أن ولاية المحكمة التأديبية التى خلفت فيها الهيئة المشكل منها مجلس التأديب فى مجال اعمال حكم القانون فى شأن الموظف الذى يقدم عنه تقريران بدرجة (ضعيف) قد زالت منذ العمل بقانون نظام العاملين المدنيين.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 1063
(106)
جلسة 17 من أبريل سنة 1965
برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل المجلس وعضوية السادة الاساتذة/ محمد شلبى يوسف وعادل عزيز زخارى وعبد الستار عبد الباقى آدم وأبو الوفا زهدى المستشارين.
القضية رقم 213 لسنة 8 القضائية
( أ ) موظف - تقرير سنوى - اختصاص - وجوب عرض تقدير الكفاية السنوى على المدير المحلى ثم على رئيس المصلحة لابداء ملاحظاتهما - محله أن يكون الموظف بحسب التدرج الرئاسى فى العمل يخضع لرئيس مباشر فمدير محلى فرئيس مصلحة - توقيع رئيس المصلحة على تقرير الكفاية بوصفه رئيسا للجنة شئون الموظفين - يغنى عن وجوب توقيعه قرين خانة رئيس المصلحة ما دام هو بذاته يجمع بين الصفتين - أساس ذلك.
(ب) محكمة تأديبية - اختصاص - تقرير سنوى - لجنة شئون العاملين - ولاية المحكمة التأديبية فى شأن الموظف الذى يقدم عنه تقريران بدرجة ضعيف - زوالها منذ العمل بقانون نظام العاملين المدنيين - ثبوت الاختصاص فى ذلك للجنة شئون العاملين.
1 - ان عرض التقرير السرى على المدير المحلى للادارة ثم على رئيس المصلحة لابداء ملاحظاتهما، محله أن يكون الموظف بحسب التدرج الرئاسى فى العمل، يخضع لرئيس مباشر فمدير محلى فرئيس مصلحة، فاذا كان نظام العمل خاليا من احدى حلقات هذه السلسلة فى التدرج التنظيمى كما لو كان الرئيس المباشر هو نفسه المدير المحلى أو كما لو كان الموظف يتبع رأسا فى العمل رئيس المصلحة أو كان رئيس المصلحة هو بذاته الذى يرأس لجنة شئون الموظفين، فان التقرير يستوفى أوضاعه القانونية بحكم الضرورة واللزوم متى قدم التقرير الرئيس المباشر واعتمده المدير المحلى وأقره رئيس المصلحة الذى كان يرأس، بحسب النظام الذى كان قائما بالجهاز الادارى فى تلك السنة، لجنة شئون الموظفين علاوة على رئاسته لتلك المصلحة. واذ كان الثابت فى أوراق الطعن الراهن أن رئيس المصلحة بالنسبة للموظف المطعون عليه هو الذى وقع التقرير بوصفه رئيسا للجنة شئون الموظفين، فلا يستساغ النعى بعد ذلك على مثل هذا التقرير بالبطلان لمجرد أن رئيس لجنة شئون الموظفين وكان هو بذاته يشغل وظيفة رئيس المصلحة لم يوقع التقرير مرة تالية قرين خانة رئيس المصلحة ولكنه أكتفى بالتوقيع مرة واحدة تحت عبارة (رئيس اللجنة) وغنى عن البيان أن التوقيع تحت عبارة رئيس اللجنة على ذات التقرير السنوى يغنى عن التوقيع مرة ثانية قرين عبارة رئيس المصلحة كأن يكون الرئيس واحدا بحكم النظام المتبع فى تلك المصلحة عن تلك السنة. ففى ذلك ما يوسد له السبيل الى ابداء كل ما يعن له كرئيس للمصلحة من ملاحظات وآراء فى شأن تقدير الكفاية المطروح على البحث كما يكفل لأعضاء لجنة شئون الموظفين تعرف رأى رئيس المصلحة والوقوف على مدى تأييده أو اعتراضه على ما وضعه الرئيس المباشر من تقدير وملاحظات المدير المحلى عليه. فقد كان بذلك، تحت نظر اللجنة، وهى تصدر قرارها، آراء للرؤساء جميعا - مباشر ومحلى، ورئيس مصلحة - وتحقق الضمان الذى حرص الشارع عليه.
