قرار الوحدة المحلية بقيام اتحاد الملاك وقيده في السجل المعد لذلك أو عدم قيامه ورفض قيده هو قرار إداري وليس عملاً مادياً - أساس ذلك: توافر أركان القرار الإداري بشأنه - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالطعن على هذا القرار .
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والثلاثون - الجزء الثاني (من أول مارس سنة 1993 إلى آخر سبتمبر سنة 1993) - صـ 732
(78)
جلسة 7 من مارس سنة 1993
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد ومحمد عبد الغني حسن وعبد القادر هاشم النشار ود. منيب محمد ربيع - المستشارين.
الطعن رقم 2927 لسنة 34 القضائية
( أ ) اتحاد ملاك - القرار الصادر بإنشائه - قرار إداري. (إدارة محلية) (اختصاص) القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
قرار الوحدة المحلية بقيام اتحاد الملاك وقيده في السجل المعد لذلك أو عدم قيامه ورفض قيده هو قرار إداري وليس عملاً مادياً - أساس ذلك: توافر أركان القرار الإداري بشأنه - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالطعن على هذا القرار - تطبيق.
(ب) تحكيم - قطاع عام - المنازعات بين الأشخاص الطبيعيين وشركات القطاع العام.
لا يجوز التحكيم في المنازعات التي تنشأ بين الأفراد وشركات القطاع العام إلا إذا قبلوا التحكيم صراحة - أساس ذلك: نص المادة (60) من القانون رقم 60 لسنة 1971 في شأن المؤسسات العامة - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 30 من يوليو سنة 1988 أودع الأستاذ المستشار/ رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2927 لسنة 34 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 31 من مايو سنة 1988 في الدعوى رقم 2139 لسنة 42 ق القاضي بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإلزام الشركة المدعية بالمصروفات.
وطلب الطاعن - لما ورد بتقرير الطعن من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وبإحالتها إلى هيئات التحكيم بوزارة العدل للاختصاص وبإبقاء الفصل في المصروفات.
وقد أعلن الطعن على الوجه المقرر قانوناً ثم قدم الأستاذ المستشار/ علي رضا مفوض الدولة تقريراً برأي هيئة مفوضي الدولة وانتهى إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى هيئات التحكيم بوزارة العدل للاختصاص مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 20 من يناير سنة 1992 التي تداولت نظره بالجلسات، وبجلسة 18 من مايو سنة 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة وحيث نظرته بجلسة 19 من يوليو 1992 والجلسات التالية وبجلسة 6 من ديسمبر سنة 1992 حضر المطعون ضده (حسن محمد راضي) وطلب حجز الطعن للحكم، وبذات الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 10 من يناير سنة 1993 ثم مد أجل النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة 7/ 3/ 1993 لإتمام المداولة وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع حسبما يبين من سائر أوراق الطعن تتحصل في أنه بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 26/ 1/ 1988 أقامتها0 الشركة المصرية لإعادة التأمين الدعوى رقم 2139 لسنة 42 ق ضد كل من:
1 - حسين محمد راضي 2 - محافظ القاهرة 3 - رئيس حي غرب القاهرة طالبة الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 40 لسنة 1987 الصادر من حي غرب القاهرة في 7/ 10/ 1987 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده الأول المصروفات والأتعاب. وقالت الشركة بياناً لدعواها أن المدعى عليه الأول..... قد استصدر من حي غرب القاهرة القرار المطعون فيه بتكوين اتحاد الملاك للعقار رقم 1081 شارع كورنيش النيل وعددهم (16) وحدة من (62) وحدة هي كامل وحدات العقار أي ما يوازي 20% من عدد الوحدات المؤجرة للغير فتظلمت الشركة إلى رئاسة حي غرب القاهرة لعدم قانونية إنشاء الاتحاد المذكور كما قامت بإخطار جميع شاغلي وحدات العقار المذكور من ملاك ومستأجرين بعدم التعامل مع المطعون صده الأول، إلا أنه في 13/ 1/ 1988 أخطر حي غرب القاهرة الشركة بما يفيد رفض التظلم، وقد طعنت الشركة المدعية على ذلك القرار لمخالفته لأحكام القانون وكذلك أحكام اللائحة التنفيذية الصادرة بقرار وزير الإسكان رقم 109 لسنة 1979. وأثناء نظر الشق العاجل من الدعوى قدم الحاضر عن المدعى عليه الأول...... مذكرة دفع فيها بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى استناداً على أن الجهة الإدارية لم تنشئ أي مركز قانوني بشأن إتحاد ملاك العقار محل الدعوى إذ أن اتحاد الملاك تم بقوة القانون وأن كل ما قامت به الجهة الإدارية هو قيد الإتحاد في السجل المعد لذلك وبالتالي لا يكون ثمة قرار إداري مما تختص بنظره محكمة القرار الإداري، كما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة وقعت فيها بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ولائياً بنظر النزاع لقيامه بين إحدى شركات القطاع العام وبين جهة حكومية واحتياطياً بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري ومن باب الاحتياط الكلي برفض الدعوى بشقيها مع إلزام الشركة المدعية في أي من الحالتين بالمصروفات.
وبجلسة 31 من مايو سنة 1988 صدر الحكم المطعون فيه بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبإلزام الشركة المدعية بالمصروفات، وأقامت المحكمة قضائها على أن الدعوى مقامة من الشركة المصرية لإعادة التأمين بصفتها مالكة للعقار المذكور وهي إحدى شركات القطاع العام طعناً في قرار إداري صادر عن جهة إدارية هي حي غرب القاهرة التابع لمحافظة القاهرة الأمر الذي يكون فيه الاختصاص معقوداً لهيئات التحكيم إعمالاً للمادة (56) من القانون رقم 97 لسنة 1983 في شأن هيئات القطاع العام وشركاته وأنه لا يغير من ذلك أن الشركة المدعية قد اختصمت بالإضافة للجهة الإدارية أحد الأشخاص الطبيعية إذ أن المنازعة موجهة أصلاً إلى قرار إداري صدر من جهة إدارية وأن ما تطلبه الشركة هو وقف التنفيذ وإلغاء القرار المذكور.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وجاء مشوباً بالقصور ذلك أنه ولئن كان قد أصاب الحق فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على اختصاص هيئات التحكيم بوزارة العدل بنظر النزاع إعمالاً لحكم المادة (56) من القانون رقم 97 لسنة 1983 إلا أنه خالف القانون فيما انتهى إليه من إلزام الشركة المدعية بالمصروفات وشابه القصور حين أغفل تطبيق حكم المادة (110) من قانون المرافعات والتي أوجبت على المحكمة المختصة بأن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية الأمر الذي يتعين معه تعديل الحكم المطعون فيه بحيث ينص على إحالة الدعوى إلى هيئات التحكيم بوزارة العدل وإبقاء الفصل في المصروفات.
وقد قدم الحاضر عن المطعون ضده والمدعى عليه أصلاً (.......) مذكرة بتاريخ 31/ 10/ 1992 دفع فيها بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى لعدم وجود قرار إداري وأن قيد الاتحاد المذكور هو عمل مادي وتنفيذي بحت كما لا تختص بنظرها هيئات التحكيم التابعة لوزارة العدل لأن ثمة طرف أصيل في المنازعة هو المدعى عليه بصفته مأمور إتحاد الملاك وهو شخص طبيعي ومن ثم انتهت المذكرة إلى طلب الحكم بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى وبإحالتها إلى القضاء المدني مع إلزام الشركة المدعية بالمصروفات.
