مشروعية قرار الاستيلاء (الأثر الفوري) العبرة في تقدير مدى مشروعية قرارات الاستيلاء بأحكام القانون الذي صدر القرار المطعون فيه في ظل العمل بأحكامه.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الرابعة والثلاثون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1988 إلى آخر فبراير سنة 1989) - صـ 234
(35)
جلسة 3 من ديسمبر سنة 1988
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: عبد الفتاح السيد بسيوني ومحمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وفاروق عبد الرحيم غنيم المستشارين.
الطعن رقم 1252 لسنة 33 القضائية
( أ ) دعوى - الحكم في الدعوى - طبيعة الحكم بعدم الاختصاص والإحالة.
ينصرف الحكم بعدم الاختصاص الولائي لمحاكم القضاء المدني إلى أصل المنازعة وبالحالة التي كانت عيها وقت رفعها ابتداء - مؤدى ذلك ولازمه أن تعود المنازعة مبتدئة بين أطرافها جميعاً على النحو الوارد بعريضتها أمام جهة الاختصاص بنظرها قانوناً - يعتبر الاختصاص الولائي مطروحاً دائماً على المحكمة ويجب عليها أن تتصدى له قبل الفصل في أي دفوع أو أوجه دفاع - تطبيق [(1)].
(ب) دعوى - حدود سلطة المحكمة في نطاق التكييف.
للمحكمة أن تنزل التكييف القانوني الصحيح على الطلبات المقدمة في الدعوى - يتعين ألا تخوض في تلك الطلبات على نحو يخرجها عن حقيقة مقصود المدعين - تطبيق.
(ج) قرار إداري - مشروعية قرار الاستيلاء (الأثر الفوري) العبرة في تقدير مدى مشروعية قرارات الاستيلاء بأحكام القانون الذي صدر القرار المطعون فيه في ظل العمل بأحكامه - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 7 من مارس سنة 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن السيدين/ وزير التربية والتعليم ومحافظ المنوفية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها تحت رقم 2252 لسنة 33 القضائية عليا، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" في الدعوى رقم 3605 لسنة 37 القضائية القاضي بإلغاء القرار المطعون فيه وبإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للمدعين تعويضاً قدره 328 م ر 172358 ج عن الفترة من تاريخ الاستيلاء وحتى أقامة الدعوى ثم مبلغ 8000 ج سنوياً عن الفترة من تاريخ أقامة الدعوى وحتى تاريخ تسليم الأرض لهم وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وطلب الطاعنان، للأسباب المبينة تفصيلاً بتقرير الطعن، بصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى الفصل في موضوع الطعن وإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أولاً بالنسبة لطلب إلغاء القرار المطعون فيه برفض هذا الطلب وثانياً بالنسبة لطلب التعويض المحكوم به أصلياً بعدم اختصاص جهة القضاء الإداري ولائياً بنظر الطلب واحتياطيا بعدم قبوله لرفعه بغير الطريق القانوني ومن باب الاحتياط الكلى بسقوط دعوى التعويض بالتقادم وفي الموضوع برفض طلب التعويض وفي جميع الأحوال بإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.
وأعلن الطعن قانوناً وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 7 من يوليه سنة 1987 وتدوول نظره أمامها بالجلسات على النحو المبين تفصيلاً بالمحاضر حتى قررت بجلسة 6 من يونيه سنة 1988 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 8 من أكتوبر سنة 1988 وبتلك الجلسة نظرت المحكمة الطعن على الوجه المبين بالمحاضر وبجلسة 29 من أكتوبر سنة 1988 قررت إصدار الحكم بجلسة 3 من ديسمبر سنة 1988 مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين، وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن أقيم في الميعاد المحدد قانوناً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق، في أنه بتاريخ 26 من فبراير سنة 1981 أقام السيد/ ..... وآخرون الدعوى رقم 2014 لسنة 1981 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد السيدين/ وزير التربية والتعليم ومحافظ المنوفية طالبين الحكم بانعدام القرار الصادر في 11 من نوفمبر سنة 1953 وتسليمهم ما مساحته ثمانية عشر فداناً المستولى عليها بموجب ذلك القرار والكائنة بمدينة منوف حوض الشربينى رقم 28 وعدم تعرضهما لهم مستقبلاً وانتداب خبير لتقدير قيمة التعويض المستحق لهم من جراء الاستيلاء بدون وجه حق على المساحة المشار إليها مع إلزام المدعيين بصفتيهما متضامنين بقيمة التعويض والمصروفات. وبجلسة 25 من يونيه سنة 1981 حكمت تلك المحكمة أولاً: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير التربية والتعليم وثانياً بعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة شبين الكوم الابتدائية المختصة محلياً بنظرها وأبقت الفصل في المصروفات. وأحيلت الدعوى إلى محكمة شبين الكوم الابتدائية حيث قيدت بسجلاتها تحت رقم 3884 لسنة 1981 مدني كلي شبين الكوم وبجلسة 23 من فبراير سنة 1982 حكمت تلك المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل بشبين الكوم بندب أحد خبرائه المختصين تكون مهمته معاينة الأرض موضوع الدعوى وبيان واضع اليد عليها وسنده ومدته ومظاهره وبيان ما إذا كان قد تم وفق قانون الاستيلاء من عدمه والأساس القانوني لإصدار القرار المطعون فيه وما إذا كانت قد حدثت منازعة بين الطرفين بشأن ذلك القرار وبيان ما إذا كان للمدعين ثمة مستحقات قبل المدعى عليه نتيجة ذلك وفي الجملة بيان مدى أحقية المدعين في دعواهم. وبعد أن قدم الخبير تقريره في الدعوى. وبجلسة المرافعة أمام تلك المحكمة بتاريخ 31 من يناير سنة 1983 قرر الحاضر عن المدعين بأنه يقصر طلباته على التسليم والتعويض على أساس الغضب من جهة الإدارة لوضع يدها على العين بطريق الغصب منذ البداية. وبجلسة 28 