تقرير الاختصاص للمحكمة التأديبية بالفصل في مشروعية القرارات التأديبية الخاصة بالعاملين في القطاع العام طبقاً للقانون رقم 61 لسنة 1971 - لا محل بعد إلغاء الحكم الصادر من المحكمة التأديبية باختصاصها قبل العمل بهذا القانون لإعادة الدعوى إليها من جديد - بيان ذلك.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة عشرة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1971 إلى منتصف فبراير سنة 1972) - صـ 185
(30)
جلسة 22 من يناير سنة 1972
برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد عبد العزيز يوسف ومحمد صلاح الدين السعيد وأحمد حسن العتيق المستشارين.
القضية رقم 505 لسنة 16 القضائية
( أ ) عاملون بالقطاع العام - تأديب - اختصاص المحاكم التأديبية.
نص المادة 60 من لائحة نظام العاملين بالقطاع العام الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 فيما تضمنه من تعديل في قواعد اختصاص جهات القضاء - مخالف للدستور - حكم المحكمة العليا الصادر بجلسة 3 من يوليو سنة 1971 - تقرير الاختصاص للمحكمة التأديبية بالفصل في مشروعية القرارات التأديبية الخاصة بالعاملين في القطاع العام طبقاً للقانون رقم 61 لسنة 1971 - لا محل بعد إلغاء الحكم الصادر من المحكمة التأديبية باختصاصها قبل العمل بهذا القانون لإعادة الدعوى إليها من جديد - بيان ذلك.
(ب) عاملون بالقطاع العام - "تأديب" حكم - المحكمة الإدارية العليا.
نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 سنة 1971 - نصه على أن أحكام المحاكم التأديبية الصادرة في بعض المنازعات التأديبية نهائية - سريان هذا النص على الأحكام الصادرة بعد العمل به دون غيرها.
(جـ) عاملون بالقطاع العام - تأديب "القرار التأديبي" - عيب عدم الاختصاص.
اختصاص المحكمة التأديبية بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة على العامل الذي يجاوز مرتبه خمسة عشر جنيهاً - صدور قرار الفصل من الجهة الرئاسية - يشوبه عيب عدم الاختصاص.
(د) عاملون بالقطاع العام - تأديب "الدعوى التأديبية" - اختصاص المحكمة التأديبية - مدى ولاية المحكمة الإدارية العليا.
اختصاص المحكمة التأديبية بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة على العامل الذي يشغل المستوى الثاني - اختصاص تأديبي مبتدأ - لا يحول دونه أن تكون المحكمة التأديبية قد تصدت من قبل لبحث مشروعية القرار الصادر من الجهة الرئاسية بفصل العامل على أساس نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 - ضرورة إقامة الدعوى التأديبية بواسطة النيابة الإدارية - لا تملك المحكمة الإدارية العليا مباشرة هذا الاختصاص - التزام المحكمة التأديبية بقبول الدعوى إذا أحيلت إليها من النيابة الإدارية.
1 - إن المحكمة العليا قد قضت بجلسة 3 من يوليه سنة 1971 في الدعوى رقم 4 لسنة 1 القضائية "دستورية" بعدم دستورية المادة 60 من لائحة نظام العاملين بالقطاع العام الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 المعدل بقرار رئيس الجمهورية رقم 802 لسنة 1967 فيما تضمنته من تعديل في قواعد اختصاص جهات القضاء على الوجه المبين بأسباب هذا الحكم.
وقد انطوت هذه الأسباب على أن المادة 60 المذكورة أسندت إلى المحاكم التأديبية الاختصاص بنظر الطعون في بعض القرارات التأديبية الصادرة من السلطات الرئاسية بالنسبة إلى هؤلاء العاملين وقد كان هذا الاختصاص منوطاً بجهتي القضاء العادي والإداري - وأياً كان الرأي في شأن الجهة الإدارية المختصة بنظر تلك الطعون - فإن تعديل اختصاص الجهات القضائية يجب أن يكون بقانون وفقاً لأحكام الدستور، وإذ عدلت المادة 60 المشار إليها اختصاص جهات القضاء على هذا النحو بقرار جمهوري فإنها تكون مخالفة للدستور.
وإذ قضت المحكمة العليا بعدم دستورية لائحة نظام العاملين بالقطاع العام فيما تضمنته من إسناد ولاية الفصل في بعض القرارات التأديبية الصادرة من السلطات الرئاسية في شأن العاملين بالقطاع العام إلى المحاكم التأديبية، فإن الحكم المطعون فيه إذ تصدى لموضوع الدعوى وقضى بذلك ضمناً باختصاصه بالفصل فيها، فإنه يكون قد خالف القانون. وكان يتعين الحكم بإلغائه وبإحالة الدعوى إلى الجهة القضائية المختصة، إلا أنه بصدور القانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام والذي عمل به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1971 أصبحت المحكمة التأديبية وفقاً لحكم المادة 49 من هذا النظام هي صاحبة الاختصاص بالفصل في مشروعية قرارات السلطات الرئاسية الصادرة بفصل العاملين بالمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها شاغلي الوظائف من المستوى الثالث بجانب بعض الاختصاصات الأخرى، وإذ تصدت المحكمة التأديبية لموضوع المنازعة وفصلت فيه فلا يكون ثمة محل لإعادة الدعوى إليها من جديد ولا محيص إذاً أمام المحكمة الإدارية العليا من التصدي لموضوع المنازعة ولتنزل عليها حكم القانون الصحيح.
2 - إن ما نصت عليه المادة 49 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به القانون رقم 61 لسنة 1971 سالف الذكر من اعتبار أحكام المحاكم التأديبية الصادرة بالفصل في قرارات السلطات الرئيسة بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة على العاملين شاغلي الوظائف من المستوى الثالث - ومن بينهم المدعي- نهائية ولا يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا، فإن ما تضمنته هذه المادة من إلغاء طريق من طرق الطعن لا يسري طبقاً لحكم المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارة بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 61 لسنة 1971. ولما كان الحكم المطعون فيه قد صدر قبل تاريخ العمل بهذا القانون فلا يكون له ثمة أثر على اختصاص المحكمة الإدارية العليا بالنظر في الطعن الماثل والفصل في موضوعه.
3 - أن مرتب المدعي كان يجاوز خمسة عشر جنيهاً شهرياً عند صدور القرار بفصله وبالتالي فإن قرار الجهة الرئاسية بفصله كان يشكل عدواناً على اختصاص المحكمة التأديبية التي كان لها دون سواها سلطة فصله من الخدمة بالتطبيق لحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 بسريان أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة ويكون القرار المطعون فيه والحالة هذه قد صدر مشوباً بعيب عدم الاختصاص.
4- إن المدعي أصبح من شاغلي الوظائف من المستوى الثاني بالتطبيق لأحكام القانون رقم 61 لسنة 1971، وإذ جعل هذا القانون الاختصاص منعقداً للمحاكم التأديبية في توقيع جزاء الفصل من الخدمة على العاملين بالقطاع العام شاغلي هذا المستوى، وأنه وإن كانت المحكمة التأديبية قد تصدت في حكمها المطعون فيه لموضوع هذه المنازعة إلا أن تناولها له لم يكون على أساس هو السلطة التقديرية المبتدأة التي أولاها إياها القانون رقم 61 لسنة 1971 المشار إليه الأمر الذي لا تكون معه تلك المحكمة قد استنفذت ولايتها وأفرغتها في شأنه بعد في نطاقها الجديد وسماتها التي تختلف كل الاختلاف على سمات صلاحياتها الأولى التي حددتها لنفسها في المدة التي حددتها لنفسها في المرة الأولى، وأوضح ذلك الخلاف هو ما يتصل بأسلوب اتصال المنازعة في نطاق السلطة الجديدة للمحكمة، فدخول المنازعة في حوزتها باعتبارها تمارس سلطة تأديبية مبتدأة يتطلب إجراء لا بد من أن تباشره جهة أخرى هي النيابة الإدارية صاحبة الولاية في تقديم مثل هذه المنازعات إلى المحكمة التأديبية، ولهذا ولعدم سبق مباشرة النيابة الإدارية لهذا الإجراء في خصوصية هذه المنازعة وعلى الرغم من أن إصدار السلطة الرئاسية لقرار فصل العامل المطعون ضده يعني مطالبتها النيابة الإدارية لمباشرة سلطة الاتهام وتقديم العامل بعد أن ألغى قرار فصله إلى المحكمة التي انعقدت لها ولاية فصله. على الرغم من ذلك فإن المحكمة التأديبية العليا لا تملك حق مباشرة هذا الاختصاص وبالتالي فهي لا تملك الإحالة إلى المحكمة التأديبية وتكتفي في هذا الشأن بالتنويه بأن من حق النيابة الإدارية إذا ما طلبت إليها الجهة الإدارية ذلك أن تباشر هذا الحق وأنه يكون لزاماً على المحكمة التأديبية آنذاك أن تقبل الدعوى بصورتها الجديدة لتباشر في شأنها سلطة تقدير مبتدأة منبتة الصلة بتلك التي باشرتها في خصوصها من قبل.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أنه بتاريخ 2 من فبراير سنة 1970 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 88 سنة 12 القضائية أمام المحكمة التأديبية طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر بفصله من الشركة الطاعنة وما يترتب على ذلك من آثار وقال شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 8/ 12/ 1969 نسب إليه وآخرين اختلاس بعض قطع البلاستيك من ممتلكات الشركة قدرت قيمتها بمبلغ 14 أربعة عشر جنيهاً وبتاريخ 16 من ديسمبر سنة 1969 أجري معه تحقيق إداري ثم عرضت الشركة أمر فصله على اللجنة الثلاثية في 26 من يناير سنة 1970 ثم فوجئ المدعي بإخطار الشركة له بفصله وذلك في 27 من يناير سنة 1970 وينعى المطعون ضده على القرار المذكور أنه صدر ممن لا يملكه وفقاً لأحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 حيث إن مرتبه الشهري يزيد على 15 جنيهاً ثم تناول الموضوع مفنداً أسانيد اتهامه وانتهى إلى أن القرار قام على غير سبب وانتهى إلى الحكم له بطلباته. وقد عقبت الشركة على الدعوى فدفعت بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الدعوى استناداً إلى أن المادة 60 من قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 بنظام العاملين بالقطاع العام المعدل بالقرار الجمهوري رقم 802 لسنة 1967 التي خولت المحاكم ولاية الفصل في القرارات التأديبية الصادرة بفصل العاملين في القطاع العام مخالفة للدستور وإلى أن الاختصاص يدخل في اختصاص القضاء العادي أما بالنسبة لموضوع الدعوى فقالت الشركة أن التهمة ثابتة قبل المدعي وآخرين وأن القرار المطعون فيه صحيح ويقوم على أسباب تبرره. وبجلسة 5 من مايو سنة 1970 حكمت المحكمة التأديبية برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الطعن وباختصاصها وبإلغاء القرار الصادر من الشركة في 27 من يناير سنة 1970 بفصل المطعون ضده من العمل وما يترتب على ذلك من آثار وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للدفع الذي أثارته الشركة على أن المادة 60 من قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 سنة 1966 بنظام العاملين بالقطاع العام المعدل بقرار رئيس الجمهورية رقم 802 سنة 1967 التي خولت المحاكم التأديبية ولاية الفصل في القرارات التأديبية الصادرة بفصل العاملين في القطاع العام لا تتعارض مع الدستور أو القانون مما يتعين معه رفض الدفع المثار. كما قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه استناداً إلى أن المدعي كان يتقاضي قبل فصله مرتباً شهرياً يزيد على 15 خمسة عشر جنيهاً ومن ثم فلا يجوز فصله طبقاً لحكم المادة الثانية من القانون رقم 19 لسنة 1959 في شأن سريان أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة إلا بحكم من المحكمة التأديبية ويكون القرار المطعون فيه والحالة هذه صادراً من غير مختص ومنعدم الأثر.
ومن حيث إن الطعن يقوم على عدم مشروعية المادة 60 من نظام العاملين بالقطاع العام التي استحدثت اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الطعن في القرارات الصادرة بالفصل من رؤساء مجالس إدارات الشركات بالقطاع العام لأن هذا الاختصاص على ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا لا يكون إلا بقانون لا بمجرد قرار جمهوري.
ومن حيث إن المحكمة العليا قد قضت بجلسة 3 من يوليو سنة 1971 في الدعوى رقم 4 لسنة 1 القضائية "دستورية" بعدم دستورية المادة 60 من لائحة نظام العاملين بالقطاع العام الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 المعدل بقرار رئيس الجمهورية رقم 802 سنة 1966 فيما تضمنته من تعديل قواعد اختصاص جهات القضاء على الوجه المبين بأسباب هذا الحكم، وقد انطوت هذه الأسباب على أن المادة 60 المذكورة أسندت إلى المحاكم التأديبية الاختصاص بنظر الطعون في بعض القرارات التأديبية الصادرة من السلطات الرئاسية بالنسبة إلى هؤلاء العاملين، وقد كان هذا الاختصاص منوطاً بجهتي القضاء العادي والإداري، وأياً كان الرأي في شأن الجهة الإدارية القضائية المختصة بنظر تلك الطعون فإن تعديل اختصاص الجهات القضائية يجب أن يكون بقانون وفقاً لأحكام الدستور. وإذ عدلت المادة 60 المشار إليها اختصاص جهات القضاء على هذا النحو بقرار جمهورية فإنها تكون مخالفة للدستور.
ومن حيث إن المحكمة العليا وقد قضت بعدم دستورية لائحة نظام العاملين بالقطاع العام فيما تضمنته من إسناد ولاية الفصل في بعض القرارات التأديبية الصادرة من السلطات الرئاسية في شأن العاملين بالقطاع العام إلى المحاكم التأديبية فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع المبدى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها يكون قد خالف القانون ويتعين الحكم بإلغائه وقد كان يتعين بعد إلغاء الحكم المطعون فيه إحالة الدعوى إلى الجهة القضائية المختصة. إلا أنه بصدور القانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام والذي عمل به من أول أكتوبر سنة 1971، أصبحت المحكمة التأديبية وفقاً لحكم المادة 49 من هذا النظام هي صاحبة الاختصاص بالفصل في مشروعية قرارات السلطات الرئاسية الصادرة بفصل العاملين بالمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها شاغلي الوظائف من المستوى الثالث بجانب بعض الاختصاصات الأخرى، وإذ تصدت المحكمة التأديبية لنظر موضوع المنازعة وفصلت فيه فلا يكون ثمة محل لإعادة الدعوى إليها من جديد ولا محيص إذاً أمام المحكمة الإدارية العليا من التصدي للقرار المطعون فيه - لتزنه بميزان القانون الصحيح إعمالاً لنص المادة 15 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة، أما ما نصت عليه المادة 49 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به القانون رقم 61/ 1971 سالف الذكر من اعتبار أحكام المحاكم التأديبية الصادرة بالفصل في قرارات السلطات الرئاسية بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة على العاملين شاغلي الوظائف من المستوى الثالث ومن بينهم المدعي نهائية ولا يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا. فإن ما تضمنته هذه المادة من إلغاء طريق من طرق الطعن لا يسري بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 61 لسنة 1971 وذلك إعمالاً لحكم المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية ولما كان الحكم المطعون فيه قد صدر قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 61/ 1971 المشار إليه فلا يكون له ثمة أثر على اختصاص المحكمة الإدارية العليا بالنظر في الطعن الماثل والفصل في موضوعه.
ومن حيث إن مرتب المدعي على ما يبين من الأوراق كان يجاوز خمسة عشر جنيهاً شهرياً عند صدور القرار بفصله وبالتالي فإن قرار الجهة الرئاسية بفصله كان يشكل عدواناً على اختصاص المحكمة التأديبية التي كان لها دون سواها سلطة فصله من الخدمة بالتطبيق لحكم القانون 19 لسنة 1959 بسريان أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكم التأديبية على موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة ويكون القرار المطعون فيه والحالة هذه قد صدر مشوباً بعيب عدم الاختصاص.
ومن حيث إن المدعي أصبح من شاغلي الوظائف من المستوى الثاني بالتطبيق لأحكام القانون رقم 61 لسنة 1971 المشار إليه إذ أنه كان عند فصله يشغل الفئة السابعة بمرتب شهري قدره - 25 جنيهاً وإذ جعل هذا القانون الاختصاص منعقداً للمحاكم التأديبية في توقيع جزاء الفصل من الخدمة على العاملين بالقطاع العام شاغلي هذا المستوى وأنه وإن كانت المحكمة التأديبية قد تصدت في حكمها المطعون فيه لموضوع هذه المنازعة إلا أن تناولها له لم يكن على أساس من السلطة التقديرية المبتدأة التي أولاها إياها القانون رقم 61 لسنة 1971 المشار إليه الأمر الذي لا تكون معه تلك المحكمة قد استنفدت ولايتها وأفرغتها في شأنه بعد في نطاقها الجديد وسماتها التي تختلف كل الاختلاف عن سمات صلاحياتها الأولى التي حددتها لنفسها في المرة الأولى وأوضح ذلك الخلاف هو ما يتصل بأسلوب اتصال المنازعة في نطاق السلطة الجديد للمحكمة فدخول المنازعة في حوزتها باعتبارها تمارس سلطة تأديبية مبتدأة يتطلب إجراء لا بد من أن تباشره جهة أخرى هي النيابة الإدارية صاحبة الولاية في تقديم مثل هذه المنازعات إلى المحكمة التأديبية، ولهذا ولعدم سبق مباشرة النيابة الإدارية لهذا الإجراء في خصوصية هذه المنازعة وعلى الرغم من أن إصدار السلطة الرئاسية لقرار فصل العامل المطعون ضده يعني مطالبتها النيابة الإدارية لمباشرة سلطة الاتهام وتقديم العامل بعد أن ألغى قرار فصله إلى المحكمة التي انعقدت لها ولاية فصله. على الرغم من ذلك فإن المحكمة الإدارية العليا لا تملك حق مباشرة هذا الاختصاص وبالتالي فهي لا تملك الإحالة إلى المحكمة التأديبية وتكتفي في هذا الشأن بالتنويه بأن من حق النيابة الإدارية إذا - ما طلبت إليها الجهة الإدارية ذلك أن تباشر هذا الحق وأنه يكون لزاماً على المحكمة التأديبية آنذاك أن تقبل الدعوى بصورتها الجديدة لتباشر في شأنها سلطة تقديرية مبتدأة منبتة الصلة بتلك التي باشرتها في خصوصها من قبل.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إلغاء القرار المطعون فيه وهو ما انتهت إليه المحكمة للأسباب السالفة الذكر ومن ثم فإن الطعن يكون على غير أساس من القانون متعين الرفض مع إلزام الشركة الطاعنة المصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الشركة الطاعنة بالمصروفات.
ساحة النقاش