موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

اعتبار المحكمة التأديبية هي المحكمة ذات الولاية العامة في شئون التأديب - اختصاصها يشمل كل ما يتصل بالتأديب أو يتفرع عنه .

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1980 إلى آخر فبراير سنة 1981) - صـ 516

(71)
جلسة 14 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صلاح الدين السعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد ونصحي بولس فارس وعادل عبد العزيز بسيوني وأبو بكر الدمرداش أبو بكر - المستشارين.

الطعن رقم 692 لسنة 21 القضائية

محكمة تأديبية - اختصاص - الوقف الاحتياطي.
اعتبار المحكمة التأديبية هي المحكمة ذات الولاية العامة في شئون التأديب - اختصاصها يشمل كل ما يتصل بالتأديب أو يتفرع عنه - اختصاص المحكمة التأديبية بأية منازعة حول الوقف الاحتياطي وحول استحقاق المرتب الموقوف صرفه خلاله باعتبار أن الوقف الاحتياطي من الإجراءات التي تتصل بالتأديب - لا تصادم بين اختصاص كل من رئيس المحكمة التأديبية والمحكمة التأديبية ذاتها يستتبع التفرقة بينهما ويكون من مؤداه حرمان صاحب الحق من أن يتعجل في الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي طالباً النصفة بإلغاء قرار وقفه الباطل وما يترتب على ذلك من آثار ماديه ووظيفية وأدبية - قضاء المحكمة التأديبية بعدم قبول طلب إلغاء قرار وقف المدعي وما يترتب عليه من آثار لرفعه قبل الأوان قضاء غير سديد - أساس ذلك - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 16 من يوليه سنة 1975 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدول المحكمة تحت رقم 692 لسنة 21 القضائية في الحكم الصادر بجلسة 17 من مايو سنة 1975 من المحكمة التأديبية للعاملين برئاسة الجمهورية ووزارة السياحة في الدعوى رقم 1 لسنة 9 القضائية المقامة من السيد/ ....... ضد السيدين رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للفنادق والسياحة (تورهوتيل) ومدير عام النيابة الإدارية، والذي قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان وبإلزام المدعي بخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وطلبت هيئة مفوضي الدولة للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية للفصل فيها.
وبعد إعلان تقرير الطعن عقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض دعوى المدعي.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 9 من إبريل سنة 1980 وبجلسة 28 من مايو سنة 1980 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الرابعة - لنظره بجلسة 7 من يونيه سنة 1980، وبجلسة 10 من يناير سنة 1981 سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن على النحو المبين بمحضر الجلسة ثم أرجات إصدار الحكم إلى جلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 30 من نوفمبر سنة 1974 أقام السيد/ ...... الدعوى رقم 1 لسنة 6 القضائية أمام المحكمة التأديبية للعاملين برئاسة الجمهورية ووزارة السياحة ضد السيدين رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للفنادق والسياحة (تورهوتيل) ومدير عام النيابة الإدارية، طالباً إلغاء القرار رقم 261 الصادر في 22 من يوليه سنة 1974 من المدعى عليه الأول بإيقافه عن العمل والقضاء بإعادته لعمله لعدم قيام أية جريمة في حقه، وعدم قيام الشركة بإخطار المحكمة التأديبية بمد إيقافه خلال المدة القانونية، وبإلزام الشركة المذكورة بصرف مرتبه كاملاً مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال بياناً للدعوى إن الشركة المصرية للفنادق والسياحة (تورهوتيل) أصدرت قرارها المطعون فيه بإيقافه عن العمل اعتباراً من 22 من يوليه سنة 1974 ثم أخطرت إدارة الدعوى التأديبية لتحديد جلسة للنظر في أمر صرف نصف المرتب الموقوف صرفه فأحالت إدارة الدعوى التأديبية الطلب إلى المحكمة التأديبية لوزارة السياحة وقيد بجدولها تحت رقم 92 لسنة 16 القضائية وبجلسة 31 من أغسطس سنة 1974 قررت المحكمة وقف صرف ربع مرتبه. وأضاف المدعي أن فترة إيقافه قد انتهت في 22 من أكتوبر سنة 1974 وكان يتعين على الشركة أن تعرض الأمر على المحكمة التأديبية، إلا أن الشركة المذكورة لم تتخذ هذا الإجراء بالمخالفة لحكم المادة 57 من القانون رقم 61 لسنة 1971 بنظام العاملين بالقطاع العام.
