خلو ملف خدمة العامل من قرار تعيينه - قيام شواهد على التعيين - اعتبار الرابطة الوظيفية منعقدة - تأديبه - اختصاص المحاكم التأديبية - بيان ذلك.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 342
(94)
جلسة 12 من إبريل سنة 1975
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي، جمال الدين إبراهيم وريده المستشارين.
القضية رقم 847 لسنة 16 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - تعيين - محاكم تأديبية - اختصاص.
خلو ملف خدمة العامل من قرار تعيينه - قيام شواهد على التعيين - اعتبار الرابطة الوظيفية منعقدة - تأديبه - اختصاص المحاكم التأديبية - بيان ذلك.
إنه ولئن خلا ملف خدمة المطعون ضده من قرار بتعيينه في وظيفة أمين مخزن الجمعية التعاونية من الدرجة التاسعة، إلا أن الشواهد تقطع بأن قراراً من هذا القبيل قد صدر فعلاً بدليل أن معاملة المطعون ضده جرت منذ تسلمه العمل على أساس قيام الرابطة الوظيفية بينه وبين الإدارة التي لم يتقدم ضمن ملف خدمته أصل هذا القرار أو صورة منه لسبب أو لآخر، لعل أقربها أنها لم تتريث في إصدار هذا القرار حتى توافى برأي مكتب الأمن.
متى كان ثابتاً من الأوراق أن الرابطة الوظيفية قد انعقدت بالفعل بين الجهة الإدارية والمطعون ضده، فإن المحكمة التأديبية تكون مختصة بنظر الدعوى دون حاجة إلى الخوض في مدى خضوع الموظف الفعلي للتأديب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تخلص - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن النيابة الإدارية أقامت بتاريخ 29 من إبريل 1968 الدعوى التأديبية رقم 153 لسنة 10 القضائية ضد السيد/.... أمين مخزن الجمعية التعاونية الزراعية بميت رهينة التابعة لمحافظة الجيزة، بأنه خلال عامي 1965، 1966 بدائرة محافظة الجيزة خالف القانون وأخل بواجب الأمانة مما كان من شأنه الإضرار بالصالح المالي للدولة، وذلك بأن استولى بدون وجه حق على 3.445 طناً من الكسب و25 كيلو جراماً من مادة الديمتركس مما سبق تسليمها إليه بسبب وظيفته، كما استولى بدون حق على أصناف مملوكة للجمعية بلغت قيمتها 371 مليم و152 جنيهاً على النحو المبين بالأوراق، وطلبت النيابة الإدارية معاقبته لارتكابه المخالفات المالية المنصوص عليها في المواد 53/ 1، 55/ 3، 59/ من القانون رقم 46 لسنة 1964.
ومن حيث إنه بجلسة 28 من يوليه 1970 قضت المحكمة التأديبية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأقامت قضاءها على أن الثابت من الأوراق حسبما جاء بكتاب مديرية الزراعة بمحافظة الجيزة المؤرخ 28/ 12/ 1968 أن المتهم استبعد من الخدمة لأن مكتب الأمن لم يوافق على تعيينه، وأن من شأن ذلك عدم قيام رابطة قانونية وظيفية صحيحة بين المتهم والإدارة، وبالتالي فإنه لم يكن موظفاً عاماً خلال المدة التي نسبت إليه فيها المخالفات آنفة الذكر وأنه من ثم فهو يأخذ حكم الموظف الفعلي، وأنه لما كان الأصل أن سلطة التأديب إنما ترتبط بقيام رابطة التوظف تامة وصحيحة، ومن ثم فإن محاكمة المتهم تخرج من اختصاص المحكمة التأديبية سواء ألحق بالعمل قبل صدور قرار تعيينه أو كان قد صدر قرار بذلك ثم سحب إذ يعتبر المتهم في الحالتين مجرد موظف فعلي لا تدخل محاكمته تأديبياً في اختصاص المحكمة التأديبية.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الموظف الفعلي يشترك مع الموظف القانوني في كثير من النواحي فهو يتقاضى مرتبه وتعتبر قراراته صحيحة حماية للغير حسني النية، ومن ثم فإنه يتحمل بأعباء الوظيفة ومنها عدم الخروج على مقتضياتها وإلا كان عرضة للمؤاخذة التأديبية. وأنه لما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب فإنه يكون حقيقاً بالإلغاء مع إعادة الدعوى إلى المحكمة للفصل في موضوعها.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على الأوراق التي وجدت بملف المطعون ضده أنه تسلم العمل في 9 من سبتمبر 1965، وأن قرار صدر من المدير العام لمديرية الزراعة بمحافظة الجيزة في 19 من يونيه 1966 بمجازاته بخصم عشرة أيام من مرتبه عن شهر مايو 1966 لمخالفات نسبت إليه، وأشير في هذا القرار إلى كونه أميناً لمخزن الجمعية التعاونية بميت رهينة من الدرجة التاسعة، كما صدر قرار آخر في 30 من أكتوبر 1966 من المدير العام لمديرية الزراعة بوقف المطعون ضده عن العمل لاتهامه في قضية الجنحة رقم 6573 البدرشين لسنة 1966 باختلاس كمية من الكسب والسماد، وأشير في هذا القرار أيضاً إلى وظيفته ودرجته المشار إليهما، وقد رأت النيابة العامة الاكتفاء بمجازاته إدارياً فأحيل من ثم إلى المحكمة التأديبية، وفي 29 من ديسمبر 1966 وجه رئيس مكتب الأمن بوزارة الزراعة كتاباً برقم 5064 إلى مدير عام الزراعة بمحافظة الجيزة - رداً على كتاب كان الأخير قد بعث به إليه - ضمنه عدم الموافقة على تعيين المطعون ضده، وجرى تعميم هذا الكتاب على شئون العاملين وحسابات المحافظة والتحقيقات ومفتش زراعة البدرشين بكتاب مدير عام مديرية الزراعة رقم 241 في 4 من يناير 1967، وأشير في هذا الكتاب إلى أن المطعون ضده عين بقرار من محافظة الجيزة، كذلك فقد ورد بكتاب المدير الإداري بمديرية الزراعة الموجه إلى مراقب عام التظلمات الإدارية والعقود بوزارة الزراعة المؤرخ 11 من أغسطس 1968 - تعقيباً على قرار الاتهام المقدم من النيابة الإدارية إلى المحكمة - أن المطعون ضده "سبق إبعاده من الخدمة حيث لم يوافق مكتب الأمن على تعيينه، وأن مراقبة شئون العاملين بالمحافظة أبلغت بكتاب المديرية المؤرخ 8 من يناير سنة 1967 لاستصدار قرار السيد المحافظ بفصله من الخدمة حيث كان معيناً عن طريق محافظة الجيزة.
ومن حيث إنه ولئن خلا ملف خدمة المطعون ضده من قرار بتعيينه في وظيفة أمين مخزن الجمعية التعاونية من الدرجة التاسعة، إلا أن الشواهد تقطع بأن قراراً من هذا القبيل قد صدر فعلاً بدليل أن معاملة بينه وبين الإدارة التي لم تقدم ضمن ملف خدمته أصل هذا القرار أو صورة منه لسبب أو لآخر، لعل أقربها أنها لم تتريث في إصدار هذا القرار حتى توافى برأي مكتب الأمن.
ومن حيث إنه متى كان ثابتاً من الأوراق أن الرابطة الوظيفية قد انعقدت بالفعل بين الجهة الإدارية والمطعون ضده، فإن المحكمة التأديبية تكون مختصة بنظر الدعوى دون حاجة إلى الخوض في مدى خضوع الموظف الفعلي للتأديب. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب، فإنه يكون مخالفاً للقانون حقيقاً بالإلغاء ويتعين والحالة هذه القضاء باختصاص المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الزراعة بنظر الدعوى وإعادتها إليها للفصل في موضوعها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الزراعة بنظر الدعوى وإحالتها إليها للفصل في موضوعها.
ساحة النقاش