ومن حيث إن المادة (862) من القانون المدني تنص على أنه "حينما وجدت ملكية مشتركة لعقار مقسم إلى طبقات أو شقق جاز للملاك أن يكونوا اتحاداً فيما بينهم..." وتنص المادة (73) من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أنه: "إذا زادت طبقات المبنى أو شققه على خمس وجاوز عدد ملاكها خمسة أشخاص قام بقوة القانون إتحاد الملاك المنصوص عليه في المادة (862) من القانون المدني وفي تطبيق هذا الحكم يعتبر ملاك الطبقة أو الشقة الواحدة مالكاً واحداً ولو تعددوا. ويكون البائع للعقار بالتقسيط عضواً في الاتحاد حتى تمام الوفاء بكامل أقساط الثمن، كما يكون المشترى بعقد غير مسجل عضواً في الاتحاد".
وتنص المادة (75) من ذات القانون الأخير على أن: "تتولى الوحدة المحلية المختصة مراقبة قيام الاتحادات المبينة في هذا القانون. والإشراف على أعمالها ويكون لها على الأخص ما يلي:
( أ ) قيد الاتحاد وبيان أسماء أعضائه وممثله القانوني...... (ب)..... ومن حيث إنه لما كان القرار الإداري على ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو إفصاح الإدارة في الشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها وسلطتها الإدارية الانفرادية الملزمة بما لها من اختصاص بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً ابتغاء تحقيق مصلحة عامة" وغنى عن هذا البيان أن مجرد صدور تصرف معين من جهة إدارية لا يخلع عليه في كل الأحوال وبحكم اللزوم وصف القرار الإداري بالمعنى القانوني المشار إليه، وإنما يلزم حتى يتحقق له هذا الوصف أن يكون كذلك بحسب طبيعته وغايته محله وموضوعه ومحواه.
ومن حيث إنه قد استقر قضاء هذه المحكمة على أن العمل المادي الذي لا يختص به القضاء الإداري يكون دائماً واقعة مادية أو إجراء مثبتاً لها دون أن تقصد به السلطة الإدارية تحقيق آثار قانونية محددة ملزمة للغير وإن رتب القانون عليها آثار قانونية معينة لأن هذه الآثار يكون مصدرها الواقعة المادية وإرادة المشرع مباشرة لإرادة الإدارة المنفردة والملزمة ولما كان المشار إليه قد أوجب القانون رقم 49 لسنة 1977 قيامه إتحاد ملاك في أحوال معينة وبشروط حددها تفصيلاً وأوكل المشروع للوحدة المحلية المختصة مراقبة قيام الاتحاد والتيقن من توافر إحدى الحالات الواجبة قانوناً لقيامهم وبحث مدى توافر كافة الشروط المتطلبة قانوناً لذلك ومن ثم فإن قرار الوحدة المحلية بقيام إتحاد الملاك وقيده في السجل المعد لذلك أو عدم قيام الاتحاد ورفض قيده في السجل إنما يشكل تعبيراً عن السلطة الإدارية المختصة عن إرادتها الملزمة بما لها من اختصاص بمقتضى القانون بقصد إحداث مركز قانوني معين بغيه تحقيق مصلحة عامه فقرار الوحدة المحلية في هذا الشأن وأياً ما كان محتواه بقيام الاتحاد وقيده أو عدم قيامه ورفض قيده إنما يمس مركزاً قانونياً للأفراد الأعضاء بالاتحاد بصفه أساسيه وكما قد يؤثر في المراكز القانونية لغيرهم.
