القضاء التأديبي هو صاحب الاختصاص بالفصل في قرارات الوقف الاحتياطي عن العمل إلغاء وتعويضاً.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الثاني - (من أول مارس سنة 1990 إلى آخر سبتمبر 1990) - صـ 1978
(190)
جلسة 19 من يونيه سنة 1990
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة حنا ناشد حنا وفاروق علي عبد القادر ومحمد عبد السلام مخلص وعطية الله رسلان أحمد - المستشارين.
الطعن رقم 3374 لسنة 33 القضائية
( أ ) اختصاص - اختصاص المحاكم التأديبية - ما يدخل في اختصاصها.
القضاء التأديبي هو صاحب الاختصاص بالفصل في قرارات الوقف الاحتياطي عن العمل إلغاء وتعويضاً - تطبيق.
(ب) عاملون بالقطاع العام - تأديب - الوقف عن العمل.
قرار المحكمة التأديبية بالفصل في طلبات مد وقف العاملين عن العمل أو صرف المرتب كله أو بعضه أثناء مدة الوقف بالتطبيق لأحكام المادة (16) من قانون مجلس الدولة هو في حقيقته حكم وقتي يحوز حجية الأمر المقضي طالما بقي سببه قائماً - تظل هذه الحجية إلى أن تفصل السلطة التأديبية المختصة في موضوع الاتهام المنسوب إلى العامل - تطبيق.
(ج) عاملون بالقطاع العام - تأديب - الوقف عن العمل.
إعمال رئيس مجلس إدارة الشركة سلطته في وقف العامل احتياطياً عن عمله لصالح التحقيق ليس وقفاً على التحقيق في المخالفات الإدارية وإنما يمتد إلى ما يجرى في المجال الجنائي من تحقيق حول ذات المخالفة إذا ما خالطتها شبهة الجريمة الجنائية وذلك لاتحاد العلة من الوقف عن العمل في الحالتين وهي كفالة سير التحقيق إلى غايته في جو خال من المؤثرات وحمايته من أن تعصف به الأهواء أو يميل به إلى غير ما قصده من كشف الحقيقة - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 25/ 7/ 1987 أودع الأستاذ/ إسماعيل أبو النجا إبراهيم المحامي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3374 لسنة 33 ق بصفته وكيلاً عن السيد/ رئيس مجلس إدارة شركة الإسكندرية للمجمعات الاستهلاكية بموجب توكيل رسمي عام رقم 768 توثيق الإسكندرية ضد السيد/ ....... في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 23/ 5/ 1987 في الطعن رقم 149 لسنة 27 المقام من المطعون ضده والذي قضى بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء القرار رقم 57 لسنة 1985 فيما تضمنه من إيقاف الطاعن عن عمله احتياطياً وما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة به، الحكم: -
أولاً: بقبول الطعن شكلاً وبإيقاف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة لحين الفصل في موضوع الطعن.
ثانياً: أصلياً - الحكم بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر دعوى المطعون ضده.
ثالثاً: وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من أحقية المطعون ضده في الآثار المالية وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية للفصل فيها مجدداً بدائرة أخرى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وتم تحضير الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة التي أعدت تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبمراعاة إعلان المطعون ضده وفي الموضوع برفضه.