من فبراير سنة 1983 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري وأبقت الفصل في المصروفات. وقد وردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري حيث قيدت بسجلاتها تحت رقم 3605 لسنة 37 القضائية وبجلسة 8 من يناير سنة 1987 حكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية بأن تؤدى للمدعين تعويضاً قدره 328 م ر 172358 ج عن الفترة من تاريخ الاستيلاء وحتى إقامة الدعوى ثم مبلغ 8000 ج سنوياً عن الفترة من تاريخ إقامة الدعوى وحتى تاريخ تسليم الأرض لهم مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن حقيقة طلبات المدعين هي الحكم بإلغاء القرار السلبي بامتناع الجهة الإدارية عن رد الأرض المستولى عليها بالقرار رقم 11599 لسنة 1953 والحكم لهم بالتعويض عما فاتهم من كسب وما لحقهم من خسارة من جراء الاستيلاء على الأرض المملوكة لهم. واستظهر الحكم أن القرار المطعون فيه صدر استناداً للقانون رقم 76 السنة 1947 بتخويل وزير المعارف العمومية سلطة الاستيلاء على العقارات اللازمة للوزارة، وأشار إلى أن قضاء تلك المحكمة استند في تفسير معنى الاستيلاء على عقارات الأفراد سوء كان لصالح وزير التربية والتعليم طبقاً للقانون رقم521 لسنة 1955 أو طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين أو القانون رقم 577 لسنة 1954 بشان نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين، أنه سلطة استثنائية لا يجوز للجهة الإدارية استخدامها إلا في حالة الضرورة القصوى التي يتعذر معها على الإدارة تدبير احتياجاتها بالطريق الطبيعي وهو طريق التعاقد مع الأفراد وبهذه المثابة فإن الاستيلاء يكون مؤقتاً بطبيعته بمعنى أنه إذا ألجأت الضرورة الإدارة إلى الاستيلاء على عقار ما فإن هذا الإجراء يكون مؤقتاً حتى لا يتعطل سير المرفق الذي تقوم على إدارته وينتج عن ذلك أنه يتعين على الإدارة خلال هذه الفترة المؤقتة تدبير أمرها بالوسائل المتاحة، سواء بالتعاقد أو بنزع الملكية طبقاً لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954، ومؤدى ذلك أنه يلزم أن تكون نية الإدارة منصرفة عند إصدار قرار الاستيلاء إلى أنه إجراء مؤقت فإذا استبان من ظروف الحال أن الإدارة كانت تهدف بقرارها إلى أن يظل الاستيلاء دائماً كان قرارها باطلاً ومخالفاً للدستور الذي كفل للأفراد حق التملك بما يترتب على هذا الحق من انتفاع واستغلال وتصرف. وينبني على ذلك، كما أورد الحكم المطعون فيه، أن مدة الاستيلاء إذا استطالت عن المدة المعقولة الأمر الذي يخضع لرقابة المحكمة بحسب ظروف الحال، فإن قرار الاستيلاء يخرج عن طبيعته المؤقتة وينقلب إلى دائم ومؤبد وبذلك يصبح باطلاً ويكون من المتعين الحكم بإلغائه.
وبين الحكم المطعون فيه أنه لا يجوز الاحتجاج على ذلك بأن الاستيلاء يرد على حق الانتفاع دون ملكية الرقبة التي تظل لصاحب العقار ذلك أن الدستور كفل للأفراد حق التملك بعناصره مكتملة وتأبيد الاستيلاء يترتب عليه بالضرورة حرمان مالك الرقبة من الانتفاع بملكه أو استغلاله على الوجه الذي يراه وبالطريقة التي تحقق مصلحته بل أنه في الواقع يحرمه من حق التصرف في ملكه إذ يتعذر عليه التصرف بالبيع في هذا الملك المنقوص، كما لا يجوز الاحتجاج بأن مؤدى هذا القضاء حرمان الإدارة من الحصول على العقارات اللازمة لتسيير المرافق العامة الأمر الذي ينعكس على حسن سيرها مما يلحق الضرر بالمواطنين ويتعين معه تغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة، فالأمر اللازم، على ما أورد الحكم المطعون فيه يكون بإجراء المواءمة بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة فإذا أمكن للإدارة تحقيق المصلحة العامة دون مساس بحقوق الأفراد كان ذلك أولى بالإتباع ولذلك فقد خول المشرع في القانون رقم 577 لسنة 1954 جهة الإدارة اعتبار مشروع ما من أعمال المنفعة العامة والاستيلاء على العقارات اللازمة لتنفيذه نظير تعويض عادل لأصحابها مما يحقق المصلحة العامة دون أن يحيق بالأفراد ضرر لأن التعويض الذي يحدد مقابل نزع الملكية يكون عادلاً طبقاً للإجراءات التي نص عليها المشرع لتحديده. وبتطبيق هذه المبادئ على واقعة المنازعة أورد الحكم المطعون فيه أن الثابت من الأوراق أن الأرض محل قرار الاستيلاء ومساحتها ثمانية عشر فداناً خصصت مزرعة لمدرسة منوف الثانوية الزراعية إلا أنه إذا كانت وزارة التربية والتعليم أنشأت مدرسة زراعية دون أن يكون لها مزرعة فقد وقعت في خطأ من بادئ الأمر ذلك أنه لا يمكن أقامة مدرسة زراعية دون أهم مقوماتها وهو الأرض الزراعية اللازمة لتعليم الطلبة وتدريبهم ومن ثم تكون نية الإدارة قد انصرفت من بادئ الأمر إلى تأبيد القرار المطعون فيه والاستمرار في الاستيلاء على أرض المدعين لصالح المدرسة الأمر الذي يكون معه القرار قد صدر معيباً مهدراً لحق من الحقوق التي كفلها الدستور للأفراد ومما يؤكد ذلك أن القرار المطعون فيه صدر في 11 من نوفمبر سنة 1953 أي منذ ثلاث وثلاثون سنة واستمر الاستيلاء قائماً منذ ذلك التاريخ وكان في مكنة الوزارة وقد غفلت من بادئ الأمر عن إنشاء المدرسة مستكملة جميع عناصرها أن تدير أمرها خلال فترة معقولة من الاستيلاء سواء بشراء الأرض أو بنزع ملكيتها للمنفعة العامة وتعويض أصحابها تعويضاً عادلاً إلا أنها لم تقم بأي من ذلك. وترتيباً على ذلك، فقد أورد الحكم المطعون فيه أنه متى كانت الجهة الإدارية قد امتنعت عن رد الأرض المستولى عليها لأصحابها بعد المدة المعقولة والتي تقدرها المحكمة بثلاث سنوات من تاريخ الاستيلاء كانت كافية لتقوم الجهة الإدارية بتدبير أمرها، فإن امتناعها عن رد الأرض إلى أصحابها يمثل قرار سلبياً مخالفاً للقانون يتعين إلغاؤه على ما يترتب على ذلك من تسليم