسم بالعمومية وبناء على ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق اذ انتهى فى أسبابه الى أن عبارة (لا تميل اللجنة) لا تعتبر قاعدة تنظيمية ملزمة للجنة أو الأفراد.
ومن حيث أنه بالاضافة الى ما تقدم فانه لا يجدى الوزارة ما ذهبت اليه من أن اعتماد الوزير لقرار اللجنة فى 13 من مارس سنة 1959 لا يترك مجالا للمجادلة فى اسباغ وصف القاعدة التنظيمية على القرار وما ذكرته فى أسباب طعنها من أنه بذلك أصبح رأى اللجنة قرارا وزاريا ملزما يتعين تطبيقه كما يعتبر تعديلا للقرار الوزارى رقم 316 لسنة 1958 فيما تضمنه من اضافة حظر استخدام أوراق البنكنوت الواردة بصحبة أجنبى غير مقيم فى شراء عقارات فى مصر - ذلك انه فى تاريخ صدور قرار اللجنة المشار اليه كان استخدام الأجانب غير المقيمين للمبالغ الواردة معهم من أوراق النقد المصرى فى شراء عقارات أمرا مباحا وفقا للقاعدة التنظيمية التى قررتها اللجنة العليا للنقد بجلستها المنعقدة فى 29 من سبتمبر سنة 1958 فلكى تنقلب هذه الاباحة حظرا يترتب على مخالفته وقوع المخالف تحت طائلة العقاب الجنائى أو المصادرة الادارية المنصوص عليها فى المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 يتعين أن يكون هذا الحظر ساريا فى حق الأفراد فلو صح ما ذهبت اليه الوزارة من أن قرار اللجنة الصادر فى 28 من فبراير سنة 1959 قرار حظر لائحى فانه لا ينفذ فى حق الأفراد الى من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية باعتباره وفقا لهذا النظر - وبعد تصديق الوزير عليه - من القرارات اللائحية الصادرة تنفيذا للقانون المشار اليه اذ من المسلم أنه ولئن كان النشر ليس لازما لصحة القرارات الادارية التنظيمية أو اللائحية الا أنها لا تنفذ فى حق الأفراد الا اذا عملوا بها عن طريق نشرها على وجه من شأنه أن يكون كافيا لافتراض علمهم اليقينى بأحكامها وغنى عن البيان أنه اذا كان القرار الادارى اللائحى ذا طابع تشريعى فانه لا ينفذ فى حق الأفراد الا من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية ذلك أصل دستورى مقرر.
ومن حيث انه بناء على ما تقدم ما كان يجوز للادارة العامة للنقد أن ترفض طلب المدعيتين استنادا الى القرار الصادر من اللجنة العليا للنقد بجلستها المنعقدة فى 28 من فبراير سنة 1959 وهو قرار فردى حسبما سبق البيان ولم يكن من شأنه الغاء القرار الصادر منها بجلستها المنعقدة فى 29 من سبتمبر سنة 1958
ومن حيث انه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى اليه من الغاء قرار الادارة العامة للنقد المشار اليه ويكون الطعن غير قائم على أساس سليم متعينا رفضه والزام الحكومة المصروفات.
"فلهذه الأسباب":
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا والزمت الحكومة المصروفات.
ساحة النقاش