2 - أن ولاية المحكمة التأديبية التى خلفت فيها الهيئة المشكل منها مجلس التأديب فى مجال اعمال حكم القانون فى شأن الموظف الذى يقدم عنه تقريران بدرجة (ضعيف) قد زالت منذ العمل بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم (46) لسنة 1964 الذى جعل الاختصاص فى هذا الشأن معقودا للجنة شئون العاملين وفقا لحكم المادة (34) منه.
اجراءات الطعن
فى 21 من يناير سنة 1962 أودع السيد محامى الحكومة سكرتيرية المحكمة تقرير طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم (213) لسنة 8 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارتى الأشغال والحربية بجلسة 22 من نوفمبر سنة 1961 فى الدعوى رقم (10) لسنة 3 القضائية المقامة من النيابة الادارية ضد محمد محمد على الحشاش الموظف من الدرجة السابعة بمصلحة الكهرباء والغاز لمدينة القاهرة، والذى قضى: (برفض طلب النيابة الادارية). وطلب السيد المحامى عن الحكومة، للأسباب التى استند اليها فى تقرير طعنه: (الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون فيه، والنظر فى حالة المطعون عليه طبقا للمادة (32) من القانون رقم (210) لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة مع الزامه بالمصروفات ومقابل الأتعاب). وقد أعلن هذا الطعن الى نيابة حلوان فى 15 من مارس سنة 1962 لعدم الاستدلال عليه فى عنوانه الرسمى الوحيد الموجود بملف خدمته. وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 28 من نوفمبر سنة 1964 وفيها قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا للمرافعة بجلسة 27 من فبراير سنة 1965 وأخطرت سكرتيرية هذه المحكمة المطعون عليه فى 9 من فبراير سنة 1965 بتاريخ جلسة المرافعة فى مواجهة السيد وكيل نيابة حلوان، وبالجلسة المذكورة سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقدمت ادارة قضايا الحكومة مذكرة شارحة لتقرير طعنها، ثم قررت المحكمة ارجاء النطق بالحكم الى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق، وسماع الايضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل فى ان النيابة الادارية طلبت فى 24 من يونيو سنة 1961 الى المحكمة التأديبية لوزارتى الاشغال والحربية النظر فى أمر (محمد محمد على الحشاش) الموظف من الدرجة السابعة بمصلحة الكهرباء والغاز لمدينة القاهرة وذلك طبقا لنص المادة (32) من قانون التوظف لانه كان قد حصل على تقريرين بدرجة ضعيف عن عامى (1959، 1960) وقد حددت المحكمة التأديبية لنظره جلسة 4 من أكتوبر سنة 1961 وبعد تداوله بالجلسات حجزت الطلب لاصدار القرار فيه بجلسة 22 من نوفمبر سنة 1961 وفيها قررت المحكمة رفض الطلب. وأقامت المحكمة التأديبية قرارها هذا على أن الطلب المقدم اليها من النيابة الادارية يقوم على ان الموظف المذكور حصل على (45) درجة فى التقرير السنوى عن عام 1959 ثم حصل على (40) درجة فى التقرير السنوى عام 1960 وبذلك يكون تقديره بمرتبة (ضعيف) فى السنتين المذكورتين ومن ثم تحقق فى شأنه شرط معاملته بمقتضى المادة (32) من القانون رقم (210) لسنة 1951 بشأن نظام موظفى الدولة وقالت المحكمة ان تقدير كفاية هذا الموظف عن عام (1959) حصل فيه من الرئيس المباشر على (66) درجة ثم خفضه المدير المحلى الى (51) درجة، وجاء التقرير خلوا من تقدير رئيس المصلحة، فلما ان عرض الامر على لجنة شئون الموظفين خفضت التقدير الى (45) درجة. أما عن تقرير كفايته عن عام (1960) فقد حصل فيه على (40) درجة من رئيسه المباشر ولكن المدير المحلى لم يذكر فيه تقريرا ثم جاء التقرير خلوا من توقيع رئيس المصلحة، وكذا خلوا من تقديره.