الأرض لأصحابها. وعن طلب التعويض فقد أشار الحكم المطعون فيه إلى التقرير المقدم من الخبير أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية أثناء نظرها الدعوى قبل إحالتها إلى محكمة القضاء الإداري، وقرر الحكم بأن الخبير قدر التعويض المستحق للمدعين في الفترة من 1957 إلى 1981، تاريخ إقامة الدعوى، عن مساحة 20 س 16 ط 16 ف بمبلغ 326 م ر 172358 ج بخلاف ما تم سداده للمدعين خلال تلك الفترة، وهو ما اعتد به الحكم المطعون فيه، كما أورد بأنه بالنسبة للفترة من تاريخ إقامة الدعوى سنة 1981 وحتى تاريخ تسليم الأرض فإن المحكمة تقدره، في ضوء ما ورد بتقرير الخبير من تقديره التعويض بمبلغ 80166 جنيهاً عن العشر السنوات التالية اعتباراً من سنة 1977 واسترشاداً بما أورده التقرير، بمبلغ ثمانية آلاف جنيه سنوياً عن كل سنة من السنوات التالية لسنة 1981 وحتى تاريخ تسليم الأرض. وانتهى الحكم المطعون فيه إلى القضاء المشار إليه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وبيان ذلك: 1 - أن طلبات المدعين تنحصر، حسب الثابت بعريضة دعواهم أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، في طلب الحكم بانعدام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 11599 لسنة 1953 الصادر استناداً إلى أحكام القانون رقم 76 لسنة 1947 والمعدل بأحكام القانون رقم 521 لسنة 1955 وكذا التعويض عن قيام الجهة الإدارية باستغلال الأطيان استغلالاً تجارياً وبجلسة 31 من يناير سنة 1983 قصروا طلباتهم في التسليم والتعويض وعلى ذلك فإنه ما كان يجوز للمحكمة أن تنزل على هذه الطلبات تكييفاً يخرج بها عن مضمونها الصحيح بأن حقيقتها هي الحكم بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن رد الأرض المستولى عليها بالقرار رقم 11599 لسنة 1953 والتعويض عما فاتهم من كسب ولحقهم من خسارة من جراء الاستيلاء على الأرض المملوكة لهم.
2 - وفضلاً عن ذلك فإن التكييف الذي أنزلته المحكمة على الطلبات هو أيضاً مشوب بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أن مفهوم القرار السلبي طبقاً لقانون مجلس الدولة هو رفض الإدارة أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب اتخاذه وفقاً للقوانين واللوائح وهو ما لا يتوفر في المنازعة الماثلة ذلك أنه ليس ما يوجب على جهة الإدارة رد الأطيان المستولى عليها استناداً لأحكام القانون رقم 76 لسنة 1947 ومن بعده لأحكام القانون رقم 521 لسنة 1955. فالقرار محل الطعن هو قرار ايجابي بالاستيلاء صدر من جهة الاختصاص بغرض تحقيق هدف عام ولا مجال للقول، مع قيام واستمرار القرار بالاستيلاء بوجود التزام قانوني على عاتق الجهة الإدارية برد العقار محل الاستيلاء.
3 - أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ أقام قضاءه على أن الاستيلاء في واقعة المنازعة الماثلة يكون محدداً بمدة ثلاث سنوات إذ لم يشترط المشرع بشأن العقارات اللازمة لمرفق التعليم مدة معينة بل ترك ذلك للجهة الإدارية التي تقوم على المرفق، وعدم استلزام مدة معينة يتحدد بها الاستيلاء لهذا الغرض هو ما يجيزه عن سائر أحكام الاستيلاء بصفة عامة فضلاً عن أن الاستيلاء أنما يتناول المنفعة دون الرقبة.
4 - أنه بالنسبة لطلب التعويض فقد أقام المدعون طلبهم على أساس أحكام الإثراء بلا سبب التي تنظمها المادة 179 من القانون المدني على سند من القول بأن إدارة المدرسة كانت ولا تزال تستغل الأرض محل الاستيلاء استغلالاً تجارياً، وتكون دعواهم قد أقيمت بعد الميعاد المنصوص عليه بالمادة 180 من القانون المدني التي تنظم سقوط دعوى التعويض عن الإثراء بلا سبب بمضي ثلاث سنوات من تاريخ علم المضرور بحقه في التعويض وفي جميع الأحوال بانقضاء خمسة عشر سنة من اليوم الذي ينشأ فيه هذا الحق. وإذ لم يقم المدعون الدعوى إلا في 26 من فبراير سنة 1981 فإنها تكون قد أقيمت بعد المواعيد المحددة بسقوطها وهو ما يتعين الحكم به. ومن ناحية أخرى فقد أحال المشرع بشأن التعويض المقدر في حالة الاستيلاء على العقارات اللازمة لمرفق التعليم إلى أحكام المادتين 47 و48 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945. وبتاريخ 10 من سبتمبر سنة 1956 صدر القانون رقم 336 لسنة 1956 بإضافة فقرة ثالثة للمادة (1) من القانون رقم 521 لسنة 1955 تضمنت أنه بالنسبة للأراضي الزراعية يكون تقدير الإيجار طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 وهو ما قامت به الجهة الإدارية وصرفت على أساسه التعويض لأصحاب الأرض عن مدة الاستيلاء وعلى ذلك فلا يكون لهم المنازعة في مقدار التعويض ذلك أنه محدد بنص القانون. وفضلاً عن ذلك فإن المنازعة في شأن التعويضات المقررة بالمرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945، الذي تسري أحكامه على حالات الاستيلاء لصالح مرفق التعليم، لا يكون إلا أمام لجنة التقدير التي يطعن في تقديراتها أمام المحكمة الابتدائية المختصة التي يكون حكمها في المنازعة نهائياً غير قابل للطعن. وعلى ذلك فإن المنازعة أمام جهة القضاء الإداري بطلب التعويض عن الاستيلاء تكون قد أقيمت أمام جهة غير مختصة قانوناً بنظرها مما كان يتعين معه على المحكمة أن تقضي بعدم اختصاصها بنظر المنازعة. وأورد الطعن بأنه لا تعارض بين الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعة وبين حكم الإحالة الصادر من محكمة شبين الكوم الابتدائية إذ أن محاكم مجلس الدولة لا تلزم بإحكام الإحالة الصادرة من جهة قضائية أخرى متى كانت الدعوى تخرج عن الاختصاص المحدد قانوناً لمحاكم مجلس الدولة على ما انتهت إليه الدائرة المشكلة بالتطبيق للمادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة بجلسة 27 من ابريل سنة 1986.