ثم نظر الطعن بعد ذلك أمام دائرة فحص الطعون على النحو الوارد بمحاضر الجلسات. وبتاريخ 20/ 9/ 1988 تم إعلان المطعون ضده بتقرير الطعن وبجلسة 19/ 10/ 1988 وفي هذه الجلسة حضر وكيل عن المطعون ضده. وبجلسة 21/ 12/ 1988 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظره أمامها جلسة 17/ 1/ 1989 وتدوول نظر الطعن بعد ذلك أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 8/ 5/ 1989 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 19/ 6/ 1990 مع التصريح بالاطلاع وتقديم مذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإنه لما كان الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 23/ 5/ 1987 وأودع تقرير الطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا في 25/ 7/ 1987 وبمراعاة أن الشركة الطاعنة مقرها الرئيسي مدينة الإسكندرية الأمر الذي يقتضي إضافة ميعاد مسافة طبقاً لنص المادة 16 من قانون المرافعات فمن ثم يكون الطعن مقاماً خلال الميعاد المقرر قانوناً وإذ استوفى الطعن سائر الشروط والأوضاع القانونية فإنه من ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن وقائع المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 18/ 3/ 1985 أقام المطعون ضده الطعن رقم 149 لسنة 27 ق بإيداع صحيفته سكرتارية المحكمة التأديبية بالإسكندرية طلب في ختامها الحكم بإلغاء القرار الصادر في 19/ 1/ 1985 فيما تضمنه من إيقافه عن العمل اعتباراً من تاريخ صدوره وما يترتب على ذلك من آثار. وذكر شرحاً لطعنه أنه يعمل رئيساً لمعرض المدينة الجامعية التابع للشركة المطعون ضدها وبتاريخ 24/ 1/ 1985 فوجئ بالقرار المطعون فيه بإيقافه عن العمل اعتباراً من 19/ 1/ 1985 وذلل بسبب ما نسب إليه وآخرين عن تصرفهم في حصة السكر المسلمة للمعرض يوم 2/ 12/ 1984 على غير الوجه المصرح به قانوناً وقد تظلم من هذا القرار في الميعاد المحدد. ونعى الطاعن على هذا القرار مخالفته للقانون لأنه وقت وقوع المخالفة لم يكن قائماً بعمله وإنما كان في مأمورية خاصة وهو ما شهد به وأيده كل من السائق والبقال اللذين اعترفا بتصرفهما وحدهما في الحصة المذكورة وانتهى الطاعن إلى الطلبات المشار إليها آنفاً.
وتدوول نظر الطعن أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية على النحو الموضح بمحاضرها. وبجلسة 23/ 5/ 1987 حكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وأقامت قضاءها تأسيساً على أن الثابت من الأوراق أن الشركة قد أجرت تحقيقاً إدارياً مع الطاعن وآخرين بشأن واقعة تصرفهم في حصة السكر المسلمة إليهم بسبب وظيفتهم على غير الوجه المصرح به قانوناً وبعد انتهاء التحقيق صدر القرار المطعون فيه بوقف الطاعن عن العمل احتياطياً ومن ثم فإن مبرر الوقف في هذه الحالة وهي مصلحة التحقيق يغدو منتفياً وغير متوافر لانتهاء التحقيق المتعلق به والمقرر لمصلحته، الأمر الذي يضحى معه القرار المطعون فيه عارياً من السند المبرر لصدوره على خلاف أحكام القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه.
وإذ لم يلق حكم المحكمة التأديبية بالإسكندرية المشار إليه آنفاً قبولاً لدى الطاعن لذا فقد أقام طعنه الماثل تأسيساً على مخالفة الحكم المذكور للقانون للأسباب الآتية:
أولاً: عدم اختصاص محكمة أول درجة ولائياً ذلك لأن القرار المطعون فيه لا يندرج تحت أي من الحالات التي ناط المشرع بالمحاكم التأديبية سلطة الفصل فيها، فقرار الشركة بوقف المطعون ضده عن العمل احتياطياً إجراء وقف وليس من قبيل القرارات الجزائية ولقد استقرت المحكمة الإدارية العليا على أن الشارع عقد الاختصاص للمحاكم التأديبية للفصل في منازعات العاملين بالقطاع العام على سبيل الاستثناء وأورد هذه الحالات على سبيل الحصر بحيث لا يجوز التوسع في تفسير النصوص الصادرة في هذا الشأن.
ثانياً: الخطأ في تفسير القانون ذلك لأن المادة 86 من القانون رقم 48 لسنة 1978 رخصت لرئيس مجلس إدارة الشركة في أن يوقف العامل عن العمل احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر، ولقد ورد لفظ التحقيق مطلقاً غير مقيد فقد يكون إدارياً أو جنائياً يجرى بمعرفة الإدارة القانونية للشركة أو بمعرفة النيابة العامة أو النيابة الإدارية وسلطة رئيس مجلس الإدارة في ذلك سلطة تقديرية مناطها عنصر الملاءمة ومصلحة التحقيق وضرورات العمل ولقد قيدت محكمة أول درجة أصلاً من النص وخصصته بغير مخصص إذ ذهبت إلى أن الطاعنة قد أجرت محضر سماع أقوال ورتبت على ذلك انتفاء المصلحة لوقف المطعون ضده ومن ثم قضت بإلغاء قرار الوقف.