ثم بعرض الأمر على لجنة شئون الموظفين قدرت درجة كفايته بمرتبة (ضعيف). ولما كانت المادة (31) من القانون رقم (210) لسنة 1951 قد رسمت الاجراءات الجوهرية الواجب اتباعها فى اعداد التقرير عن الموظف. ولقد أوجب النص المذكور أن التقرير يضعه الرئيس المباشر لحكمة ظاهرة هى اتصاله الدائم بالموظف واشرافه المستمر على عمله ثم يعرض هذا التقدير على المدير المحلى للادارة بماله من سلطة اشراف حتى لا يتباين تقدير الوظيفة باختلاف الرؤساء المباشرين للأقلام والأقسام التابعين له، وذلك رغبة فى تحقيق التنسيق فى تقدير الكفاية بين موظفى الادارة الواحدة دون تأثير لميول الرؤساء المباشرين ولابعاد الميول الخاصة.. ولذات الحكمة فقد أوجب القانون على رئيس المصلحة أن يبدى ملاحظاته ويكون ذلك بطبيعة الحال باقرار التقدير أو بخفضه أو برفعه، وبديهى أن رأى رئيس المصلحة هو اجراء جوهرى لتكون كفاية جميع الموظفين التابعين لمصلحة واحدة والذين يكونون وحدة واحدة فى الترقيات موزونة بميزان واحد تحقيقا للمساواة فى المعاملة حتى لا تتأثر بذلك ترقياتهم تبعا لاختلاف ميول رؤسائهم المباشرين والمحليين ولا شك أن رئيس المصلحة على علم تام بذلك، ولتكون تحت نظر لجنة شئون الموظفين المصادر المختلفة عن تقدير كفاية الموظف لتكون عناصر التقدير بأجمعها تحت نظرها حتى يكون رأى اللجنة مضبوطا ومعاملتهم على قدم المساواة وأنه لذلك يكون تخلف احدى مراحل التقدير مما تتأثر به مصلحة الموظفين أنفسهم من جهة والمصلحة العامة من جهة أخرى لعدم المساواة فى الأسس التى تقوم عليها التقديرات النهائية. وفى عدم مراعاة ذلك ولا شك خروج على روح التشريع وقصد المشرع من تعدد مراحل التقدير. وفى ضوء ذلك يكون القانون قد رسم هذه الاجراءات باعتبارها اركانا جوهرية لصحة التقرير. فأذا أغفل أحد هذه الاجراءات الجوهرية لا تنتج التقارير أثرها الذى رتبه القانون وهو أثر بالغ الخطر على الموظف والوظيفة العامة معا ومن ثم يكون خلو تقرير سنة 1959 من تقدير رئيس المصلحة وكذلك خلو تقرير سنة 1960 من تقدير المدير المحلى، وكذلك عدم العرض على رئيس المصلحة كل أولئك يؤدى الى بطلان التقريرين فلا تنتج أثرها نظرا لاغفالها اجراءات جوهرية نص القانون على وجوب مراعاتها. ومن ثم فان طلب النيابة الادارية يكون غير مقبول بحالته المعروضة لعدم توافر أركان التقرير ويتعين لذلك رفض الطلب بحالته الراهنة.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن القرار المطعون فيه قد بنى على أن التقرير السرى السنوى عن كفاية المطعون عليه عن سنة 1959 جاء خلوا من توقيع رئيس المصلحة وأن تقريره عن سنة 1960 جاء خلوا من توقيع المدير المحلى ورئيس المصلحة أيضا. ولما كان استيفاء هذه التوقيعات هو من الاجراءات الجوهرية الواجب اتباعها فى اعداد التقرير عن الموظف حتى يجئ التقرير صورة صادقة عن حالة كل موظف تلافيا لتأثير وجهة نظر الرؤساء المباشرين، ولابعاد الميول الخاصة ويكون تحت نظر لجنة شئون الموظفين عناصر التقدير بأكملها. وانتهى القرار المطعون فيه الى أن عدم اكتمال تقريرى سنة 1959 وسنة 1960 لجميع التوقيعات يؤدى الى بطلان التقديرين ومن ثم الى رفض طلب النيابة الادارية. ولكن الطعن يرى انه بالرجوع الى تقرير سنة 1959 المودع بملف هذا الطعن يتضح أن المدير المحلى (ابراهيم نصر) قد وقع قرين الخانة المعدة لتوقيعه بالنموذج، وأن رئيس المصلحة (أحمد بكرى) وهو فى درجة وكيل وزارة مساعد قد وقع قرين الخانة المعدة لتوقيعه. وكذلك وقع على هذا التقرير المهندس (الدمرداش) رئيس ادارة الكهرباء والغاز لمدينة القاهرة