ومن حيث إن دفاع المطعون ضدهم يتحصل، حسبما ورد بمذكرتهم المودعة بتاريخ 9 من مايو سنة 1988، في فترة حجز الطعن للحكم أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وخلال الأجل المصرح به، في أن الأساس القانوني لدعواهم هو أن قرار الاستيلاء الصادر في 11 من نوفمبر سنة 1953 يعتبر معدوماً فتكون يد الوزارة المسئولة على الأرض يد غاضب لأنه يمثل صورة من صور نزع الملكية على خلاف القانون إذ لا بد لذلك من إتباع الإجراءات التي يوجبها قانون نزع الملكية: ذلك أن المشروع الذي صدر من أجله القرار بالاستيلاء هو مشروع دائم ومستمر وآية ذلك أنه دام منذ سنة 1953 ومن شأن ذلك أن يجعل الاستيلاء دائماً وينفي عنه صفة التأقيت رغم النص في قانون نزع الملكية رقم 577 لسنة 1954 على تأقيت الاستيلاء بمدة ثلاث سنوات وإذا لزم الأمر استمراره بعدها يتعين اتخاذ إجراءات نزع الملكية. وفضلاً عن ذلك فإنه في خصوصية المنازعة الماثلة فليس ثمة خطر داهم يقتضى الأمر مواجهته الاستيلاء. وعن الدفع المبدى بسقوط الحق في التعويض أبدى المطعون ضدهم بأنه دفع مردود عليه بما استقرت عليه أحكام مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري من أن أحكام التقادم في مجال المنازعات الإدارية تسرى على الالتزامات التي تجمعها الدعاوى الأخرى غير دعاوى التسوية، ومن هذه الالتزامات تلك الناشئة عن الحق في التسوية أو التعويض أو العقود الإدارية أو الاسترداد أو الضمان فضلاً عن الالتزامات الأخرى التي يكون مصدرها القانون مباشرة، وبالنسبة لهذه الالتزامات فإن تكييف الدعاوى المتعلقة بها تخضع لرقابة القضاء الإداري حيث لا يقف عند ظاهر مدلول العبارات كما لا يلتزم بتطبيق النصوص المدنية في التقادم أياً ما كان مجال تطبيقها إلا إذا وجد نص خاص يقضى بذلك ورؤى تطبيقها على وجه يتلاءم مع روابط القانون العام.
ومن حيث إن حكم محكمة شبين الكوم الابتدائية الصادر بجلسة 28 من فبراير سنة 1983 بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، وقد أصبح نهائياً بعدم الطعن عليه، ومؤداه عدم اختصاص القضاء المدني بنظر المنازعة برمتها، وبالتالي تنصرف الإحالة إلى الدعوى بالحالة التي كانت عليها وقت رفعها، وتكون المنازعة فيها، على ما ورد بعريضتها، بين المدعين (المطعون ضدهم بالطعن الماثل) والمدعى عليهم وهما وزير التربية والتعليم ومحافظ المنوفية (الطاعنان بالطعن الماثل) ولا يغير من ذلك الحكم الذي أصدرته محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بجلسة 25 من يونيه سنة 1981 (وهى المحكمة التي رفعت أمامها الدعوى ابتداء) ويقضي.
أولاً: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير التربية والتعليم.
ثانياً: بعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة شبين الكوم الابتدائية المختصة بنظرها محلياً ذلك أن الحكم بعدم الاختصاص الولائي لمحاكم القضاء المدني ينصرف إلى أصل المنازعة بالحالة التي كانت عليها أو وقت رفعها ابتداء، ومؤدى ذلك ولازمه أن تعود المنازعة مبتدأه، بين أطرافها جميعاً على النحو الوارد بعريضتها، أمام جهة الاختصاص بنظرها قانوناً. فأمر الاختصاص الولائي يعتبر مطروحاً دائماً على المحكمة وعليها أن تتصدى له قبل الفصل في أي دعوى أخرى أو أوجه دفاع. وبالترتيب على ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذا أقام قضاءه على أن المدعى عليهما في الدعوى هما وزير التربية والتعليم ومحافظ المنوفية يكون صحيحاً فيما انتهى إليه في هذا الصدد، ويكون لهما حق الطعن في الحكم الصادر في مواجهتهما باعتبارهما من ذوى الشأن على النحو المقرر بالمادة (44) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972. وإذا كان ذلك وكان الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فيتعين قبوله شكلاً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن السيد وزير المعارف العمومية تقدم بتاريخ 4 من نوفمبر سنة 1953 بمذكرة للعرض على مجلس الوزراء بشأن الاستيلاء على أرض لمنفعة مدرسة الزراعة الثانوية بمنوف ورد بها أنه سبق لمجلس الوزراء أن وافق بجلسته المنعقدة في 23 من سبتمبر سنة 1953 على الاستيلاء على قطعة أرض لمنفعة مدرسة الزراعة الثانوية بمنوف ملك الحاج... وأولاده مساحتها 23 س 11 ط 30 ف فتقدم الملاك بشكوى التمسوا فيها عدم الاستيلاء على هذه الأرض لحاجتهم الماسة إليها، وبفحص الشكوى اتضح أن الأرض الذكورة ولو أنها باسم مالك واحد إلا أنها قسمت عرفياً على أبنائه وأحفاده وأفراد أسرته ويتعيش منها كثير من المزارعين من أسرته بزراعتها بأنفسهم لذلك رأت الوزارة صرف النظر عن هذه الأرض للأسباب سالفة الذكر ووقع اختيارها على قطعة أرض أخرى لنفس الغرض مساحتها 19 ط 19 ف يؤجرها أصحابها للغير وبيانها كالآتي:.... ونظراً