وطلبت الشركة المدعى عليها الحكم برفض الدعوى تأسيساً على أنها لم تخرج فيما اتخذته من إجراءات عن حكم المادة 57 من القانون رقم 61 لسنة 1971 بنظام العاملين بالقطاع العام، فقد أوقفت المدعي عن عمله احتياطياً في 22 من يوليه سنة 1974 ثم عرضت على المحكمة التأديبية في الموعد القانوني أمر صرف النصف الموقوف صرفه من مرتب المدعي كما عرضت على المحكمة التأديبية في الموعد القانوني أمر مد إيقاف المدعي.
وبجلسة 17 من مايو سنة 1975 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان وبإلزام المدعي بخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت المحكمة قضاءها بعد أن أشارت إلى المادة 57 من القانون رقم 61 لسنة 1971 سالف الذكر والمادة 16 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 أن رئيس مجلس إدارة الشركة يملك بموجب السلطة التي خولها إياه القانون حق وقف العامل عن عمله احتياطياً إذا رأى أن مصلحة التحقيق معه تقتضي ذلك، إلا أن استعمال هذا الحق ليس مطلقاً بل وضع له المشرع الضوابط والشروط كما حدد الآثار التي تترتب عليه منعاً من استعماله لغير الغرض المستهدف منه، لذلك أوجب عرض الأمر على رئيس المحكمة التأديبية إذا استطال الوقف عن ثلاثة أشهر للفصل في طلب مد الوقف، وقضى بوقف صرف نصف مرتب العامل الموقوف مع عرض الأمر على رئيس المحكمة ليقرر ما يراه في هذا الشأن خلال عشرة أيام ومن ثم فإن الوقت الاحتياطي عن العمل وفي المرتب الموقوف صرفه مؤقتاً يخضع لسلطة رئيس المحكمة التأديبية فهو صاحب القول الفصل في هذه الحالة لا تشاركه فيه أية جهة أخرى، وأضافت المحكمة أنه إذا انتهى الوقف فإن صرف المرتب الموقوف يظل معلقاً بقوة القانون إلى أن ينحسم الموقف بالنسبة للمخالفات التي أجري التحقيق في شأنها وأوقف العامل من أجلها وبالتالي فإن المحكمة بكامل هيئتها لا يبدأ اختصاصها في هذا الشأن إلا بعد صدور القرار الذي ينحسم به الموقف المعلق للعامل بالبت فيما نسب إليه من مخالفات. وقالت المحكمة أن الأوراق قد خلت مما يفيد صدور قرار في شأن المخالفات المنسوبة إلى المدعي ومن ثم فإن أمر وقفه وصرف مرتبه مؤقتاً عن مدة الوقف قد فصل فيه رئيس المحكمة بمقتضى السلطة المقررة له قانوناً، كما أن موقف المدعي لم يتحدد بعد فيظل معلقاً لحين صدور قرار في شأنه ومن ذلك الوقت تبدأ السلطة الرقابية للمحكمة على تصرفات الجهة الإدارية وبالتالي فإن المدعي يكون قد تعجل في رفع الدعوى قبل الأوان مما يتعين معه عدم قبولها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله حين قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان، وذلك لأن الحكم المذكور جاء خالياً من أية إشارة تفيد اتخاذ أي إجراء قانوني في صدد الطاعن بعد انتهاء فترة مد وقفه عن العمل في نهاية شهر فبراير سنة 1975، إما بمد هذه الفترة أو بعودته إلى العمل، وبالتالي فقد نشأت لدى نظر الدعوى حقيقة مادية واقعية مردها استمرار وقف الطاعن دون سند، وبالتبعية فإن هذا الواقع يشكل حالة قانونية يتعين التصدي لها، قوامها