وهو رئيس لجنة شئون الموظفين بتلك الادارة فى ذات الوقت. أما عن تقرير سنة 1960 فانه يتضح من الرجوع اليه ان المدير المحلى (ابراهيم نقور) قد وقع قرين الخانة المعده له، وكذلك وقع عليه المهندس (الدمرداش) بصفته رئيس المصلحة، ورئيس لجنة شئون الموظفين أيضا. ومؤدى ذلك ان حالة المطعون عليه قد بحثت بمعرفة رؤسائه جميعا ثم أعيد فحصها عند عرضها على لجنة شئون الموظفين التى يرأسها رئيس المصلحة (الدمرداش) ومن ثم تكون قد تحققت فى شأن المطعون عليه جميع الضمانات التى اشترطت توافرها المادة (32) من القانون رقم 210 لسنة 1951 ولا يقدح فى ذلك، القول بانحراف توقيع واحد من أولئك الرؤساء عن الخانة المعدة لتوقيعه فى النموذج المطبوع ما دام انه قد ساهم واشترك فى بحث حالة الموظف وعرضت المبررات على لجنة شئون الموظفين التى لها الكلمة الأخيرة فى هذا الشأن. وبدهى ان مثل هذه اللجنة ما كانت لتصدر قرارها الا بعد اقتناعها بالمبررات التى حدت بجهة الادارة الى وضع تقدير كفاية المطعون عليه. واذ ذهب الحكم المطعون فيه الى غير ذلك فانه يكون قد خالف القانون وقامت به حالة من حالات الطعن فيه وانتهى تقرير هذا الطعن الى طلب الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون فيه والنظر فى حالة المطعون عليه طبقا لحكم المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 مع الزامه بالمصروفات.
ومن حيث ان المادة (31) من القانون رقم (210) لسنة 1951 تنص على انه (يقدم التقرير السرى عن الموظف من رئيسه المباشر ثم يعرض على المدير المحلى للادارة فرئيس المصلحة لابداء ملاحظاتهما، ثم يعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتقدير درجة الكفاية التى تراها، ويعلن الموظف الذى يقدم عنه تقرير بدرجة ضعيف بصورة منه) وقد تبين لهذه المحكمة من استقراء التقرير السرى السنوى لعام (1959) عن المطعون عليه أن الرئيس المباشر (زكى شمس) قدر بادئ ذى بدء للموظف المذكور (66) درجة - مرض - ثم عقب عليه المدير المحلى ابراهيم نصر) بتخفيض مجموع الدرجات فى العناصر المختلفة الى (51) درجة - مرض أيضا - ووقع على هذا التخفيض فى 9/ 4/ 1960 وجاء بعد ذلك رئيس المصلحة ووقع قرين الخانة المعدة له دون اجراء اى تخفيض أو رفع فى الدرجة التى وضعها المدير المحلى (ابراهيم نصر) ثم جاءت بعد ذلك لجنة شئون الموظفين ونزلت بتقدير درجة كفاية المطعون عليه الى (45) درجة تقابل (ضعيف) ووقع رئيس هذه اللجنة على هذا التقدير الاخير معتمدا اياه فى 17 من أبريل سنة 1960 كما هو ثابت فى صلب التقرير المرفق بملف هذا الطعن. ومن ثم يكون هذا التقرير قد مر بالمراحل القانونية التى رسمتها المادة (31) سالفا الذكر ويكون قد استوفى شكله الرسمى المطلوب. كما تبين لهذه المحكمة من استقراء التقرير السنوى السرى لعام (1960) عن المطعون عليه ان رئيسه المباشر رئيس قسم الشطب - قدر كفايته بدرجة (ضعيف) اذ حصل على (40) درجة فقط ثم عرض هذا التقدير على الرئيس المحلى (ابراهيم نصر) فاعتمده بحالته. ولما كان رئيس المصلحة فى هذه اللجنة (1960) المهندس الدمرداش هو الذى يشغل فى ذات الوقت وظيفة رئيس لجنة شئون الموظفين، وقد اكتفت ادارة الكهرباء والغاز لمدينة القاهرة - الطاعنة - بعرض التقرير على لجنة شئون الموظفين بالمحضر رقم (13) بجلسة 8/ 2/ 1961 فأقرت اللجنة تقدير درجة كفاية المطعون عليه بمقدار.. أربعين درجة - ضعيف - أى انها اعتمدت تقدير المدير المحلى الذى كان قد اعتمد بدوره تقدير الرئيس المباشر، ووقع على ذلك كله المهندس الدمرداش بما يفيد موافقته على ما سبق من تقدير وضعه