لأنه يتعذر استئجارها بالطريق الودي وخشية من التصرف فيها للغير فتضيع على الوزارة فرصة الانتفاع بها أتشرف بعرض الأمر على مجلس الوزراء رجاء التفضل بالموافقة على الاستيلاء على هذه القطعة للانتفاع بها في الغرض المشار إليه وقد وافق مجلس الوزراء في ذات التاريخ على ما جاء بالمذكرة المشار إليها وصدر بتاريخ 11 من نوفمبر سنة 1953 قرار وزير المعارف العمومية رقم 11599 متضمناً الاستيلاء على المساحة المذكورة. ونصت المادة (2) على أن "على ملاك هذه العقارات تسليمها إلى وزارة المعارف العمومية ومعاهد التعليم"، وبتاريخ 25 من نوفمبر سنة 1953 تحرر محضر استيلاء تنفيذاً للقرار رقم 11599 المشار إليه وتضمن المحضر قيام اللجنة المنوط بها تنفيذ القرار بالاستيلاء بمعاينة الأرض محل الاستيلاء وحصر الزراعات القائمة عليها والأشجار والمباني وأكوام الأتربة والأسمدة والسواقي وقمينة الطوب والطوب اللبن وغير ذلك مما اشتملت عليه العين..... وقد تبين أيضاً أن من ضمن ما تم الاستيلاء عليه مخزني تبن وزريبة مقامة على القطعة 141 بحوضه مبنية بالطوب الأخضر بارتفاع ثلاث أمتار تقريباً ومسقوفة بالبوص وعروق الخشب ويوجد بجوار هذه المخازن حوالي خمسة آلاف طوبة من اللبن مشونة كتحديد للعريشه الخاصة بالمواشي وقد تبين للجنة أيضا أن القطع 141، 143، 74 بحوضه يوجد بها أشجار جوافة ملك كل من...... وبيان ذلك سيوضح تفصيلاً بكشف الحصر الخاص بكل أسماء المزارعين للأرض..... واللجنة تقرر أنه أثناء الشروع في الاستيلاء حضر بعض الملاك وأظهروا عدم رغبتهم في تسليم العين ولكن اللجنة سارت في عملها تنفيذاً لقرار الاستيلاء بحضور مزارعي الأرض وقد ثبت أن الذي يستغل العين بنفسه من الملاك هم..... و.... وأن.... قد استولى على ستة أفدنة من أرضه هذا العام لأول مرة منذ مشتراه الأرض وقام بزراعتها هذه الأيام فقط وقد زرعها بالكتان والبرسيم والقمح حديثي الزراعة. (حافظة مستندات الجهة الإدارية المقدمة أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية في الدعوى رقم 3884 لسنة 81 م. ك). كما ورد بمحضر الاستيلاء الذي تحرر بتاريخ 26 من نوفمبر سنة 1953 أن اللجنة انتقلت إلى "موقع الأرض المستولى عليها وبحضور وإرشاد الزارعين لها وقد صار مقاس المزروعات القائمة على العين وأسماء الزارعين لها وما يوجد عليها من منشآت وقد تم بيان ذلك على رسم كروكي بمعرفة أحد أعضاء اللجنة هو مهندس المساحة السيد/ ..... الذي وعد أن يقدم هذا الرسم لتفتيش المساحة بشبين الكوم ليقوم بتدوين المساحات الخاصة بكل مزارع وعمل بيان بذلك يعرض على لجنة التقديرات ليكون أساساً في تقدير التعويض لكل زارع..... هذا ومن المتفق عليه أن مساحات الكرنب التي تم حصرها اليوم قد رأت اللجنة أنه بالنسبة لقرب نضج المحصول فقد وافقت على أن تترك مهلة للزارعين قدرها شهر من تاريخه ينتهي في 25/ 12/ 1953 لإخلاء الأرض من زراعة الكرنب. أما أشجار الفاكهة الموجودة على العين فقد حصرت وبيانها كالآتي.... والثابت أيضاً أن الاستيلاء تم رفعه عن مساحة فدانين تقريباً سنة 1959 وأن الأرض محل المنازعة الماثلة مساحتها 40 س 16 ط 16 ف، على ما ورد بتقرير الخبير ولم ينازع الخصوم في ذلك، كما ورد بتقرير الخبير أن المساحة المشار إليها كانت عند الاستيلاء عليها أرضاً زراعية حتى أصبحت داخلة اعتباراً من سنة 66/ 1967 في كردون مدينة منوف ومرفق بتقرير الخبير حافظة مقدمة من أحد المطعون ضدهم طويت على شهادة مؤرخة سنة 1981 صادرة من الإدارة الهندسية (قسم التنظيم) بمدينة منوف تفيد أن الأرض الواقعة بحوض الزيبى رقم 28 تقع داخل كردون مدنية منوف وأنه توجد مباني من الناحيتين البحرية والقبلية لهذا الحوض كما طويت تلك الحافظة على خريطة مساحيه للحوض لا يبين منها خط كردون مدنية منوف ولا ما يفيد دخول الأرض المستولى عليها داخل كردون مدينة منوف ولا تاريخ ذلك. والثابت من الأوراق أيضاً أن الجهة الإدارية كانت تقوم بأداء مبلغ يعادل سبعة أمثال الضريبة المقررة على الأرض الزراعية لملاك الأراضي المستولى عليها حتى عام 1984 وهو مبلغ يمثل القيمة الايجارية، على ما تقول الجهة الإدارية وذلك على النحو الوارد بالكشف الرسمي المقدم بحافظة الجهة الإدارية بجلسة 7 من يوليه سنة 1987 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، فيما عدا تلك المبالغ التي حجز عليها تحت يد الجهة الإدارية بناء على محاضر حجز موقعة من مصلحة الضرائب (مأمورية ضرائب منوف) مقابل مبالغ مستحقة للمصلحة (مستند رقم 4 من الحافظة المشار إليها) وبتاريخ 12 من يناير سنة 1988 تم تسليم الأرض إلى المطعون ضدهم تنفيذاً للحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 8 من يناير سنة 1987 في الدعوى رقم 3605 لسنة 37 القضائية (وهو الحكم محل الطعن الماثل).