إبعاد الطاعن عن عمله دون سند من القانون، وهذا الإجراء يدخل في اختصاص المحكمة التأديبية باعتباره جزاء تأديبياً مقنعاً، ولا يعول في هذا الصدد على ما ذهب إليه المحكمة من أن البت في وقف أو عدم وقف العامل أمر منوط برئيس المحكمة التأديبية، لأن مناط إعمال هذا الاختصاص هو اتصال رئيس المحكمة بالمنازعة في هذا الصدد الأمر الذي لا يتحقق إلا بعرض الأوراق عليه، فإذا أحجمت الجهة الإدارية عن ذلك واستمر وقف العامل دون سند قانوني، انعقد الاختصاص للمحكمة التأديبية، ليس يحسبان الأمر متعلقاً بمدى مد وقف العامل من عدمه ولكن باعتبار أنه قد منع عن العمل دون سند قانوني وأبعد عنه في غير الحالات التي حددها القانون، وبالتالي فإن الجهة الإدارية قد خرجت من دائرة الوقف عن العمل إلى نطاق توقيع العقوبة وإن كانت مقنعة.
وقد عقب المدعي على الطعن بمذكرة جاء فيها أن طلباته في دعواه مثار الطعن الماثل قد انحصرت حسبما ورد في ختام عريضة تلك الدعوى على إلغاء قرار وقفه رقم 261 الصادر في 22 من يوليه سنة 1974 وعودته فوراً للعمل، وإلزام الشركة المدعى عليها بصرف مرتبه كاملاً وما يترتب على ذلك من آثار. وأضاف المدعي في تعقيبه على الطعن أنه يطلب الحكم بصرف الجزء المستقطع من مرتبه ورفع تقدير كفايته عن سنة 1975 من متوسط إلى جيد وترقيته إلى الفئة الخامسة اعتباراً من 31 من ديسمبر سنة 1977. وبجلسة المحكمة المنعقدة في 22 من نوفمبر سنة 1980 قال المدعي إن طلباته هي صرف المرتب الموقوف صرفه عن مدة وقفه إلى أن أعيد إلى العمل في الأول من يوليه سنة 1976 وأضاف أنه عند إعادته إلى العمل ساومته الشركة على أن يتنازل عن المرتب الموقوف فاستجاب إلى هذا الطلب دون تقديم إقرار منه. وعقبت النيابة الإدارية على الطعن وطلبت الحكم برفضه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي يعمل في وظيفة مراقب الحركة المخزنية بفندق عمر الخيام. وفي 20 من يوليه سنة 1974 أبلغ مدير الفندق الشركة المدعى عليها بأنه تم اكتشاف عجز وتلاعب في الخمور بالفندق فكلفت الشركة مدير المراجعة بها للتأكد من ذلك فقدم تقريراً بنتيجة فحص حساب مخزن الخمور للفندق أثبت به ملاحظاته على نظام العمل بالمخزن والتلاعب والتزوير في دفتر مراقبة المخزن عهدة المدعي، وانتهى تقرير مدير المراجعة إلى وجود شبهة اختلاس مبلغ 84.680 جنيهاً وعجز قدره 686.870 جنيهاً. وإذ أثبت التحقيق المبدئي الذي أجرته الشركة وجود تواطؤ بين المدعي وأمين المخزن المسئول لإخفاء العجز في حركة المخزون مع تلاعبه في الدفاتر لتغطية هذا العجز، فقد أصدرت الشركة قرارها رقم 261 لسنة 1974 في 22 من يوليه سنة 1974 بوقف المدعي وأمين المخزن المسئول عن العمل ولحين انتهاء التحقيق وتحديد موقفهما. وفي ذات التاريخ طلبت الشركة بكتابها رقم 1100 لسنة 1974 من إدارة الدعوى التأديبية عرض الأمر على المحكمة المختصة للنظر في أمر نصف المرتب الموقوف، وقد قيد هذا الطلب بجدول المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة السياحة تحت رقم 92 لسنة 16 القضائية.