ثالثاً: الخطأ في الاستدلال والقصور في الأسباب، ذلك لأن المحكمة سبق لها أن أصدرت قراراً بمد وقف المطعون ضده وحرمانه من نصف راتبه عن ذات الوقائع موضوع الدعوى محل الطعن وعلى ذلك تكون المحكمة قد أقرت ضمناً بصحة القرار الصادر من الشركة بوقف المطعون ضده احتياطياً عن العمل لمدة ثلاثة أشهر، وبذلك فلا يجوز لها أن ترجع وتلغي ما سبق لها أن أقرته وجعلته سنداً لقرارها بمد وقف المطعون ضده، هذا فضلاً عن أن الشركة الطاعنة أعادت المطعون ضده للعمل بموجب قرارها رقم 658 في 4/ 6/ 1985 كما تمت مجازاته بخصم عشرة أيام من راتبه بموجب القرار التنفيذي رقم 2807 في 21/ 7/ 1985 لتلاعبه في تسليم حصة السكر على غير الوجه المصرح به ولقد التفت الحكم المطعون فيه عن هذه المستندات رغم تضمينها حافظة مستندات الشركة المقدمة بجلسة 19/ 10/ 1985.
وخلصت الشركة الطاعنة في ختام تقرير طعنها إلى طلب الحكم لها بطلباتها المبينة بصدر هذا الحكم.
وبجلسة 15/ 6/ 1988 أودعت الشركة الطاعنة حافظة طويت على خمسة مستندات. كما أنه بتاريخ 31/ 10/ 1987 أودعت الشركة حافظة ثانية اشتملت على سبعة مستندات كما أودعت أيضاً مذكرة أولية بدفاعها انتهت فيها إلى طلب الحكم: -
أولاً: بقبول الطعن شكلاً.
ثانياً: وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاً لحين الفصل في موضوعه.
ثالثاً: وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وبتاريخ 22/ 11/ 1988 أودعت الشركة الطاعنة حافظة ثالثة حوت مستنداً واحداً. كما أورد المطعون ضده أيضاً في ذات التاريخ مذكرة أولية بدفاعه التمس فيها تأييد الحكم المطعون فيه والأخذ بتقرير هيئة مفوضي الدولة وبجلسة 8/ 5/ 1990 أودعت الشركة الطاعنة شهادة رسمية مؤرخة 18/ 4/ 1990 وصادرة من إدارة الدعوى التأديبية بالإسكندرية متضمنة القرارات الصادرة من المحكمة التأديبية في الطلب 108 لسنة 27 ق وفي الطلب رقم 189 لسنة 27 ق بشأن إيقاف المطعون ضده.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن الذي يتمثل في عدم اختصاص المحكمة التأديبية بالفصل في القرار الصادر بإيقاف المطعون ضده لكونه لا يدخل ضمن القرارات الجزائية ومن ثم يختص القضاء العادي (المحاكم العمالية) بالفصل فيه فإن هذا القول مردود عليه بأن المحكمة الإدارية العليا قد استقر قضاؤها على أن القضاء التأديبي هو صاحب الاختصاص بالفصل في قرارات الوقف الاحتياطي عن العمل إلغاء وتعويضاً - مجموعة مبادئ ال 15 عاماً - الطعن رقم 239 لسنة 21 ق - جلسة 24/ 9/ 1979 - الجزء الأول، صفحة 272 وما بعدها، ومن ثم فإن هذا الوجه من أوجه الدفع يكون قائماً على غير أساس جديراً بالرفض.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من أوجه الطعن والذي يتمثل في أن المحكمة التأديبية سبق لها أن أصدرت قراراً بمد وقف المطعون ضده وحرمانه من نصف راتبه عن ذات الوقائع موضوع الدعوى ومن ثم فإنه لا يجوز لها أن تعود وتقرر إلغاء ما سبق أن قررته فإن هذا القرار مردود عليه بأنه من المسلم به أن قرار رئيس المحكمة التأديبية بالفصل في طلبات مد وقف العاملين عن العمل أو صرف المرتب كله أو بعضه أثناء مدة الوقف بالتطبيق لأحكام المادة 16 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 إنما هو في حقيقته حكم وقتي يحوز حجية الأمر المقضي طالما بقى سببه قائماً ويظل كذلك إلى أن تفصل السلطة التأديبية المختصة في موضوع الاتهام المنسوب إلى العامل إلا أنه لما كان الثابت من الأوراق في الطعن الماثل أن محل الطلبين رقم 108 و189 لسنة 27 ق السالف الإشارة إليهما بمد وقف المطعون ضده وعدم صرف نصف المرتب الموقوف صرفه يختلف في المحل عن الدعوى الماثلة ذلك أن المحل في هذه الدعوى هو طلب المدعي (المطعون ضده) إلغاء القرار رقم 75 لسنة 1985 الصادر في 19/ 1/ 1985 من إدارة الشركة بوقفه احتياطياً لصالح التحقيق وما يترتب على ذلك من آثار بينما محل الطلبين رقمي 108 و189 لسنة 27 ق المشار إليهما آنفاً هو طلب الطاعن بوصفه رئيساً لمجلس إدارة الشركة التي يعمل بها المطعون ضده عدم صرف نصف المرتب الموقوف صرفه ومد وقف هذا الأخير عن العمل وبهذه المثابة لا يكون للقرارين سالفي الذكر ثمة حجية بالنسبة للدعوى المرفوعة من المطعون ضده بطلب إلغاء قرار وقفه عن العمل الصادر فيها الحكم المطعون فيه وبمثل هذا سبق أن حكمت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر بجلسة 3/ 5/ 1975 في الطعن رقم 846 لسنة 19 ق السالف الإشارة إليه ومن ثم يكون هذا الوجه من وجوه الطعن غير قائم على أساس من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إنه عن الوجه الثالث والأخير من أوجه الطعن والذي يقوم استناداً إلى أن المحكمة التأديبية قيدت نص المادة 86 من القانون رقم 48 لسنة 1978 دون مبرر فإنه باستعراض أحكام القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام يتبين أن المادة 86 من هذا القانون تنص على أنه "لرئيس مجلس الإدارة بقرار مسبب حفظ التحقيق وله أن يوقف العامل عن عمله احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر ولا يجوز مد هذه المدة إلا بقرار من المحكمة التأديبية المختصة للمدة التي تحددها ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف الأجر ابتداء من تاريخ الوقف". المستفاد بجلاء من هذا النص طبقاً لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا أن الشارع خول رئيس مجلس إدارة الشركة سلطة وقف العامل احتياطياًَ عن عمله لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر وذلك إذا ما رأى أن صالح التحقيق حول ما نسب إليه من مخالفات يتطلب اتخاذ هذا الإجراء وغنى عن البيان أن إعمال هذه السلطة ليس وقفاً على التحقيق الذي تباشره السلطة الإدارية في شأن تلك المخالفات إنما يمتد إلى ما يجرى في المجال الجنائي من تحقيق حول ذات المخالفة إذا ما خالطتها شبهة الجريمة الجنائية وذلك لاتحاد العلة من الوقف في الحالتين وهي كفالة سير التحقيق إلى غايته، في جو خال من المؤثرات وحمايته من أن تعصف به الأهواء أو يميل به إلى غير ما قصده من كشف الحقيقة.