ومن حيث إن الطلبات في الدعوى هي طلب الحكم بانعدام القرار رقم 11599 لسنة 1953 وتسليم المدعين ما مساحته ثمانية عشر فداناً المستولى عليها بموجب ذلك القرار الكائنة بمدينة منوف حوض الزيبى رقم 28 وبعدم تعرض المدعى عليهما للمدعين مستقبلاً والتعويض عما فات المدعين من كسب ولحقهم من خسارة من جراء الاستيلاء بدون وجه حق بالمخالفة للقانون على أرض النزاع.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطعن أمامها يثير المنازعة برمتها فتنزل على الحكم المطعون فيه جميعاً حكم القانون الصحيح.
ومن حيث إنه ولئن كان للمحكمة أن تنزل على الطلبات في الدعوى حقيقة التكييف القانوني لها، إلا أنه يتعين عليها ألا تخوض في تلك الطلبات بما يخرجها عن حقيقة مقصود المدعين ونيتهم من وراء إبدائها. وعلى ذلك فلا يكون صحيحاً ما أجراه الحكم المطعون فيه من تعديل في صريح طلبات المدعيين بتكييفها بما يخرج عن صريح إرادتهم. فالثابت أن المدعين يطلبون الحكم بانعدام القرار رقم 11599 وما يترتب على ذلك من آثار قانونية وبالتعويض عما فاتهم من كسب ولحقهم من خسارة من جراء الاستيلاء على أرضهم بالمخالفة لحكم القانون. وهذه الطلبات، بصريح عبارتها، تكشف بذاتها عن التكييف الصحيح الذي أراده المدعين من وراء إبدائها وهو يعد تكييف يتفق وطبيعة قضاء المشروعية والتعويض الذي يمارسه مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، مما لا يكون معه ثمة موجب من واقع أو قانون لما أجراه الحكم المطعون فيه من تكييف لهذه الطلبات بأنها بإلغاء القرار السلبي بامتناع الجهة الإدارية عن تسليم الأرض محل المنازعة إليهم والتعويض عن ذلك.
ومن حيث إن قرار وزير المعارف العمومية رقم 11599 لسنة 1953 بالاستيلاء على أرض المطعون ضدهم صدر استناداً إلى حكم القانون رقم 76 لسنة 1947 بتخويل وزير المعارف العمومية سلطة الاستيلاء على العقارات اللازمة للوزارة ومعاهد التعليم الذي نص في المادة (1) على أنه "يجوز لوزير المعارف العمومية، بموافقة مجلس الوزراء، أن يصدر قرارات بالاستيلاء على أي عقار خال يراه لازماً لحاجة الوزارة أو إحدى الجامعتين أو غيرها من معاهد التعليم على اختلاف أنواعها. وتتبع في هذا الشأن الأحكام المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين" ونص في المادة (3) على أنه "على وزيري المعارف العمومية والتجارة والصناعة تنفيذ هذا القانون ويعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية ويسرى مفعوله لمدة سنة ويجوز العمل به بمرسوم". وقد صدر في 21 من يونيه سنة 1948 مرسوم يقضي باستمرار العمل بالقانون المذكور لمدة سنة تبدأ من 7 من يوليه سنة 1948 وظل يتجدد العمل بأحكامه سنوياً منذ سنة 1948 إلى أن الصدر القانون رقم 521 لسنة 1955. وعلى ذلك فإن المناط في تقدير مدى مشروعية القرار بالاستيلاء على أرض المطعون ضدهم يكون مرده إلى أحكام القانون رقم 76 لسنة 1947 الذي صدر القرار المطعون فيه في ظل العمل بأحكامه.
ومن حيث إن القانون رقم 76 لسنة 1947 يشترط لجواز الاستيلاء، أن يكون العقار خالياً يستوي في ذلك أن يكون عقاراً مبنياً أو أرضاً زراعية أو غيرها. ومفهوم الخلو في حكم هذا الشرط، كما سبق أن قضت هذه المحكمة، هو ألا يكون أحد مالكاً كان أو مستأجراً شاغلاً للعقار عند صدور قرار الاستيلاء عليه حتى لا يترتب على هذا القرار إخراج شاغله جبراً عنه وهو محظور أراد الشارع أن يبقيه. وإذا كان الشرط قد ورد عاماً في القانون فإنه يتعين أن يؤخذ به في عمومه ولا يكون ثمة سند لتخصيصه بانصراف حكمه إلى العقارات المبينة دون غيرها. ومما يؤكد هذا النظر أن عبارة المادة (1) من القانون رقم 521 لسنة 1955 بتخويل وزير التربية والتعليم سلطة الاستيلاء على العقارات اللازمة للوزارة ومعاهد التعليم كانت، قبل تعديلها بالقانون رقم 336 لسنة 1956، تجرى بمثل ما جرى به عبارة القانون رقم 76 لسنة 1947 المشار إليه من اشتراط خلو العقار كشرط لازم لجواز الاستيلاء عليه، ثم صدر بتاريخ 10 من سبتمبر سنة 1956 قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 336 لسنة 1956 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 521 لسنة 1955 الذي نص في المادة (1) على أن تضاف إلى المادة (1) من القانون رقم 521 لسنة 1955 فقرة ثالثة يجرى نصها كالآتي "ويجوز له الاستيلاء على الأراضي المنزرعة أو المهيأة للزراعة اللازمة لمعاهد التعليم على أن يكون لشاغلها الحق في تعويض يؤدى لهم مقابل ما أنفقوه في زراعتها أو في تهيئتها للزراعة ويتبع في شأن هذا التعويض الإجراءات المنصوص عليها في المادتين 47، 48 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945. ويكون تقدير الإيجار بالنسبة إلى الأراضي الزراعية في جميع الأحوال طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952. وقد كشفت المذكرة الإيضاحية لقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 336 لسنة 1956 المشار إليه على أن المقصود بتعبير الخلو في مفهوم حكم القانون رقم 521 لسنة 1955، وبالتالي في حكم القانون رقم 76 لسنة 1947، بالنسبة للأرض الزراعية محل الاستيلاء ألا تكون مزروعة أو مهيأة للزراعة سواء كانت مؤجره أو يشغلها مالكها، فقد أوردت المذكرة الإيضاحية المشار إليها أنه صدر القانون رقم 521 لسنة 1955 بتخويل وزير التربية والتعليم سلطة الاستيلاء على العقارات اللازمة للوزارة ومعاهد التعليم وقد ظهر عند تطبيق نصوص هذا القانون على الأراضي الزراعية صعوبة تتعلق باشتراط خلو العقارات لا مكان الاستيلاء عليها إذ الأرض الزراعية إما أنها مؤجرة أو مشغولة بمالكها الأمر الذي يضيق من نطاق الأراضي الزراعية التي يمكن للوزارة أن تستولي عليها ويقصرها على الأراضي البور. لذلك أعد التشريع المرافق لعلاج هذه الصعوبة بإضافة فقرة ثالثة إلى المادة الأولى من القانون رقم 521 لسنة 1955 المشار إليه تجيز للوزارة... فإذا كان ذلك، فإن وزن مشروعية القرار بالاستيلاء على الأرض محل المنازعة الماثلة يتعين أن ينصرف ابتداء إلى المحل الذي انصب عليه الاستيلاء ببحث مدى توافر الشروط التي يتطلبها القانون، في شأنه، لا مكان انصراف سلطة الاستيلاء إليه، وهى بعد سلطة وردت على خلاف الأصل العام المقرر دستورياً وقانوناً بحماية الملكية الخاصة بالشروط والأوضاع المحددة لحق الملكية بما يتفق ووظيفتها الاجتماعية في الحدود المقررة قانوناً.
