موقع المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا نقض جنائي- مدني- مذكرات- صيغ- عقود محمول01277960502 - 01273665051

authentication required

قرار المحكمة التأديبية بعدم صرف المرتب لما بان لها من أن الموظف الموقوف فى سعة من العيش يملك ثروة طائلة - لا تثريب عليه.

الحكم كاملاً

مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الادارية العليا
السنة العاشرة - العدد الثانى (من أول فبراير سنة 1965 الى آخر مايو سنة 1965) - صـ 768

(78)
جلسة 27 من فبراير سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ حسن السيد أيوب وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور ضياء الدين صالح وعادل عزيز وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدى المستشارين.

القضية رقم 33 لسنة 10 القضائية

أ - محكمة ادارية عليا - اختصاص - تأديب - وقف - القرارات الصادرة من المحاكم التأديبية بمد مدة وقف موظفين عن العمل وبصرف أو عدم صرف مرتباتهم مؤقتا - اختصاص المحكمة الادارية العليا بنظر الطعن فيها.
ب - طعن - مصلحة - وقف - الدفع بانتفاء المصلحة تأسيسا على أن القرار المطعون عليه قد انتهى أثره بانتهاء مدة الوقف المحددة فيه - مردود بأن مصلحة الطاعن متمثلة فى استحقاق المرتب كله أو بعضه اذا ما أجابته المحكمة الى طلبه.
جـ - موظف - وقف - مرتب - محكمة تأديبية - صرف المرتب كله أو بعضه للموظف الموقوف عن العمل - أمر تقديرى متروك للمحكمة التأديبية - المادة 65 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - قرار المحكمة التأديبية بعدم صرف المرتب لما بان لها من أن الموظف الموقوف فى سعة من العيش يملك ثروة طائلة - لا تثريب عليه.
1 - أن هذه المحكمة سبق أن أقرت باختصاصها بنظر الطعن فى قرارات صادرة من المحاكم التأديبية بمد وقف موظفين عن العمل وبصرف أو عدم صرف مرتباتهم مؤقتا وقضت فيها موضوعيا دون أن تحكم بعدم اختصاصها بنظرها (يراجع الحكمان الصادران من المحكمة الادارية العليا بجلسة 14 من فبراير سنة 1959 فى الطعنين رقمى 97، 99 لسنة 5 قضائية).. يؤكد هذا ويعززه أن القرار المطعون فيه - وان وصفته المحكمة بأنه قرار - الا أنه فى الحقيقة والواقع حكم صادر من المحكمة التأديبية وله كل مقومات الأحكام مثله مثل الأحكام الصادرة من المحكمة المذكورة فى الدعوى التأديبية ذاتها.. ومن ثم يتعين القضاء برفض هذا الدفع.
2 - ان الدفع بعدم قبول الطعن لانتفاء المصلحة قد بنته الحكومة على أساس أن القرار المطعون فيه قد انتهى أثره فى 26 من يناير سنة 1964 بانتهاء مدة الثلاثة أشهر المحددة بالقرار المذكور فضلا عن أن المحكمة قد قضت فى أول نوفمبر سنة 1964 - برفض طلب مد وقف الطاعن عن عمله وبذلك قد انتفت مصلحة الطاعن فى الطعن على هذا الشق من القرار المذكور.
ان هذا الدفع مردود بأن مصلحة الطاعن واضحة فى هذا الطعن الذى يطلب فيه الغاء القرار المطعون فيه والقضاء برفض طلب مد مدة وقفه عن العمل وذلك لانه اذا أجابته المحكمة الى طلبه فانه سيترتب على ذلك بطبيعة الحال أن يصرف اليه مرتبه - كله أو بعضه - عن المدة التى كان موقوفا فيها عن العمل اعتبارا من تاريخ صدور القرار المطعون فيه بتاريخ 27 من أكتوبر سنة 1963 حتى تاريخ عودته الى عمله تنفيذا لقرار المحكمة الأخير الصادر فى أول نوفمبر سنة 1964 ومن ثم يكون الدفع بعدم القبول لانتفاء المصلحة فى غير محله حقيقا بالرفض.
3 - نص الجزء الأخير من المادة 95 من القانون 210 لسنة 1951 على أنه "... ويترتب على وقف الموظف عن عمله وقف صرف مرتبه ابتداء من اليوم الذى أوقف فيه ما لم يقرر مجلس التأديب صرف المرتب كله أو بعضه بصفة مؤقتة" ونصت الفقرة الأخيرة من المادة 10 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بما يماثل نص المادة 95 واستبدلت بمجلس التأديب المحكمة التأديبية.. ويستفاد من هذا النص أن وقف الموظف عن عمله يترتب عليه بقوة القانون عدم صرف المرتب كله أو بعضه. ومن ثم فان صرف كل المرتب أو أى جزء منه أمر تقديرى متروك للمحكمة التأديبية.. ولما كانت المحكمة التأديبية قد رأت بقرارها المطعون فيه أن ليس هناك ما يبرر صرف نفقة مؤقتة للطاعن فقررت عدم صرف شئ من مرتبه اليه مدة وقفه لما بان لها من انه فى سعة من العيش يملك ثروة طائلة.. ولما كان هذا الذى قررته المحكمة يتفق مع ما قرره السيد رئيس لجنة فحص اقرارات الذمة المالية بالوزارة والقائمة بفحص الاقرارات المقدمة من الطاعن - من أن ثروته قد بلغت سبعة وسبعين ألف جنيه فضلا عن العقارات التى يملكها حسبما جاء بخطاب الهيئة المؤرخ 14 من سبتمبر سنة 1963 رقم 9851 السابق الاشارة اليه. لما كان ذلك فان قرار المحكمة التأديبية يكون قد أصاب الحق فى قضائه بعدم صرف شئ من مرتب الطاعن مدة وقفه وصدر متفقا وأحكام القانون.


اجراءات الطعن

فى يوم 18 من نوفمبر سنة 1963 أودع السيد/ عبد اللطيف عواض الكردى سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن قيد بجداولها برقم 33 لسنة 10 القضائية فى القرار الصادر من المحكمة التأديبية المختصة بمحاكمة موظفى وزارة الصناعة بتاريخ 27 من أكتوبر سنة 1963 فى الطلب المقيد بسجل المحكمة التأديبية برقم 109 لسنة 5 القضائية وبسجل النيابة الادارية برقم 378 لسنة 1963 المقدم من النيابة الادارية ضد السيد/ عبد اللطيف عواض الكردى والقاضى بمد وقف الطاعن عن العمل لمدة ثلاثة أشهر اعتبارا من تاريخ صدوره مع عدم صرف شئ من مرتبه عن هذه المدة وذلك بصفة مؤقتة.. وقد طلب الطاعن - للأسباب المبينة بصحيفة الطعن - تحديد جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتقضى بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وتبعا لذلك بعودة الطاعن الى عمله ثم احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا للحكم بالغاء القرار المطعون فيه مع الزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وأعلنت صحيفة الطعن الى النيابة الادارية فى 26 من نوفمبر سنة 1963 وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 8 من فبراير سنة 1964 وأخطر بها ذوو الشأن فى 19 من يناير سنة 1964.. وبعد تداوله بالجلسات قررت الدائرة بجلسة 30 من مايو سنة 1964 احالته الى المحكمة الادارية العليا دائرة أولى حيث حدد لنظره جلسة 14 من نوفمبر سنة 1964 وأخطر بها ذوو الشأن فى 19 من سبتمبر سنة 1964.. وبالجلسة المذكورة قدمت الحكومة حافظة مستندات..وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات قررت النطق بالحكم لجلسة 19 من ديسمبر سنة 1964 ورخصت فى تقديم مستندات ومذكرات فقدم الطاعن مذكرة ردد فيها دفاعه السابق. كما قدمت الحكومة فى 2 من ديسمبر سنة 1964 مذكرة دفعت فيها بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطعن وبعدم قبول الطعن لانتفاء المصلحة وطلبت فى الموضوع رفض الطعن مع الزام الطاعن فى جميع الحالات المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.. وبالجلسة المذكورة قررت المحكمة اعادة القضية للمرافعة لجلسة 30 من يناير سنة 1965 ليرد الطاعن على الدفع المقدم من الحكومة فى مذكرتها المقدمة فى 2 من ديسمبر سنة 1965 وعلى هيئة المفوضين تقديم تقرير تكميلى على ضوء ما جاء فى هذه المذكرة وعلى الحكومة ضم ملف الخدمة.. فقدمت الهيئة المذكورة تقريرا تكميليا انتهت فيه الى أنها ترى رفض دفعى الحكومة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطعن وبعدم قبوله لانتفاء المصلحة. وبالجلسة الأخيرة سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ايضاحات ذوى الشأن وقررت اصدار الحكم بجلسة اليوم وصرحت بتقديم مذكرات الى ما قبل الجلسة بأسبوعين فقدم الطاعن مذكرة رد فيها على الدفع بعدم الاختصاص والدفع بعدم القبول لانتفاء المصلحة وصمم على طلباته بالنسبة للموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل فى أن النيابة الادارية "أدارة الدعوى التأديبية" أودعت فى أول سبتمبر سنة 1963 سكرتيرية المحكمة التأديبية المختصة بمحاكمة موظفى وزارة الصناعة أوراق الطلب المقدم بسجل المحكمة المذكورة برقم 109 لسنة 5 قضائية وبسجل النيابة الادارية برقم 278 لسنة 1963 للنظر فى مد وقف السيد/ عبد اللطيف عواض الكردى مدير ادارة الورش بالهيئة العامة لشئون المطابع عن العمل ولتقرير ما يتبع فى شأن مرتبه عن مدة وقفه.. قالت الهيئة المذكورة فى خطابها المؤرخ 24 من أغسطس سنة 1963 أن مدة وقف هذا الموظف تنتهى فى 25 من الشهر المذكور وأن صالح العمل يقضى باستمرار وقفه ريثما يبت فى أمره على ضوء ما ظهر من مخالفات جسيمة بالغة الخطر والضرر لدى فحص اقرارات ذمته المالية بمعرفة لجنة الكسب غير المشروع والتى أحالته من أجلها الى النيابة العامة التى لم تنته من تحقيقها بعد وطلبت الهيئة لذلك اتخاذ اللازم لاستمرار وقفه الى أن تنتهى الاجراءات الجنائية والادارية فى شأنه.. ثم أودعت النيابة الادارية حافظة مستندات أرفقت بها خطاب الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية رقم 9851 المؤرخ فى 14 من سبتمبر سنة 1963 وقد جاء فى هذا الخطاب أن المصلحة العامة وصالح العمل والتحقيقات التى تجرى مع الموظف المذكور توجب استمرار وقفه وذلك لما ران على سمعته من سحب الاتهام والتأثيم التى توصمه بالانحراف واستغلال وظيفته فى الكسب غير المشروع ولما له من أصابع خفية وخطيرة ضالعة فى كثير من الحوادث التى تعرضت لها أموال الهيئة وممتلكاتها وقد نتج عن ذلك ثراؤه ثراء فاحشا عن طريق هذا الكسب غير المشروع حيث قرر السيد رئيس لجنة فحص اقرارات الذمة المالية بالوزارة أن ثروته النقدية بلغت سبعة وسبعين ألف جنيه فضلا عن العقارات التى يملكها. كما أنه يمتلك - باسم زوجته مطبعة خاصة "مطبعة ممفيس" وأن اللجنة ستحيل أوراقه الى النيابة العامة. وقد ارتبطت هذه المطبعة مع الهيئة فى معاملات كثيرة وثبت كذلك أن هذا الموظف يستغل وظيفته بأن يكلف عمال الهيئة بالعمل بمطبعته وفى هذا اخلال جسيم بواجبات وظيفته واهدار لصالح الهيئة واستهانة بها واستغلال لها ولعمالها وأموالها ومروق على صريح نصوص قانون موظفى الدولة التى حظرت على الموظف أن يجمع بين وظيفته وبين أى عمل آخر يؤديه بالذات أو بالواسطة اذا كان من شأن ذلك الاضرار بأداء واجبات وظيفته أو غير متفق مع مقتضياتها كما حظرت عليه أن يزاول أعمالا تجارية من أى نوع كان وبوجه خاص أن تكون له مصلحة فى أعمال أو مقاولات أو مناقصات تتصل بأعمال وظيفته.. ثم أشارت الهيئة الى أن الثابت من ملف خدمة هذا الموظف أنه عين بالمطبعة سنة 1924 عاملا بسيطا بيومية قدرها خمسة قروش ولم يكن يملك شيئا.. ثم ركب نفسه الخطيرة وانطلق بها الى الكسب غير المشروع واستغل وظيفته حتى أثرى هذا الثراء الفاحش وأنه متى ثبت ذلك فانها تطلب استمرار وقفه مع عدم صرف شئ من مرتبه مدة وقفه لانتفاء العلة التى تجيز صرف جزء من مرتبه كنفقة وقتية لثرائه وعدم حاجته اليها.. وقد عين لنظر هذا الطلب جلسة 13 من أكتوبر سنة 1963 وفيها قرر الدفاع عن الموظف المذكور أن البادى من الأوراق أن الجهة الادارية تطلب استمرار الايقاف الى أن يقضى فى شأنه جنائيا واداريا تأسيسا على ما شاب تصرفه نحو تقديم اقرار الذمة المالية وهى واقعة أخرى غير التى اقتضت وقفه والخاصة بالتلاعب فى أوراق وانه فيما يختص بهذه الواقعة بالذات فقد انتهى تقرير اللجنة التى شكلت لفحص هذا الموضوع الى أنه لا مانع من اعادته الى عمله ولذلك فقد قررت المحكمة التأجيل لجلسة 17 من أكتوبر سنة 1963 وطلبت النيابة الادارية ضم أصل التقرير المقدم من اللجنة المنوه عنه بمحضر الجلسة.. وقد ردت الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية على ذلك بخطابها رقم 11154 المؤرخ فى 17 من أكتوبر سنة 1963 بأن اللجنة المذكورة وان رأت, انه لا مانع من اعادة الموظف المذكور الى عمله, الا أنها لم تقدم بعد تقريرها عن المهمة التى شكلت لأدائها بناء على أمر النيابة العامة, كما أن التحقيق ما زال مستمرا بمعرفة هذه النيابة صاحبة الولاية العامة فى موضوع هذا الاختلاس البالغ الخطر والضرر والمقيد برقم 5510 لسنة 1962.. فضلا عن أن هذا الحادث كان سببا فى اكتشاف ما خفى من جوانب هذا الموظف والبدء معه فى تحقيقات ليست أقل خطرا أو ضررا الى جانب ما كان يجرى معه من تحقيقات فى جوانب شتى تتعلق بالذمة واستغلال الوظيفة العامة.. وبعد أن رددت الهيئة ما سبق أن أشارت اليه فى كتبها السابقة عن ثروته واستغلال نفوذه أضافت أنه قد أحيل الى المحاكمة التأديبية فى الدعوى رقم 81 لسنة 5 القضائية كما أنه متهم فى قضية النيابة الادارية رقم 23 لسنة 1957 التى أحيل من أجلها كذلك الى النيابة العامة.. وانه بالنظر الى أن سلوك الطريق التأديبى لفصل هذا الموظف قد تطول اجراءاته فقد قررت الهيئة اتخاذ اجراءات فصله بغير الطريق التأديبى وفقا للفقرة السادسة من المادة 107 من قانون موظفى الدولة.. وختمت الهيئة خطابها بطلب استمرار وقفه وعدم صرف شئ من مرتبه.. وبجلسة 27 من أكتوبر سنة 1963 قررت المحكمة التأديبية مد وقف الموظف المذكور عن العمل لمدة ثلاثة أشهر اعتبارا من اليوم مع عدم صرف شئ من مرتبه عن هذه المدة وذلك بصفة مؤقتة.. واستندت المحكمة فى قرارها بمد الوقف لمدة ثلاثة أشهر الى ما قررته الهيئة بخطابها المؤرخ 14 من سبتمبر سنة 1963 من أن استمرار وقف الموظف المذكور تقتضيه المصلحة العامة وصالح العمل والتحقيقات التى تجرى معه للأسباب المبينة بالخطاب المذكور.. والى ما قررته تلك الهيئة بخطابها المؤرخ 20 من أكتوبر سنة 1963 من أن اللجنة المشكلة بناء على أمر النيابة العامة لفحص موضوع التلاعب فى الورق لم تقدم بعد تقريرها وأن التحقيق فى هذا الشأن لا زال مستمرا بواسطة النيابة العامة فى الجناية رقم 5510 لسنة 1962 بولاق.. واستندت المحكمة فى قرارها بعدم صرف شئ من مرتب ذلك الموظف عن تلك المدة الى ما أشارت اليه الهيئة بخطابيها المشار اليهما من أنه فى سعة من العيش وانه يمتلك ثروة طائلة كشفت عنها التحقيقات التى أجرتها معه لجنة الكسب غير المشروع بالوزارة ومن ثم فلم يعد ثمة مبرر لأن تقرر له المحكمة نفقة وقتية بالتطبيق لحكم الفقرة الثالثة من المادة العاشرة من القانون رقم 117 لسنة 1958 باعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية.. وفى يوم 18 من نوفمبر سنة 1963 طعن الموظف المذكور فى قرار المحكمة التأديبية المشار اليه وبنى طعنه على الأسباب الآتية:
(1) أن قرار وقفه كان حسبما ذكرته المحكمة التأديبية فى قرارها المطعون فيه - بسبب التحقيق الذى أجرى فى شأن اختلاس الورق من مخازن الهيئة.. وان الثابت أن هذا التحقيق قد انتهى وقررت اللجنة التى تولته انه لا مانع من اعادة الطاعن الى عمله.
(2) استناد المحكمة التأديبية فى مد الايقاف الى التحقيق فى اقرار الذمة المالية للطاعن التى أشارت اليه الهيئة فى كتابها سالف الذكر هذا الاستناد غير صحيح لأنه فضلا عن أن الوقائع التى جاءت فى ذلك الكتاب غير صحيحة فانه لم يكن جائزا الاستناد اليها فى مد الايقاف لأن المد لا يكون الا عن ايقاف وقع ومن أجل تحقيق معين.. كما أنه غير سديد الاستناد الى التحقيق الذى تجريه النيابة العامة فى شأن حادث التلاعب فى الورق موضوع الجناية رقم 5510 لسنة 1962 بولاق لأن هذا التحقيق قد انتهى ووجه الاتهام فيه الى المخزنجى وصاحب العهدة فضلا عن أن الايقاف لم يكن بسبب هذا التحقيق بل كان بسبب عملية الجرد والتحقيق الادارى.
(3) أنه غير صحيح ما ذكرته الهيئة فى كتابها المنوه عنه من أن الطاعن فى سعة من العيش ويمتلك ثروة طائلة وطلب لذلك الطاعن فى صحيفة طعنه تحديد جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتقضى بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وتبعا لذلك بعودته الى عمله ثم احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا للحكم بالغاء القرار المطعون فيه مع الزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.. وقد قدمت هيئة مفوضى الدولة مذكرة بالرأى القانونى مسببا فى الطعن المذكور انتهت فيها الى أنها ترى قبول الطعن شكلا وفى الموضوع رفضه والزام الطاعن المصروفات.. واستندت فى ذلك الى أن التحقيقات التى تتولاها النيابة العامة والمحاكمة الجنائية ذاتها وكذلك المحاكمة التأديبية لم تنته بعد مع الطاعن.. وأن سلطة التقدير لصرف مرتب الموظف مدة الوقف أو عدم صرف شئ انما هو أمر تقديرى منوط بالمحكمة التأديبية أن تقضى فيه بصفة مؤقتة حتى ترى ما يتبع بشأنه عند الفصل فى الدعوى بصفة نهائية.. وبكتاب مؤرخ 6 من أبريل سنة 1964 أفادت الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية أن المحكمة التأديبية قررت بجلسة 15 من مارس سنة 1964 استمرار وقف الموظف المذكور عن العمل لمدة ثلاثة أشهر اعتبارا من ذلك التاريخ مع عدم صرف شئ من مرتبه مدة وقفه.. كما أفادت بأن التحقيق فى الجناية رقم 5510 لسنة 1962 - بولاق لا يزال جاريا.. وفى أثناء نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون قررت الدائرة الاستعلام من نيابة بولاق عن موضوع التحقيق فى قضية الجناية المشار اليها وما اذا كانت الشكوى فيها مقدمة ضد الطاعن.. وقد تحرر بذلك للنيابة المذكورة بتاريخ 9 من مايو سنة 1964 فأشر السيد وكيل نيابة بولاق فى نفس التاريخ بأن الجناية المنوه عنها "لم تقدم ضد عبد اللطيف عواض الكردى. مع العلم بأن القضية المذكورة لم يتم التصرف فيها بعد".
وفى 28 من مايو سنة 1964 أودعت ادارة قضايا الحكومة حافظة مستندات أرفقت بها كتاب الهيئة رقم 5312 المؤرخ 7 من مايو سنة 1964 وقد جاء به أن تقرير اللجنة التى قامت بفحص وتحقيق حادث اختلاس الورق موضوع الجناية رقم 5510 لسنة 1962 تضمن أن الطاعن, باعتباره مديرا للورش ومديرا للمطبعة بالنيابة قد أهمل فى عدم اتخاذ اجراءات حاسمة بالنسبة لتقارير التفتيش الفنى المتكررة التى عرضت. وأن الطريقة التى أتبعت فى عمليات الجرد قد تمت بناء على مشورته ولكل هذا أحالته اللجنة الى النيابة الادارية لمساءلته اداريا كما أرفقت ادارة القضايا بالحافظة المنوه عنها الخطاب المرسل من الهيئة للنيابة الادارية والمؤرخ 23 من مايو سنة 1964 وقد تأشر عليه من السيد/ وكيل النيابة الادارية فى 26 من الشهر المذكور بأن القضية قد أحيلت اليه وما زالت قيد التحقيق.. وقد قدم الطاعن مذكرة صمم فيها على طلباته الواردة بصحيفة الطعن ثم أشار الى رد نيابة بولاق - بأن الشكوى فى الجناية رقم 5510 لسنة 1962 لم تقدم ضد الطاعن - وقال أن معنى هذا أن الطاعن, ليس فقط لم يوجه اليه أى اتهام فى تلك القضية, بل أن الشكوى فيها لم تقدم ضده.. وبجلسة المرافعة الأخيرة أمام هذه المحكمة قدمت الحكومة حافظة مستندات أرفقت بها الخطاب المؤرخ 26 من مايو سنة 1964 رقم 3421 المحرر من النيابة الادارية ادارة الدعوى التأديبية الى السيد رئيس قسم القضاء الادارى بادارة قضايا الحكومة وقد جاء فى هذا الخطاب "انه بالاتصال بالنيابة الادارية لوزارة الصناعة قرر السيد رئيس النيابة أن الجهة الادارية طلبت احالة السيد/ عبد اللطيف عواض الكردى (الطاعن) للمحكمة التأديبية لما نسب اليه فى قضية اختلاس الورق وأن نيابة الصناعة قيدت الموضوع قضية رقم 23 لسنة 1964 ولا تزال بالتحقيق".. وبعد حجز الدعوى للحكم قدم الطاعن مذكرة ردد فيها دفاعه السابق وأضاف اليه أنه يكفى الاطلاع على الخطاب المقدم بالحافظة الأخيرة لبيان مدى ما فى دفاع الحكومة من اضطراب فهى تارة تدعى أن هناك تحقيقا جنائيا يجرى ضد الطاعن وتاره تدعى أن النيابة العامة فحصت اقرار ذمته المالية وانه لا يصلح لتولى الوظائف العامة وتارة أخرى تدعى أن هناك تحقيقا اداريا يجرى ضده ورابعا تقول أن الجهة الادارية طالبت تقديمه الى المحاكمة التأديبية وهكذا, ومع ما فى ذلك من تناقض واضطراب, فليس ثمة أى دليل على أحد هذه الادعاءات كما قدمت الحكومة مذكرة دفعت فيها لأول مرة بعدم اختصاص المحكمة العليا بنظر الطعن استنادا الى أن المادة 15 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 قصرت الطعن على الأحكام سواء صدرت من محكمة القضاء الادارى أم من المحاكم الادارية أم المحاكم التأديبية وبذلك تخرج القرارات الصادرة بالوقف من نطاق تطبيق النص المذكور.. كما دفعت بعدم قبول الطعن لانتفاء المصلحة على أساس أن القرار المطعون فيه قد انتهى أثره فى 26 من يناير سنة 1964 بانتهاء مدة الثلاثة أشهر التى قررت المحكمة بالحكم المطعون فيه مد الوقت اليها فضلا عن أن المحكمة التأديبية قد حكمت بتاريخ أول نوفمبر سنة 1964 برفض مد وقف الطاعن فان طعنه على القرار المطعون فيه, بمد وقفه مع حرمانه من راتبه, لم يصبح له مصلحة فيه بعد أن أنهت المحكمة التأديبية هذا الوقف بتاريخ أول نوفمبر سنة 1964 وطلبت الحكومة فى مذكرتها المنوه عنها - من باب الاحتياط رفض الطعن واستندت فى ذلك الى دفاعها السابق ابداؤه أمام هذه المحكمة وأمام المحكمة التأديبية وردت على الوجه الأول من أوجه الطعن بأن التحقيق لم ينته بعد فى الجناية رقم 5510 لسنة 1961 بولاق فضلا عن أن الطاعن قد أحيل الى النيابة الادارية بشأن واقعة الاختلاس المنوه عنها وقيد عن ذلك القضية 23 لسنة 1957 بالنيابة الادارية لوزارة الصناعة وهذا يعتبر مبررا كافيا للتهم المنسوبة الى الطاعن ثم ردت الحكومة على السبب الثانى من أسباب الطعن - وهو أن مد الايقاف كان عن وقائع جديدة لم تكن محل الوقف الاول - بأن هذا القول مردود بأن الوقف الأول كان حين أشارت أصابع الاتهام الى الطاعن باشتراكه فى الاختلاس وقد أسفر هذا التحقيق عن ظهور جرائم أخرى مرتبطة بالاختلاس وتعتبر نتيجة له ومن ثم فان مد الوقف لا يعبر فى هذه الحالة عن وقائع جديدة وفضلا عن ذلك فانه لو فرض جدلا أن الوقف الذى تم فى 27 من أكتوبر سنة 1963 كان عن وقائع جديدة فانه ليس ما يمنع جهة الادارة أن تلجأ الى المحكمة التأديبية طالبة وقف الطاعن طبقا للمادة 10 من قانون النيابة الادارية رقم 117 لسنة 1958 أما عن الشق الثانى من القرار المطعون فيه - وهو حرمان الطاعن بصفة مؤقتة من مرتبه مدة الوقف - فقد قالت الحكومة أن هذا الشق قد صدر صحيحا لأن سلطة المحكمة هنا سلطة تقديرية.. وهى اذ قررت عدم صرف مرتب الطاعن له مدة وقفه قد راعت حالته المالية وانه فى سعة من العيش طبقا لما جاء بكتاب الهيئة المؤرخ 14/ 9/ 1963 كما راعت ظروف الاتهام الموجه اليه فاذا ما ثبت ذلك كان قرارها بمنأى عن رقابة القضاء.. ولما كان الطاعن لم يرد على ما جاء بهذه المذكرة فقد قررت المحكمة اعادة القضية للمرافعة ليرد الطاعن عليها وكلفت هيئة مفوضى الدولة بتقديم تقرير تكميلى فى ضوء ما جاء بها فقدمت تقريرا تكميليا انتهت فيه الى أنها ترى رفض دفعى الحكومة.. كما قدم الطاعن مذكرة رد فيها على الدفع بعدم الاختصاص بأن ما تقرره المحكمة التأديبية فى شأن الموظف من وقفه وعدم صرف مرتبه خلال مدة الوقف يعتبر حكما صادرا من محكمة تأديبية على مثال ما تقضى به المحكمة فى الدعوى التأديبية ذاتها ومن ثم تختص المحكمة الادارية العليا بنظر الطعن الذى يقدم فيه.. ورد على الدفع بعدم القبول لانتفاء المصلحة - لأن الطاعن قد أعيد الى الخدمة - رد على هذا الدفع بأن اعادته اللاحقة لا تجبر الضرر الذى لحقه بالوقف السابق وحرمانه من مرتبه طيلة الايقاف وأنه ان دلت هذه الاعادة على شئ فأنها تدل على مدى ما ينطوى عليه القرار المطعون فيه من مجانبة للقانون وسوء استعمال السلطة.
ومن حيث انه عن الدفع بعدم اختصاص المحكمة الادارية العليا بنظر الطعن.
(1) ان هذه المحكمة سبق أن أقرت باختصاصها بنظر الطعن فى قرارات صادرة من المحاكم التأديبية بمد وقف موظفين عن العمل وبصرف أو عدم صرف مرتباتهم مؤقتا وقضت فيها موضوعيا دون أن تحكم بعدم اختصاصها بنظرها (يراجع الحكمان الصادران من المحكمة الادارية العليا بجلسة 14 من فبراير سنة 1959 فى الطعنين 97، 99 لسنة 5 القضائية).. يؤكد هذا ويعززه أن القرار المطعون فيه - وأن وصفته المحكمة بأنه قرار - الا أنه فى الحقيقة والواقع حكم صادر من المحكمة التأديبية وله كل مقومات الأحكام مثله مثل الاحكام الصادرة من المحكمة المذكورة فى الدعوى التأديبية ذاتها.. ومن ثم يتعين القضاء برفض هذا الدفع.
(2) ان الدفع بعدم قبول الطعن لانتفاء المصلحة قد بنته الحكومة على أساس أن القرار المطعون فيه قد انتهى أثره فى 26 من يناير سنة 1964 بانتهاء مدة الثلاثة أشهر المحددة بالقرار المذكور فضلا عن أن المحكمة قد قضت فى أول نوفمبر سنة 1964 برفض طلب مد وقف الطاعن عن عمله وبذلك قد انتفت مصلحة الطاعن فى الطعن على هذا الشق من القرار المذكور.
ان هذا الدفع مردود بأن مصلحة الطاعن واضحة فى هذا الطعن الذى يطلب فيه الغاء القرار المطعون فيه والقضاء برفض طلب مد مدة وقفه عن العمل وذلك لأنه اذا أجابته المحكمة الى طلبه فانه سيترتب على ذلك بطبيعة الحال أن يصرف اليه مرتبه - كله أو بعضه - عن المدة التى كان موقوفا فيها عن العمل اعتبارا من تاريخ صدور القرار المطعون فيه الأخير الصادر فى أول نوفمبر سنة 1964 ومن ثم يكون الدفع بعدم القبول لانتفاء المصلحة فى غير محله حقيقا بالرفض.
ومن حيث أنه عن الموضوع فأنه يبين من الاطلاع على أوراق الدعوى - والملفات والمستندات المقدمة فيها من أطراف النزاع - أن الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية قد أكتشفت أختلاس كميات من الورق من مخازنها فأخطرت النيابة العامة التى قيدت عنه الجناية رقم 5510 لسنة 1962 بولاق.. وفى أثناء تحقيق النيابة العامة لهذه الجناية طلبت من السيد وكيل وزارة الصناعة - التى تتبعها الهيئة المذكورة - تشكيل لجنة لفحص موضوع هذا الأختلاس فأصدر سيادته قرار بتشكيل هذه اللجنة، من بين موظفى هذه الوزارة, والتى - رأت أثناء قيامها بمهمتها - وقف السيد/ عبد اللطيف عواض الكردى (الطاعن) مع موظف آخر هو السيد/ زين الدين عبد السلام عن عملهما وذلك لمصلحة التحقيق, فأصدر مجلس ادارة الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية بجلسته المنعقدة فى 13 من يناير سنة 1963 قرارا باحالتهما الى التحقيق وايقافهما عن العمل لصالح العمل.. وتنفيذا لهذا القرار أصدر السيد عضو مجلس الادارة المنتدب لتلك الهيئة قراره رقم 8 مكرر لسنة 1963 فى نفس اليوم بوقف الموظفين المذكورين من عملهما وبوقف صرف مرتب كل منهما.. وقد أشير فى ديباجة هذا القرار الى مذكرة السيد رئيس لجنة الفحص والتحقيق والى قرار مجلس الادارة المنوه عنها.. ثم عرضت الهيئة أمر هذا الوقف على المحكمة التأديبية المختصة بمحاكمة موظفى وزارة الصناعة بالطلب رقم 41 لسنة 5 القضائية التى قررت بجلسة 17 من مارس سنة 1963 صرف ثلاثة أرباع مرتب الموظفين المذكورين عن مدة وقفهما. ثم عرضت عليها مرة أخرى أمر مد وقف الطاعن وحده بالطلب رقم 64 لسنة 5 القضائية فقررت بجلسة 26 من مايو سنة 1963 مد وقفه عن العمل لمدة ثلاثة أشهر اعتبارا من تاريخ صدوره مع صرف ثلاثة أرباع مرتبه عن هذه المدة, واستتندت فى قرارها هذا الى ما قررته الهيئة من أن أوجه البحث فى حادث اختلاس الورق متشعبة ومتعددة وأن مصلحة التحقيق فى هذا الحادث تقتضى استمرار أبعاد الطاعن عن محيط العمل لما تبين من تأثيره على غيره من موظفى الهيئة.. ونظرا لمضى المدة المشار اليها ولم ينته التحقيق المذكور أعادت الهيئة عرض الأمر على المحكمة التأديبية فأصدرت قراراها بجلسة 27 من أكتوبر سنة 1963 بمد وقف الطاعن عن العمل لمدة ثلاثة أشهر اعتبارا من تاريخ صدوره مع عدم صرف شئ من مرتبه عن هذه المدة وذلك بصفة مؤقتة.. وهذا هو القرار المطعون فيه.. وقد طعن فيه المحكوم ضده للأسباب الموضحة بصحيفة طعنه والسابق بيانها.
ومن حيث أن المادة 95 من القانون رقم 210 لسنة 1952 - معدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 اللذين كان معمولا بهما حينذاك - قد نصت على أنه "للوزير ولوكيل الوزارة أو رئيس المصلحة كل فى دائرة اختصاصه أن يوقف الموظف عن عمله احتياطيا اذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك ولا يجوز أن تزيد مدة الوقف عن ثلاثة أشهر الا بقرار من مجلس التأديب.. وقد نصت المادة 10 من القانون رقم 117 لسنة 1958 - باعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية - بما يماثل نص المادة 95 وفقط استبدلت بمجلس التأديب المحكمة التأديبية.
ومن حيث ان الثابت من الأوراق - على ما سبق بيانه - أن اللجنة التى كلفتها النيابة العامة فحص وتحقيق حادث اختلاس الورق, موضوع الجناية رقم 5510 لسنة 1962 بولاق, هى التى طلبت وقف الطاعن عن العمل لمصلحة التحقيق.. وهى انما طلبت ذلك - بطبيعة الحال - لما تبين لها من أن له يدا فى هذا الاختلاس أو على الأقل له علاقة به تستدعى سؤاله وسؤال غيره من العاملين المرءوسين له ولذلك فقد أصدر مجلس ادارة الهيئة قرارا باحالته الى التحقيق ووقفه عن العمل لمصلحة ذلك التحقيق وقد قررت الهيئة بخطابها رقم 11154 المؤرخ 17 من أكتوبر سنة 1963 أن اللجنة المذكورة لم تكن - حتى ذلك التاريخ - قد قدمت تقريرها عن المهمة التى تشكلت للقيام بها وأن التحقيق ما زال مستمرا بمعرفة النيابة العامة فى حادث الاختلاس فضلا عن أن ذلك الحادث كان سببا فى اكتشاف ما خفى من جوانب الطعن والبدء معه فى تحقيقات عن مخالفات ادارية ومالية - ليست أقل خطرا أو ضررا - أحيل من أجل بعضها الى المحاكمة التأديبية فى الدعوى رقم 81 لسنة 5 القضائية وجار تحقيق بعضها الآخر فى قضية النيابة الادارية رقم 23 لسنة 1957 وهذا التحقيق الأخير لم ينته بعد على ما هو ثابت من خطاب النيابة الادارية رقم 4321 المودع بالحافظة المقدمة من الحكومة بجلسة 14 من نوفمبر سنة 1964 فاذا كانت المحكمة التأديبية قد قررت بقرارها المطعون فيه الصادر فى 27 من أكتوبر سنة 1963 مد وقف الطاعن عن العمل لمدة ثلاثة أشهر استنادا الى أن التحقيق الذى أوقف بسببه وما تفرع عنه من تحقيقات أخرى لم تنته بعد فان قرارها فى هذا الشق منه يكون قد صدر مطابقا لحكم المادتين 95 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة 10 من القانون رقم 117 لسنة 1958سالفتى الذكر ومن ثم يكون السبب الأول من أسباب الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون.
ومن حيث انه لا حجة فيما ذهب اليه الطاعن - من أن النيابة العامة قد قررت فى 9 مايو سنة 1964 أن الشكوى فى الجناية رقم 5510 لسنة 1962 بولاق لم تقدم ضده وأن معنى هذا أنه لم يوجه اليه فيها أى اتهام - لا حجة فى ذلك.. لأن الثابت من الأوراق, بصرف النظر عما اذا كانت الشكوى فى تلك الجناية قد قدمت ضد الطاعن أو ضد غيره من العاملين معه, أن النيابة العامة وهى بصدد تحقيق الجناية المذكورة قد طلبت من الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية تشكيل لجنة لفحص وتحقيق حادث الاختلاس موضوع الجناية المنوه عنها.. وقد رأت هذه اللجنة أن مصلحة التحقيق تقتضى وقف الطاعن عن العمل فصدر لذلك قرار مجلس ادارة تلك الهيئة باحالته الى التحقيق ووقفه عن العمل. ثم استمرت تلك اللجنة - بعد وقف الطاعن - فى عملها من فحص وتحقيق حادث الاختلاس.. ولم تكن قد انتهت منه حتى تاريخ صدور القرار المطعون فيه حيث أن الثابت من الأوراق أنها لم تكن قد قدمت تقريرها فى هذا الشأن للنيابة العامة وقت صدور القرار المطعون فيه بمد مدة الوقف.. وقد أيدت النيابة العامة ذلك بتأشيرتها المؤرخة 9 من مايو سنة 1964 حيث جاء بها أن الجناية المذكورة "لم يتم التصرف فيها بعد".. كما كان ذلك الحادث سببا فى اكتشاف أمور أخرى نسبت الى الطاعن وبدئ فى التحقيق معه بشأنها ولم ينته هذا التحقيق ولا ذاك بعد - على ما هو ثابت من كتاب النيابة الادارية رقم 3421 سالف الذكر. وكل هذا يقتضى - بما لا يدع مجالا لأى شك - مد وقف الطاعن حتى يبت فى كل هذه التحقيقات.
ومن حيث انه فضلا عن ذلك فان الثابت من كتاب الهيئة رقم 5312 المقدم تحت رقم "1" من الحافظة المقدمة من ادارة قضايا الحكومة بملف الطعن, والسابق الاشارة اليه, أن اللجنة التى شكلت لتحقيق حادث الاختلاس قد قدمت أخيرا تقريرها وقد جاء فيه أن السيد عبد اللطيف عواض الكردى (الطاعن) باعتباره مديرا للمطبعة بالنيابة قد أهمل فى عدم اتخاذه اجراءات حاسمة بالنسبة لتقارير التفتيش الفنى المتكررة التى عرضت عليه متضمنة الكشف عن وجود زيادات بالورش فائضة عن حاجة التشغيل وانه قد ترتب على ذلك أن تسربت كميات من هذا الورق الى الخارج.. كما جاء فى موضع آخر منه أنه ثبت من التحقيق أن اقرار الطاعن للعمليات المفتعلة كان الغرض منه التحايل على تسوية عجوزات فى بعض أنواع الورق وانه رجح فى التحقيق أن الطريقة التى أتبعت فى عمليات الجرد قد تمت بناء على مشورته.
ومن ثم فقد أحيل الى النيابة الادارية لمساءلته عن ذلك تأديبيا وثابت من تأشير السيد وكيل النيابة الادارية على كتاب الهيئة رقم 5946 المؤرخ 23 من مايو سنة 1964 المقدم تحت رقم 2 من الحافظة المنوه عنها وكذلك من خطاب النيابة الادارية رقم 3421 المرفق بالحافظة المقدمة من الحكومة بجلسة 14 من نوفمبر سنة 1964 أن ما نسب الى الطاعن بالتقرير المذكور ما زال قيد التحقيق وكل هذا مما يوجب استمرار وقفه عن العمل حتى يبت فى هذا التحقيق كذلك.
ومن حيث انه لا وجه كذلك لما ذكره الطاعن - من أن المحكمة التأديبية قد قررت فى أول نوفمبر سنة 1964 رفض طلب مد وقفه عن العمل الذى تقدمت به النيابة الادارية فى 17 من يونية سنة 1964 لما تبين لها من عدم وجود أسباب لهذا المد - لا حجة فى ذلك.. لأن المحكمة قد استندت فى قرارها هذا الأخير, على ما هو ثابت من صورة القرار المذكور المقدمة من الطاعن بجلسة المرافعة الأخيرة, الى أن التحقيق معه قد انتهى... فاذا كانت المحكمة قد رأت رفض طلب المد لما تبين لها من انتهاء التحقيق فان هذا التحقيق لم يكن قد انتهى وقت أن أصدرت قرارها المطعون فيه فى 27 من أكتوبر سنة 1963, ومن ثم فان انتهاء التحقيق بعد صدور القرار الأخير لا يمنع من صحته لقيامه على سبب صحيح كان قائما وقت صدوره.
ومن حيث انه عن السبب الثانى من أسباب الطعن - وهو ان الهيئة قد طلبت مد الوقف بناء على وقائع جديدة لم تكن موجودة وقت طلبها ذلك وهى تلك المخالفات التى ظهرت عند بحث ذمته المالية - هذا السبب مردود بأن الثابت من الأوراق أن الهيئة طلبت مد وقف الطاعن عن العمل لا لظهور هذه المخالفات فحسب, بل أيضا لما ثبت لها من أن له أصابع خفية وخطيرة فى كثير من الحوادث التى تعرضت لها أموال الهيئة وممتلكاتها - على ما ورد بخطابها المؤرخ 14 من سبتمبر سنة 1963 سالف الذكر - وهى الحوادث موضوع التحقيق الذى لم يكن قد تم صدور الحكم المطعون فيه.
ومن حيث أنه لما تقدم يكون قرار المحكمة التأديبية المطعون فيه - بمد وقف الطاعن عن العمل - قد صدر صحيحا متفقا وأحكام القانون ولأسباب تبرره ومن ثم يكون الطعن على هذا الشق من القرار غير قائم على أساس سليم.
ومن حيث أنه عن الشق الآخر من القرار المذكور - وهو الخاص بعدم صرف شئ من مرتب الطاعن مدة وقفه - فقد نص الجزء الأخير من المادة 95 من القانون 210 لسنة 1951 على أنه "... ويترتب على وقف الموظف عن عمله وقف صرف مرتبه ابتداء من اليوم الذى أوقف فيه ما لم يقرر مجلس التأديب صرف المرتب كله أو بعضه بصفة مؤقتة" ونصت الفقرة الأخيرة من المادة 10 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بما يماثل نص المادة 95 واستبدلت بمجلس التأديب المحكمة التأديبية.. ويستفاد من هذا النص أن وقف الموظف عن عمله يترتب عليه بقوة القانون عدم صرف مرتبه اليه مدة وقفه الا أن المشرع قد أجاز للمحكمة التأديبية أن تقرر صرف المرتب كله أو بعضه.. ومن ثم فان صرف كل المرتب أو أى جزء منه أمر تقديرى متروك للمحكمة التأديبية. ولما كانت المحكمة التأديبية قد رأت بقرارها المطعون فيه أن ليس هناك ما يبرر صرف نفقة مؤقتة للطاعن فقررت عدم صرف شئ من مرتبه اليه مدة وقفه وذلك نظرا لما بان لها من أنه فى سعة من العيش يملك ثروة طائلة. ولما كان هذا الذى قررته المحكمة يتفق مع ما قرره السيد رئيس لجنة فحص اقرارات الذمة المالية بالوزارة - والقائمة بفحص الاقرارات المقدمة من الطاعن - من أن ثروته قد بلغت سبعة وسبعين ألفا من الجنيهات فضلا عن العقارات التى يملكها حسبما جاء بخطاب الهيئة المؤرخ 14 من سبتمبر سنة 1963 رقم 9851 السابق الاشارة اليه, لما كان ذلك فان قرار المحكمة التأديبية يكون قد أصاب الحق فى قضائه بعدم صرف شئ من مرتب الطاعن مدة وقفه وصدر متفقا وأحكام القانون.
ومن حيث أنه لكل ما تقدم يكون قرار المحكمة التأديبية بشقيه قد صادف الصواب وصدر متفقا وأحكام القانون ومن ثم يكون الطعن على غير أساس سليم من القانون متعينا القضاء برفضه مع الزام الطاعن بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات.

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 45 مشاهدة
نشرت فى 21 إبريل 2020 بواسطة basune1

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,120,320

الموقع الخاص بالاستاذ/ البسيونى محمود ابوعبده المحامى بالنقض والدستوريه العليا

basune1
المستشار/ البسيونى محمود أبوعبده المحامى بالنقض والدستورية العليا استشارات قانونية -جميع الصيغ القانونية-وصيغ العقود والمذكرات القانونية وجميع مذكرات النقض -المدنى- الجنائى-الادارى تليفون01277960502 -01273665051 العنوان المحله الكبرى 15 شارع الحنفى - الإسكندرية ميامى شارع خيرت الغندور من شارع خالد ابن الوليد »