وبجلسة 31 من أغسطس سنة 1974 قرر السيد رئيس المحكمة وقف صرف ربع مرتب المدعي مؤقتاً عن مدة وقفه الاحتياطي وفي 12 من أكتوبر سنة 1974 طلبت الشركة من إدارة الدعوى التأديبية اتخاذ عرض أمر مد وقف المدعي عن عمله وقيد طلبها بسجل المحكمة التأديبية تحت رقم 12 لسنة 17 القضائية، وفي 16 من نوفمبر سنة 1974 قرر السيد رئيس المحكمة مد وقف المدعي حتى نهاية فبراير سنة 1975 مع وقف صرف ربع مرتبه.
وفي 17 من مايو سنة 1975 قرر السيد رئيس المحكمة مد وقفه حتى نهاية شهر أغسطس سنة 1975 مع إيقاف صرف نصف مرتبه، ثم صدر قرار الشركة بمد وقفه حتى 15 من مارس سنة 1979 تنفيذاً لقرار السيد رئيس المحكمة، وفي الأول من يوليه سنة 1976 أعيد المدعي إلى عمله بإدارة التخطيط والمتابعة.
ومن حيث إن المدعي أقام دعواه مثار الطعن الماثل في 30 من نوفمبر سنة 1974 مطالباً بإلغاء قرار الشركة المدعى عليها رقم 261 الصادر في 22 من يوليه سنة 1975 بإيقافه عن العمل والحكم بإعادته إلى عمله وبإلزام الشركة بصرف مرتبه كاملاً بمقولة إن الشركة لم تقم بإخطار المحكمة التأديبية لمد إيقافه خلال المدة القانونية ولعدم قيام أية جريمة في حقه، وهي ذات طلباته التي تضمنتها مذكرته المقدمة للمحكمة التأديبية في 5 من مارس سنة 1975 أثناء فترة حجز الدعوى للحكم، كما أكد المدعي ذلك في مذكرته تعقيباً على الطعن في الحكم الصادر في دعواه وإذ كان ما تقدم فإن طلبات المدعى في دعواه مثار الطعن الماثل تكون قد انحصرت في إلغاء القرار رقم 261 الصادر في 22 من يوليه سنة 1974 بإيقافه عن العمل وفي إعادته إلى عمله وإلزام الشركة المدعى عليها بصرف كامل مرتبه، وفي حدود طلبات هذه يكون اتصال المحكمة التأديبية ومن بعدها المحكمة الإدارية العليا بالدعوى المقامة منه.