ومن حيث إن الثابت، على ما سبق البيان، أن الأرض محل الاستيلاء كانت منزرعة فعلاً وقت صدور القرار بالاستيلاء عليها، سواء كان القائم بذلك مستأجراً لها على ما قررته المذكرة المقدمة من وزير المعارف العمومية لمجلس الوزراء بشأن طلب الموافقة على الاستيلاء أو بعض مالكيها على ما يستفاد من محاضر أعمال اللجنة المشكلة لتنفيذ قرار الاستيلاء مما مفاده على وجه اليقين أنها لم تكن خالية في مفهوم حكم القانون رقم 76 لسنة 1947 الذي تم الاستيلاء في ظل العمل به واستناداً إلى أحكامه. وبالترتيب على ذلك يكون القرار بالاستيلاء عليها، رغم أنها لا تستعصى قانوناً على الاستيلاء، قد شابه، من تاريخ صدوره عيب مخالفة القانون. وهى مخالفة جسيمة تلحق بالقرار، لما تمثله من تجاوز صارخ للحدود التي قررها القانون لتنظيم سلطة الاستيلاء على العقارات، من شأنها أن تصيبه بعوار جسيم ينحدر به إلى حد الانعدام لما ينطوي عليه صدوره من إخلال بشرط جوهري استلزمه القانون في العقار حتى يكون من الجائز الاستيلاء عليه استناداً لحكمه، وهو شرط الخلو الذي كان المشرع حريصاً على النص عليه. فإذا كان ذلك وإذ وقع الاستيلاء منعدماً في أساسه فلا يكون من شأن استطالته في حكم الزمن ما يصحح من عواره أو يقيمه من عدم. كما لا يكون من شأن صدور قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 336 لسنة 1956 المشار إليه، بإجازة الاستيلاء على الأراضي المنزرعة أو المهيأة للزراعة لمعاهد التعليم.... ما يغير من الأمر شيئاً إذ ليس بهذا القانون من أثر في أحياء قرار سابق صدور معدوماً من أساسه. ومما يؤكد هذا النظر أن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 336 لسنة 1956 المشار إليه أنما يعمل بأحكامه اعتباراً من 13 من سبتمبر سنة 1956 على ما نصت عليه المادة (2) منه، وعلى ذلك فلا ينصرف حكمه إلا إلى القرارات بالاستيلاء الصادرة اعتباراً من التاريخ المشار إليه، دون غيرها من القرارات التي قد تكون صدرت قبل هذا التاريخ. ولا يستقيم قانوناً القول بأن من شأن العمل بقرار رئيس الجمهورية بالقانون المشار إليه تصحيح قرارات بالاستيلاء صدرت معدومة في أساسها في ظل القانون الساري وقت صدورها، إذ أنه ولئن كانت القرارات بالاستيلاء مستمرة الأثر إلا أن ما يلحقها من عوار ابتداء يظل عالقاً بها وملازماً لها استمراراً. وبالترتيب على ذلك وإذ كان قرار وزير المعارف العمومية رقم 11599 لسنة 1953 الصادر بالاستيلاء على أرض المطعون ضدهم قد لحقه العوار الذي ينحدر به إلى درجة الانعدام قانوناً فإنه يكون حرياً بالإلغاء مع ما يترتب على ذلك من آثار، دون أن يتقيد طلب ذلك بميعاد معين على ما جرى به قضاء هذه المحكمة. وأنه وإن كان المدعون بالدعوى (المطعون ضدهم بالطعن الماثل) لم يجادلوا في صحة القرار بالاستيلاء ابتداء، وإنما طلبوا الحكم بتقرير انعدام القرار وتسليم الأرض المستولى عليها إليهم على سند من القول بأن القرار بالاستيلاء سقط في التطبيق القانوني بفوات ثلاث سنوات من تاريخ صدوره بالتطبيق لحكم القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين، فإنه ليس من شأن ذلك ما يقيد هذه المحكمة عند نظرها المنازعة أن تنزل صحيح أحكام القانون على القرار المطعون فيه فتزنه بميزان المشروعية غير مقيدة في ذلك بما يبديه الخصوم من أوجه عدم مشروعية. فإذا كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى، بعد أن أجرى التكييف القانوني بطلبات المدعين على ما رآه متفقا مع حقيقة طلباتهم في الدعوى، بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن رد الأرض المستولى عليها إليهم، فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون فيما قضى به في هذا الشأن، إذ أن القرار بالاستيلاء هو على ما سبق البيان القرار محل النعي - فإذا كان قراراً منعدماً فإنه يتعين الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار تتمثل في رد الأرض المستولى عليها إلى المطعون ضدهم وهو ما يتعين الحكم به.