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم وإذ كان الثابت من الاطلاع على أوراق التحقيق الإداري رقم 1293 لسنة 1984 في الطعن الماثل أنه قد نسب إلى المطعون ضده وآخرين تهمة التلاعب في حصة السكر البالغ وزنها 2 طن والخاصة بمعرض الشركة الطاعنة الكائن في المدينة الجامعية بالإسكندرية يوم 2/ 12/ 1984 ومن ثم فإن التهمة المنسوبة إلى المطعون ضده وزملائه تكون قد خالطتها شبهة الجريمة العامة وهي جريمة الاستيلاء على حصة السكر المدعوم والاتجار والتصرف بها في السوق السوداء الأمر الذي من أجله أبلغت الشركة نيابة أمن الدولة لتجرى شئونها فيها ومتى كان الأمر ما تقدم فلا مراء في أن وقف المطعون ضده وزملائه عن العمل في ضوء هذه الاعتبارات وبمراعاة أن ثمة تحقيقاً ستجريه النيابة العامة في شأن ما نسب إليه من مخالفات انطوت على شبهة الجريمة العامة يكون قد قام على دواعيه مما يجعله سليماً من الناحية القانونية ولا وجه للطعن عليه إذ هو قد قضى بوقف المطعون ضده وزملائه عن العمل لصالح التحقيق الذي أجرى معهم في شأن ما نسب إليهم من مخالفات ولحين الانتهاء من التحقيق وللمدة المقررة في المادة 86 من القانون رقم 48 لسنة 1978 السالف الإشارة إليها وأن أمر الوقف قد عرض بعد ذلك على المحكمة التأديبية بالإسكندرية التي أصدرت قرارها بجلسة 9/ 2/ 1985 في الطلب رقم 108 لسنة 27 ق بعدم صرف نصف المرتب الموقوف صرفه عن مدة وقف المطعون ضده وأربعة آخرين عن عملهم احتياطياً اعتباراً من 19/ 1/ 1985 وذلك بصفة مؤقتة ثم عادت المحكمة وقررت بجلسة 4/ 5/ 1985 في الطلب رقم 289 لسنة 27 ق وقف المطعون ضده واثنين آخرين عن العمل احتياطياً لمدة ثلاثة أشهر اعتباراً من 19/ 4/ 1985 مع عدم صرف نصف أجر كل منهم عن مدة الوقف وذلك بصفة مؤقتة.
وبتاريخ 4/ 6/ 1985 صدر قرار الشركة رقم 658 لسنة 1985 بناء على المذكرة التكميلية المؤرخة 29/ 5/ 1985 للتحقيق الإداري رقم 1293 الذي أجرى مع كل من المطعون ضده والمدعو/ (......) سائق السيارة التابعة للشركة والتي كانت محملة بالسكر والمدعو/ (....) بقال المجمع اعترف المطعون ضده صراحة بأنه عقب عودته من دورة المياه أبلغه البقال بحضور السائق وتسليمه إياه مبلغ 607.500 جنيهاً وأن هذا الأخير قام بالتوقيع على الإذن الذي كان مع السائق دون استلام السكر وأن المطعون ضده لم يقم بالإبلاغ عن البقال خوفاً مما سيحدث للبقال نتيجة لذلك كما ورد بهذه المذكرة أيضاً أن النيابة العامة ما زالت تحقق في الواقعة وقد قضى القرار رقم 658 لسنة 1985 سالف الذكر بمجازاة كل من المطعون ضده والسائق والبقال بخصم خمسة عشر يوماً من راتبهم لتلاعبهم في تسليم حصة السكر للمجمع على غير الوجه المصرح به قانوناً، كما اقترحت المذكرة عودة المذكورين إلى العمل مع إبعادهم إلى مواقع أقل أهمية وإبعاد السائق عن توزيع السلع الهامة وبتاريخ 21/ 7/ 1985 أخطر المطعون ضده بقرار الجزاء المشار إليه وقد تظلم منه في 31/ 7/ 1985 إلا أن هذا التظلم رفض بتاريخ 11/ 9/ 1986 وفي ضوء ما تقدم جميعه يكون القرار الصادر من الشركة بوقف المطعون ضده احتياطياً عن العمل قائماً على سببه القانوني والمبرر له ويكون الطعن على هذا القرار بالتالي غير مستند إلى أساس جديراً بالرفض وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده.
ساحة النقاش