ميعاد الطعن أمام المحكمة الادارية العليا فى الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية هو ستون يوما من تاريخ صدور الحكم - عدم سريان هذا الميعاد فى حق ذى المصلحة الذى لم يعلن باجراءات محاكمته، وبالتالى لم يعلم بصدور الحكم ضده - يبدأ هذا الميعاد فى تاريخ العلم اليقينى بهذا الحكم.
الحكم كاملاً
مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 1483
(134)
جلسة 29 من مايو 1965
برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل المجلس وعضوية السادة الأساتذة/ محمد شلبى يوسف وعادل عزيز وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدى المستشارين.
القضية رقم 3 لسنة 8 القضائية
أ - موظف - تأديب - اعلان - العامل المقدم للمحاكمة التأديبية يتم اعلانه بطريق البريد وفقا لحكم المادة 23 من القانون رقم 117 لسنة 1958 - وجوب اتباع الأصول المتبعة فى قانون المرافعات والتى يجوز فيها اجراء الاعلان بطريق البريد - لصحة المحاكمة يجب الاستيثاق من تسليم الخطاب المرسل الى المتهم نفسه أو فى محل اقامته الى أحد الأشخاص الذين يجوز تسليم الاعلانات اليهم.
ب - طعن - محاكمة تأديبية - ميعاد الطعن أمام المحكمة الادارية العليا فى الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية هو ستون يوما من تاريخ صدور الحكم - عدم سريان هذا الميعاد فى حق ذى المصلحة الذى لم يعلن باجراءات محاكمته، وبالتالى لم يعلم بصدور الحكم ضده - يبدأ هذا الميعاد فى تاريخ العلم اليقينى بهذا الحكم.
جـ - بطلان - محاكمة تأديبية - بطلان الاجراءات - بطلان حكم - اغفال اعلان المتهم والسير فى اجراءات المحاكمة دون مراعاة أحكام القانون يترتب عليه بطلان هذه الاجراءات والحكم المترتب عليها - أساس ذلك أن الاجراء يكون باطلا اذا نص القانون على بطلانه أو شابه عيب جوهرى يترتب عليه ضرر للخصم وفقا لما تقضى به المادة 25 من قانون المرافعات.
1 - ان المادة 23 من القانون رقم 117 لسنة 1958 باعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية تنص فى الفقرتين الأخيرتين منها على أن (تتولى سكرتارية المحكمة اعلان صاحب الشأن بقرار الاحالة وتاريخ الجلسة خلال أسبوع من تاريخ ايداع الأوراق - ويكون الاعلان بخطاب موصى عليه بعلم الوصول) ولما كان هذا القانون لم يتضمن أحكاما تفصيلية فى شأن تسليم الاعلان المشار اليه لذلك يتعين الرجوع الى الأصول العامة فى هذا الشأن المنصوص عليها فى قانون المرافعات ووفقا لأحكام المادتين 11، 22 من هذا القانون يتعين أن تسلم الورقة المطلوبة اعلانها الى الشخص نفسه أو فى موطنه فاذا لم يوجد الشخص المطلوب اعلانه فى موطنه سلمت الورقة الى أحد الأشخاص المنصوص عليهم فى المادة 12 ولا شك فى وجوب اتباع هذه الأصول فى الأحوال التى يجوز فيها اجراء الاعلان بطريق البريد وهذا ما كان ينص عليه قانون المرافعات صراحة فى المادتين 17، 18 قبل الغاء نظام الاعلان على يد محضر بطريق البريد بمقتضى القانون رقم 100 لسنة 1958 فانه يتعين أن يثبت تسليم الخطاب الموصى عليه المتضمن هذا الاعلان الى المتهم نفسه أو فى محل اقامته الى أحد ممن يجوز أن تسلم الاعلانات اليهم وفقا لأحكام قانون المرافعات. وقد رسم المشرع طريق التحقق من اتمام الاعلان على الوجه الصحيح اذ أوجبت المادة 23 المشار اليها أن يكون هذا الاعلان بخطاب موصى عليه بعلم الوصول - وعن طريق (علم الوصول) الذى يرد من هيئة البريد الى سكرتارية المحكمة التأديبية بعد تسليم الخطاب الى المرسل اليه يمكن الاستيثاق مما اذا كان الخطاب المذكور قد سلم الى المتهم نفسه أو فى محل اقامته الى أحد الأشخاص الذين يجوز تسليم الاعلانات اليهم.
ومن حيث ان الطاعن يدعى أنه لم يعلن بقرار احالته الى المحاكمة التأديبية ولا بتاريخ الجلسة التى حددت لهذه المحاكمة - أما الوزارة فتدعى أن هذا الاعلان قد تم بالخطاب الذى أرسل اليه من سكرتارية المحكمة التأديبية فى 19 من أكتوبر سنة 1960 وتستند للتدليل على ذلك الى ما هو ثابت فى دفتر الارساليات المسجلة الخاصين بالمحكمة التأديبية.
ومن حيث انه بالرجوع الى صورة الخطاب المذكور المرفقة بملف الدعوى التأديبية يبين أنه لم يوجه الى الطاعن فى محل اقامته بل فى مقر عمله بمنطقة بنى سويف الطبية وقد خلا هذا الملف من (علم الوصول) الخاص بالخطاب المشار اليه - ولئن كان الثابت فى دفاتر المحكمة التأديبية أن ذلك الخطاب قد صدر وسلم الى هيئة البريد الا أنه ليس فى الأوراق ما يفيد انه سلم الى الطاعن ولم تقدم الوزارة (علم الوصول) أو أية ورقة أخرى تدل على ذلك رغم تأجيل الطعن لهذا السبب من جلسة 27 من فبراير سنة 1965 الى جلسة 10 من أبريل سنة 1965 ورغم التصريح لها بتقديم هذا الدليل فى فترة حجز الطعن للحكم.
ومن حيث انه ازاء عدم ثبوت وصول الخطاب المؤرخ فى 19 من أكتوبر سنة 1960 الى الطاعن فانه بذلك تكون اجراءات الدعوى التأديبية قد سارت دون احاطته علما بها حتى صدر الحكم ضده فى غيبته.
2 - انه وان كان ميعاد الطعن أمام المحكمة الادارية العليا هو ستون يوما من تاريخ صدور الحكم الا أن هذا الميعاد لا يسرى فى حق ذى المصلحة الذى لم يعلن باجراءات محاكمته وبالتالى لم يعلم بصدور الحكم ضده - الا من تاريخ علمه اليقينى بهذا الحكم.
ومن حيث انه ليس فى الأوراق ما يفيد أن الطاعن قد علم بصدور الحكم المطعون فيه قبل 3 من أغسطس سنة 1961 عند البدء فى اتخاذ اجراءات تنفيذه ضده - وقد تقدم بطلب لاعفائه من رسوم الطعن فى 28 من سبتمبر سنة 1961 أى قبل مضى ستين يوما على علمه بالحكم وصدر القرار باعفائه من هذه الرسوم فى 30 من سبتمبر سنة 1961 وأودع تقرير الطعن فى 2 من أكتوبر سنة 1961 - وبذلك يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية - ويكون الدفع بعدم قبوله لرفعه بعد الميعاد غير قائم على أساس سليم.
3 - ان القانون رقم 117 لسنة 1958 قد أوجب فى المادة 23 منه اعلان صاحب الشأن بقرار الاحالة وتاريخ الجلسة خلال أسبوع من تاريخ ايداع أوراق الدعوى التأديبية كما نص فى المادة 29 منه على أن (للموظف أن يحضر جلسات المحكمة بنفسه أو أن يوكل عنه محاميا مقيدا أمام محاكم الاستئناف وأن يبدى دفاعه كتابة أو شفها - وللمحكمة أن تقرر حضور المتهم بنفسه وفى جميع الأحوال اذا لم يحضر المتهم بعد اخطاره تجوز محاكمته والحكم عليه غيابيا) وهذه الأحكام تهدف الى توفير الضمانات الأساسية للمتهم بتمكينه من الدفاع عن نفسه ومن درء الاتهام عنه وذلك باعلانه بقرار الاحالة المتضمن بيانا بالمخالفات المنسوبة اليه وبتاريخ الجلسة المحددة لمحاكمته ليتمكن من الحضور بنفسه أو بوكيل عنه للادلاء بدفاعه وتقديم ما يؤيد هذا الدفاع من بيانات وأوراق وليتتبع سير الدعوى من جلسة الى أخرى حتى يصدر الحكم فيها. ولا شك فى أن السير فى اجراءات المحاكمة دون اعلان المتهم من شأنه أن يلحق به أشد الضرر ويفوت عليه حقه فى الدفاع عن نفسه.
ومن حيث انه لذلك فان اغفال اعلان المتهم والسير فى اجراءات المحاكمة دون مراعاة أحكام القانون المتعلقة بهذا الاجراء الجوهرى - يترتب عليه بطلان هذه الاجراءات وبطلان الحكم لابتنائه على هذه الاجراءات الباطلة - وذلك تأسيسا على أن الاجراء يكون باطلا اذا نص القانون على بطلانه أو اذا شابه عيب جوهرى يترتب عليه ضرر للخصم وفقا لما تقضى به المادة 25 من قانون المرافعات.
اجراءات الطعن
بتاريخ 2 من أكتوبر سنة 1961 أودع الأستاذ محمد حسين مبروك المحامى بالنيابة عن السيد/ طوسون أمين فهمى قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالاسكندرية بجلسة 21 من يناير سنة 1961 فى الدعوى التأديبية رقم 5 لسنة 3 القضائية والقاضى بمجازاة الطاعن بخفض درجته الى الدرجة الثامنة مع الزامه بقيمة العجز وقدره 336 جنيها، 641 مليما - وطلب الطاعن للأسباب المبينة فى تقرير الطعن الغاء هذا الحكم واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام وزارة الصحة بالمصروفات والرسوم ومقابل أتعاب المحاماة وقد أعلن هذا الطعن الى المطعون ضده فى 7 من أكتوبر سنة 1961 وعين لنظره دائرة فحص الطعون جلسة 28 من نوفمبر سنة 1964 وأخطر كل من الطاعن والنيابة الادارية وادارة قضايا الحكومة بموعد هذه الجلسة فى 5 من نوفمبر سنة 1964 وقررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا حيث عين لنظره أمامها جلسة 27 من فبراير سنة 1965 التى أبلغ بها الطاعن والنيابة الادارية وادارة قضايا الحكومة فى 9 من فبراير سنة 1965 - وأجل نظر الطعن لجلسة 10 من أبريل سنة 1965 وبعد أن سمعت المحكمة ايضاحات ذوى الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت ارجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل فى انه فى يوم 15 من أكتوبر سنة 1960 أودعت النيابة الادارية سكرتارية المحكمة التأديبية بالاسكندرية أوراق الدعوى التأديبية حيث قيدت بسجل المحكمة تحت رقم 5 لسنة 3 القضائية وتقرير اتهام ضد السيد/ طوسون أمين فهمى الموظف من الدرجة السابعة بوزارة الصحة ناسبة اليه انه خلال الفترة من 30 من أبريل سنة 1956 الى 17 من نوفمبر سنة 1957 بصفته أمينا لمخزن الأمراض الصدرية بأدفينا لم يؤد عمله بدقة وأمانة وخرج على مقتضى الواجب الوظيفى خروجا شديدا فارتكب المخالفات المبينة فى تقرير الاتهام وطلبت عقابه طبقا للمواد 73، 82 - مكرر، 83 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة 31 من القانون رقم 117 لسنة 1958.
وبجلسة 21 من يناير سنة 1961 حكمت المحكمة بمجازاته بخفض درجته الى الدرجة الثامنة مع الزامه بقيمة العجز وقدره 336 جنيه و941 مليم.
وفى 28 من سبتمبر سنة 1961 تقدم الطاعن بطلب الى لجنة المساعدة القضائية طالبا اعفاءه من رسوم الطعن فى الحكم المذكور - وبجلسة 30 من سبتمبر سنة 1961 قررت اللجنة قبول هذا الطلب.
وفى 2 من أكتوبر سنة 1961 أودع الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن مبينا فيه أن اجراءات محاكمته سواء قبل صدور الحكم عليه أو بعد صدوره كلها باطلة ومخالفة للقانون لأنه لم يعلن بقرار الاتهام ولا بقرار الاحالة الى المحكمة التأديبية كما أنه لم يعلن بميعاد الجلسات ولا بالحكم الصادر ضده الذى لم يعلم به الا بمناسبة تنفيذه اذ فوجئ فى 3 من أغسطس سنة 1961 بأن سلمته ادارة مستخدمى المنطقة الطبية ببنى سويف - وهى المنطقة التى يعمل بها حاليا - صورة من خطاب ورد اليها من الادارة العامة للشئون المالية والادارية لوزارة الصحة متضمنا ان المحكمة التأديبية المختصة قد قضت بجلستها المنعقدة فى 21 من يناير سنة 1961 بخفض درجته من الدرجة السابعة الى الدرجة الثامنة مع الزامه بقيمة العجز وقدره 336.941 مليمجـ - وأنها تطلب تنفيذا لهذا الحكم اتخاذ اللازم نحو تحصيل المبلغ المذكور من مرتبه واصدار القرار التنفيذى بشأن خفض درجته - ومضى الطاعن يقول أن بطلان الاجراءات الجوهرية بطلانا مطلقا يؤدى الى انعدام الحكم وأهم هذه الاجراءات هو اعلان الخصوم بمضمون الخصومة وبميعاد الجلسات واسم المحكمة ومكانها اذ بغير ذلك لا تقوم الخصومة ولا تتصل وانعدام الحكم يعطيه الحق فى أن يتقدم بطعنه دون التقيد بالمواعيد المنصوص عليها اذ أن عدم طعنه فى الميعاد يرجع الى أنه لم يكن فى مقدوره أن يعلم بتاريخ الحكم المذكور - فحكمه حكم من حالت بينه وبين العلم قوة قاهرة هى عدم اعلانه بالحكم اعلانا صحيحا فلم يستلم الاعلان لشخصه كما أن الاعلان لم يوجه الى محل اقامته. وأضاف أنه عندما تقرر حق الطعن فى أحكام المحاكم الادارية من تاريخ صدور الحكم افترض المشرع علم الخصوم بتاريخ صدور الأحكام ومضمونها وهو افتراض يقبل اثبات العكس فاذا أثبت أنه لم يكن فى استطاعته أن يعلم بالحكم لعدم اعلانه بأى اجراء من اجراءات الدعوى اعلانا صحيحا منتجا فان قرينة العلم بالحكم من تاريخ صدوره تنتفى ويكون من حقه الطعن فيه بعد ستين يوما من تاريخ علمه به.
وأودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها انتهت فيه الى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وباعادة القضية الى المحكمة لنظر الدعوى التأديبية حيث أن الطاعن لم يعلن بالمحاكمة التأديبية اعلانا صحيحا ولم يعلن بالحكم الا فى 3 من أغسطس سنة 1961.
ومن حيث أنه يبين من الأوراق أن رئيس المحكمة التأديبية بالاسكندرية قد حدد لنظر الدعوى التأديبية المقامة ضد الطاعن جلسة 12 من نوفمبر سنة 1960 وكلف سكرتارية المحكمة باعلان النيابة الادارية وصاحب الشأن بتاريخ وميعاد الجلسة وقرر الاحالة - ومرفق بملف الدعوى التأديبية صورة كتاب مؤرخ فى 16 من أكتوبر سنة 1960 وموجه من سكرتارية المحكمة التأديبية الى الطاعن بمقر عمله (منطقة بنى سويف الطبية) متضمنا أخطاره بموعد وتاريخ تلك الجلسة ومرفقا به صورة من قرار احالته الى المحكمة - ولم يحضر الطاعن فى الجلسة المذكورة وقررت المحكمة ارجاء النطق بالحكم لجلسة 7 من يناير سنة 1961 وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 21 من يناير سنة 1961 مع تكليف النيابة الادارية بايداع ملف خدمة الطاعن على أن يكون به سجل جزاءاته وفى هذه الجلسة أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه.
ومن حيث أن وزارة الصحة قد قدمت مذكرة بدفاعها قالت فيها أن سكرتارية المحكمة التأديبية بالاسكندرية أفادت أنه يبين من الاطلاع على دفتر صادر المحكمة أنه دون به بالصفحة 13 من طوسون أمين فهمى أخطر لحضور جلسة 12 من نوفمبر سنة 1960 لنظر الدعوى وأرفق بالكتاب صورتين من قرار الاحالة وذلك برقم 74 فى 19 من أكتوبر سنة 1960 وأنه تبين من الاطلاع على دفتر الارساليات المسجلة رقم 6 مراسلات الخاص بتسليم المكاتبات لهيئة البريد أنه ورد به بالصحيفة 43 تحت رقم 5/ 74 ما يفيد تسليم هيئة البريد المكاتبة المنوه عنها بدفتر الصادر وأنه بناء على ذلك تكون الاجراءات التى تمت صحيحة ويكون الطاعن اذ بدأ اجراءات طعنه بالطلب المقدم منه الى لجنة المساعدة القضائية فى 28 من سبتمبر سنة 1961 رغم صدور الحكم المطعون فيه فى 21 من يناير سنة 1961 أى بعد ما يزيد على تسعة أشهر قد رفع طعنه بعد الميعاد - وبعد أن تحدثت الوزارة عن موضوع الدعوى التأديبية طلبت الحكم أصليا بعدم قبول الطعن شكلا لرفعه بعد الميعاد واحتياطيا برفضه مع الزام الطاعن فى الحالتين المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وأرفقت الوزارة بمذكرتها حافظة تضمنت خطاب سكرتارية المحكمة التأديبية بالاسكندرية المؤرخ فى 6 من مايو سنة 1965.
ومن حيث ان الطاعن قد تقدم بمذكرة ردد فيها ما ورد بتقرير الطعن وقال ان النيابة الادارية عجزت عن تقديم الدليل على انها أعلنته بميعاد الجلسة وان قانون المرافعات صريح فى ضرورة اعلان الخصوم فى محل اقامتهم ويصح الاعلان اذا استلمه أحد المقيمين مع المعلن اليه واعلانه فى محل عمله أو أى محل آخر لا يصح الا اذا تم لشخصه ولم تقدم المطعون ضدها ما يدل على اعلانه فى محل اقامته لأحد المقيمين معه كما عجزت عن أن تقدم ما يدل على أعلانه فى أية جهة أخرى لشخصه - وبعد أن أشار الطاعن الى حكم المادة 61 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 46 لسنة 1964 ذكر أنه يصمم على طلباته.
ومن حيث أن المادة 23 من القانون رقم 117 لسنة 1958 باعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية تنص فى الفقرتين الاخيرتين منها على أن (تتولى سكرتارية المحكمة اعلان صاحب الشأن بقرار الاحالة وتاريخ الجلسة خلال أسبوع من تاريخ ايداع الأوراق - ويكون الاعلان بخطاب موصى عليه بعلم الوصول) - ولما كان هذا القانون لم يتضمن أحكاما تفصيلية فى شأن تسليم الاعلان المشار اليه لذلك يتعين الرجوع الى الأصول العامة فى هذا الشأن المنصوص عليها فى قانون المرافعات - وفقا لأحكام المادتين 11، 22 من هذا القانون يتعين أن تسلم الورقة المطلوب اعلانها الى الشخص نفسه أو فى موطنه فاذا لم يوجد الشخص المطلوب اعلانه فى موطنه سلمت الورقة الى أحد الأشخاص المنصوص عليهم فى المادة 12 - ولا شك فى وجوب اتباع هذه الأصول فى الأحوال التى يجوز فيها اجراء الاعلان بطريق البريد وهذا ما كان ينص عليه قانون المرافعات صراحة فى المادتين 17، 18 قبل الغاء نظام الاعلان على يد محضر بطريق البريد بمقتضى القانون رقم 100 لسنة 1962 - ونظرا الى أن الاعلان وفقا للمادة 23 من القانون رقم 117 لسنة 1958 يتم بطريق البريد فأنه يتعين أن يثبت تسليم الخطاب الموصى عليه المتضمن هذا الاعلان اليهم وفقا لأحكام قانون المرافعات. وقد رسم المشرع طريق التحقق من اتمام الاعلان على الوجه الصحيح اذ أوجبت المادة 23 المشار اليها أن يكون هذا الاعلان بخطاب موصى عليه بعلم الوصول - وعن طريق (علم الوصول) الذى يرد من هيئة البريد الى سكرتارية المحكمة التأديبية بعد تسليم الخطاب الى المرسل اليه يمكن الاستيثاق مما اذا كان الخطاب المذكور قد سلم الى المتهم نفسه أو فى محل اقامته الى أحد الأشخاص الذين يجوز تسليم الاعلانات اليهم.
ومن حيث أن الطاعن يدعى أنه لم يعلن بقرار احالته الى المحاكمة التأديبية ولا بتاريخ الجلسة التى حددت لهذه المحاكمة - أما الوزارة فتدعى أن هذا الاعلان قد تم بالخطاب الذى أرسل اليه من سكرتارية المحكمة التأديبية فى 19 من اكتوبر سنة 1960 وتستند للتدليل على ذلك الى ما هو ثابت فى دفتر الصادر ودفتر الارساليات المسجلة الخاصين بالمحكمة التأديبية.
ومن حيث أنه بالرجوع الى صورة الخطاب المذكور المرفقة بملف الدعوى التأديبية يبين أنه لم يوجه الى الطاعن فى محل اقامته بل فى مقر عمله بمنطقة بنى سويف الطبية وقد خلا هذا الملف من (علم الوصول) الخاص بالخطاب المشار اليه - ولئن كان الثابت فى دفاتر المحكمة التأديبية أن ذلك الخطاب قد صدر وسلم الى هيئة البريد الا أنه ليس فى الأوراق ما يفيد أنه سلم الى الطاعن ولم تقدم الوزارة (علم الوصول) أو أية ورقة أخرى تدل على ذلك رغم تأجيل الطعن لهذا السبب من جلسة 27 من فبراير سنة 1965 الى جلسة 10 من أبريل سنة 1965 ورغم التصريح لها بتقديم هذا الدليل فى فترة حجز الطعن للحكم.
ومن حيث أنه ازاء عدم ثبوت وصول الخطاب المؤرخ فى 19 من أكتوبر سنة 1960 الى الطاعن فأنه بذلك تكون اجراءات الدعوى التأديبية قد سارت دون احاطته علما بها حتى صدر الحكم ضده فى غيبته.
ومن حيث انه وأن كان ميعاد الطعن أمام المحكمة الادارية العليا هو ستون يوما من تاريخ صدور الحكم الا أن هذا الميعاد لا يسرى فى حق ذى المصلحة الذى لم يعلن باجراءات محاكمته وبالتالى لم يعلم بصدور الحكم ضده - الا من تاريخ علمه اليقينى بهذا الحكم.
ومن حيث أنه ليس فى الأوراق ما يفيد أن الطاعن قد علم بصدور الحكم المطعون فيه قبل 3 من أغسطس سنة 1961 عند البدء فى أتخاذ اجراءات تنفيذه ضده - وقد تقدم بطلب لاعفائه من رسوم الطعن فى 28 من سبتمبر سنة 1961 أى قبل مضى ستين يوما على علمه بالحكم وصدر القرار باعفائه من هذه الرسوم فى 30 من سبتمبر سنة 1961 وأودع تقرير الطعن فى 2 من أكتوبر سنة 1961 - وبذلك يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية - ويكون الدفع بعدم قبوله لرفعه بعد الميعاد غير قائم على أساس سليم.
ومن حيث أن القانون رقم 117 لسنة 1958 قد أوجب فى المادة 23 منه اعلان صاحب الشأن بقرار الاحالة وتاريخ الجلسة خلال أسبوع من تاريخ ايداع أوراق الدعوى التأديبية كما نص فى المادة 29 منه على أن (للموظف أن يحضر جلسات المحكمة بنفسه أو أن يوكل عنه محاميا مقيدا أمام محاكم الاستئناف وأن يبدى دفاعه كتابة أو شفهيا - وللمحكمة أن تقرر حضور المتهم بنفسه وفى جميع الأحوال اذا لم يحضر المتهم بعد اخطاره بذلك تجوز محاكمته والحكم عليه غيابيا) - وهذه الأحكام تهدف الى توفير الضمانات الأساسية للمتهم بتمكينه من الدفاع عن نفسه ومن درء الاتهام عنه وذلك باعلانه بقرار الاحالة المتضمن بيانا بالمخالفات المنسوبة اليه وبتاريخ الجلسة المحددة لمحاكمته ليتمكن من الحضور بنفسه أو بوكيل عنه للادلاء بدفاعه وتقديم ما يؤيد هذا الدفاع من بيانات وأوراق ولتتبع سير الدعوى من جلسة الى أخرى حتى يصدر الحكم فيها. ولا شك فى أن السير فى اجراءات المحاكمة دون اعلان المتهم من شأنه أن يلحق به أشد الضرر ويفوت عليه حقه فى الدفاع عن نفسه.
ومن حيث أنه لذلك فان اغفال اعلان المتهم والسير فى اجراءات المحاكمة دون مراعاة أحكام القانون المتعلقة بهذا الاجراء الجوهرى - يترتب عليه بطلان هذه الاجراءات وبطلان الحكم لابتنائه على هذه الاجراءات الباطلة - وذلك تأسيسا على أن الاجراء يكون باطلا اذا نص القانون على بطلانه أو اذا شابه عيب جوهرى يترتب عليه ضرر للخصم وفقا لما تقضى به المادة 25 من قانون المرافعات.
ومن حيث أن المستفاد من الاوراق - حسبما سبق البيان - أن المتهم لم يعلن بقرار أحالته الى المحاكمة ولا بتاريخ الجلسة المحددة وبذلك فات عليه الحضور بالجلسة المذكورة ولم يتمكن من ابداء دفاعه ومن تتبع سير الدعوى.
ومن حيث أنه لذلك يكون قد شاب اجراءات محاكمته بطلان أثر فى الحكم المطعون فيه بما يستوجب الغاءه واعادة الدعوى الى المحكمة التأديبية لتجرى شئونها فيها مع الزام الحكومة بالمصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه، وباعادة الدعوى الى المحكمة التأديبية المختصة للفصل مجددا من هيئة أخرى والزمت الحكومة بمصروفات الطعن.
ساحة النقاش