ومن حيث أنه عن طلب التعويض، فإنه بناء على ما صوره المدعون، بدعواهم خطأ الجهة الإدارية بعدم إصدارها القرار برد الأرض المستولى عليها إليهم بعد انتهاء مدة الاستيلاء، وهى بحسب تصورهم لهذا الطلب ثلاث سنوات من تاريخ الاستيلاء الذي تم في نوفمبر سنة 1953، ويتنافى مع صريح طلباتهم اعتبار سندهم في المطالبة بالتعويض أحكام الإثراء بلا سبب على ما تدعى الجهة الإدارية في معرض دفاعها بالطعن الماثل فالمدعون في الدعوى (المطعون ضدهم بالطعن الماثل) أنما يطالبون بالتعويض على أساس أحكام مسئولية الإدارة عن قراراتها المخالفة للقانون بإدعاء توافر أركان هذه المسئولية، فتتحصل مخالفة القانون، حسب تصويرهم، في عدم قيام الجهة الإدارية برد الأرض المستولى عليها إليهم بعد فوات الثلاث السنوات التالية للاستيلاء الذي تم في نوفمبر سنة 1953 مما سبب لهم ضرراً يتمثل فيما حاق بهم من خسارة وفاتهم من كسب نتيجة استمرار الاستيلاء بعد انتهاء مدته المقررة قانوناً. وعلى ذلك فلا يكون صحيحاً ما تدعيه الجهة الإدارية في معرض دفاعها بالطعن من أن المطعون ضدهم يقيمون طلبهم التعويض على أساس من أحكام الإثراء بلا سبب على وأن طلبهم بالتالي يكون خاضعا لحكم المادة 180 من القانون المدني التي تنظم أحكام سقوط الدعوى وتقادم الحق في التعويض القائم على أساس الإثراء بلا سبب على التفصيل الوارد بتلك المادة.
ومن حيث إن الجهة الإدارية كانت تقوم بأداء ما يعادل سبعة أمثال الضريبة المقررة على الأطيان لملاك الأرض الزراعية المستولى عليها، على نحو ما سلف البيان، وكان الثابت أن الأرض محل الاستيلاء كانت في جزء منها مؤجرة فعلاً لمزارعين وقت الاستيلاء وفي الجزء الآخر تحت يد مالكيها، وكان المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي ينص في المادة (33) المعدلة بالقوانين أرقام 17 لسنة 1963 و52 لسنة 1966 و67 لسنة 1975 على أنه "لا يجوز أن تزيد قيمة الأجرة السنوية للأرض الزراعية على سبعة أمثال الضريبة العقارية السارية، وفي حالة إعادة ربط الضريبة خلال مدة الإيجار تحدد الأجرة بسبعة أمثال الضريبة الجديدة" وهو ما تكشف الأوراق عن أن الجهة الإدارية كانت تعتد به فيما تصرفه للملاك مقابل الاستيلاء على الأرض محل المنازعة وحتى سنة 1984، فيكون تحديد التعويض في واقعة المنازعة الماثلة بما يعادل القيمة الإيجارية المحددة بحكم القانون لتنظيم العلاقة بين مالكي ومستأجري الأراضي الزراعية التي مردها في الأساس جودة الأرض وما تنتجه من غله وتدره من عائد استغلال، وتمام أدائه بالفعل لمالكي الأرض محل المنازعة فضلاً عن الحكم بإلغاء القرار بالاستيلاء وما يترتب على ذلك من آثار تتمثل في رد الأرض المستولى عليها إليهم، كل ذلك يعتبر تعويضاً كاملاً جابراً لكافة الأضرار. ولا يكون ثمة أساس لما قضى به الحكم المطعون فيه من تعويض المدعين (المطعون ضدهم بالطعن الماثل) بالإضافة إلى ما سبق أن تقاضوه من مبالغ تعادل سبعة أمثال الضريبة المقررة على الأرض المستولى عليها سنوياً، بمبلغ 328 م ر 172358 ج عن الفترة من تاريخ الاستيلاء وحتى إقامة الدعوى ثم بمبلغ 8000 ج سنوياً عن الفترة من تاريخ إقامة الدعوى وحتى تسليم الأرض لهم. والبادي أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الشأن على ما أورده الخبير المنتدب بالدعوى أمام القضاء المدني وقبل إحالتها إلى مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري للاختصاص من اعتداد في تقدير التعويض بارتفاع قيمة الأرض المستولى نتيجة دخولها بكردون مدينة منوف على أساس الربط بين ارتفاع قيمة الأرض وتقدير للتعويض عن كل من السنوات التي استطال إليها الاستيلاء في حين أن الثابت أن الأرض المستولى عليها هي أرض زراعية ولم تتغير طبيعتها هذه ولم يجادل الخصوم في استمرار خضوعها للضريبة المقررة على الأراضي الزراعية، ومن ثم فكل ما أورده الخبير في تقديره في شأن تقدير التعويض، وأقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه لا يعدو أن يكون أضراراً احتمالية مما لا يجوز قانوناً أن يعتد به في مجال تقدير التعويض.
فإذا كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أدخل في تقدير التعويض المحكوم به حساب أضرار احتمالية فإنه يتعين الحكم بإلغائه فيما قضى به في هذا الشأن، وتقدير التعويض عن كامل الإضرار التي لحقت بالمطعون ضدهم، فضلاً عن الحكم بإلغاء القرار بالاستيلاء، بما يعادل سبعة أمثال الضريبة المقررة على الأرض المستولى عليها سنوياً. فإذا كان ذلك وكان البادي من الأوراق أنهم تقاضوا ما يعادل ذلك وحتى سنة 1984 ولم يجادلوا في ذلك فأن حقهم في التعويض ينحصر في أحقيتهم في تقاضى ما يعادل سبعة أمثال الضريبة المقررة على الأراضي المستولى عليها من سنة 1984 وحتى تمام التسليم يخصم منه ما قد تكون الجهة الإدارية قد قامت بسداده من مبالغ عن هذه الفترة المشار إليها. ومتى كان ذلك فإن الدفع بتقادم الحق في التعويض أياً كان سنده يضحى غير ذي موضوع.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم مصروفاتها إعمالاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار وزير المعارف العمومية رقم 11599 لسنة 1953 وما يترتب على ذلك من آثار، وبأحقية المدعين في تقاضى تعويض سنوي يعادل سبعة أمثال الضريبة المقررة على الأراضي الزراعية المملوكة لهم والتي تم الاستيلاء عليها بمقتضى القرار المشار إليه وذلك اعتباراً من سنة 1985 الزراعية وحتى تمام التسليم على النحو المبين بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.
text-align:
ساحة النقاش