ومن حيث إنه لما كانت المادة 15 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 قد جعلت اختصاص المحاكم التأديبية شاملاً للدعوى التأديبية المبتدأة وكذلك الطعن في الجزاءات التأديبية سواء بالنسبة إلى العاملين في الحكومة أم العاملين في القطاع العام فإن هذا الشمول الذي أشارت إليه بحق المحكمة العليا في حكمها الصادر في الدعوى رقم 9 لسنة 2 ق (تنازع) وبعد أن أشارت إلى المادة 172 من الدستور، يترتب عليه اعتبار المحكمة التأديبية هي المحكمة ذات الولاية العامة في شئون التأديب وأن اختصاصها بذلك يشمل كل ما يتصل بالتأديب أو يتفرع عنه. وعلى ذلك تعتبر المحكمة التأديبية مختصة بأية منازعة حول الوقف الاحتياطي وحول استحقاق المرتب الموقوف صرفه خلاله، وذلك باعتبار أن الوقف الاحتياطي من الإجراءات التي تتصل بالتأديب.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد استند في أسبابه إلى عدم اختصاص المحكمة بالنظر في أمر وقف المدعي وصرف مرتبه مؤقتاً من مدة الوقف طالما أن السيد رئيس المحكمة قد فصل في ذلك بمقتضى السلطة المقررة له قانوناً وباعتبار أن له القول الفصل في هذه الحالة لا تشاركه فيه أية جهة أخرى، ولا يبدأ اختصاص المحكمة إلا بعد صدور القرار الذي ينحسم به الموقف المعلق للعامل بالنسبة لما نسب إليه من مخالفات، وأنه إذ أقام المدعي دعواه قبل أن يتحدد موقفه من المخالفات التي نسبت إليه فإنه يكون قد تعجل ورفعها قبل الأوان ويتعين لهذا عدم قبولها وهذا القضاء غير سديد في القانون ذلك أن اختصاص رئيس المحكمة التأديبية على ما هو منصوص عليه في المادة 16 من قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1972 مقصور على إصدار قرارات في طلبات وقف أو مد وقف العاملين عن العمل أو صرف المرتب كله أو بعضه أثناء مدة الوقف وبهذه المثابة يخرج طلب إلغاء قرار الوقف ذاته وما يترتب عليه من آثار من دائرة اختصاص رئيس المحكمة ويدخل بالتالي في اختصاص المحكمة التأديبية بوصفها على ما سلف بيانه صاحبة الولاية الشاملة في مسائل التأديب الخاصة بالعاملين الذين يخضعون لولايتها. ولا تصادم والأمر كذلك بين اختصاص كل من رئيس المحكمة التأديبية والمحكمة ذاتها يستتبع التفرقة التي قال بها الحكم المطعون فيه والتي من مؤداها حرمان صاحب الحق من أن يتعجل في الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي طالباً النصفة بإلغاء قرار وقفه الباطل وما يترتب عليه من آثار مادية ووظيفية وأدبية. وبالبناء عليه فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون فيما ذهب إليه من عدم قبول طلب إلغاء قرار وقف المدعي وما يترتب عليه من آثار لرفعه قبل الأوان.
ومن حيث إن الدعوى صالحة للفصل فيها.
ومن حيث إن المستفاد من الأوراق أن المدعي أوقف عن عمله في 22 من يوليه سنة 1974 لما نسب إليه من تواطؤ مع أمين مخزن الخمور بالفندق الذي كان يعمل به، ووجود تلاعب وتزوير في دفتر مراقبة المخزن عهدة المدعي الأمر الذي أدى إلى وجود شبهة اختلاس وعجز في عهدة المخزن، وإذ بادرت الشركة المدعى عليها في ذات التاريخ المشار إليه إلى طلب عرض أمر النصف الموقوف صرفه من مرتبه على المحكمة التأديبية الذي قرر رئيسها في 31 من أغسطس سنة 1974 بموجب الاختصاص المخول له في المادة 16 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 وقف صرف ربع مرتبه عن مدة وقفه الاحتياطي، ثم طلبت الشركة في 12 من أكتوبر سنة 1974 عرض أمر مد وقف المدعي عن عمله بعد أن أبلغت نيابة الأموال العامة بما نسب إلى المدعي وزميله، فقرر السيد رئيس المحكمة مد مدة وقفه حتى نهاية شهر فبراير سنة 1975 واستمرت الشركة في اتخاذ إجراءات عرض مد وقف المدعي علي السيد رئيس المحكمة إلى أن تقرر مد هذا الوقف حتى 15 من مارس سنة 1976.