الرئيس المباشر واعتمده المدير المحلى ووافق عليه المهندس الدمرداش بصفتيه لأنه كان يشغل فى هذه السنة وظيفة رئيس المصلحة وكان هو بذاته رئيسا للجنة شئون الموظفين. ولا مقنع فيما ذهب اليه تقرير هيئة مفوضى الدولة المقدم بجلسة 28 من نوفمبر سنة 1964 من ان السيد رئيس المصلحة لم يقدر كفاية المطعون عليه عن هذه السنة لان التقرير جاء خلوا من هذه الخطوة. هذا القول مردود بأن عرض التقرير السرى على المدير المحلى للادارة ثم على رئيس المصلحة لابداء ملاحظاتهما، محله ان يكون الموظف بحسب التدرج الرئاسى فى العمل، يخضع لرئيس مباشر فمدير محلى فرئيس مصلحة، فاذا كان نظام العمل خاليا من احدى حلقات هذه السلسلة فى التدرج التنظيمى كما لو كان الرئيس المباشر هو نفسه المدير المحلى أو كما لو كان الموظف يتبع رأسا فى العمل رئيس المصلحة أو كان رئيس المصلحة هو بذاته الذى يرأس لجنة شئون الموظفين، فأن التقرير يستوفى أوضاعه القانونية بحكم الضرورة واللزوم متى قدم التقرير الرئيس المباشر واعتمده المدير المحلى وأقره رئيس لمصلحة الذى كان يرأس، بحسب النظام الذى كان قائما بالجهاز الادارى فى تلك السنة، لجنة شئون الموظفين علاوة على رئاسته لتلك المصلحة. واذ كان الثابت فى أوراق الطعن الراهن ان رئيس المصلحة، بالنسبة للموظف المطعون عليه، هو الذى وقع التقرير بوصفه رئيسا للجنة شئون الموظفين، فلا يستساغ النعى بعد ذلك على مثل هذا التقرير بالبطلان لمجرد أن رئيس لجنة شئون الموظفين وهو بذاته يشغل وظيفة رئيس المصلحة لم يوقع التقرير مرة ثانية قرين خانة رئيس المصلحة ولكنه اكتفى بالتوقيع مرة واحدة تحت عبارة (رئيس اللجنة) وغنى عن البيان ان التوقيع تحت عبارة رئيس اللجنة على ذات التقرير السنوى يغنى عن التوقيع مرة ثانية قرين عبارة رئيس المصلحة متى كان الرئيس واحدا بحكم النظام المتبع فى تلك المصلحة عن تلك السنة ففى ذلك ما يوسد له السبيل الى ابداء كل ما يعن له كرئيس للمصلحة من ملاحظات فى شأن تقدير الكفاية المطروح على البحث كما يكفل لاعضاء لجنة شئون الموظفين تعرف رأى رئيس المصلحة والوقوف على مدى تأييده أو اعتراضه على ما وضع الرئيس المباشر من تقدير وملاحظات المدير المحلى عليه. فقد كان بذلك، تحت نظر اللجنة، وهى تصدر قرارها آراء الرؤساء جميعا - مباشر، ومحلى، ورئيس مصلحة - وتحقيق الضمان الذى حرص الشارع عليه. واذ كان ذلك، فليس ثمة ما يمكن أن يشكل وجها من أوجه انعدام القرار الادارى فى تقريرى سنة 1959 و1960 عن المطعون عليه - وكان يتعين لذلك على المحكمة التأديبية أن تنزل على حكم المادة (32) من القانون رقم (210) لسنة 1951 على المطعون عليه دون اعراض عنهما وعدم الاعتداد بما يرتبه القانون عليهما من آثار.
واذ ذهب قرار المحكمة التأديبية المطعون عليه، مذهبا مخالفا فانه يكون قد اخطأ فى تطبيق القانون وتأويله ويتعين القضاء بالغائه. ولما كان طلب النيابة الادارية غير مهيأ للفصل فيه، كما ان ولاية المحكمة التأديبية التى خلفت فيها الهيئة المشكل منها مجلس التأديب فى مجال أعمال حكم القانون فى شأن الموظف الذى يقدم عنه تقريران بدرجة (ضعيف) قد زالت منذ العمل بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم (46) لسنة 1964 الذى جعل الاختصاص فى هذا الشأن معقودا للجنة شئون العاملين وفقا لحكم المادة (34) منه فيتعين على الجهة الادارية المختصة نزولا على احكام هذه المادة، ان تحيل المطعون عليه الى تلك اللجنة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء القرار المطعون فيه وألزمت المطعون عليه بالمصروفات..
ساحة النقاش