ومن حيث إنه لما كان قرار قيام الاتحاد في الطعن الماثل وقيده في السجل المعد لذلك يحدث أثراً قانونياً يمس حتماً المركز القانوني للشركة المصرية لإعادة التامين التي أفصحت الأوراق عن ملكيتها لحوالي 82% من الشقق في العقار المشار إليه بينما ملكية الاتحاد تمثل 18% حوالي 16 شقه بالعقار من مجموع 62 شقة فيه وبما كفله القانون من اختصاصات ومسئوليات لاتحاد الملاك فإن قرار قيام الاتحاد وقيده يمس المركز القانوني للشركة المشار إليها. ومن ثم فهو ليس عملاً مادياً بحتاً تنفيذاً لحكم القانون بل هو في حقيقة الأمر قرار إداري من القرارات الإدارية التي تصدرها الجهة الإدارية المختصة بناء على سلطة مقيدة حدد إطارها القانون وكل التقدير الذي حدده المشرع للإدارة هو في تحديد مدى توافر إحدى حالات قيام الإتحاد من عدمه وفي مدى توافر شروط قيامه وقيده من عدمه فإذا ما تبين توفر الحالة والشروط قام الإتحاد بقوة القانون إذا زادت طبقات المبنى أو شققه على خمس أو جاوز عدد ملاكها خمسة أشخاص ومن ثم فإذا ما قام النزاع على قيد الإتحاد المذكور فإنه يكون قد قامت منازعة إدارية بشأن قرار من القرارات الإدارية التي ينعقد الاختصاص أساساً بنظرها لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري وذلك تطبيقاً لما تنص عليه المادة (172) من الدستور وفقاً لما حددته أحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن تنظيم مجلس الدولة من قواعد تحديد المنازعات التي تختص بها محاكم مجلس الدولة في حدود ما نص عليه في الدستور من أن مجلس الدولة يختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصات أخرى وبالتالي فإن الأصل والمبدأ العام الذي قرره الدستور أن محاكم مجلس الدولة هي المحاكم ذات الولاية العامة في نظر المنازعات الإدارية.
ومن حيث إن المادة (60) من القانون رقم 60 لسنة 1971 في شأن المؤسسات العامة وشركات القطاع العام "والتي تشابه إلى حد معين نص المادة (66) من قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام السابق رقم 32 لسنة 1966، تنص المادة (60) على أن: "تختص هيئات التحكيم المنصوص عليها في القانون دون غيرها بنظر المنازعات الآتية: 1 - ...... 2 - كل نزاع يقع بين شركة قطاع عام وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة. ويجوز لهيئات التحكيم أن تنظر أيضاً في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام وبين الأشخاص الطبيعين والأشخاص الاعتباريين وطنيين كانوا أو أجانب إذا قبل هؤلاء الأشخاص وبعد وقوع النزاع أحالته إلى التحكيم." ومؤدى هذا النص أن مناط اختصاص هيئات التحكيم يجد حده ومداه أصلاً في المنازعات التي تنشأ فيما بين شركات القطاع العام أو بينها وبين الجهات الحكومية ومن ثم لا يمتد إلى المنازعات بين الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين وبين شركات القطاع العام إلا إذا قبل هؤلاء الأشخاص ذلك - أية ذلك - أن نظام التحكيم الوارد في النص السالف بيانه قد جاء على خلاف الأصل - رهين بعلته وحكمة ظاهرة تكمن في صفات أطراف النزاع وطبيعته وإن الأصل الدستوري هو ألا يحرم الفرد من الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي - ومن ثم كان لزاماً أن ينحصر اختصاص هيئات التحكيم عن المنازعات التي تنشأ بين الأفراد الطبيعين أو الاعتباريين وشركات القطاع العام إلا إذا قبلوا التحكيم صراحة.
ومن حيث إنه قد نص القانون رقم (97) لسنة 1983 في شأن هيئات القطاع العام والذي ألغى القانون رقم 60 لسنة 1973 المشار إليه وحل محله في المادة (56) منه على أن "يفصل في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أو بين شركة قطاع عام من ناحية وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامه قطاع عام أو مؤسسة عامة من ناحية أخرى عن طريق التحكيم دون غيره على الوجه المبين في هذا القانون "وطبقاً لصريح عبارات هذا النص فإن المنازعات التي يدخل ضمن أطرافها أشخاص طبيعين أو اعتباريين أو حتى جهات غير واردة في النص. أصبح من غير الجائز نظرها بمعرفة هيئات التحكيم حتى ولو قبل هؤلاء الأشخاص أو تلك الجهات ذلك.
ومن حيث إنه قد جرت أحكام محكمة النقض بحق على أن التحكيم هو طريق استثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية ولا يتعلق شرط التحكيم بالنظام العام. فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بأعماله من تلقاء نفسها وإنما يتعين التمسك به أمامها، ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمناً ويسقط الحق فيه فيما لو أثير متأخراً بعد الكلام في الموضوع (حكم محكمة النقض في الطعن رقم 9 لسنة 42 ق جلسة 6/ 1/ 1976 س 27 ص 138). كما نصت محكمة النقض بأنه وإن أجاز المشرع في الفقرة (جـ) من المادة 66 من القانون رقم 32/ 1966 لهيئات التحكيم أن تنظر أيضاً في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام وبين الأشخاص الطبيعين والأشخاص الاعتباريين وطنيين كانوا أو أجانب، إلا أنها اشترطت قبول هؤلاء الأشخاص بعد وقوع النزاع أحالته على التحكيم (حكمها في الطعن رقم 385 لسنة 37 ق. جلسة 8/ 2/ 1973 س 24 ص 166) ومن ثم ولما كان النزاع الماثل إنما يدور حقيقة بين أطراف ثلاثة هم الشركة المصرية لإعادة التأمين والجهة الإدارية وحسين محمد راضي مأمور اتحاد ملاك العقار رقم 1081 شارع كورنيش النيل بالقاهرة والذي يمثل أعضاء اتحاد الملاك من الأشخاص الطبيعيين أمام القضاء وهذا النزاع لا ينحصر فقط بين الشركة والجهة الإدارية بل إن الفصل فيه إنما يمس المركز القانوني لاتحاد الملاك المشار إليه والذي يمثله مأمور الاتحاد والذي دفع في مذكرة دفاعه المقدمة أمام هذه المحكمة بتاريخ 31/ 10/ 1992 بعدم اختصاص هيئات التحكيم التابعة لوزارة العدل بنظر النزاع، وهو ما كان يتعين أن تقضي به محكمة أول درجة أخذاً بصريح المادة (56) من القانون رقم 97 لسنة 1983 وعلى ما سلف بيانه وإذ قضى الحكم المطعون فيه باختصاص هيئات التحكيم بوزارة العدل بنظر النزاع رغم ذلك ومن ثم يكون قد خالف الحكم الطعين صحيح أحكام القانون.
ومن حيث إن الحكم المذكور قد قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر النزاع وألزم الشركة المدعية بالمصروفات.
ومن حيث إن المادة 184 من قانون المرافعات تنص على أنه "يجب على المحكمة عند إصدار الحكم الذي تنتهي به الخصومة أمامها أن تحكم من تلقاء نفسها بمصاريف الدعوى. وتحكم بمصاريف الدعوى على الخصم المحكوم عليه فيها ويدخل في حساب المصاريف مقابل أتعاب المحاماة. ولما كان الحكم بعدم الاختصاص غير منه للخصومة لأنه سابق على صدور الحكم الذي تنتهي به الخصومة من المحكمة أو هيئة التحكيم المختصة بالحكم في المصاريف فكان يجب على المحكمة إبقاء الفصل في المصاريف لحين الفصل في الموضوع وهو ما خالفه الحكم المطعون فيه الأمر الذي يجعله قد صدر معيباً بمخالفة القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم جميعه يكون الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب ومن ثم يتعين القضاء بإلغائه والحكم باختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى باعتبارها منازعه بين اتحاد ملاك وشركة قطاع عام وإحدى جهات الإدارة وتتعلق بوقف تنفيذ وإلغاء قرار إداري من الجهة الإدارية المختصة بشأن قيد اتحاد الملاك المذكور، ولما كان موضوع الدعوى لم تفصل فيه محكمة أول درجة ومن ثم وحتى لا يفوت على الخصوم في الدعوى إحدى درجات التقاضي فإنه يتعين الأمر بإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً بحالتها مع إبقاء الفصل في المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإعادة الدعوى بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى وأبقت الفصل في المصروفات.
ساحة النقاش