ومن حيث إن المادة 57 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 والمادة 16 من قانون مجلس الدولة سالفة الذكر اللتين تم وقف المدعي وصدور الحكم المطعون فيه في ظل العمل بأحكامهما تقضيان بأن لرئيس مجلس الإدارة أن يوقف العامل عن عمله احتياطياً إذا اقتضيت مصلحة التحقيق ذلك لمدة لا تزيد على ثلاثة شهور، ولا يجوز مد هذه المدة إلا بقرار من رئيس المحكمة التأديبية، ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف مرتبه، وأوجبتا عرض الأمر على رئيس المحكمة خلال عشرة أيام من تاريخ الوقف ليقرر ما يراه في نصف المرتب الموقوف صرفه وإلا وجب صرف المرتب كاملاً حتى يصدر رئيس المحكمة قراره في هذا الشأن. ومتى كان ذلك وكان أمر صرف النصف الموقوف صرفه من مرتب المدعي قد عرض على التفصيل السابق على رئيس المحكمة التأديبية ثم عرض أمر مد وقفه على رئيس هذه المحكمة في 12 من أكتوبر سنة 1974 قبل فوات ثلاثة أشهر من تاريخ قرار الشركة المدعى عليها بوقفه عن العمل، فتقرر مد مدة وقفه عن العمل حتى نهاية شهر فبراير سنة 1975 مع وقف صرف ربع مرتبه فإنه ليس صحيحاً ما ذهب إليه المدعي من أن الشركة لم تعرض أمر مد وقفه بعد انتهاء مدته في 22 من أكتوبر سنة 1974 ومن ثم تجب عودته إلى العمل بعد هذا التاريخ وما يستتبعه ذلك من صرف كامل مرتبه، وذلك بعد أن ثبت على ما سلف البيان أن الشركة المدعى عليها قد اتبعت صحيح حكم القانون فيما يتعلق بعرض أمر النصف الموقوف صرفه من مرتبه المدعى على رئيس المحكمة التأديبية وكذلك أمر مد وقفه عليه فقرر مد هذا الوقف إلى نهاية شهر فبراير سنة 1975 ثم إلى 15 مارس سنة 1976 على ما سلف بيانه، ومتى كان ذلك وكان وقف المدعي بسبب ما نسب إليه من مخالفات انطوت على شبهة الجريمة الجنائية مما دعا إلى إبلاغ نيابة الأموال العامة بالوقائع المنسوبة إلى المدعي وهو ما لم يكن مثاراً اعتراض من جانب المدعي فإن دعواه تكون والأمر كذلك غير قائمة على أساس سليم من الواقع والقانون متعين الرفض ولا ينال من هذا ما آثاره الطعن المقدم من هيئة مفوضي الدولة من أن الحكم المطعون فيه خلا من أية إشارة تفيد اتخاذ أي إجراء قانوني في صدد المدعي بعد انتهاء فترة مد وقفه عن العمل في نهاية شهر فبراير سنة 1975 بعد فترة الوقف أو بعودة المدعي إلى عمله، يشكل حالة قانونية قوامها إبعاد المدعي عن عمله دون سند كان على الحكم المطعون فيه وقد صدر في 17 من مايو سنة 1975 أن يتصدى لها، وذلك طالما أن الثابت على نحو ما سلف بيانه أن الشركة المدعى عليها قد اتخذت إجراءات عرض أمر مد مدة وقف المدعي على رئيس المحكمة التأديبية في المواعيد القانونية إلى أن تقرر مد هذه المدة حتى 15 من مارس سنة 1976.
ومن حيث إن المدعي قد حدد طلباته في دعواه كما سلف البيان بإلغاء قرار إيقافه وما يترتب على ذلك من صرف مرتبه كاملاً عن مدة إيقافه بمقولة إن أمر مد وقفه بعد 22 من أكتوبر سنة 1974 لم يعرض على المحكمة التأديبية، وهو ما ثبت عدم صحته، فإن دعواه بهذه المثابة تكون حقيقة بالرفض، والمدعي وشأنه في اتخاذ ما يراه من إجراءات تتعلق بما قد يكون له من حقوق أخرى تخرج عن نطاق طلباته في دعواه مثار هذا الطعن.
ومن حيث إنه لما تقدم من أسباب فإنه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المدعي.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 19 مشاهدة
نشرت فى 21 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,127,366

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »