اختصاص المحاكم التأديبية في الدعاوى التأديبية المبتدأة وفي الطعون في أي جزاء تأديبي يصدر من السلطات الرئاسية - حكم المحكمة العليا.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1973 إلى أخر سبتمبر سنة 1974) - صـ 95
(43)
جلسة 19 من يناير سنة 1974
برئاسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة ومحمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمود طلعت الغزالي - المستشارين.
القضية رقم 268/ 410 لسنة 15 القضائية
( أ ) "دعوى" ميعاد الطعن في الأحكام - ميعاد المسافة - امتداد ميعاد الطعن أربعة أيام لأن مقر الشركة بالإسكندرية.
(ب) "عاملون بالقطاع العام" "تأديب" الفرق بين الفصل التأديبي والفصل بغير الطريق التأديبي - مثال.
(جـ) "عاملون بالقطاع العام" "تأديب" - اختصاص المحاكم التأديبية في الدعاوى التأديبية المبتدأة وفي الطعون في أي جزاء تأديبي يصدر من السلطات الرئاسية - حكم المحكمة العليا.
(د) "عاملون بالقطاع العام" "تأديب" "اختصاص" - الفصل من الخدمة من اختصاص المحكمة التأديبية وحدها. صدور قرار الفصل من الجهة الرئاسية يعتبر عدواناً على اختصاص المحكمة التأديبية.
(هـ) "عاملون بالقطاع العام" - "تأديب" - عدم التناسب الظاهر بين الجزاء الإداري والذنب الموقع عنه - مثال - مجازاة العامل المختلس بخصم شهر من مرتبه - عدم مشروعيته.
1 - ولئن كان الطعن رقم 268 لسنة 15 القضائية قدم في 12 من يناير سنة 1969 عن الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية في 9 من نوفمبر سنة 1968، أي أنه قدم بعد الميعاد المقرر للطعن وهو ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم، إلا أن الشركة المحكوم ضدها (الطاعنة) مقرها بالإسكندرية والطعن قدم للمحكمة الإدارية العليا بالقاهرة، وطبقاً لما تقضي به المادة 16 من قانون المرافعات "إذا كان الميعاد معيناً في القانون للحضور أو لمباشرة إجراء فيه زيد عليه يوم لكل مسافة مقدارها خمسون كيلو متراً بين المكان الذي يجب الانتقال منه والمكان الذي يجب الانتقال إليه، وهو ما يزيد من الكسور على الثلاثين كيلو متراً يزاد له يوم على الميعاد، ولا يجوز أن يجاوز ميعاد المسافة أربعة أيام" والانتقال المعني في هذه المادة والذي تنصرف إليه مواعيد المسافة المقررة بها هو انتقال من يستلزم الإجراء ضرورة انتقالهم وهم الخصوم أو من ينوب عنهم من المحضرين وغيرهم، ولما كان الثابت أن المسافة بين الإسكندرية وهي المكان الذي يجب أن تنتقل منه الشركة المحكوم ضدها (الطاعنة) والقاهرة وهي المكان الذي يجب الانتقال إليه للتقرير بالطعن تزيد على مائتي كيلو متراً، فإنه يضاف إلى ميعاد الطعن الذي ينتهي في 8 من يناير سنة 1969 ميعاد مسافة قدره أربعة أيام أي أنه يمتد إلى 12 من يناير سنة 1969 وهو اليوم الذي تم فيه التقرير بالطعن، ومن ثم يكون الطعن قد قدم في الميعاد القانوني مستوفياً أوضاعه الشكلية.
2 - لا صحة لما ذهبت إليه الشركة الطاعنة في طعنها رقم 268 لسنة 15 القضائية من أن القرار رقم 14 لسنة 1968 بإنهاء خدمة المدعي ليس قراراً تأديبياً وإنما هو قرار بفصله بغير الطريق التأديبي لعدم صلاحيته لشغل وظيفته، ذلك أن أسباب انتهاء خدمة العاملين بالقطاع العام محددة في المادة 75 من قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 الذي تم الإنهاء في ظل أحكامه، وليس من بينها حق الشركة في إنهاء خدمة العامل بغير الطريق التأديبي لعدم صلاحيته لشغل وظيفته فيما عدا الحالتين اللتين أشار إليهما الحكم المطعون فيه وهما ثبوت عدم صلاحيته خلال فترة الاختبار أو توالي التقارير عنه بدرجة ضعيف، وفيما عدا ذلك فإن الفصل بغير الطريق التأديبي إنما يكون بقرار من رئيس الجمهورية، فقد جاء في البند الثالث من المادة 75 من قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر أن خدمة العامل تنتهي بالفصل أو العزل بحكم أو قرار تأديبي أو بقرار من رئيس الجمهورية فالقرار رقم 14 لسنة 1968 الذي أصدره رئيس مجلس إدارة الشركة بإنهاء خدمة المدعي لارتكابه العديد من المخالفات ولاتهامه بالاختلاس مهما يكن عباراته هو في حقيقته فصل تأديبي.
3 - لما كانت المحكمة العليا قد قضت بجلسة 3 من يوليه سنة 1971 في الدعوى رقم 4 لسنة 1 القضائية "دستورية" بعدم دستورية المادة 60 من لائحة نظام العاملين بالقطاع العام الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 المعدل بقرار رئيس الجمهورية رقم 802 لسنة 1967 فيما تضمنته من إسناد ولاية الفصل في بعض القرارات التأديبية الصادرة من السلطات الرئاسية في شأن العاملين بالقطاع العام إلى المحاكم التأديبية، فإن الحكم المطعون فيه إذ تصدى لموضوع الدعوى يكون قد خالف القانون، وكان يتعين لذلك الحكم بإلغائه وإحالة الدعوى إلى الجهة القضائية المختصة، إلا أنه بصدور القانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام والنص فيه على اختصاص المحكمة التأديبية بالفصل في قرارات السلطات الرئاسية الصادرة بفصل بعض العاملين بالمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها وصدور القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة الذي خلع على المحاكم التأديبية الولاية العامة للفصل في مسائل تأديب العاملين ومنهم العاملون بالقطاع العام، فقد انتهت المحكمة العليا في حكمها الصادر في الدعوى رقم 9 لسنة 2 تنازع إلى أن المحاكم التأديبية هي الجهة القضائية المختصة التي ناط بها القانون الفصل في الدعاوى التأديبية المبتدأة وفي الطعون في أي جزاء تأديبي يصدر من السلطات الرئاسية، وإذ تصدت المحكمة التأديبية لموضوع المنازعة فلم يعد جائزاً إعادة الدعوى إليها لتقضي فيها من جديد، ولا محيص إذن أمام المحكمة الإدارية العليا من التصدي للقرار المطعون فيه لتزنه بميزان القانون الصحيح.
4 - إن مرتب المدعي - على ما يبين من الأوراق - كان يجاوز خمسة جنيهات شهرياً عند صدور القرار بفصله وبالتالي فإن قرار الجهة الرئاسية بفصله كان يشكل عدواناً على اختصاص المحكمة التأديبية التي كان لها دون سواها سلطة فصله من الخدمة بالتطبيق لحكم القانون رقم 19 لسنة 1959 بسريان أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكم التأديبية على موظفي المؤسسات والهيئات العامة والشركات والجمعيات والهيئات الخاصة، ويكون القرار المطعون فيه والحالة هذه قد صدر مشوباً بعيب عدم الاختصاص، ولم ينفك عنه هذا العيب بعد صدور القانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام إذ نص في المادة 49 ثالثاً فقرة 2 منه على أن المحكمة التأديبية هي صاحبة السلطة في توقيع جزاء الفصل على العاملين شاغلي الوظائف من المستوى الثاني وما يعلوه ومن بينهم المدعي.
5 - جرى قضاء هذه المحكمة على أن انعدام التناسب الظاهر بين الذنب الإداري والجزاء الموقع عنه يخرج الجزاء عن نطاق المشروعية مما يجعله مخالفاً للقانون متعين الإلغاء، ولما كان الحكم المطعون فيه والذي لم يطعن فيه السيد....... - قد انتهى إلى ثبوت ما هو منسوب إلى المذكور بقرار الاتهام من أن نيته انصرفت إلى الاستيلاء على المبالغ موضوع الدعوى لنفسه وبسبب وظيفته دون وجه حق، وأنه بذلك يكون قد خرج على مقتضى ما يجب أن يتحلى به العامل من أمانة وحسن سلوك ولم يحافظ على أموال الشركة التي يعمل بها واستولى دون وجه حق على أموالها ولم يوردها إلى خزانة الشركة إلا بعد اكتشاف أمره، فما كان يجوز أن يقضي الحكم بعد ذلك بمجازاة المذكور بخصم شهر من مرتبه إذ ليس هناك أي تناسب بين الذنب الإداري الذي ثبت في حقه وبين الجزاء الذي وقع عليه، فلا جدال في أن جرائم الاختلاس من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة والتي تفقد العامل الذي يرتكبها سمعته والثقة فيه وتؤدي عند الحكم فيها جنائياً إلى فصله بقوة القانون، ولا يمكن أن يؤدي قيام السيد....... برد المبالغ التي اختلسها وبالتالي قيام النيابة العامة بإحالة الموضوع إلى الجهة الإدارية لمجازاته عما ثبت في حقه تأديبياً إلى تغيير طبيعة الذنب الذي ارتكبه، فإذا ما أضيف إلى ما تقدم أن للمذكور سجلاً حافلاً بالجزاءات على نحو ما هو ثابت بالأوراق، فإن الجزاء الحق لمثله هو الفصل من الخدمة.
ساحة النقاش